بتـــــاريخ : 9/14/2008 6:57:19 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1340 0


    على دروب الملاجة

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : طالب همّاش | المصدر : www.adab.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    *إلى الشاعر الراحل‏

    محمد عمران .*‏

    *

    يَا لَيْلُ!‏

    يا بَدْرَ النبوَّةِ في أعَاليْ الصيفِ!‏

    يا مزمارَ راعيةِ النجومِ على صخور الليلِ!‏

    يا حبْرَ الكتابةِ فوقَ أهدابِ القصيدِ!.‏

    يا أوّلَ الأسرارِ‏

    تهبط مِنْ فؤادِ الفجرِ فوقَ سكينتيْ!،‏

    يا أوّلَ الصلواتِ‏

    ترفعَهَا حساسينْ الفراتِ البيضُ! .‏

    يا أيقونةً زَرْقاءَ‏

    أخْفَتْ بلبلاً في وَحْيها‏

    فاستيقظَ الفلاّحُ في الرّيفِ البعيدِ!...‏

    أومَأْتُ للمزمارِ خُذْني!‏

    مثلَ جنحِ الطيرِ للملاجةِ الخضراءِ،‏

    وازرعْ في طريقِ سحابها الحاديْ نشيديْ! .‏

    واتلَ صلاةَ سفوحِهَا في الصبحِ،‏

    واتركني على الريحانِ مجروحاً! ،‏

    ليسقي صدريَ الظمآنَ‏

    عصفورُ البساتينِ الشريدِ‏

    أومأتُ للنايِ اتبعيني‏

    نحوَ زيتونِ الحمامِ، وتينهِ العالي‏

    لتجرحني الربابة في وريديْ!‏

    ووددتُ لو قلبيْ يماماً‏

    كي أحلّق باتجاه البحرِ‏

    كانَ البحرُ مفتوحاً على أيقونةٍ بيضاءَ‏

    يجلسُ تحتها رَجُلُ الأغاني‏

    صاحَ بيْ:‏

    دَعْ طفلَ حزنكَ عندَ بابِ البحرِ!،‏

    وافردْ راحتيكَ‏

    فتولَدُ امرأةُ البعيدِ.‏

    لكنّني يا سيّدي -سُقياً لسالفِ حزنكَ الأبديّ -‏

    أرحلُ عن بحارِ العمرِ كالسكران‏

    -دَعْ عصفورَ حزنكَ عندَ بابِ البحرِ! ..‏

    كي تعلو بقلبكَ للغناءِ‏

    رَسَوْلَةُ الوديانِ،‏

    واذهبْ في طريقِ النبعِ!،‏

    ترفعُ قلبكَ الظمآنَ‏

    أجنحة الهديلِ،‏

    ويمزجُ الصفصافُ روحكَ بالهبوب .‏

    لكنّني يا سيّدي‏

    طفلُ اليمامَاتِ اليتيمةِ في الظماءِ،‏

    فَقيرِ صلاتِكَ البيضاءِ‏

    فوقَ السفحِ‏

    شرّدني النواحُ على قميصِ الصيفِ كالمِزْمَارِ‏

    والأشعارُ‏

    حَطّتني جريحاً كالعتابَا‏

    فوق أوتارِ الغروبِ.‏

    - خُذْ روحكَ البيضاءَ‏

    -واذهَبْ في طريقِ القمحِ!‏

    يتبعُ طيرُها أجراسَ حزنكَ للجنوبِ.‏

    وادخلْ على ملاّجةِ الأسرارِ عُطلاً باكياً!‏

    واقرأْ على زيتونها العالي السلامْ! .‏

    -يا أمُّ قَدْ كَبُرَتْ رباباتيْ على الأحزانِ!‏

    رديني صغيراً‏

    كي أدبَّ على دروبكِ حافياً‏

    فبدونِ قمحٍ لا أنامْ!‏

    أنا طائرُ الينبوعِ تولدُ من حفيفٍ زرقتيْ،‏

    وأنا المسمَّرُ بالطفولةِ فوقَ أبراجِ الحمامْ! .‏

    أنا طائرُ الينبوعِ‏

    طارتْ كلّ أجراسيْ‏

    على أدراجِ موسيقى الغناءِ الغضّ‏

    شلالاً من الماءِ‏

    الأغاني كلّها ارتفعتْ على أقواسِ لوزِ الحزنِ‏

    وارتفعَ البكاءُ على النواعيرِ!!‏

    احمليني مثل كَسْرَاتِ الجرارِ‏

    إلى فؤادكِ!‏

    واتركيني فوقَ صدركِ كي أنامْ!.‏

    لكنّ كهلَ الريحِ لم ينْصتْ إلى روحيْ،‏

    ولمْ يذرفْ على حزنيْ الغمامْ! .‏

