بتـــــاريخ : 6/3/2008 4:50:28 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1643 0


    ميّزنا الإسلام ... فكيف تخلفنا

    الناقل : heba | العمر :43 | الكاتب الأصلى : هناء بنت عبد الرحيم يماني | المصدر : saaid.net

    كلمات مفتاحية  :
    دعوة كلمة

    إن الناظر لا تخطيء عينيه كيف أن الإسلام ميزنا بمبادئه السمحة عن غيرنا ممن ناهجي القوانين الوضعية التي من نسج البشر, ولكن السؤال كيف بعد أن ميزنا الإسلام تخلفنا؟ وكيف بالغرب بعد تخلفهم سبقوا ركبنا وتميزوا, فمهما كابر منا الكثيرون فالحقيقة جلية لا تخطئها عين الناظر, فمعالجة الجرح لا تكون بتغطيته بل بمحاولة تشخيصه وعلاجه فقد أدرك الكثير من علمائنا ومفكرينا موطن الخلل, يقول المفكر مالك بن نبي (التخلف هو عقوبة إلهية أوقعها الإسلام بأتباعه جراء تخليهم عنه, إن المسلمين تأخروا لأنهم تركوا الإسلام لا لأنهم تمسكوا به).

    والمقال التالي سيحتوي الإجابة على ثلاثة تساؤلات قد تؤدي إلى معرفة إجابة السؤال السابق, والأسئلة هي:
    1. لماذا اختلفت مخرجات الفكر الإداري الإسلامي في الممارسات الإدارية للمجتمع المسلم عن المخرجات المتوقعة لذلك الفكر؟.
    2. لماذا تطابقت مخرجات الفكر الإداري الغير إسلامي في الممارسات السلوكية مع مدخلات الفكر الإداري الغير إسلامي ؟.
    3. كيف يمكن الوصول على آلية يمكن من خلالها الانطلاق نحو تحقيق جهودنا فيما يتعلق بإصلاح الفكر الإداري الإسلامي من حيث الممارسة ؟.

    السؤال الأول : لماذا اختلفت مخرجات الفكر الإداري الإسلامي في الممارسات الإدارية للمجتمع المسلم عن المخرجات المتوقعة لذلك الفكر ؟
    نجد أن هناك انفصام بين النظرية والتطبيق وبين التصور والسلوك وبين القناعات والأداء ومرد هذا إلى ضعف التدين وغلبة الهوى والسعي واللهث نحو تحقيق المصالح الشخصية إضافة لضعف الرقابة الداخلية ورقابة المجتمع .

    والعوامل السابقة كانت نتيجة أحد الأسباب التالية :
    * الثقافة الإدارية للفرد النابعة من ثقافته الذاتية والتي أصبح فيها من الخلل الكثير نتيجة عدم اعتمادها على المنهج الرباني في الشريعة الإسلامية المتمثلة في كتاب الله وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم – .
    * الثقافة الاجتماعية السائدة التي تقدس مصلحة الفرد وسبل بلوغها دون النظر لمصلحة المجتمع وقيمه ، ولذا يبذل واحدنا جهده ويبحث عن وساطة أياً كانت لبلوغ مآربه .


    * التنشئة المجتمعية , فقد تأثرت تنشئتنا المجتمعية بتعدد الثقافات والأعراق الموجودة داخل المجتمع الواحد وأثرت علينا فانعكس ذلك كله على ممارساتنا السلوكية .
    * الانبهار بثقافة الغرب واستسقاء كل ما تجيء به رياح الفكر الإداري غير الإسلامي سواء وافق منهجنا أم لا فكنا مثل الطبيب الذي يعالج مريضين لهما نفس الأعراض بدون النظر إلى الحالة النفسية والجسدية لكل منهما .
    * الانبهار بإدارة النبي – صلى الله عليه وسلم – والخلفاء الراشدين وغيرهم من الإداريين المتميزين , فظللنا نردد الأمجاد بدون عمل وكأننا ننسبها إلى أنفسنا بدلا من أن نبتدعها .


