الدرن.. مرض خطير يفتك بالأرواح!!
الدرن (السل) هو مرض ينتج عن الإصابة بجرثومة «عصيات» الدرن (السل) وهي كائن مجهري دقيق لايرى بالعين المجردة، بطيء النمو يتكاثر داخل الجسم خصوصاً اللمفاوية. وقد يكون كامناً لعدة سنوات بدون أية أعراض أو مضاعفات، ولكن ربما يعاود النشاط في المستقبل وخصوصاً إذا ماحدث ضعف في الجهاز المناعي إما بسبب تقدم السن وحدوث أمراض مزمنة مثل «السكري، أو أمراض الكلى أو في حالة تعاطي أدوية تخفض المناعة مثل الكورتيزون أو غيره».
تاريخة
وقد أثبتت الدراسات والتحاليل إصابة بعض الموميات المصرية القديمة (الفرعونية) بمرض الدرن (السل) وقد يكون المرض موجوداً قبل ذلك التاريخ واستمر على مر العصور، إلا أنه لم يظهر كمشكلة صحية إلا مع نشوء المجتمع الحضري حيث يكتظ الناس قي أماكن محدودة مما يهييء أرضية خصبة لانتشار المرض. قبل توفر الأدوية كان المريض يوضع في أماكن جيدة التهوية ومعزولة عن الناس. للأسف مازال مرض الدرن يعتبر من الأمراض المستوطنة في السعودية بالرغم من تحسن الظروف المعيشية في السكن والمأكل، إلا أن الجهود المبذولة للقضاء عليه دون المستوى المطلوب، فلو طبقت نظريات وتعليمات اجتثاث مرض الدرن عملياً لدينا لتم منع معظم الإصابات وهو ماحدث في عدة دول.
أسباب وطرق انتشارهـ،،
مرض الدرن (السل)
يعتبر الهواء الناقل الرئيسي لجرثومة الدرن (السل) حيث يشكل الجهاز التنفسي ميناء العبور الأول إلى الجسم، ثم بعد ذلك إما أن تستقر في خلايا الرئة وتحدث التهاب درني أو أن يسيطر عليها الجسم ويحتويها في جزء يسير من الرئة حيث يعتبر كامناً. كذلك عند دخول الجرثومة إلى الرئة فإن أعداد منها تتسرب إلى الجهاز اللمفاوي بحيث تستطيع الوصول إلى أماكن أخرى في الجسم.
خطر العدوى من شخص إلى آخر تكون عن طريق التنفس حيث تحدث الإصابة في الرئة من هواء أو نفس الشخص المصاب الذي يحمل الجرثومة، ويكون مصدر عدوى للآخرين. أما إذا كانت الإصابة محصورة في العقد اللمفاوية أو أعضاء داخلية أخرى كالكبد أو الكلى أو الأعصاب فإنها تعتبر غير معدية.
أما أسباب انتشار المرض فهي عديدة من أهمها،
1- إن المرض مستوطن ولازال عدد الحالات المسجلة سنوياً في المملكة يعتبر مرتفعاً، الكثير منها رئوي وبحكم العادات الإجتماعية والواجبات الدينية التي تحتم وجود أشخاص كثيرين في أماكن محدودة مثل «المجالس، المساجد، وغيرها.. «تزيد من فرص الإصابة، حيث وجود شخص مصاب بدرن (سل) رئوي في أحد هذه التجمعات كفيل بإصابة كثير من الحاضرين.
2- عدم الالتزام بالتعليمات الصحية:
المصاب بالدرن الرئوي (السل) يجب أن يخضع للحجر الصحي لمدة لاتقل عن أسبوعين، في معظم الحالات الزوار لايلتزمون بالتعليمات التي تعطى لهم بعدم الزيارة أو زخذ الاحتياطات الوقائية اللازمة عند الضرورة. كما أن الكثير من المرضى لايلتزم بتعليمات الحجر الصحي وبعضهم يترك المستشفى قبل اكمال المدة اللازمة ويمكن تفسير ذلك:
- نقص الوعي الاجتماعي حيث يعتبر الحجر الصحي وصمة عار.
- انعدام القوانين الصارمة التي تلزم هؤلاء المصابين بالبقاء في المصحات لحين استكمال العلاج لأنهم يشكون خطراً على المجتمع.
- تراجع الجهات المسؤولة في تطبيق الأنظمة.
3- التساهل في فحص العمالة الوافدة بحيث يذهب الكثيرين إلى مراكز طبية بأسعار رمزية لإعطائهم شهادات صحية معدة سلفاً، ولو كان الكفيل أو الشخص المسؤول عنهم يدرك بأنه بذلك يجلب المرض إلى نفسه وأهله ومجتمعه لدفع الغالي والنفيس لتفادي ذلك.
الدرن من الأمراض المعروفة منذ القدم وهو عدوى يصاب بها الإنسان عندما تتمكن جرثومة الدرن من التكاثر في أي جزء من أجزاء الجسم البشري. وكما هو معروف فإن الرئة هي أكثر أعضاء الجسم إصابة بعدوى الدرن ولكن الجرثومة قد تتمكن من التسرب من الرئة والوصول إلى عضو آخر... حيث تتمكن من التكاثر في هذا العضو وتتسبب في رد فعل أعضاء الجهاز المناعي لجسم الإنسان وعندها تظهرالتغيرات المرضية والتي تختلف باختلاف العضو المصاب وتجدر الإشارة إلى أن الدرن غير الرئوي يحدث بنسبة أقل بكثير من الدرن الرئوي وهذا عائد بشكل كبير إلى طريقة الإصابة بالعدوى والتي عادة تكون عن طريق الرذاذ التنفسي.
