بتـــــاريخ : 10/14/2008 11:05:21 AM
الفــــــــئة
  • الصحــــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1195 0


    رحلة داخل مخ الإنسان

    الناقل : ام احمد | العمر :41 | الكاتب الأصلى : د. خليل فاضل | المصدر : akhawat.islamway.com

    كلمات مفتاحية  :
    المخ

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

    رحلة داخل مخ الإنسان
    مخ الإنسان:
    يتكون من
    نصفين كرويين تربطهما ممرات تجري خلال جذع المخ إلي الحبل الشوكي ، هذا النصفان الكرويان يحتويان علي مجموعة ضخمة من الخلايا العصبية لها دور كبير في عمليات الفهم و الإدراك والتفكير كذلك في التحكم في الحركات و الانفعالات المختلفة.
    هذه الخلايا العصبية مرتبطة ببعضها من خلال شبكة معقدة، قوية، كل واحدة منها تستقبل مئات الإشارات من الخلايا الأخرى كما ترسل رسائل لا تحصي إلا مئات أخري من الخلايا .
    هذه الخلايا العصبية مرتبطة ببعضها البعض بطرق ووسائل كهربية فعندما تنشط الخلية العصبية يمر بها تيار كهربي في الألياف العصبية يسبب تمريرا في مواصلات كيماوية عند نقاط محددة .
    هذه المواصلات أما تنشط الخلية التالية أو تسكنها، فإذا نشطت الخلية بشكل كاف فإنها تستنفر و تنشط خلايا أخري و هكذا. أما إذا استقبلت الخلية الثانية إشارة مسكنة فإنها لن تنشط شيئا وهكذا تمر المعلومات والإشارات في جهازنا العصبي تشرح وتمر وتعبر من خلال روابط معروفة.
    الخلية العصبية العادية تعمل بدرجة منخفضة نسبية، فإذا أصاب إنسان الصرع وتلفت خليته العصبية فان نشاطها يتغير و يختلف فبدلا من بث ترددات منخفضة فإنها تبث ترددات عالية جدا علي شكل موجات حادة.
    و الخلية بنشاطها هذا لا تسبب نوبة صرع لكن آلاف الخلايا بهذا الشكل ، نعم تكون مسئولة عن نوبة ونوبات صرع فيضرب معها السلوك وتختلف الأعراض باختلاف مواقع هذه الخلايا العصبية التالفة المتوترة التي تبث شحنات عالية .
    لهذا عندما نستخدم جهاز رسم المخ لتسجيل موجات المخ الكهربية فإننا نقرأ ما يدل علي النشاطات الحادة لهذه الخلايا كما يتضح في الرسوم الموضحة .
    مخ الإنسان ، مركز الإحساس والانفعال، التنفس ، القلب، الأحلام، منظم ضربات القلب وضغط الدم، ومركز الذاكرة واللغة، محطة الأحاسيس الجنسية، الهرمونات، النمو، البصر السمع، التذوق الفني والموسيقي، الإبداع والحركة، الحب، الحيوية، الاكتئاب الخمول والجنون. هذا هو مخ إنسان ، طاقة، وخرائط وشحنات كهربية، خلايا عصبية، موصلات كيماوية، أحماض أمينية ، بروتينيات وعالم غامض وإعجاز عظيم.



    في حياتنا مجموعة من القرارات تفصل بين الموت و الحياة، الخير و الشر، هذه القرارات يصنعها مخ الإنسان، فإذا أخذنا قرارا بسيطا وحللناه لرأينا كيف تتلاحم العناصر المختلفة من أجل اتخاذ قرار صحيح بمعني أنه قرار مناسب ومفيد لصاحبه كانسان واع ومسؤول.



    إذا تخيلنا طيارا يستعد للطيران بطائرته، وفجأة في اللحظة الحاسمة للإقلاع رأي سيارة تعبر الممر الجوي أمامه، فصار أمام اختيارين، أما أن يوقف الطائرة أملا ألا تصطدم بالسيارة قبل أن تقف تماما، أو أن يطير مرتفعا بسرعة متجنبا اصطدام عجلات الطائرة بسقف العربة.

