بتـــــاريخ : 6/5/2008 2:23:39 PM
الفــــــــئة
  • التقـنيــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1114 0


    التليسكوب الفضائي ـ تليسكوب هابل

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : Honey1900 | المصدر : www.ebnmasr.net

    كلمات مفتاحية  :
    اجهزة



    في هذا العام تحتفل وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بمرور خمسة عشر عاماً على إطلاق (تلسكوب هابل) في الفضاء، وهو التلسكوب الذي أحدث ثورة معرفية غير مسبوقة في الدراسات الفلكية والعلوم الكونية عبر التقاطه لصور تفصيلية مثيرة عن الكون بلغت أقصى حدود (الكون المعروف). بإطلاق هذا التلسكوب الذي يرصد أشعة (الضوء المرئي)، ويسجّل الصور الناتجة عنها، تحقّق للبشرية - لأوّل مرّة في التاريخ - فتح نافذة تقنية متطوّرة على الكون بحيث تستقرّ هذه النافذة خارج (الغلاف الجوي) المحيط بالأرض الذي يعتبر أحد أهم معوّقات الرؤية في التلسكوبات الأرضية عبر تشتّت الأشعة الواردة من الأجرام السماوية مما يؤدي إلى غشاوة الصور الناتجة وتشوُّهها.

    في خلال هذه الفترة الزمنية التقط (تلسكوب هابل) أكثر من 700 ألف صورة لمواقع نائية في الكون، وهي الصور التي زوّدت البشرية بمعلومات مثيرة عن المجرات، والنجوم المحتضرة، ومنظومات الكواكب حول النجوم، والثقوب السوداء، وسحب الغاز العملاقة التي هي (الرحم الكوني) لتشكّل ولادة النجوم، كما ساعد على القياس الدقيق لعمر الكون وهو ثلاثة عشر ألف وسبعمائة مليون عام، وأكّد وجود نوع غريب من الطاقة يُعرف باسم (الطاقة السوداء).
    بعد خمسة عشر عاماً من حياة حافلة بالإثارة والاكتشافات مازال (تلسكوب هابل) يثير جدلاً، وما زال الفلكيون يتوقعون مزيداً من الفتوح الكونية المثيرة عبر العيون الراصدة لهذا التلسكوب الذي دخل التاريخ من باب الكون الفسيح، وذلك -دون شك - أوسع الأبواب على الإطلاق.

    خـلـفـيـة تـاريـخـيـة
    لقد اهتم الإنسانمنذ القدم باكتشاف الكون، فكان يرصد الأجرام السماوية
    من نجوم وكواكب، ويسجّل حركتها، ويهتدي ببعضها في أسفاره في البر والبحر، وأما (النقلة النوعية الكبرى) في علم (الفلك) فقد بدأت مع اختراع العالم الإيطالي (جاليليو جاليلي) للتلسكوب (المقراب)، وهو أداة لتقريب الأجسام البعيدة ورؤية تفاصيلها، وقد قام (جاليلي) في عام 1609م بتوجيه تلسكوبه إلى السماء، ليشاهد ما لم يشاهده بشر من قبل، فرأى تضاريس القمر من جبال وسهول، واكتشف توابع المشتري، وشاهد بقعاً على الشمس، وهي مناطق على سطح الشمس تكون أكثر برودة فتبدو أشد دكانة من المنطقة المحيطة بها.
    منذ تلك اللحظة التي وضع فيها (جاليلي) قدم البشرية على مسار اكتشاف الكون بطريقة مباشرة، تطوّرت التلسكوبات، وكبرت أحجامها، وتحسّنت وسائل تصنيعها، وراحت قدراتها تتضاعف، إلا أن العقبة الكبرى أمام جودة التلسكوبات وكفاءتها كانت تكمن في الغشاوة التي تلازم الصورة بسبب ما يحدثه (الغلاف الجوي) من تأثير على الأشعة الضوئية حيث يشتّتها بطريقة عشوائية، ويحيد بها عن مسارها، وهذا التأثير هو المسؤول - أيضاً - عن (وميض النجوم)، فلو نظرت بالعين المجرّدة إلى نجم في ليلة صافية لوجدته يومض، حيث يختفي ضوؤه ويعود بسبب ذلك التشتت لأشعة الضوء.
    وبسبب تأثير (الغلاف الجوي)، إضافة إلى (التلوّث الضوئي) الناتج عن تداخل أضواء المدن، و(التلوث الصناعي) الناتج عن الغازات التي تطلقها المصانع وتؤثر على الأشعة الضوئية عبر تشتيتها وحجبها، فإن موقع التلسكوب أصبح مهماً تماماً مثل أهمية حجم المرايا والعدسات والتقنيات الأخرى المستخدمة في صناعة التلسكوب، ولهذا انطلق الفلكيون ليشيّدوا تلسكوباتهم الضخمة على الجبال المرتفعة حيث تكون طبقة الهواء رقيقة، ومصادر التلوث الضوئي والصناعي بعيدة.
    وبالرغم من تلك الإجراءات لتقليص تأثير (الغلاف الجوي) إلا أنه بطبيعة الحال بقي عاملاً مهماً في الحدّ من كفاءة الرؤية مهما بلغت ضخامة وجودة التلسكوب الأرضي، ولم يبق في الواقع إلا حلاً جذرياً واحداً لهذه المشكلة، وهو أنه إذا لم يكن بالإمكان التغلّب على تأثير (الغلاف الجوي)، فإن الهروب من (الغلاف الجوي) والفكاك من أسره ينبغي أن يكون هو الهدف، وهذا هو ما أتاحته إمكانات (التجوال الفضائي) الذي أصبح معلماً من معالم الثلث الأخير من القرن العشرين.

