بتـــــاريخ : 10/23/2008 6:46:13 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 887 0


    السمات العامة لتكوينات الشخصية الإسلامية

    الناقل : heba | العمر :42 | المصدر : www.dar-alifta.org.eg

    كلمات مفتاحية  :
    إسلام فكر اسلامى

    ما هى السمات العامة لتكوينات الشخصية الإسلامية ؟
    والجواب :
    1- أن الشخصية الإسلامية شاملة لأنها عبارة عن انبثاق عقائدى يدين بشمولية الرؤية لدين الإسلام الذى لا يتحجر فى رؤية ضاغطة تعطى نصف الحقيقة وتعمى عن نصفها الآخر .
        ونموذج الشخصية الإسلامية يبتدئ محيطه من الأرض لينتهى فى السماء ، فلا تتصدى الشخصية الإسلامية لقيادة السلوك الإنسانى فى حركة احتكاكه اليومى على هذه الأرض ، ولكنه يتصعد بهذا السلوك ليعقد الوشائج مع السماء ، فالرجل الربانى ليس سوى نموذج أو نمط للشخصية الإسلامية ، ويخطئ أفدح الخطأ من يظن أن هذا الرجل الربانى هو من انقطع إلى قبلة فى مسجد ، أو إلى قنة فى جبل .
    2- الانفتاح الفكرى تكوين من تكوينات الشخصية الإسلامية ، والقرآن الكريم لم يغرق رؤوس أتباعه فى حاضر منبت عن ماضيه ، ولا فى ماض منقطع عن مستقبله ، لقد أصل القرآن الكريم لوضعية إنسانه فى علاقته بالماضى والحاضر والمستقبل ، ويبدو أن الانفتاح الفكرى فى الفكر الإسلامى قضية صميمية ، ولهذا تجد المسلم منفتحا على الزمان بكل مجالاته ، وعلى المكان بكل أبعاده ، منفتحا على كل الثقافات قديمها وحديثها ، ومن خلال هذا الجدل الفكرى والحضارى يصوغ المسلم رؤيته الإسلامية فى ضوء منهج الإسلام .
        ولا يعنى الانفتاح الفكرى قابلية تبديل العقائد كما تستبدل الآراء ، لأن جوهر الفكر الإسلامى لا يستحيل ، ولا ينكفىء إلى نقيضه ، ولكن هذا الجوهر قابل باستمرار للعرض والتطور فى أطوار شتى ، فقد يأخذ الشكل العلمى الأكاديمى ، أو الشكل الفلسفى ، أو الشكل الجدلى ، أو غير ذلك ، وهذا التشكل لا يعنى على الإطلاق استحالة الفكر الإسلامى من شكل إلى آخر ، ولكن يعنى القدرة على مطاوعة كل التجسدات ، ففى عصر المنطق العلمى الذى يتطلب مقولات علمية ، وفى عصر الفلسفة الذى يتطلب مقولات فلسفية ، نجد الفكر الإسلامى قادرا بانفتاحه على تلبية متطلبات كل عصر ، وثقافة كل عصر من العصور تفرض بالضرورة على المسلم أن يتسلح بمنطق هذه الثقافة . ويرجع ذلك فى حقيقته لطبيعة الإسلام كعقيدة قادرة على احتواء الزمن بأضلاعه المثلثة : الماضى ، والحاضر والمستقبل ، وقدرة الإسلام كعقيدة على التعالم مع كافة الثقافات دون خوف أو وجل لما تمتاز به هذه العقيدة من عناصر الاحتشاد والديمومة والانفتاح.
        فالانفتاح الفكرى للشخصية الإسلامية تكوينا بدئيا من تكوينات الشخصية الإسلامية ، وليس الجدل فى أنه هل يوجد هذا الانفتاح أو لا يوجد ، ولكن فقط من أين وإلى أين ؟
    3- ومن تكوينات الشخصية الإسلامية : الالتزام القيادى ، والذى نجده فى المسلم فى حومة احتكاكه بالواقع الإنسانى ، محاولا تغييره إلى الأفضل ، فالشخصية الإسلامية الحقيقية تسعى دائما فى محاولة شجاعة لتغيير ملامح الأشياء كتغيير الواقع العقائدى ، والواقع الاجتماعى ، والواقع الفكرى ، ليكون أقرب ما يمكن إلى قيم الإسلام وروحه ومنهجه . ويرجع ذلك فى حقيقته إلى أن الرؤية الإسلامية تؤكد على ضرورة المزج بين الدين والدنيا ، وضرورة الالتحام بين العقيدة والشريعة ، وبين الإيمان والواقع . فالالتزام القيادى هو قناعة تنبثق من حركة احتكاك الإنسان المسلم بواقعه ، وذلك الالتزام يمارس حركة فعله من خلال تصوره الكامل لقضية الاعتقاد ، ومن خلال اتصافه الواضح بالانفتاح الفكرى.
