يتمثل اكتئاب ما بعد الولادة في نزوع إلى التفكير السلبي وإحساس بالقنوط تعاني منه المرأة بعد ولادة طفلها. وبالإضافة إلى الحزن والأحاسيس الخاوية من الحياة التي تترافق مع الاكتئاب، تخشى النساء اللواتي يعانين من اكتئاب بعد الولادة، من أن يلحق هذا الأمر أضرارا بالطفل بطريقة أو بأخرى، مما يكرس لديهن الإحساس بأنهن أمهات غير صالحات.
تصاب الأم الجديدة بأسى الأمومة خلال اليوم الأول أو الثاني بعد الوضع وقد يستمر لمدة ثلاثة أسابيع، وهو اضطراب شائع بين الأمهات حديثات العهد، ويعتبر اضطرابا طبيعيا على الرغم من أن الأم لا تشعر انها طبيعية. فقد تشعر الأم بالراحة للحظة ثم فجأة قد تنفجر بالبكاء في اللحظة التالية. وبالإضافة إلى الكآبة والإحباط هناك أعراض أخرى تشمل: فقدان الطاقة وعدم القدرة على النوم وفقدان الشهية والشعور بالتعب بعد النوم والتوتر والقلق الزائد والارتباك والخوف المفرط من التغيرات البدنية وفقدان الثقة.أسباب اكتئاب ما بعد الحمل
لا يوجد سبب محدد للأزمات العاطفية التي تعاني منها العديد من النساء بعد الوضع. وعلى كل حال، يعتقد الخبراء ان التغيرات السريعة التي تحصل بعد الوضع في مستوى الهرمونين الأنثويين الأستروجين والبروجيستيرون تؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية للمرأة.
فالمعروف أن المبيضين والمشيمة هي التي تفرز البروجيستيرون والاستروجين، لتمكين الرحم من احتضان البويضة الملقحة والحفاظ عليها. ويرتفع مستوى هذين الهرمونين 10 أضعاف خلال فترة الحمل، وانخفاض مستواهما بشكل حاد قد يؤدي إلى الإجهاض.
وبعد الوضع، ينخفض مستوى البروجيستيرون بشكل كبير إلى ان يصل إلى ما كان عليه قبل الحمل في غضون 72 ساعة بعد الوضع. ويعتقد الخبراء أن هذا الانخفاض الدراماتيكي في مستوى الهرمونات الأنثوية يلعب دورا مهما في الاكتئاب الذي تصاب به العديد من النساء بعد الوضع.
وخلال فترة الحمل يرتفع مستوى الإندورفينات، وهي مواد طبيعية تعمل على تحسين المزاج، بيد أن مستوى هذه المواد ينخفض بشكل حاد بعد الحمل، الأمر الذي قد يساهم في تعزيز احتمالات الإصابة بالاكتئاب.
وبالإضافة إلى هذه التغيرات الفيزيائية، هناك عوامل أخرى ربما تساهم في الإصابة باكتئاب ما بعد الوضع وتشمل الحمل الصعب أو الولادة الصعبة والمشاكل الزوجية والرضيع المتطلب جدا وإحساس المرأة بأنها لم تعد حاملا.
والواقع انه لا يمكن تحديد النساء المعرضات للإصابة باكتئاب ما بعد الوضع من خلال مستوى الهرمونات، ولكن هناك فئات عديدة من النساء أكثر عرضة من غيرهن للإصابة بالمرض وتشمل النساء اللواتي أصبن بالمرض بعد حمل سابق والنساء اللواتي شهدن تجربة ولادة عسيرة والنساء اللواتي سبق أن أصبن باكتئاب ما قبل الوضع وكذلك النساء اللواتي أصبن من قبل باكتئاب لا علاقة له بالحمل والنساء اللواتي لديهن أم .
بعض العوامل التي تشكل خطرا على كآبة ما بعد الولادة
تاريخ عائلي للإصابة بالمرض.
o حوادث كآبة رئيسية أخرى
o تاريخ من المشاكل الهرمونية مثل أعراض الدورة الشهرية
o التوتر الزوجي، عدم الحصول على الدعم من الشريك.
o استهلاك معظم الوقت خارج المنزل.
o ابتعاد الزوج عن البيت لفترات طويلة.
o موت أحد الوالدين في سنوات المراهقة أو الطفولة.
o تناول الأدوية.
اتخاذ الخطوات الإيجابية:-
أهم شيء يجب أن تتذكره إذا علمت بأنك مصابة بكآبة ما بعد الولادة، هو انه ليس خطأك. وبأنك لم تقومي بعمل أي خطأ، وبأنك لست مصابة بالجنون، وبأن المساعدة متوفرة. وهناك عدة أشياء يمكنك القيام بها لمساعدتك:
احصلي على الراحة، اهتمي بنفسك، وبالطفل. اطلبي مساعدة الآخرين للاهتمام بك، وبالمنزل, وإعداد الطعام، والغسيل، والاهتمام بالأطفال الآخرين في المنزل أو الحــيوانات الأليفة.
قومي بإرضاع الطفل من الثدي، فهذه طريقة رائعة لرفع مستويات البرولاكتين (هرمون مهدئ) في الجسم. وبينما يؤخر الإرضاع الطبيعي من إنتاج هرمونا البروجسترون والاستروجين، مع عودة الدورة الشهرية. يزيل البرولاكتين مشاعر الكآبة، ويسهل عملية الارتباط العاطفي مع الطفل. إذا كنت تواجهين مشاكل في إرضاع الطفل، تتوفر حلول عملية في الصيدليات،يمكنك استشارة الطبيب لمعرفتها.
تجنبي التقيد بجدول إلزامي للعناية بالطفل، اتركي الأمور تجري كما هي، وتجنبي الإرهاق والتعب.
تناولي وجبات غذائية متوازنة خلال النهار، وابتعدي عن التدخين، والكحول، والكافيين. تناولي كميات صغيرة من الكربوهيدرات المعقدة (النشويات)، مثل الخبز، والمعكرونة، والذرة المقرمشة، والبطاطا. وابدئي بتناول هذه الكميات الصغيرة بعد نصف ساعة من المشي أو بعد ساعتان من الاستيقاظ.
لا تعزلي نفسك، ومشاعرك عن الآخرين، وخصوصا الطبيب، إذا كنت تشعرين بأنك غير طبيعية، قومي بالتحدث مع الطبيب عن هذه المشاعر. انضمي إلى مجموعات من الأمهات الجدد في المنطقة، أو الأقارب، وتبادلا الخبرات والأحاديث عن المشاعر المتضاربة عن تجربة الولادة.
استفيدي لأقصى الحدود من الوقت الذي تقضيه لوحدك، في الاسترخاء، والاستجمام، والراحة. تأملي وارتاحي كلما خلد الطفل إلى النوم.