بتـــــاريخ : 10/23/2008 6:12:37 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1458 0


    التغيير - مناهجه

    الناقل : heba | العمر :43 | المصدر : www.dar-alifta.org.eg

    كلمات مفتاحية  :
    إسلام فكر اسلامى

    عندما نريد أن نغير هل يكفي الاعتماد على منهج واحد؟ أو نحن بحاجة إلى مناهج متعددة؟

    والجواب : 

        أن التغيير يجب أن يكون في جهات مختلفة وكثيرة، فنحن نحتاج إلى تغيير على كل المستويات، على مستوى الفرد، وعلى مستوى الجماعات: الأسرة، وجماعة العمل، والجماعة العلمية، وغيرها، بل على مستوى المجتمع كله، والتغيير له اتجاهان: اتجاه التطور إلى الأحسن واتجاه التدهور إلى الأسوأ، وسنة الله في كونه أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولقد وردت الإشارة إلى هذه السنة الكونية مرتين في القرآن، إحداهما في التطور والثانية في التدهور: 
    قال تعالى في سورة الرعد: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }
    (1). أما في سورة الأنفال فيقول: { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }(2).
        ورسول الله صلى الله عليه وسلم يوضح منهجًا واضحًا في التغيير فيقول: «ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول»
    (3)، وهو أمر غاية في البساطة غاية في العمق، والبساطة والعمق سمتان تميزان أوامر الإسلام، فتخاطب العقل البشري على جميع المستويات بشكل يبهر العالم ويعين الجاهل ويتمكن الجميع من الفعل والعمل.
        فماذا نغير؟ لابد أن نغير نمط حياتنا... برنامج يومنا، ونجعله أكثر جدية مما هو عليه، ونجعله أكثر حكمة، فنرتب الأولويات ونعلم أن ارتكاب أخف الضررين واجب، ودفع أشد المفسدتين واجب، فلابد أن نحافظ على أوقاتنا ونتقن أعمالنا ونستديم على ما بدأناه ولا نحقر صغائر الأمور فنقع في كبارها، ونحاول أن نكون حكماء، فمن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا، قال تعالى: { يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً }
    (4).
        هذا قبل الفوت وقبل الموت، فمع المحبرة إلى المقبرة، ومعناها أن العلم لا يعرف الكلمة الأخيرة، وأن تحصيله منهج حياة مستمر، لا يقال: إن أحدًا قد أحاط به. وكلمة قالها الإمام أحمد أو هي منسوبة إليه "العلم من المهد إلى اللحد" لها قيمتها اليوم وغدا، ومعناها ومبناها جميل، أما المعنى فإن الإنسان يطلب العلم، وينبغي له أن يطلبه من المهد إلى اللحد لا يكل ولا يمل، يتخذ كل الوسائل المشروعة سعيا وراء تحصيل العلم، كل علم، العلم اليقيني والعلم الظني، العلم في نسيجه المتكامل، والعلم في صورة معلومات؛ وفي هذا الشعار وضع الإنسان في مكانه الصحيح حيث إنه محتاج إلى غيره، وأن حياته قاصرة عن استيعاب المعلومات، وأن الواجبات أكبر من الأوقات، وأن فوق كل ذي علم عليم.
    إن الوكالات الست الكبرى تبث عددا هائلا من المعلومات يوميًّا، تبث 120 مليون معلومة يوميًّا بين خبر وتحقيق وحديث صحفي وتقرير... إلخ فثورة المعلومات والمعلوماتية فاقت كل تصور، وبنوك المعلومات في العالم تحاول المتابعة، لاسيما ما ظهر من آثارها في السنوات الماضية بما يسمى مشكلة تفجر المعلومات (Information Explosion) حيث يتراوح معدل النمو السنوي للإنتاج الفكري ما بين 4%: 8%, ولمحاولة تصور كمية المعلومات التي تنتج في العالم، نأخذ مثالاً لدورية واحدة في فروع الكيمياء مثلا وهي (Chemical Abstracts) التي تصدر في الولايات المتحدة الأمريكية, وتغطي هذه الدورية معظم ما ينشر من الدوريات العلمية المهمة في مجال الكيمياء فقط.