    إذا حللنا الأحداث في هذا الجزء من الثانية فلسوف نري كيف ينظم المخ تدفق المعلومات من والي العالم الخارجي، وكيف يرسل إشارته إلي العضلات التي قامت بتنفيذ القرارات . خلال هذه العملية قام المخ بعملية معقدة جدا، فالمخ في لحظة ما محطة حية تخرج منها الإشارات و تأتيها الرسائل بواسطة آلاف ملايين الخلايا الموجودة بالجهاز العصبي، منذ لحظة الولادة وما قبلها تنمو هذه الخلايا، تتطور وتولد اتصالات فيما بينها مكونة شبكة هائلة التعقيد يصعب فهمها ، فمن المستحيل معرفة وظائف بعض هذه الخلايات وما تحمله من ذكريات و أفكار لكن من الممكن معرفة الكثير عن الشكل العام الذي تنتظم فيه هذه الخلايا .


    إذا ما نظرنا إلي سطح و شكل المخ لعرفنا ما يمكن أن يحدث بداخله ، المخ عبارة عن كتلة هلامية ( مادة كالجيلي ) ذات سطح متعرج رمادي لامع، خلاياه لا يمكن مشاهدتها إلا بميكروسكوب، وهي تختلف عن بعضها البعض في الجزئيين الرمادي و الأبيض .


    الجزء الخارجي من المخ يسمي بالقشرة Cortex ويلعب دورا هاما وكبيرا في تحديد سلوك الإنسان.


    وتوجد علي سطح المخ تعرجات، نتوءات كثيرة جدا تدل علي أن عددا كبيرا من الخلايا تتجمع في مساحة صغيرة من النسيج.

    و المخ يزداد تعرجا مع نمو قدراته الذهنية، فمثلا نجد أن مخ الإنسان أكبر في مساحته من مخ أي من المخلوقات التي لها نفس حجم الجسم.


    إذا تخيلنا إن كل التعرجات و الالتواءات علي سطح المخ تنفتح وتمتد فسنجد أن المخ سيصبح في حجم الوسادة و سيحتاج إلي رأس كبيرة كي يحتويه.

    صورة




    قشرة الإحساس Sensory Cortex



    في كل من نصفي المخ منطقة خاصة تسمي بالقشرة الحسية Sensory Cortex تتحكم في احساسات النصف المقابل للجسم، فاحساسات الألم، اللمس، والحرارة تمر عبر الأعصاب من القدم مثلا إلي جزء صغير في القشرة المخية، وما نعرفه حقيقة هو أن القدم تحس بشيء ما و تصل الإشارة إلي منطقة المخ الخاصة، غير أن الإشارة لا تدل علي مكان إرسالها لأن كل الأعصاب تستخدم نفس الشفرة وتقول نفس الشيء تقريبا .


    الإشارة لها مدلول، فقط عندما تصل إلي محطة النهاية، والأمر يشبه إلي حد كبير مسألة الإنارة الكهربية في البيت، التيارات الكهربية متشابهة كلها في تأثيرها عبر الأسلاك.

    حتى تصل إلي الموقد الكهربي فتصبح حرارة، والي التليفزيون فتصير إرسالا، والي اللمبة فتكون ضوءا، وهكذا يكون تأثير الكهرباء مختلفا تماما في تأثيره بحسب محطته النهائية .
    فعندما تصل الإشارات العصبية إلي الأجزاء المختلفة من المخ تقع ضمن شبكة هامة ومثيرة من الاتصالات بين المخ وكافة أعضاء الجسم ، فنجد أن الإشارات من الساق تصل إلي منطقة قريبة من إشارات القدم، وتلك القادمة من الذراع تصل إلي قرب اليد، وإذا رسمناها كلها فسنجد أن خريطة الجسم كله مرسومة بدقة علي شريط المخ، وتمثل كل نسبة ممثلة علي هذا الشريط أهمية الجزء بصرف النظر عن حجمه الطبيعي في جسم الإنسان.
    ولأن الفم و الشفاه أجزاء حساسة جدا، فإنها تحتل مساحة كبيرة من القشرة الحسية.
    واليدان بكل ما تملكهما من أحاسيس دقيقة للمس تحتاجان إلي عدد كبير من خلايا المخ ، لكن الظهر و الرقبة وقمة الرأس تحتل مساحة صغيرة نسبيا لأنها نادرا ما ترسل إشارات حسية إلي المخ ، لهذا فلا تحتاج إلي خلايا كثيرة.
    صورة