من أهم أنواع الدرن غير الرئوي :
الدرن غير الرئوي الدرن الشامل «الكلّي»: وهو حالة مرضية قد تكون خطيرة إذا لم تعالج بشكل سريع ومكثف وتنتج هذه الحالة بسبب تسرب جراثيم الدرن إلى الدم من المصدر الأساسي والذي عادة ما يكون الجهاز التنفسي ويترتب على هذا التسرب وصول جراثيم الدرن إلى جميع أعضاء الجسم والتي يصل إليها الدم وبعد وصولها تستمر الجراثيم في التكاثر في الأنسجة الحية لجسم الإنسان مسببة درجات مختلفة من التلف في الخلايا الحية لمختلف أعضاء الجسم بما فيها الرئة وعادة ما تصيب هذه الحالة المرضى الذين لا يكون جهازهم المناعي في حالة جيدة مثل مرضى السكر، الفشل الكلوي، مرضى السرطان والذين يستخدمون علاجات كيماوية مضادة للخلايا السرطانية.
الجدير بالذكر أن هذا الشكل من الدرن غير الرئوي نادر الحدوث وعلامات هذه الحالة هي تقريباً مماثلة لعلامات الأشكال الاخرى للدرن ) حمى، هزال، نقص الوزن، فقدان الشهية( وقد لا تكون هذه الأعراض واضحة في البداية.
ب درن السحايا الدماغية: هو أيضاً من اشكال الدرن غير الرئوي المهمة جداً وخاصة في المناطق التي يكون فيها الدرن مرضاً مستوطناً كما هو الحال في الجزيرة العربية وأعرض هذا المرض تكون عادة ناتجة عن إصابة السحايا الدماغية بجراثيم الدرن وتتكون عادة من حمى، هزال، نقص في الوزن، صداع، تصلب في الرقبة، بالإضافة إلى أشكال مختلفة من ضعف بعض العضلات وخاصة في الوجه أو فقدان الإحساس نتيجة الضغط على بعض الأعصاب في مكان خروجها من الجهاز العصبي المركزي واختراقها للسحايا وعادة ما يتمكن الأطباء من تأكيد تشخيص هذه الحالة عن طريق أخذ عينة من السائل النخاعي وهو السائل المحيط بالدماغ والحبل الشوكي.
ج درن الغشاء البريتوني: هو نوع من أنواع الدرن غير الرئوي والذي ينتج بسبب وصول جراثيم الدرن إلى الغشاء البريتوني والتكاثر فيه والغشاء البريتوني هو الغشاء المبطن للأحشاء الموجودة داخل البطن وخاصة الأمعاء الدقيقة والغليظة واعراضه في العادة تكون حمى، هزال، نقص في الوزن، فقدان للشهية، وآلام مختلفة في البطن بالاضافة الى انه احيانا قد يكون بالامكان اكتشاف كتلة غير مؤلمة في البطن اثناء الفحص ويتم تأكيد التشخيص عن طريق الاشعة المقطعية للبطن بالاضافة الى اخذ عينة نسيجية من الغشاء البريتوني.
د درن الغدد الليمفاوية: هو في الواقع من أيسر أنواع الدرن غير الرئوي وينتج في العادة بسبب وصول جراثيم الدرن إلى عقدة أو عقد ليمفاوية وهي منتشرة في جسم الإنسان وتتكاثر فيها ويلاحظ المريض عادة ان العقدة الليمفاوية تبدأ بالتضخم ولكن بدون ألم وعادة ما يلاحظ المريض أيضاً الأعراض الاخرى مثل الحمى، الهزال، نقص الوزن وفقدان الشهية على مدى أسابيع، وأكثر العقد الليمفاوية موجودة في الرقبة ويتم تشخيص هذه الحالة عن طريق أخذ عينة نسيجية من العقدة الليمفاوية المتضخمة.
بالإضافة إلى أنواع الدرن غير الرئوي المذكورة أعلاه فهناك أنواع أخرى مثل درن الكلية، درن الخصية، درن العظام أو المفاصل، درن الأمعاء ودرن الجلد وهي أشكال نادرة الحدوث.
علاج الدرن غير الرئوي:مشابه بشكل كبير لعلاج الدرن الرئوي من حيث نوع العلاجات أو مدة العلاج فيجب استخدام أكثر من علاج «عادة 3 4 علاجات» في أول شهرين ومن ثم تقليص العدد إلى علاجين مدة 4 7 أشهر وذلك لأن جرثومة الدرن لديها القدرة على تكوين مقاومة لمضاد الدرن إذا ما استخدم بشكل فردي لمدة من الزمن ومن هنا يأتي دور المريض وذلك في الالتزام بأخذ العلاج في مواعيده والمواظبة على مواعيد مراجعة الطبيب وعدم أخذ أي قرار بشأن إيقاف العلاجات بدون استشارة الطبيب المعالج.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا ما تم تشخيص الدرن غير الرئوي أو الرئوي مرحلة مبكرة من المرض وتم البدء في العلاج فإن فرصة الشفاء من هذا الداء تكون عالية جداً بإذن الله.
:: Manqol.com ::
يٍٍ تٍٍبٍٍعٍٍالعٍٍلآجٍٍ