        صدرت هذه الدورية عام 1907م, واستكملت المليون بحث الأولى بعد واحد وثلاثين سنة. ثم بلغت المليون بحث الثانية في ثماني عشرة سنة, ورصدت المليون بحث الثالثة في سبع سنوات, أما المليون الرابعة فقد رصدتها خلال أربع سنوات فقط. وبصورة عامة فإن كمية المعلومات تتضاعف كل اثنتي عشرة سنة, وقد تطور حجم الإنتاج الفكري المنشور في الدوريات، وهي واحدة فقط من أشكال عديدة للنشر من مائة دورية في عام 1800م إلى أكثر من 70 ألف دورية في عقد الثمانينيات.
         وكان من أسباب تفجر المعلومات زيادة حجم التخصص المعرفي، واتجه الباحثون إلى ما يعرف بالتخصصات الدقيقة، فتخصص الطب مثلا - ينقسم إلى طب القلب والمخ والأعصاب... وفي تخصص قسم الطب هناك تخصص الشرايين وجراحات القلب المفتوح، وداخل كل تخصص يتم بحث مسائل في غاية التدقيق، مما يشعب ويضخم حجم الإنتاج العلمي في كافة المجالات، مما يجعل عملية متابعة التطورات والإنجازات العلمية وما انتهى إليه العلم البشري عملية مستحيلة في العادة.
        وتشير الإحصاءات إلى أن الإنتاج السنوي من المعلومات في مجال البحوث العلمية مقدر بعدد الوثائق المنشورة يصل ما بين 12: 14 مليون وثيقة, وأن عدد الأشخاص الذين يساهمون في هذا الإنتاج بشكل أو بآخر يتراوح ما بين 30: 35 مليون شخص, وقد بلغ رصيد الدوريات على المستوى الدولي ما يقرب من مليون دورية, يضاف إليها كل عام ما يقرب من 15 ألف دورية جديدة, أما الكتب فقد بلغ الإنتاج الدولي منها حوالي 600 ألف عنوان، أي بمعدل 1650 كتابًا في اليوم, أو 70 كتابًا في الساعة.
         لذلك كله يجب أن يدرب الإنسان نفسه على استخلاص النافع من هذا الخضم الهائل من المعلومات، وكيفية التعامل معها. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقًا إلى الجنة»
    (5). ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن يتجلى فيما روي عن وهب بن مُنَبِّه من حكمة آل داود: «على العاقل أن يكون عالمًا بزمانه، ممسكًا للسانه، مقبلا على شانه»(6).
        فهذا التوجيه السامي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلك العبارة البليغة من السلف الصالح، وهذه الحالة التي نعيشها فتفرض علينا التحدي - تؤدي بنا جميعًا إلى الجد في تحصيل العلم ومعايشة العصر.



    الهوامش:
    -------------------------
    (1 )
    من الآية 11 من سورة الرعد.
    ( 2)
    الآية 53 من سورة الأنفال.
    ( 3)
    هذا حديث مشهور أصله في الصحيحين؛ البخاري في كتاب «النفقات» باب «وجوب النفقة على الأهل والعيال» حديث (5355) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: «أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول»، ومسلم في كتاب «الزكاة» باب «الابتداء في النفقة بالنفس ثم أهله ثم القرابة» حديث (997) من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما بلفظ: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك».
    ( 4)
    من الآية 269 من سورة البقرة.
    (5 )
    أخرجه مسلم في كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» باب «فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر» حديث (2699) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
    (6 )
    أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (4/ 268) رقم (5047)، وهناد في «الزهد» (2/ 580) رقم (1226)، ومعمر بن راشد في «جامعه» (11/ 22)، واللفظ له.

    المصدر : كتاب سمات العصر ، لفضيلة مفتى الديار المصرية الدكتور على جمعة .

    كلمات مفتاحية  :
    إسلام فكر اسلامى

    تعليقات الزوار ()