مَنِ الجآذِرُ في زِيّ الأعَارِيبِ |
حُمْرَ الحِلَى وَالمَطَايَا وَالجَلابيبِ |
إنْ كُنتَ تَسألُ شَكّاً في مَعارِفِها |
فمَنْ بَلاكَ بتَسهيدٍ وَتَعذيبِ |
لا تَجْزِني بضَنًى بي بَعْدَهَا بَقَرٌ |
تَجزي دُموعيَ مَسكوباً بمسكُوبِ |
سَوَائِرٌ رُبّمَا سارَتْ هَوَادِجُهَا |
مَنيعَةً بَينَ مَطْعُونٍ وَمَضرُوبِ |
وَرُبّمَا وَخَدَتْ أيْدي المَطيّ بهَا |
على نَجيعٍ مِنَ الفُرْسانِ مَصْبوبِ |
كمْ زَوْرَةٍ لَكَ في الأعرابِ خافِيَةٍ |
أدهى وَقَد رَقَدوا مِن زَوْرَةِ الذيبِ |
أزُورُهُمْ وَسَوَادُ اللّيْلِ يَشفَعُ لي |
وَأنثَني وَبَيَاضُ الصّبحِ يُغري بي |
قد وَافقوا الوَحشَ في سُكنى مَراتِعِها |
وَخالَفُوها بتَقْوِيضٍ وَتَطنيبِ |
جِيرانُها وَهُمُ شَرُّ الجِوارِ لهَا |
وَصَحبُهَا وَهُمُ شَرُّ الأصاحيبِ |
فُؤادُ كُلّ مُحِبٍّ في بُيُوتِهِمِ |
وَمَالُ كُلِّ أخيذِ المَالِ مَحرُوبِ |
ما أوْجُهُ الحَضَرِ المُسْتَحسَناتُ بهِ |
كأوْجُهِ البَدَوِيّاتِ الرّعَابيبِ |
حُسْنُ الحِضارَةِ مَجلُوبٌ بتَطْرِيَةٍ |
وَفي البِداوَةِ حُسنٌ غيرُ مَجلوبِ |
أينَ المَعيزُ مِنَ الآرَامِ نَاظِرَةً |
وَغَيرَ ناظِرَةٍ في الحُسنِ وَالطّيبِ |
أفدِي ظِبَاءَ فَلاةٍ مَا عَرَفْنَ بِهَا |
مَضْغَ الكلامِ وَلا صَبغَ الحَواجيبِ |
وَلا بَرَزْنَ مِنَ الحَمّامِ مَاثِلَةً |
أورامُهُنَّ صَقيلاتِ العَرَاقيبِ |
وَمِنْ هَوَى كلّ مَن ليستْ مُمَوِّهَةً |
ترَكْتُ لَوْنَ مَشيبي غيرَ مَخضُوبِ |
وَمِن هَوَى الصّدقِ في قَوْلي وَعادَتِهِ |
رَغِبْتُ عن شَعَرٍ في الرّأس مكذوبِ |
لَيتَ الحَوَادِثَ باعَتني الذي أخذَتْ |
مني بحِلمي الذي أعطَتْ وَتَجرِيبي |
فَمَا الحَداثَةُ من حِلْمٍ بمَانِعَةٍ |
قد يُوجَدُ الحِلمُ في الشبّانِ وَالشِّيبِ |
تَرَعْرَعَ المَلِكُ الأستاذُ مُكْتَهِلاً |
قَبلَ اكتِهالٍ أديباً قَبلَ تأديبِ |
مُجَرَّباً فَهَماً من قَبْلِ تَجْرِبَةٍ |
مُهَذَّباً كَرَماً مِنْ غيرِ تَهذيبِ |
حتى أصَابَ منَ الدّنْيا نِهايَتَهَا |
وَهَمُّهُ في ابْتِداءاتٍ وَتَشبيبِ |
يُدَبّرُ المُلْكَ منْ مِصرٍ إلى عَدَنٍ |
إلى العِراقِ فأرْضِ الرّومِ فالنُّوبِ |