    فَنَشَرْتُ شَاْلَ اللّيلِ‏

    فوقَ ضريحِ أحزانِ المغيبِ‏

    وقلتُ يا ملاجةُ‏

    انكَسَرَتْ نواعيرُ الجنوبِ‏

    فجئتُ أسأْلُ عن نواعيرِ الشمالْ!!‏

    وقرأتْ حزنكِ بين طياتِ الغيومِ العاليهْ..‏

    فَسَمِعْتُ صَوْتَ الشاعِرِ المتروكّ‏

    يَشْردُ في الأعالي!..‏

    يا سيدي‏

    يا سيدي رفقاً!‏

    أنا وترٌ جَريحُ العودِ‏

    يبكي خلفَ أسوارِ الليالي!!‏

    قَدّتْ فؤاديَ من بكاءِ الريحِ‏

    راهبةَ الخريفِ!،‏

    ويَمَّمُوْني شَطْرَ أحزانِ الجنوبِ السودِ‏

    رهبانُ الضلالِ!!.‏

    يا سيّدي!‏

    يا سيّدي العالي!!‏

    لّو كانَ جرحي وردة‏

    لزرعتها إثماً على دربِ الهديلْ!! .‏

    وتبعتُ أنثى الصيفِ كالزيتونِ‏

    أعصرُ دمعتيْ زيتاً على أقدامها،‏

    ورفعتُ فوقَ القمحِ أرملةَ النخيلْ!!‏

    لكنَّ حزني مثل ثوبِ الريحِ‏

    يَرْعى رَجْعَ أجراسِ الحدا‏

    في وحشةِ الأبراجِ،‏

    مثلَ قميصِ أيلولَ الجريحِ‏

    وراءَ قلبِ النبع‏

    مثلَ الغيمِ‏

    متروكٌ على شَجَر الأصيلْ!! .‏

    أومأتَ للنّاي اتبعيني بالأنينْ! .‏

    لكنها ملاّجةَ الأسرارِ يا عمرانُ‏

    نتركُ عُمْرَنَا يمشي إليها‏

    ثمّ نرجع تائبينْ!! .‏

    روحيْ سأتركَ حزنها طيراً على أشجارها‏

    وأعيدها أنثى لتعشقها الحساسينُ الصغيرةُ‏

    كلما ارتَفَعَ الخريفُ‏

    إلى سكينةِ قلبها الشفّاف‏

    وارتفعَ الكمانُ على نواح العاشقينْ!!!.‏

    وأقولُ للمزمارِ خُذْني!‏

    نحوَ سفحِ الليلَ‏

    كي أرخي بكائي فوق بستان الصلاةِ‏

    وردّني قمراً حزينْ!!.‏

    لأضيءَ سَجْدَتَهَا الطويلةَ‏

    وهي تركعَ فوقَ صدرِ البحرِ‏

    نادبةُ كراهبةِ الحداءِ المرّ‏

    صَلْصَالَ السنينْ!!!.‏

    هيَ آخر امرأةٍ زرعنا دربَهَا بالقمحِ‏

    كي نمشي على رجعِ الغروبِ‏

    وحينما عُدْنَا‏

    وَجَدْنَا القمحَ ينبتُ مِنْ حجارةِ‏

    حزنِهَا السوداءِ‏

    زيتوناً وتينْ!!!.‏

    وهي الخريفُ مسوَّراً بالذكرياتِ،‏

    وزهرةَ الدفلى التي نشتمّ قبلَ الموتِ!‏

    يا أحلى الإوزاتِ التي طارتْ‏

    لتصرخَ كالأراملِ في الردى‏

    وا مَاْلِكَ البحرِ الحزينْ!!!‏

    هل كانَ حقٌّ أن تموتَ؟!!‏

    وما تزال ضفائري الخضراءَ‏

    راخيةً سنابلها‏

    على صَوْتِ الخريرِ،‏

    وما يزال محدّقاً في الصيف عصفورُ الدوالي،‏

    والقرى مكسورة فوقَ السريرِ‏

    تهزّ في رفقٍ‏

    صغارَ غنائكَ الباكينْ!!! .‏

    كلّ الذينَ نُحِبَهمْ رَحَلَوا!!‏

    كأنْ لا مهدَ إلا الموتُ‏

    نتركُ روحَنَا لتنامَ‏

    في ملكوتهِ الهادي كتمثالِ السكينةِ‏

    كلما كَبُرَ الغناءُ على الغناءِ‏

    وصارَ طيرُ النبعِ دمعةَ ياسمينْ! .‏

    كلَّ الذينَ نُحبهُمْ. ..‏

    إلا صدى كلماتهمْ في البالِ‏

    يا صلصالُ‏

    عذّبنا!!‏

    وشكّلنا كما تهواكَ عذراءُ الطفولةِ‏

    إننا قومٌ نُرَبّي البيلسانَ‏

    على ضريح غيابنا حزناً،‏

    ونعشقْ في خريفِ العمر وجهَ الغائبينْ!!!!.

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()