    القشرة البصرية Visual Cortex
    هناك إشارات حسية هامة غير ممثلة علي خريطة المخ، مثل احساسات البصر، السمع، التذوق، والشم.
    البصر بالتحديد هام جدا بالطبع ، لهذا فهو له جزء كامل متكامل ومخصص بمؤخرة المخ.
    إذا عدنا إلي المثل الأول عن الطيارة و السيارة، سنجد أن صناعة قرار حيوي تعتمد علي إشارات ترسلها العينان إلي المخ.
    بالطبع تلعب القشرة الحسية دورا هاما في هذا المجال، فتحمل إشارات من ضغط القدمين علي الأرض و اليدين علي الأشياء مخبرة المخ بما يجب أن يفعله.
    في حالة الطيار ترسل الإشارات العصبية علامات الخطر من خلال إشارات بصرية مثل وجود السيارة علي الممر الجوي، وسرعتها، سرعة الطائرة التي تحددها تغيرات الأرض والجو والعداد الخاص بمؤشر سرعته، وهكذا فان تقدير للموقف يعتمد علي تفاعل المخ مع ملايين الإشارات العصبية القادمة من كلتا عينيه.
    وفي بقعة محددة من نسيج المخ بأسفل جزئه الخلفي تستجيب الخلايا بشكل بصري تماما لكل ما يراه الطيار في أي لحظة.
    لكن هناك اختلافات هامة في كافة الإشارات الحسية، فشريط المخ يعطي أهمية كبيرة لليدين ، والقشرة البصرية تعطي كما كبيرا من خلايا المخ للصور المرسومة علي منتصف شبكية العين حيث يكون البصر حادا جدا وزاهيا تماما.
    تتحرك العينان تلقائيا تجاه الأجزاء الهامة من المشهد فتقع الصورة علي وسط الشبكية فيترجمها المخ بفاعلية وطالما أن عيني الطيار تتابعان السيارة محافظة علي صورتها في الممر الجوي اكثر من أي شئ في المطار . فإن درجة اليقظة تكون آمنة.
    وخلايا القشرة المخية منظمة في تناسق جميل ، بعضها يستجيب للضوء في وضع معين ومن خلال شبكة ارتباطات شاملة. خلايا أخرى تستجيب لشكل الصور المختلفة في المطار. فنجد أن صور الكشافات الضوئية ستثير الصف الثاني من خلية واحدة التي تحللها وتفك رموزها.
    الوجه الإنساني يعد شكلا بصريا هاما جدا. فهناك أبحاث علمية تؤكد وجود خلايا كاشفة للوجه الإنساني بالمخ تعمل فقط عندما نري وجها بشريا.
    ويعتقد أنها تعمل من خلال اتصالها بخلايا أخرى تستجيب بشكل منفصل لشكل العينين، الأنف، الفم، حتى أن الطفل الحديث الولادة يتعرف علي الوجه الإنساني بسرعة مما يدعونا إلي التفكير بأن الإنسان يولد مجهزا بهذه النوعية من الخلايا.
    صورة

