كانت لطيفة، رقيقة، عاقلة جداً، صوتها لا يسمع إلا بكلمات لهامعنى وفيها عمق, حساسة، بضع كلمات يمكن أن تحول يومها إلى نهار مليء بالتحليلاتالتي تصل بها إلى ذاتها. تقدم التنازلات دون أن تُطلب منها، يكفي أن تشعر بأنتنازلها سوف ينقذ موقفا أو لحظة شجار حتى تبادر به عن طيب نفس. كانت قوية، عندماتصمم على الحصول على شيء تتفانى لتحصل عليه باقتدار، فإن لم تستطع كانت تجد لنفسهاكل الأعذار حتى تتقبل خسارته. لديها قدرة على استقبال أي هزيمة بصدر هادئ لا يوغرهالندم[font=''Tahoma '']. [/font]
كانت هادئة تطمح دومًا إلى الكمال. تنزعج لأبسط كذبة لأنها ترى الكذبإهانة لثقتها في الآخرين التي كانت تضعها بسهولة إيمانا منها بأنه يجب أن يغلب ظنهاالحسن قوة أي شكوك سلبية. قد تفرض على نفسها ضغوطا كثيرة لأنها ترى أن ذلك جزء منواجبها في إسعاد من تحب. عندما تحب تبالغ في تقديم كل ما تعرف في فنون الحب لتثبتأنها محبة مخلصة، وعندما يخونها الشريك تكـــثر من لوم نفسها قبل أن ترى مدى قباحةفعله[font=''Tahoma ''] . [/font]
غالبًا لم تكن تقول ما تريد خوفًا من جرح الآخرين. وعندما يؤذيها أحدهمتستطيع أن تكبت غضبها وتتصرف باتزان غير أن بركانًا من الألم يغلي داخلها. تنتقدنفسها بقسوة حتى تظل قادرة على تجنب انتقاد الآخرين[font=''Tahoma '']. الثقة الزائدة التي توليهالمن تحب يمكن أن تستغل بسهولة، فهي تتوقع سلفًا أن من يتعامل معها يجب أن يكون بنفسمستوى صدقها. مجتهدة غالبًا في تعلم كل جديد يجعل روحها قادرة على عطاء أكبر. تسعدحينما تشعر بنصر صغير، ولا تنتظر من الانتصارات الكبيرة أن تكون هي مقياس نجاحها[font=''Tahoma ''] . [/font]تقترب دومًا من الحد الأقصى لأحلامها. تتنازل برضا إن لزم الأمر، لكنها تكره الظلمبكل صوره وتقف أمامه ولاتقبله وتفعل ما تستطيع لتغير وضعًا قد يفرض عليها استسلامًا[font=''Tahoma ''] . [/font]يحبها الآخرون بسهولة ، اجتماعية بحذر لأنها تحب أن تنتقي رفقة مميزة تعبر عنها[font=''Tahoma ''] . [/font]يستبعد أن تهين أي شخص ، صبورة لحد أنها يمكن أن تتجنب إلقاء اللوم أو تصويب خطأبدر من الطرف الآخر حتى لو كان هذا الخطأ حقيقيًا أوسيثبت لها حقًا خوفًا من أن تجرحمشاعره[/font][font=''Tahoma ''] .
هذه الشخصية هل تعرفت عليها عزيزي القارئ ؟ إنها الشخصية (اللطيفةجدا) التي يتهمونها بالانهزامية حينما تدعي الهدوء وهي غاضبة, وبالسلبية حينماتحاول القيام بأمور فوق طاقتها لأنها لاتعرف متى تقول لا, وبالمريضة نفسيًا حينمالا تحاول الافصاح عن مشاعرها خوفًا من اهتزاز صورتها المثالية أمام الآخرين, وبعدمالوضوح لأنها حينما تغضب لاتحاول إيضاح أسباب غضبها بل تلجأ لكبته, عوضًا عن ذلك ليسلديها قدرة على قول الحقيقة خوفًا من خسران الحب الذي يصل شريان حياتها بالدماءاللازمة لتعيش في دفء حب الآخرين[font=''Tahoma ''].[/font][/font]
ورغم أننا لا نختلف على أن اللطف جزء من أخلاقالانسان الراقي غير أن الافراط فيه قد يورث صاحبه الكثير من الصدمات في حياته[font=''Tahoma ''], وربما ضاعت حقوقه في أمور أساسية, بل إن ضياع هذه الحقوق لن يشفع له في مكانة أكبريحوزها في قلوب من تفانى في الإخلاص لهم لأن التفاني لايعطيه الحق في لومهم علىضياع حقوقه التي قام هو بالتفريط فيها. فإن كنت أنت هذا الشخص واكتشفت في لحظة صدقمع نفسك التأثير السلبي لإفراطك في إظهار هذا اللطف على حياتك وقراراتك فعليك أنتدرك عدة أمور[/font][font=''Tahoma '']:
*لاتطل لوم نفسك، ولا تبالغ في تخطيئها، ولاتترك ذلك الشعوريؤلمك كثيرًا حتى وإن اكتشفته متأخرًا[/font][font=''Tahoma ''].
* لا تعتقد أن حصولك على حقك يعني أنكأصبحت فظًا غليظ القلب بل فطنًا سيحترمه الآخرون[/font][font=''Tahoma ''].
* لتعلم أن هذه المشاعرالمتناقضة تنشأ نتيجة نوع من التربية قد يمر به كل منا في حياته منذ الطفولة، لذلكلا تشعر بالاستياء لأنك ظللت فترة طويلة تمارس ما اعتقدته الأفضل لاكتساب قلوبالآخرين ولم تفز سوى بلقب (الطيب، اللطيف) الذي لم تجن منه سوى استغلال أكبر[font=''Tahoma ''] ... [/font]لماذا؟ لأن ما نعيشه مهما حاولنا فلسفته هو خلاصة لما عشناه من أول لحظة في حياتنا[/font][font=''Tahoma ''].
* تذكر أنك بجانب بعض الخسارات فزت بنفسك أولا وتلك الذات النقية يمكنها أنتعيد تشكيل نفسها بحيث تعي أن اللطف لايعني أن نسمح للآخرين بمحاصرة حقوقنا أو حتىتسميتها لنا لأننا أقدر على الحفاظ عليها، وإن تطلب الأمر تجاوز هذه الرقة فيالتعامل ، فحتما سيعلمك لطفك كيف تطلبها باحترام دون أن تؤذي أحدًا[/font][font=''Tahoma ''].
* تذكرأنلحظة الاكتشاف مهما تأخرت هي وقتك الملائم للتغيير، وهي ممكنة طالما كان هناك وعيبتأثيرها[/font][font=''Tahoma ''].
* البداية في التغيير قد تكون أسهل باستشارة صديق، أو أخ أوشخص تثق في قدرته على الحكم على الأمور[font=''Tahoma '']. [/font]ولعلنا نتساءل لماذا نجتهد في فهمذواتنا كل هذا الجهد ؟ والإجابة لن تكون أجمل من أن يقال إن القيمة الحقيقة للحياة[/font]تكمن في دورنا فيها وهذا الدور يستحق العناء لأننا صُنّاعه...