    * عدم توفر الوعي الكافي لدى المجتمع لتمحيص الثقافة الإدارية غير الإسلامية , فلا استطعنا أن نستفيد من علومهم التي توافق منهجنا الإسلامي بعد تطويعها على بيئاتنا , ولا استطعنا الاستفادة من علومنا الإدارية الموجودة في الكتاب والسنة والسابقة لأي فكر إداري معاصر .
    * ضعف فهمنا لحقيقة الإسلام وأهدافه ومقاصده , فالإيمان والإسلام إن لم ينعكس على حياة الفرد العملية فهو أماني وحديث نفس , يقول تعالى : { ومنهم أميّون لا يعلمون الكتاب إلا أمانيّ ... } (البقرة : 78 ) , إن المسلمين الأوائل لما فهموا الإسلام بحقيقته ، مع أنهم أُميّون استطاعوا بأقصر المدد وأبسط الأساليب أن يحققوا نهضة عربية إسلامية شاملة...بالإيمان وفهم الإسلام تحولوا من قبائل متنافرة متناحرة إلى عباقرة أنشئوا أعظم أُمة عالمية، وحّدت إلى جانبها عشرات الأُمم الأُخرى على اختلاف القوميات واللغات، وصهروها في بوتقة واحدة ليكونوا خير أُمة أُخرجت للناس...أُمة عالمية قائمة على قواعد حضارية أوجدها الإيمان الحقيقي والفهم الصحيح للإسلام .


    * جفاف القلم وانحسار القراءة والتثقيف الذاتي و قلة الإطلاع على علوم الدين الكاملة الشاملة لجميع متطلبات الحياة مما أدى إلى انطفاء فاعلية العقل المسلم ، وضعف توهّجه ، وإصابته بالجمود المؤدي للجحود .
    * تبديد الوقت وعدم سماع خطوات الزمن الهارب، وإضاعة العمر العزيز في أعمال صغيرة أو تافهة .
    * الكسل ، وعدم إتقان العمل ، والتطلّع إلى نتائج عظيمة من جهد يسير .
    * تقديس الأشخاص والتعلق بهم دون المبادىء والأفكار، و التركيز على الفرد المنفذ ، وغياب العمل المؤسسي المعتمد على الشورى والتكامل وعلى روح الفريق .
    * ضعف الإحساس بالمسئولية الذاتية والمسئولية تجاه المجتمع .

    السؤال الثاني : لماذا تطابقت مخرجات الفكر الإداري الغير إسلامي في الممارسات السلوكية مع مدخلات الفكر الإداري الغير إسلامي ؟
    إن سبب نجاح الفكر الإداري غير الإسلامي في تحقيق التميز الذي نلمسه في المجال الإداري على الرغم من اعتماده على مصادر ضعيفة من صنع البشر ومختلفة ومتغيرة بتغير الزمان والمكان والمصالح , قد يعود إلى أحد الأسباب التالية :
    * التربية الصارمة على النظام في حياة الفرد الشخصية الأمر الذي انعكست آثاره على الحياة المجتمعية , فكان هنالك التزام ونظام داخلي لدى الأفراد في المنظمات لتحقيق أهداف المنظمة التي يعملون بها.

    * أنهم يشعرون بأن هذا الالتزام يحقق مصالحهم فلو خالفها قيد أنملة لجعلوها خلف ظهورهم ودبر آذانهم , فهدفهم الأخير هو تحقيق المصالح فوضعوا بناء على هدفهم استراتيجيات وآليات تعين في الوصول على تحقيق الهدف السابق وزرعوا في أنفسهم الالتزام به ليس من منطلق الالتزام والعمل لأجل العمل بل لتحقيق مصالحهم وتحقيق رغباتهم .
    * إن قواعد فكرهم الإداري انطلقت من منطلق واقعهم الحالي , فكانت خطوتهم الأولى تشخيص الواقع ليعتبر مدخلا لبناء أسس فكرهم الإداري , وبالتالي فثقافتهم الإدارية بنيت على فلسفتهم وواقع حياتهم .
    * الإحساس بجدية الأمر وشعورهم بأن العم لهو السبيل الوحيد لتحقيق مآربهم وتنفيذ أهدافهم التي خططوها مسبقا .
    * تحدد أهداف للانطلاق والاهتمام بالتخطيط المسبق للأحداق .