    صناعة القرار
    بتنظيم أشكال الضوء و الظل، واللون إلي أشكال معروفة، ولها معني، تلعب القشرة البصرية دورا ذهنيا في عملية صناعة القرار. مثلا نجد الطيار يري بقعا حمراء كسيارة تسرع في الممر الجوي، لا يعرف ما هي حتى تصل الفكرة إلي المخ، وفي خلال جزء من الثانية أما أن تستمر أو أن تجهض الفكرة، بمعني أنه يختار ما بين أمرين ثم يحرك يديه أو ساقيه تبعا لذلك.
    وبالتالي فان قراره يعتمد كلية علي إشارات المخ للعضلات.
    المخ يستقبل كل المعلومات التي يحتاجها لصناعة قرار معين ، فتبدو صورة جسم الطيار ممثلة علي القشرة المخية، وضع يديه وقدميه، ضغطهما علي بدالات السرعة، صورة العالم الخارجي من خلال القشرة البصرية وصورة السيارة علي الممر وقراءة عدادات الضغط و السرعة.
    غير أن هناك عاملا آخر قد يؤثر علي قرار الطيار ألا وهو ذاكرته. إن معظم قراراتنا تستخدم الذاكرة المختزنة من تجارب سابقة مشابهة، هل كنا في مثل هذا الموقف من قبل ؟ وماذا فعلنا عندئذ ؟ وماذا كانت النتيجة؟ أمر آخر هام هو الانفعال ودرجته ..
    هل نحن في آمان، أم أن هناك خطورة ما، وهل سننفعل بسرعة ؟ هل سنخاف ونذعر ؟ أم سنكون قادرين علي الحفاظ علي هدوئنا ؟
    الانفعالات و الذاكرة تختزن في أعماق المخ متصلة بجميع أجزائه، وبالتالي يختزن جميع الصور و الأحاسيس كلما مررنا بتجربة، كلما انفعلنا بها، فإذا انفعلنا وأحسسنا بنفس الطريقة مرة أخري فإن الممر العصبي بين القشرة المخية و التجربة المختزنة يبدأ في العمل ويساعدنا علي التعرف علي أحاسيسنا متابعين بذلك نتائج تجاربنا السابقة، وعند لحظة الاختيار فان الإشارات الحاملة للمعلومات المختلفة علي سطح المخ مثل صور الأحداث الخارجية، حالة الطائرة وتلاحم ذكريات الطيار وتجاربه مع الواقع توجه الطيار لكي يقرر بحذر ما يجب أن يفعله.
    علي مستوي الخلايا العصبية نجد أن صناعة القرار مثل التصويت في مجلس ما، تطلب تحرك الخلايا المتصلة بعضلات الذراع عندما تستقبل التصويت الكافئ في الوقت الذي تكون علي صلة مع إشارات تتلقاها من آلاف الخلايا الأخرى، كل منها يوصل تيارا صغيرا بعضها ينشط الأعصاب بينما تخمدها خلايا أخري.
    عندما يكون هناك توازن كاف بين كل هذه الخلايا ، سيتنبه العصب وتتحرك مجموعة العضلات أما لتقبض أو لترتخي.
    وهنا تبدو العملية معقدة جدا، لكن هناك شئ هام إذا كان الاختيار قد تم في تجربة سابقة، وأدي إلي نتائج طيبة، فلسوف نتخذ نفس القرار في المستقبل و بنفس الطريقة، لكن إذا كانت التجربة السابقة غير موفقة فسيكون من الصعب مستقبلا أن تتبع الإشارات العصبية نفس الطريق.
    والقرار يصير بلا قيمة إذا ظل حبيس خلايا المخ ، فعندما نقرر تحريك ذراع أو ساق معينة فان عليها أن تتلقى بالتحديد الأمر مشروحا ومفصلا بمدة الزمن وقوة الفعل، وبالطبع في حالة الطيار سيكون قراره نتاج تفاعل خلايا عصبية كثيرة مع سلسلة من الأعصاب تمنع وتثير أحده الآخر في نقاط مختلفة في خلال جزء من الثانية. وعندما يقرر الطيار الإقلاع أو التوقف فان قراره النهائي سيرسل إشارة معينة من القشرة المخية إلي كل العضلات الإرادية المعينة.
    كذلك فان درجة الدقة المطلوبة في حركة ما، وحاجتنا إلي هذه الحركة تعتمد كلية علي الشريط المخي المرسومة عليه خريطة الجسد.
    وإذا اختار الطيار أن يقف فلسوف يحتاج إلي أن يضغط بشدة بكلتا قدميه علي الفرامل. وهذا يستدعي إشارة عصبية من نقطة ما بالقشرة الحركية للمخ ملتزمة بحركة الساق.
    أما إذا اختار الطيار الإقلاع فلسوف يشد اليد الرافعة، وهذا يحتاج إلي إشارة عصبية تحرك عضلات الذراع. هنا إذا كان قرار الطيار صحيحا ، وإذا أدت الخلايا العصبية دورها في توازن، فإنه سيطير أو سيتوقف متجنبا الاصطدام بالسيارة في كلتا الحالتين.
    بالطبع أن هذا القرار واحد من آلاف القرارات التي يتخذها الطيار كل يوم عمل فيها مخه عل تحليل ملايين المعلومات القادمة إليه مستشيرا مصرفا يحوي داخله ملايين الذكريات التي سترسل بدورها تعليمات مختلفة إلي أجزاء الجسم كي يتفادي الخطر .
    صورة

