لقد بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام الخالدة كأكمل دين وشريعة ليربي هذه الأمة ويهديها لأحسن الأخلاق وأقومها، وليهذب النفوس ويطهرها ويزكيها بهذا الدين القيم، فدين الإسلام هو خاتم الأديان وأفضلها، قال تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" وقال صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأُتمم مكارم الأخلاق".. ولا شك أن هذا الدين الحنيف هو دين الفطرة التي فُطِر الناس عليها، فدعا إلى مكارم الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، والنفس البشرية لن تسعد وتطمئن إلا بامتثال هذه المكارم والأخلاق التي رسم الله لنا بها الطريق المستقيم لنحقق الهدف من وجودنا في هذه الدنيا.
ولا شك أننا في هذا الزمن نجد أن تعاليم الإسلام وشريعته السمحة أخذها منا غير المسلمين فعملوا بها وطبقوها في حياتهم ومعاشهم واطمأنت بها نفوسهم وآمنوا بها مع أننا أولى وأحق بها منهم، تذكرت هنا قول الشيخ محمد عبده - رحمه الله- عند زيارته لأوروبا "وجدت إسلاماً بلا مسلمين، وبلادنا مسلمون بلا إسلام".
هذه هي الحقيقة وبكل أسف مجتمعنا منبهر بالغرب الراقي والمتقدم يعتبره مثالاً للجد والاجتهاد، وأصبحنا نسمع في مجالسنا كثيراً من قصص الانبهار بالغرب وأنظمته التي ضمنت الحقوق وترتبت معها الحياة فلا تجاوزات ولا خروقات للنظام، تحدثت مع أحد أولئك المنبهرين بالغرب ممن قضى أربع سنوات للدراسة هناك وعاد ليحكي واقع التقدم والانضباط مع فرق الإمكانات بين بلادنا وتلك البلاد التي قد لا تصل لما نحن فيه من وفرة مالية كما يقول!
ولكن يبقى التميز والدقة سمة واضحة في العمل بكل مكان من تلك البلاد.
قصص كثيرة نسمعها، نقيس من خلالها على واقعنا في مجتمعنا المسلم نحاول أن نسلي أنفسنا ونبرر قصورنا بدعوى أن تلك القصص والتميز المزعوم هو نتيجة الانبهار والنقمة على المجتمع المسلم فقط لأننا في مجتمعنا نعيش خصوصية تميزنا عن غيرنا بمنهجنا القويم وشريعتنا السمحة، ولكن في الحقيقة أننا نبتعد كثيراً عن شريعتنا ولا نحكمها في حياتنا فيستتر البعض بالإسلام اسماً، ويتجاوز تعاليمه منهجاً بجشع البعض وعدم وعي الكثير ممن يقدم مصالحه الخاصة على مصالح المجتمع بثقافة مريضة يظن البعض أنها كريمة وشيمة من شيمنا العربية "اخدمني وأخدمك"، وبعبارات رنانة "إللي ما فيه خير لأهله ما فيه خير للناس"! كم هي القصص المخجلة في مجتمعنا والتجاوزات المحرجة من المحسوبية وعدم احترام الأنظمة بل يتجاوز البعض إلى صفات قبيحة مثل الغيبة والغدر والكذب والنفاق الاجتماعي... إلخ، وغيرها من الصفات التي لا يقبلها دين ولا عُرف! هل يعقل أن مجتمعنا عبارة عن وحوش يحتاجون لترويض قبل أن نطبق الأنظمة والقوانين التي تنظم حياتنا وتحفظ الحقوق لأصحابها؟
سألت نفسي قبلاً واليوم أسألكم لماذا لا يُحترم النظام على الوجه المطلوب؟ لماذا نجد التجاوزات في كل شيء، والمحسوبية قبل كل شيء؟ حتى عند الخباز تحتاج أن تصبر إذا لم يكن يعرفك فسوف تتطاير الأرغفة من فوق رأسك بإشارة من بعيد ومن خلف الصفوف لا يُحترم فيها كبير ولا يُرحم صغير! أين الخلل يا كرام؟ هل في نظامنا؟ أم في تربيتنا؟ هل نحن في حاجة إلى سوط ويد من حديد؟ صدقوني نحن في حاجة لأن نعيد لمجتمعنا إسلامه الحقيقي قبل أن تضحك علينا كل الأمم!