إذا أتَتْهَا الرّياحُ النُّكْبُ منْ بَلَدٍ |
فَمَا تَهُبُّ بِهَا إلاّ بتَرْتِيبِ |
وَلا تُجاوِزُها شَمسٌ إذا شَرَقَتْ |
إلاّ وَمِنْهُ لهَا إذْنٌ بتَغْرِيبِ |
يُصَرّفُ الأمْرَ فيها طِينُ خاتَمِهِ |
وَلَوْ تَطَلّسَ مِنهُ كلُّ مكتُوبِ |
يَحُطّ كُلَّ طَوِيلِ الرّمْحِ حامِلُهُ |
من سرْجِ كلّ طَوِيلِ الباعِ يَعبوبِ |
كَأنّ كُلّ سُؤالٍ في مَسَامِعِهِ |
قَميصُ يوسُفَ في أجفانِ يَعقوبِ |
إذا غَزَتْهُ أعادِيهِ بِمَسْألَةٍ |
فقد غَزَتْهُ بجَيْشٍ غَيرِ مَغْلُوبِ |
أوْ حارَبَتْهُ فَمَا تَنْجُو بتَقْدِمَةٍ |
ممّا أرَادَ وَلا تَنْجُو بتَجْبِيبِ |
أضرَتْ شَجاعَتُهُ أقصَى كتائِبِهِ |
على الحِمَامِ فَمَا مَوْتٌ بمَرْهوبِ |
قالُوا هَجَرْتَ إلَيْهِ الغَيثَ قلتُ لهمْ |
إلى غُيُوثِ يَدَيْهِ وَالشّآبِيبِ |
إلى الذي تَهَبُ الدّوْلاتِ رَاحَتُهُ |
وَلا يَمُنُّ على آثَارِ مَوْهُوبِ |
وَلا يَرُوعُ بمَغْدورٍ بِهِ أحَداً |
وَلا يُفَزِّعُ مَوْفُوراً بمَنْكُوبِ |
بَلى يَرُوعُ بذي جَيْشٍ يُجَدّلُهُ |
ذا مِثْلِهِ في أحَمّ النّقْعِ غِرْبِيبِ |
وَجَدْتُ أنْفَعَ مَالٍ كُنتُ أذخَرُهُ |
مَا في السّوَابِقِ مِنْ جَرْيٍ وَتَقرِيبِ |
لمّا رَأينَ صُرُوفَ الدّهرِ تَغدُرُ بي |
وَفَينَ لي وَوَفَتْ صُمُّ الأنابيبِ |
فُتْنَ المَهَالِكَ حتى قالَ قائِلُهَا |
ماذا لَقينَا منَ الجُرْدِ السّراحِيبِ |
تَهْوِي بمُنْجَرِدٍ لَيسَتْ مَذاهِبُهُ |
لِلُبْسِ ثَوْبٍ وَمأكولٍ وَمَشرُوبِ |
يَرَى النّجُومَ بعَيْنَيْ مَنْ يُحاوِلُها |
كأنّهَا سَلَبٌ في عَينِ مَسلُوبِ |
حتى وَصَلْتُ إلى نَفْسٍ مُحَجَّبَةٍ |
تَلقَى النّفُوسَ بفَضْلٍ غيرِ محْجوبِ |
في جِسْمِ أرْوَعَ صَافي العَقل تُضْحكُه |
خلائِقُ النّاسِ إضْحاكَ الأعاجيبِ |
فَالحَمْدُ قَبْلُ لَهُ وَالحَمْدُ بَعدُ لها |
وَلِلقَنَا وَلإدْلاجي وَتأوِيبي |
وَكَيْفَ أكْفُرُ يا كافُورُ نِعْمَتَهَا |
وَقَدْ بَلَغْنَكَ بي يا كُلّ مَطلُوبي |
يا أيّهَا المَلِكُ الغَاني بتَسْمِيَةٍ |
في الشّرْقِ وَالغرْبِ عن وَصْفٍ وتلقيبِ |
أنتَ الحَبيبُ وَلَكِنّي أعُوذُ بِهِ |
من أنْ أكُونَ مُحِبّاً غَيرَ محْبوبِب |