    تميز مخ الإنسان
    معظم نشاطات الإنسان يقوم بها الحيوان.. لكن يميزه عن الحيوان قدرته علي التفكير .. لماذا؟
    الخلايا العصبية في مخ الإنسان تعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها نظيرتها في الحيوان، و الإنسان مماثل في تركيبه، في ردود فعله ، كذلك فإن الحبل الشوكي متماثل في دوره و حركته.
    كما أن مناطق المخ الخاصة بالأحاسيس والتي تعطي الأمر بالحركة متشابهة، لكننا نختلف عن الحيوان لان الطريقة التي تتفاعل بها خلايا مخنا و تعمل منفذة الأوامر المختلفة طريقة معقدة ودقيقة لا يستطيع مخ أي حيوان القيام بها.
    والإنسان و الحيوان يسعيان إلي البحث عن الطعام، وكلاهما يحتاجان إلي تحدي مصادر الخطر لتفاديه، وللبحث عن الجنس الآخر للتناسل .
    ولعمل كل هذا نحتاج إلي مخ وجهاز عصبي قادر يستقبل المعلومات، ويرسل الإشارات، ويقرر الأفعال المختلفة فمثلا نحن لا نأكل كلما شممنا رائحة طعام أو رأيناه ، ولكننا نأكل حينما نجوع فقط، في هذا العالم الضخم من الإشارات الحسية يعطي المخ معني
    صورة

    لهذه الإشارات.
    فالذي لا تعنيه الأصوات و المرئيات المختلفة لكلب في الطريق تعني الكثير للإنسان .
    بينما يهتم الكلب بالروائح معينة لا تهم الإنسان ولا يستطيع شمها.
    يقع في قلب المخ جهاز هام جدا يسيطر علي احساسات الشم و الجوع و العطش والخوف والأحاسيس الجنسية والعدوانية وهو ما يسمي بالجهاز اليلمبي .
    هذا الجهاز هو أهم ما يميز مخ الإنسان عن مخ الحيوان . كذلك فانه يتصل بكافة المناطق الأخرى في المخ و الجهاز العصبي.
    ولكي نفهم كيف يعمل المخ، يجب أن نعرف الكثير عن شبكة الاتصالات داخله، الإنسان يتعلم مثل الحيوان أشياء كثيرة مثل البحث عن الطعام حفاظا علي بقائه . ولان هناك اتصالا بين المخ ككل وبين الجزء الليمباوي وأحاسيس التذوق و الشبع و البصر، فان كل من الإنسان و الحيوان يتذكران التجارب المتعلقة بالأكل ويكررانها عند الضرورة .
    في الحيوان تحتل المناطق الحسية للبصر والسمع واللمس مساحة كبيرة من القشرة المخية. وفي الإنسان تحتل شريطا مخيا يتصل بمناطق أخرى من خلال " روابط اتصال " هذه الروابط تستقبل و ترسل الإشارات العصبية، وتربط الأفكار المختلفة بعضها ببعض فإذا رأينا شكلا معينا لشئ محدد كعملة معدنية مثلا وأردنا تحديده مرة أخري بالمس فقط فلن يكون الأمر صعبا ، فنحن نحس بالعشرة قروش في يدنا دون أن نراها ونعرف إنها عشرة قروش ،هذا لان إحساسنا بالرؤية و بالمس يلتقيان بمناطق اتصال واحدة ويتفقان علي تعريف الشيء.
    وهكذا ترتبط حساتا الشم والبصر بسهولة وهناك الارتباط بين الكلمة و الشكل و الوصف و الرؤية ، لكن عندما يري الحيوان شكلا مربعا يراه فقط دون فهم أو وعي ، لكن من الممكن تعليمه عن طريق ربط شكل المربع بالأكل مثلا، فيصبح للمربع لدي الكلب معني مرتبطا بالطعام.
    صورة