    بـرنـامـج (نـاسـا) للمـراصـد الـفـضـائـيـة الـكـبـرى:
     


    لإحداث قفزات نوعية في علوم الكون والدراسات الفلكية، تبنّت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) برنامجاً طموحاً لتشييد (مراصد فضائية كبرى)، وهي عبارة عن مراصد فلكية تسبح في مدارات محدّدة في الفضاء، وهدفها جمع المعلومات عن الكون بمجراته ونجومه وكواكبه ومختلف أجرامه، وذلك عبر رصد مختلف موجات (الطيف الكهرومغناطيسي) التي تصدر من الأجرام السماوية المتنوعة، وذلك عبر تزويد كل مرصد بتقنيات متطوّرة قادرة على رصد وتصوير الأشعة الواردة في منطقة محدّدة من ذلك (الطيف الكهرومغناطيسي) الواسع.
    وبالفعل قامت (ناسا) بإطلاق أربعة تلسكوبات فضائية، وهي:
    ● تلسكوب هابل ، وتمّ إطلاقه في عام 1990م، ويغطّي منطقة (الضوء المرئي) و(الأشعة فوق البنفسجية) و(الأشعة تحت الحمراء).
    ● تلسكوب كومبتون ، وتمّ إطلاقه في عام 1991م، ويغطّي منطقة (أشعة جاما) ذات الطاقة العالية، وقد تعطّلت إحدى محركاته الموجّهة مما اضطرّ (ناسا) إلى إعادته من مداره في عام 2000م حيث احترق فوق (المحيط الهادي) عند دخوله الغلاف الجوي للأرض.
    ● تلسكوب تشاندرا، وتمّ إطلاقه في عام 1999م، ويغطّي منطقة (الأشعة السينية) من الطيف (الكهرومغناطيسي).
    ● تلسكوب سبيـتـزر، وتمّ إطلاقه في عام 2003م، ويغطّي منطقة (الأشعة تحت الحمراء).

    أضواء على ( تلسكوب هـابـل)
    ● إن (تلسكوب هابل) هو الأوّل زمنياً من بين تلك المراصد الفلكية الكبرى التي اهتمّت (ناسا) بتشييدها، وهو الأكثر أهمية، والأشدّ إثارة على الصعيد المعرفي والتقني.
    ● بدأ الاهتمام بإطلاق هذا التلسكوب لوضعه في مدار حول الأرض في أوائل السبعينيات، ولكن تعثّر البرنامج بسبب القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي (ريتشارد نيكسون) في عام 1973م بتأجيل المشروع بحجّة وجود أولويّات أخرى لبرنامج الفضاء، وأصبح التوجّه هو إلى إطلاقه في منتصف الثمانينيات إلا أن كارثة المكوك (تشالنجر) في عام 1986م أدّت إلى توقّف المشاريع الفضائية الأمريكية إلى أن تتحقّق درجات أعلى من شروط السلامة، وهكذا تأجّل المشروع مرّة أخرى إلى أن تمّ تنفيذه في عام 1990م.
    ● يطوف التلسكوب حول الأرض على ارتفاع قدره 600 كيلومتر، ويتحرك بسرعة قدرها حوالي تسعة وعشرين ألف كيلومتر في الساعة، وبالتالي فإنه يكمل دورة واحدة حول الأرض في 97 دقيقة، وهو بحجم حافلة مدارس اعتيادية، ويزن 12 طناً، وتتصل به منظومات من الخلايا الشمسية لتوليد الكهرباء، وقرون استشعار (هوائيات) للاتصال بطاقم التحكّم الأرضي.
    ● من الطريف أنه بالرغم من قدرات (تلسكوب هابل) الفائقة إلا أنه لا يستطيع أن يلتقط صوراً جيدة للأرض، وذلك بسبب سرعة دورانه العالية حول الأرض، وعدم القدرة على التركيز على الأجرام القريبة جدّاً.
    ● تمّ تصميم التلسكوب بحيث يمكن زيارته دورياً من قبل فريق من رواد الفضاء لإجراء عمليات الإصلاح والتطوير والصيانة، ولقد قامت فرق الصيانة بزيارة التلسكوب أربع مرات منذ إطلاقه كان آخرها في عام 2002م.