    * استفادتهم الكلمة من علوم المسلمين وتمحيصهم للثقافة الإسلامية منذ استعمارهم للدول العربية التي خرجوا منها بما خف وزنه وغلي ثمنه .
    * حب العلم والرغبة في الابتكار والإبداع والاهتمام بالتثقيف الذاتي مع الاهتمام بالإطلاع على ما يستجد من علوم العصر , فتوهجت بذلك عقولهم وتحركت مكامن قوتهم فأبدعوا .
    * الاهتمام بالوقت والرغبة الجادة في استثمار كل دقيقة منه سواء كان الفرد مسافرا أو ينتظر قطارا أو حافلة ............

    السؤال الثالث : كيف يمكن الوصول على آلية يمكن من خلالها الانطلاق نحو تحقيق جهودنا فيما يتعلق بإصلاح الفكر الإداري الإسلامي من حيث الممارسة ؟
    إن الوصول إلى آلية تتطلب عدد من الأمور التي يجب تشخيصها أولا في واقعنا ثم تحديد أسبابها واستشعار واجبنا نحو أمتنا ومن ثم الانطلاق مما سبق لوضع آلية تساعد في علاج الخلل الكامن في ممارساتنا الإدارية التي انفصلت عن مبادىء شريعتنا الإسلامية , ومن هذه الأمور :
    * نشر الوعي بين الأفراد حتى لا يظن الفرد أن الحق باطلا والباطل حقا وحتى لا يمارس الناس أخطائهم وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا وحينها ينطبق عليهم قوله تعالى : { قل هل ننبؤكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } (الكهف : 103 – 104 ) , يقول الإمام محمد عبده : " كل ما يُعاب على المسلمين ليس من الإسلام ، وإنما هو شيء آخر سمّوه إسلاماً " , ويقول المفكر عمر عبيد حسنة : "هل أخطر من أن نأتي إلى صور من تخلفنا فنرفع فوقها شعارات لتصبح هي الإسلام " , ويقول المفكر مالك بن نبي : " التخلف هو عقوبة إلهية أوقعها الإسلام بأتباعه جرّاء تخلّيهم عنه ، إن المسلمين تأخروا لأنهم تركوا الإسلام لا لأنهم تمسكوا به ، فحقّ عليهم قوله سبحانه : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } ( طه : 124 ) "

    .
    * استشعار المسئولية والقيام بالواجب نحو إصلاح هذه الأحوال فإنه لا ينبغي لنا أن نندب حظوظنا ، ولا أن نبكي أحوالنا ، بل ينبغي لنا أن يستفز ذلك الإيمان الكامل في قلوبنا ، ويقوي العزم والإصرار على التشبث بديننا ، وأيضاً أن يبين لنا الصورة الواضحة لأعدائنا ، وأن يوجهنا ذلك كله إلى ضرورة القيام بالدعوة ، وحمل رسالة الإسلام ، وأن نستدعي وراء ذلك الأسباب التي تهيئ النجاح من صحة المقاصد ، ومن لزوم التعاون ، وجمع الصفوف ، ومن ترتيب الأولويات ، وما يلحق بذلك من حشد الإمكانات والطاقات ؛ لأن معركة الحق والباطل معركة عميقة في الجذور ، متعددة في الصور ، ممتدة في الزمان ، لا يمكن أن تتغير بصورة سريعة .


    * أن نعيد النظر في الثقافة الشخصية لكل فرد , فنزرع فيه الإيمان الكامل والاعتقاد الجازم بأن الإنسان مهما سعى في هذه الدنيا لن يحصل إلا على ما كتبه له ربه , بل والاعتقاد أيضا أن عف النفس عن الدنيا والترفع عنها قد يكون وسيلة لإقبال الدنيا على الإنسان الزاهد فيها , ويتضح ذلك من الحديث التالي , يقول – صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم– : (من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ؛ ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) . رواه الترمذي .
    * البدء بمسيرة الإصلاح في الجانب الديني فإذا ما عدنا لله وغيرنا ما في نفوسنا فسيغير الله ما حل بنا من بلاء وتخلف , يقول تعالى : {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } ( الرعد : 11 )