    الذاكرة
    الترابطات العديدة بين الأجزاء المختلفة من القشرة المخية تشكل عبئا هائلا علي قدرات المخ العملية .
    فالترابط بين السمع والبصر و اللمس والبصر و الجوع أو العطش يعني الحاجة إلي ثلاثة أو أربعة أضعاف الخلايا المخية للتأقلم مع تدفق الإشارات العصبية بين مختلف أجزاء المخ.
    هذه الزيادة في الترابطات و الاتصالات تحتاج إلي مساحة كي تعمل فيها، لهذا كان استخدام الرموز من خلال الصورة والصوت فستبدل بعضها البعض لحمل إشارات الإحساس بالخطر أو الرغبة الجنسية أو الحاجة للطعام.
    وهذا يضاعف من عدد السبل اللازمة لحفظ فكرة معينة في المخ. الإنسان باستغلال طاقته في حفظ اتصالات ورموز الحياة يتيح له تطوير بنك معلومات ممتاز في مخه ألا وهو: الذاكرة، التي يستخدمها الإنسان في حذق ، فيتذكر أصواتا ورؤى ربما ظلت في مخه نصف ساعة أو أكثر دون أي محاولة لتذكرها، غير أنه ليس من المعروف حتى الآن كيف تخزن هذه المعلومات فيما يسمي بالذاكرة القصيرة الأمد لكننا إلي درجة محددة نعرف أين تخزن ، فالتجارب التي يمر بها الإنسان تبدأ من خلال رؤيتها بالعين، فتخزن بالقشرة البصرية، وتلك التي نسمعها تخزن بجزء المخ المتخصص في السمع، وهكذا..
    ولكن بالطبع هناك تجارب عدة هي مزيج من أحاسيس كثيرة، فإذا حللنا جزءا معقدا من عالم الإنسان ، كسيارة مثلا، فسنتذكرها كوحدة مستقلة وليس كإشارات سمع وصوت ورائحة مختلفة، ففي المخ إشارة ما للسيارة، هذه الإشارة تستدعي تفصيلا، أو بشكل مبسط بعد وقت معين، فكيف تخزن أذن هذه المعلومات؟
    هناك احتمال أن الذاكرة تخزن كتيار يتدفق هنا وهناك في دوائر صغيرة من الخلايا العصبية.
    قد يكون التيار قويا في البداية ثم يضعف بمرور الوقت حتى يصعب إدراكه.ز هذه النظرية مدعمة بتجارب و أبحاث وجدت أن جزءا صغيرا من خلايا المخ يتم تنبيهه بشحنة من النشاط الكهربي، وأن الخلايا العصبية به تستمر في نشاطها لمدة 30 دقيقة .
    معظم ذكرياتنا تختفي بعد دقائق ، لكن بعضها يظل ويجد له مكانا دائما في المخ .
    ومن المعتقد أن الذاكرة الطويلة الأمد تحتوي في داخلها تغيرات جزئية تتعلق بخلايا المخ.
    وعلي الرغم من أن الإنسان لم يصل بعد إلي اكتشاف تفاصيل هذه العمليات المعقدة فانه من الواضح أن عملية التذكر ليست عملية خاصة بالإنسان، ولكن الخاص به أنه يحمل معلومات أكثر وذاكرة أكبر ويمكن تخزينا اكثر من أي كائن حي آخر.
    كذلك فانه يتمكن من استخدام هذه المعلومات وهذه الذاكرة في نشاطات اكثر اتساعا ورحابة.
    من الواضح انه ليست هناك حدود معينة لذاكرة الإنسان ومخ الإنسان يختزن معلومات بطريقة منظمة كدار الكتب، وليس بشكل عشوائي، حتى يتمكن من الحصول عليها عندما يريدها، فإذا احتجنا إلي كتاب من المكتبة لا يكفي معرفة مكانه ، لذلك يجب أن يكون هناك جهاز يحدد الاستخدام الجيد و المناسب في الوقت المناسب، أما في حالة وضع الكتب علي الأرفف بشكل عشوائي فستكون المكتبة مكانا ظريفا للناظر إليه فحسب، لأية فائدة للاستخدام الإنساني .
    الخلايا المخية الكثيرة هي التي تملك سر التخزين وحفظ الذكريات المختلفة ، فنجد مثلا 100000 مليون خلية مخية في القشرة المخية، وفي الجزء المفكر وحده 10000 مليون خلية كل منها قادرة علي عملية معقدة ، ولها وسائل اتصال علي شكل نتوءات قصيرة تسمي Dendrites تستقبل إشارات من خلايا مخية أخرى. وتحتوي أيضا علي محاور تسمي axons تمرر الإشارة إلي النتوءات التي تكون بدورها حلقة إرسال واستقبال ، فالخلية العصبية الواحدة تتصل مع 60000 خلية أخرى ، وفي الحقيقة فان بعض الخلايا تتصل بحوالي ربع مليون خلية أخرى.
    والإنسان قادرا علي حفظ الذكريات من خلال مسارات خاصة في شكل حلقات من الخلايا العصبية متصلة ببعضها من خلال آلاف من نقاط الاتصال.
    ومخ الإنسان يحفظ علي الأقل ألف ضعف المعلومات المحفوظة في أكبر الموسوعات ( المكونة من حوالي 20 – 30 جزءا ) .
    وفي الحقيقة فان معظم ذكرياتنا لا تستدعي إلي العقل الواعي ، ولكن في نفس الحين نتعرف علي صور و أصوات لم نراها أو نسمعها منذ سنوات ، فالوجوه التي تعرفنا عليها في طفولتنا، كالناس و الأماكن، والكتب التي قرأناها و الصور التي رأيناها ، وحتى الروائح التي شميناها ، والأشياء التي تذوقناها تحتفظ بشفرة معينة في مخ الإنسان كي يتذكرها تكون بلا معني للحيوان، بالطبع الحيوان يملك ذاكرة طويلة و أخرى قصيرة الأمد ، لكن هناك فارقا كبيرا فيما نختاره لنتذكره ( كالأشياء التي تهمنا وتثير اهتمامنا ) فالاهتمامات الجسدية و الغريزية لدي الإنسان مثلا لا تشكل انشغالا حيويا بل تبقي نشاطاته المتميزة هي الفن و اللغة و العلوم.
    صورة