    4- من تكوينات الشخصية الإسلامية : الاقتدار الكامل على صوغ المقولات فى نظرية تقوم على أساس إسلامية ، فالاقتدار على التنظير معناه أن نخاطب العقل الإسلامى وغير الإسلامى بلغة عصره الذى يحياه من خلال استقطابنا الجامع المانع لكل مفردات الفعل الفكرى فى إسلامنا العظيم ، ففى الاقتصاد ينبغى أن نعارض بالنظرية الاقتصادية الإسلامية كل النظريات الاقتصادية ، وفى الاجتماع ينبغى أن نعارض بالنظرية الاجتماعية الإسلامية كل النظريات الاجتماعية ، وفى الفكر العقائدى ينبغى أن نعارض بالنظرية الإسلامية كل النظريات العقائدية ، وهكذا . ويمكن القول بأن مأساة الفكر الإسلامى فى عصوره المتأخرة ترجع فيما ترجع إليه إلى فقدان القدرة على التنظير ، وذلك يعنى عدم القدرة على مواجهة ما يموج به العصر من أشتات المذاهب والنظريات . فمن خصائص الشخصية الإسلامية اقتدارها الفذ على صوغ مقولاتها العقائدية والتشريعية فى نظريات ، فللإسلام مثلا فلسفته الاقتصادية المتكاملة التى يمكن اقتناصها من الأصول العامة ، والنزول بها إلى مفردات الواقع المعيش ، وجعله فى إطار قابل للتطبيق ، وهكذا نجد للإسلام فلسفته الحضارية الشاملة التى يمكن استشفافها من واقع الأصول العامة ، وصوغها فى نظرية حضارية موائمة فى إطارها الفكرى لواقع العقل الإنسانى المعاصر ، وهكذا فى شتى المجالات ، ولا يتم هذا إلا بالاقتدار الكامل على التنظير . ولا يعنى صوغ المقولات الإسلامية فى نظرية كالنظرية الاقتصادية الإسلامية أو النظرية الحضارية الإسلامية ... لا يعنى ذلك تفتيت الإسلام ككل إلى أبعاض من النظريات ، وإنما يعنى هذا بالضرورة قدرة الفكر الإسلامى على قول كلمته فى مجالات الجدل الوجودى والميتافيزيقى جميعا ، ولا بد أن يتاح للشخصية الإسلامية أن تمارس دورها الفاعل فى هذا الصدد ، مستلهمة أصولها الإسلامية ، قادرة على الدخول بمقولاتها ونظرياتها إلى عالم العقل والوجدان المعاصرين . وهنا فقط يمكن أن يكون دور الشخصية الإسلامية المعاصرة فاعلا وقادرا وإيجابيا . فاقتدار الشخصية الإسلامية على التنظير ليس ترفا فكريا عصريا ، وإنما هو ضرورة يحتمها الإيمان برسالة الإسلام ووجوب رفع رايته .
    5- من تكوينات الشخصية الإسلامية : الإيمان الإيجابى ، فالإيمان الإسلامى إيمان يتجاوز القناعة الذاتية بالعقيدة إلى التفاعل الدائم مع الواقع الحيوى ، ومواجهة ما فيها من إلحاد ، بل ومواجهة الإيمان السلبى المستخفى فى أطمار عجزه الذاتى عن البحث والجدل والدفاع عن الانتماء العقائدى . وأدل دليل على هذا التكوين الأساس من مكونات الشخصية الإسلامية هو كثرة البلاد التى دخلها الإسلام ليس عن طريق الفتوح والغزوات ، ولكن عن طريق الاحتكاك بالتجار المسلمين والصوفية الرحالة والذين حملوا الدعوة للإسلام إلى أقاصى آسيا وأفريقيا ، وتمتعوا بشخصية إسلامية حقيقية استطاعت أن تنير بتكويناتها الإسلامية تلك البقاع بنور الإسلام . نخطئ إذن حين نتصور أن الإيمان شجرة ظليلة نلقى أعباءنا تحتها وننام ، إن قَدَر العراك والصراع والجدل الفكرى والحضارى والعقائدى هو قدرنا المحتوم ، ولا يمكن مواجهته بإيمان بلا فعل .

     

    المصدر : فى الفكر الإسلامى من الوجهة الأدبية ، للدكتور محمد أحمد العزب ، القاهرة : المجلس الأعلى للثقافة ، 1983 م ، (ص 47 - 70) .

    كلمات مفتاحية  :
    إسلام فكر اسلامى

    تعليقات الزوار ()