اثبتت دراسات كثيرة في الدول المجاورة ان ثمة ظاهرة بارزة مؤداها ان المشكلات المدرسية هي العامل الرئيسي في جنوح ما لا يقل عن 80% من المحالين الي محكمة الجانحين، اضافة الي ان الاخفاق المدرسي هي المحطة الاولي في رحلة الفشل في الحياة والتي ينتهي فيها 90% من الحالات الي الجنوح حسب الدراسات. ولا يمكن الحديث بلغة الارقام والاحصائيات علي المستوي المحلي نظرا لعدم وجود دراسات محلية تبين المستوي التعليمي لنزلاء السجون والاصلاحيات والاسباب التي دفعتهم الي تلك الاماكن بدلا من المدارس والجامعات. جاء ذلك خلال ندوة الحلقة المفقودة في مشكلات الطفولة والمراهقة التي نظمتها المؤسسة البحرينية للتربية الخاصة مؤخرا في مدرسة العلاء الحضرمي الابتدائية للبنين، والتي ناقشت موضوعات صعوبات التعلم وآثارها الاكاديمية والنفسية علي الطالب والتي تؤدي في النهاية الي تكرار الفشل والرسوب وترك المدرسة.. خلال السطور القليلة التالية نعرض بعض ما تضمنته الندوة عن صعوبات التعلم، التي تحدث فيها كل من الاخصائيين يوسف حامد الذي تطرق لموضوع صعوبات التعلم وعاطف عادل الذي يدخلنا الي عالم تشتت الانتباه وفرط الحركة واخيرا تلقي ميس الشريف الضوء علي المشكلات النفسية المصاحبة لصعوبات التعلم، لتهدئ نفوسنا وتعطينا الامل بان ابناءنا سيجتازون هذا البحر الهائج بمساعدتنا لهم. دور الآباء يعد الطلاب الذين يعانون من الفشل الدراسي من الشعور بانه مهما بذلوا من جهود فان الاخفاق يجابههم كل يوم في جو المدرسة ويتعرضون بصورة دائمة لضغوط آبائهم وامهاتهم الذين يشعرون بدورهم ان المعلمين ليسوا مؤهلين بما فيه الكفاية لتعليم ابنائهم وان ابناءهم كسالي لا يريدون انجاز الواجبات المنزلية، وكثير من هؤلاء الآباء يعتقدون بان ابنهم او ابنتهم ذو مقدرة عادية او حتي عالية ولكنهم لا يعرفون يلقون اللوم علي الفشل المتكرر لابنهم او ابنتهم وكلما مرت السنوات علي الطفل في المدرسة وجابه سلسلة من الاخفاقات والاهانات والنعوت والالقاب، حق له ان يبدأ الاحساس ببعض المخاوف علي نفسه وانه غبي او حتي متخلف عقليا ولكنه يخاف ان يعبر عن هذه المخاوف حتي لنفسه فيعيش في صراع دائم وخوف من المجهول. ان ابناءنا بحاجة الي تفهمنا ومساندتنا المعنوية والنفسية لهم قبل اي شيء آخر، حيث ان التوقعات غير المنطقية من الآباء والامهات لابنائهم يسبب لهم ازمة نفسية كبيرة بسبب الضغوط التي يضعونها عليهم. وتقول د. زهرة الزيرة: (من خلال تجربتنا في المؤسسة لاحظنا ان غالبية الطلاب الذين لديهم صعوبات في التعلم يعانون مشاكل ضعف الثقة بالنفس وضعف تقدير الذات وبالتالي ضعف الشخصية). الحل بيد الأهل: يكمن حل جزء كبير من المشكلة بيد الاهل فهم الذين يحددون اولويات ابنائهم لمواجهة الواقع ومساعدة ابنائهم في الصعوبات التي لديهم، ام في خداع النفس ودفن الرأس في الرمال علي امل ان تنتهي المشكلة يوما ما. يوضح يوسف حامد عوامل صعوبات التعلم حيث يقسمها الي عوامل فيزيولوجية وكيميائية عضوية وتربوية ونفسية وبيئية، ويبين كلا منها في عجالة قائلا ان العوامل الفيزيولوجية تنقسم الي عامل جيني وآخر عصبي الي جانب فرضية جشوند جلابوردا والالتهابات والامراض ومؤثرات ما قبل الولادة وخلالها وما بعدها اضافة الي الخلقة النضجية. اما العوامل الكيميائية العضوية فتشمل سوء التغذية والغذاء والاختلالات الاستقلالية والتهابات الاذن الوسطي ومشاكل النظر الحساسيات والعلاج بالعقاقير، اضافة الي العوامل البيئية ويوضحها بالتنبيه الحسي والتنبيه اللغوي والمحيط العاطفي والاجتماعي. للمخ وظائف: نبين في السطور القادمة وظائف المخ بقسميه الايمن والايسر قائلا: ان النصف المخي الايمن يعني بمعالجة الصور والتكامل المكاني والخبرات النفسية والتفكير الابداعي والتخيل اضافة الي التوجه المكاني والتعرف الي الوجوه والاصوات والمعالجة التتابعية. اما النصف المخي الايسر فيعني باللغة الاستقبالية والكلام التعبيري وتعلم الحساب والكتابة والعمليات الحسابية واللغة بشكل عام والتوجه الي جهة اليمين واليسار. ومن جانبه تحدث عاطف عادل عن اضطراب الانتباه والنشاط الزاد اضافة الي التشخيص التفريقي لاضطرابات الانتباه واضطراب الانتباه والنشاط الزائد وعلاقته بصعوبات التعلم واهمية التقييم الطبي، وكيفية ادارة اضطراب الانتباه من التدخلات البيئية او التدخلات الصفية او الدوائية. وتحدث عن بعض الطرق السلوكية المستخدمة في التعامل مع اضطرابات الانتباه وفرط الحركة، واهمية الارشاد التربوي سواء كان ذلك من الجانب الاسري لذوي الطفل صاحب الاضطراب. مراهقونا إلي أين؟ في حين ركزت الاخصائية النطقية والسمعية ميس الشريف خلال حديثها علي مصير المراهقين، وبدأت بتوضيح ان الفئات الاسرية في مجتمعاتنا من حيث تعاملها مع ابنائها فئة متساهلة وفئة متسلطة ومعتدلة، اضافة الي بعض الارشادات لاسر المراهقين. ودعت الشريف الي اهمية توصل الاسرة لاجوبة صريحة ومحددة لخمسة من الاسئلة الهامة وهي: ما هو مصير ابننا؟ وهل سيتمكن من اكمال دراسته؟ والي متي سيتكرر رسوبه؟ وهل يستطيع كسب عيشه؟ وهل سيتمكن من تكوين اسرة؟ وحثت الاسر علي اهمية البحث عن ما يجب عمله لنوفر مستقبل افضل لابنائنا المراهقين من ذوي صعوبات التعلم، وتوجد اسئلة تحتاج لاجابات من ابنائنا المراهقين