    اللغة
    القدرة
    علي التعميم وتحسس القيمة الفعلية للصور و الأشكال تصل إلي ذروتها لدي استخدام الإنسان للغة التي تعهد أكثر قدرات الإنسان تميزا عن الكائنات الحية الأخرى، فمعظم الناس ينفقون جل وقتهم في الحديث ، والاستماع، والقراءة و الكتابة، واللغة هي الفارق الجوهري والحيوي بين الإنسان والحيوان.
    إنها الرابطة الاجتماعية و الحضارية للشعوب المختلفة التي عن طريقها يمكننا تخزين و استدعاء الأفكار المعقدة في شكل رموز و أصوات لا يفهمها إلا الإنسان. وهي بالتالي تتضح في طريقة تنظيم مخه.
    أما معظم مناطق مخ الإنسان المستعصية علي الفهم فهي تلك المتخصصة باللغة. وإذا أصيب الإنسان بشلل أو بإصابة في المخ، فان تأثر أجزاء اللغة يؤثر علي الذاكرة التي تضعف قدراتها، فيفقد الإنسان ذاكرته للكلمات و للأفكار ، فإذا ما أصيب الدماغ بالتلف و تأثرت اللغة فغالبا ما يكون التلف في النصف الآمن بينما في الحيوان يتساوي النصفان.
    ومع تطور اللغة تتطور كل قدرات الإنسان كتابة وحديثا، ويستخدم مسارات المخ خلاياه لربط التجربة بصوت الكلمات وشكل الحروف و طريقة نطقها و مخارج الألفاظ لإعطاء معني مستمد من ذكرياتنا وأحاسيسنا حتى عند تلقي سؤال بسيط ومحاولة الإجابة عليه يستدعي الأمر استخدام كل أجزاء المخ تقريبا الذي تساعدنا اتصالاته المختلفة علي فهم الكلمات عند سماعها ثم اللجوء إلي الذاكرة التي ترسل إشارات إلي العضلات المتصلة بالفم وحيال الصوت لتحديد الإجابة والنطق بها .
    فإذا ما وظلنا قدرتنا علي الاستخدامات اللغوية فسنتمكن من التحكم في الكلمات ومفاهيمها في دماغنا حتى من دون تجربتها لان التجربة ليست بالضرورة حياتية .
    فالإنسان يتعلم عن طريق تبادل الأفكار و التواصل مع الآخرين. فالتمثيل و الخيال والألعاب و المسرح و السينما والتليفزيون و الموسيقي تدرب الذهن وتنظمه ،تثيره وتجهزه فيستطيع المخ التفكير و العمل بشكل يفوق قدرة إشارته الحسية المعتادة
    سبحان الله في خلقه



     

    كلمات مفتاحية  :
    المخ

    تعليقات الزوار ()