    مـن هـو (هــابــل) ؟
    لقد أُطلق على (التلسكوب الفضائي الأوّل) اسم (هابل) تكريماً للفلكي الأمريكي الشهير (إدوين هابل) الذي اكتشف أن في الكون مجرات لا حصر لها تبعد مسافات هائلة عن مجرة (درب التبانة) التي تقع فيها شمسنا الوهّاجة من ضمن مائة بليون نجم تشع في هذه المجرة المحلية.
    وفي عام 1929م اكتشف (هابل) قانونه الشهير الذي ينصّ على أن (المجرات تبتعد عن بعضها بعضاً بسرعات تزداد كلما زادت المسافات بينها)، مما أسّس لنظرية (الانفجار الكبير)، التي هي أحد أعظم الفتوح العلمية في القرن العشرين، وترى أن الكون بدأ بانفجار كبير من نقطة متناهية الصـغر ولكنها ذات كثــــافة تكــاد تكون لا نهائية، وصـدق الحق عز وجل: (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون). (الأنبياء:30).
    وبعد ذلك (الانفجار الكبير) انطلقت الطاقة الإشعاعية في اتجاهات متعددة لتتكوّن منها - بعد آماد طويلة - المجرات والكواكب والنجوم، وما زالت هذه الأجرام تنطلق بعيداً عن بعضها مما يعني أن الكون في حالة تمدّد دائم واتساع مستمر، ولقد عزّزت المـعلومات الواردة من (تـلسكوب هـابل) هذه النظرية، وصدق الحق عز وجل:(والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون).(الذاريات:47).

    مـسـتـقـبـل ( تـلـسـكـوب هـابـل ):
    لقد كان من المزمع أن تتمّ الزيارة المقبلة للتلسكوب بواسطة فريق الصيانة في عام 2004م، إلا أن هذه الرحلة تمّ إلغاؤها بسبب كارثة المكوك (كولومبيا) في عام 2003م مما يذكّر بالتعثر نفسه الذي طرأ على برنامج إطلاق التلسكوب في أعقاب كارثة المكوك (تشالنجر)، ويجابه (تلسكوب هابل) الآن تحدياً متمثلاً في قرار الإدارة الأمريكية الحالية بإيقاف تمويل التلسكوب بحجة وجود أولويّات أخرى مما يثير جدلاً طويلاً ومداولات مستمرة بين العلماء والإداريين والسياسيين في أمريكا.
    وفي حالة إصرار الإدارة الأمريكية على قرارها بإيقاف تمويل التلسكوب، فإنه من المتـــوقع له أن يستمر في عمله المثير في تزويد البشرية بصــور أخاذة ومعلومات قيمة عن الكون حتى عام 2008م عندما تتكالب عليه آثار عوامل العمر، وتبلى أجهزته ليصدر قرار إعدامه بزحزحته عن مداره، وإسقاطه في مكان آمن في المحيط.
    أما الدكتور (مايكل جريفين)، الذي تمّ تعيينه في شهر أبريل من هذا العام مديراً لوكالة الفضاء الأمريكية، فإنه يرى أن من الضروري إعادة النظر في قرار الإدارة الأمريكية، ويقول: (إن تلســــكوب هـــابل هــــو وحـــده تقريباً الذي جعلنا ندرك أنــــنا لا نعرف حوالي خمسة وتسعين في المائة عن هذا الكون، فقد اتضح أن خمسة وسبعين في المائة هي طاقة سوداء، وعشرين في المائة هي مادة سوداء، وخمسة في المائة منه فقط هو ما نستطيع أن نرصده ونتعرّف عليه).
    أمــــا نحن فنقول.. سبحان الخالق المبدع العظـــيم، وصــدق الحـــق عز وجـل: (وما أوتيتــــم من العـــلم إلا قليلاً). (الإسراء:85)

    كلمات مفتاحية  :
    اجهزة

    تعليقات الزوار ()