    .
    * العمل على قراءة تاريخنا القراءة الصحيحة للاستفادة من عبره والأخذ من دروسه , لنعلم أن النجاح ليس بالصعب علينا أو البعيد المنال , ولنعرف ما سبب سقوط الحضارات السابقة حتى نستفيد من قصصهم ونأخذ العبرة ونقبل على كل ما هو نافع ومفيد .
    * الاهتمام الكبير بتطبيق مبادىء الدين الإسلامي بتولية الشخص الكفء في الوظيفة من باب ( وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ) وأن لا ننسى قوله – صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم – : ( لا يشم رائحة الجنة من ولى رجلا وهو يعلم أن في الناس خيرا منه ) .
    * يجب علينا أن ندرك بأن الحل موجود، والمنهج موجود، ولكنّ الأمر يتوقف على العمل الذي ينبعث من دراسة وتحليل واقع المسلمين، ثم تنامي الشعور بالواجب، فكل فرد من أفراد الأُمة يجب أن يتحمل مسؤولياته، وعليه أن يعمل في حدود طاقاته وإمكانياته، وخصوصاً الحكام والعلماء والأغنياء، وعليهم جميعاً أن يساهموا ويشاركوا بأداء الواجب، لينالوا جميعاً شرف الدنيا والآخرة، وإذا صدقنا مع الله صَدقنا الله تعالى، ومن يتعامل بإخلاص مع الله لا يمكن إلا أن ينجح ويفوز، قال تعالى: {إن تنصُروا اللهَ يَنصركُم..... } ( محمد : 7 ) , ويقول تعالى في الحديث القدسي : (كن لي كما أريد أكن لك كما تريد) , ويقول – صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم – "من اتقى الله أهاب الله منه كل شيء ومن لم يتق الله أهابه الله من كل شيء " . رواه مسلم .


    * يذكر مهاتير في كتابه ( الإسلام والأمة الإسلامية ) بأنه " إذا عمل العالم الإسلامي ككتلة واحدة وليس دولا متفرقة ومختلفة ونسقت الجهود والبرامج والمواقف فيما بين الدول والمنظمات والمؤسسات الإسلامية واستوعب العلماء المهاجرون ووظفت الطاقات المتوافرة للمسلمين فإن هؤلاء يمكن أن يشكلوا قوة اقتصادية وسياسية تفرض شروطها ومصالحها " , ويذكر أيضا في كتابه ما يتعلق بهذا الموضوع بقوله : " ومن الواضح أن هناك حاجة ملحة لجمع القوانين الإسلامية وتنسيقها وتدوينها بهدف توحيدها والوصول إلى صيغة معيارية في الجوانب الإجرائية المتصلة بتطبيقها " .


    * تنمية الرقابة الذاتية داخل الفرد بدافع من ضميره الحي , يقول تعالى : {وقفوهم إنهم مسئولون } (الصافات : 24 ) .
    * حيث أن الإنسان بشر معرض للخطأ وقليل من الناس من تردعه نفسه عن الزلل ولذلك فإن المرء يحتاج إلى رقابة عليه , ولقد جعل الله تعالى مسئولية الرقابة مسؤولية جماعية تقوم بها الدولة والمجتمع المسلم بأكمله , ونستدل على ذلك قول عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – : (أرأيتم إن استعملت عليكم خير ما أعلم ثم أمرته بالعدل فيكم , أكنت قضيت ما علي ؟ قالوا : نعم , قال : لا , حتى أنظر في عمله أعَمِل بما أمرته أم لا ) , وقد أدرك عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – منذ اليوم الأول لخلافته نقطة بداية الفساد فدعا أفراد أسرته فقال لهم : ( إن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى اللحم , فإذا وقعتم وقعوا وإن هبتم هابوا , وإني والله لا أوتي برجل منكم وقع فيما نهيت الناس عنه إلا ضاعفت له العذاب لمكانه مني ) , ويمكن أن تتم رقابة المجتمع من خلال ما يلي :
    وضع القوانين واللوائح والأساليب التي توضح الأخطاء الإدارية وتحدد العقوبات المناسبة لها .
    تطبيق هذه القوانين بعدل وحزم دون تفريط أو إفراط .

    كلمات مفتاحية  :
    دعوة كلمة

    تعليقات الزوار ()