بتـــــاريخ : 10/12/2008 8:44:15 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1220 0


    دعوة أخيرة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : عبدالكريم يحيى | المصدر : www.arabicstory.net

    كلمات مفتاحية  :
    قصة دعوة أخيرة

     

    تلقيت دعوة في ربيع العام السابق، لحضور مؤتمر الشعر العالمي في نيويورك، بمبادرة لطيفة من نادي الشعر الدولي، فرحتُ كثيراً بالدعوة التي وصلتني، طارت طائرتي من دمشق، شعرت بفرحة غامرة وأنا أعبر الزمن، فاتتني صلوات كثيرة، ضاعت عليَّ الحسبة، عبثاً حاولت استذكار نظرية آينشتاين، وصلتُ مطار نيويورك، انزعجتُ كثيراً، لم يكنْ أحد بانتظاري، كان إملائي أقوى من لفظي في اللغة الإنكليزية، كتبتُ العنوان وأعطيته لسائق التاكسي، رأيت لافتة المؤتمر المزمع إقامته في الغد، بحثتُ عن فندق قريب، فاجتزتُ شارعين، اثنين، ثم ثلاثة شوارع أخرى، وانتبهتُ للطريق جيداً، تحسباً لحضور المؤتمر، حصلتُ على غرفة في فندق جيد، نسبةً إلى فنادقنا، رفعت سماعة الهاتف، اتصلت بصديقي البروفيسور س.س.سلفرمان، الناقد ووزير الثقافة السابق في الحكومة التركية، وأستاذ الأدب التركي في جامعة واشنطن، وكان يشغل منصب نائب رئيس نادي الشعر الدولي، ويتكلم عربيةً فصيحة:

     

    -أهلاً وسهلاً بالشاعر الكبير، متى وصلت؟

     

    -قبل أكثر من ساعة تقريباً.

     

    -جيد جداً، لقد أرسلت سيارة إلى المطار كيف لم ترها؟

     

    -ما وجدتُ أحداً، وانتظرتُ طويلاً قبل أن استدعي سيارة تاكسي.

     

    -عذراً، فلا أحد في هذه البلاد المجنونة يقبل أن يضحي بعطلة نهاية الأسبوع.

     

    -متى ستبدأ أعمال المؤتمر؟

     

    -أين انت الآن، سأرسل لك سيارة إسعاف بعد نصف ساعة، لتأخذك إلى حيث يقيم زملاءك في فندق آخر أفضل.

     

    -ولكن لماذا سيارة إسعاف؟

     

    -هناك إضراب كبير سيحدث هذا اليوم، وسيقطعون الطرق، والإسعاف فقط مسموحٌ لها بالعبور.

     

    ووصلت سيارة الإسعاف، وجاء إليَّ رجلٌ يرتدي زيَّ الأطباء، ورحبَّ بي بدماثة خلق، ثمَّ قادني إلى حيث أقيم الآن، وعند وصولي، كان في الحديقة جمعٌ غفير، ثمَّ طلبوا إليَّ فوراً إلقاء محاضرة عن قصيدة أحمد شوقي التي يقول فيها:

     

    مررتُ بالمسجدِ المحزونِ أسأله هل في المصلَّى أو المحرابٍ مروانُ

     

    فلا الأذان أذانٌ في منارته إذا تعالى، ولا الآذانُ آذانُ

     

    وأنا ألقي المحاضرة تلو الأخرى وبشكل يومي عن امبراطورية الدولة الأموية، ولا أعلم حقيقةً إنْ كان هذا مصحَّاً عقلياً أم لا...ولا أعلمُ حقيقةً كم مضى من الزمن، إلاّ إنني أشعرُ بالشيخوخة حتى لا أكادُ أقدر أنْ أحرك الكرسي الذي أجلس عليه إلا بصعوبةٍ بالغة.

     

     
    كلمات مفتاحية  :
    قصة دعوة أخيرة

    تعليقات الزوار ()