بتـــــاريخ : 9/6/2008 6:26:11 PM
الفــــــــئة
  • التربيــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1305 1


    حول التحفيز وطرق التدريس

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | الكاتب الأصلى : د. عبد الفتاح ماضي | المصدر : www.almurabbi.com

    كلمات مفتاحية  :
    طرق تدريس التحفيز

    دائما ما نسمع من طلاب الجامعة حججاً مختلفة لاستهدافهم الحصول على درجات النجاح، أو مجرد اجتياز الاختبارات على حساب إقبالهم على التعلم وتحصيل العلوم وفهم مضامين ما يدرسونه، أو ما يلقى عليهم من دروس، وعلى رأس تلك الحجج يأتي سؤالا: لماذا؟ وكيف؟.

    أي: لماذا يغيرون أسلوبهم التعليمي الذي اعتادوا عليه؟ وما الدافع الذي يجعلهم يُبدلون ما درجوا عليه في الماضي؟ وكيف يمكن تغيير تلك العادات وإنجاز أي تغيير؟.
    يشير هذا الأمر إلى عنصر مهم من عناصر أية عملية تعليمية أو معرفية، وهو عنصر التحفيز، أو الدافعية، الذي يفتقده الكثير من أبنائنا الطلاب.

    والتحفيز - بشكل عام - عامل مهم لدفع النفس البشرية لكي تنجز الأعمال الموكلة إليها على أكمل وجه، وهو يستهدف تشجيع وشحذ همم الطلاب ودفعهم إلى الاهتمام بالمعارف والإقبال على تحصيلها، وهو يعني أيضاً توفير القدوة والقيادة الحسنة أمام الطلاب.

    إنه كل عمل - قول أو فعل - يدفع الإنسان إلى التحرك إلى الأمام، والعمل على الإنجاز، أو الاستمرار في العمل والانجاز.

    وقد يأتي التحفيز من باعث داخلي لدى الإنسان لتحقيق هدف ما، أو قد يتحقق من خارجه نتيجة دوافع أخرى قد تتمثل في المحتوى التعليمي، أو طرق التدريس المتبعة، أو تحدي الرفقاء والزملاء، وغير ذلك من أساليب.

    وترتد الكثير من السلوكيات والمشاعر السلبية لدى بعض الطلاب إلى آفة ضعف عنصر التحفيز هذا، ولذا تجد في مؤسساتنا التربوية سلوكيات مثل عدم المحافظة على حضور الدروس والمحاضرات الأسبوعية، وتفشي ظاهرة التهرّب من المدرسة أو الجامعة، وعدم احترام قيمة الوقت وسمتي التنظيم والتخطيط، وعدم الاكتراث بقيم الانجاز والفهم والحوار والنقاش، وإهمال توجيهات المعلمين والأساتذة وإرشاداتهم بل والاستهتار بها في حالات كثيرة، وظاهرة عدم التعاون والتكاتف بين الطلاب وشيوع الأنانية المفرطة والتمحور حول الذات، وكثرة التذمر والشكوى من المحاضرات والأساتذة والأنظمة التعليمية، والإيمان بعدم جدية التعليم، وعدم الثقة بمؤسسات الدولة التعليمية ولا بمستقبلهم المهني.

    وافتقاد الطلاب لهذا العنصر يعكس في واقع الأمر افتقاد المعلمين والأساتذة له من جهة، وعدم ملاءمة النظم التعليمية السائدة من جهة أخرى، فهناك فرق رئيسي - كما يميز الكثير من الباحثين - بين نماذج تدريسية ثلاثة.

    الأول: هو نموذج نقل المعرفة والمعلومات، حيث يرى القائمون على التدريس أن دورهم هو تدريس المقررات، أي تدريس مضامين مقررات دراسية معينة ونقل المعلومات والمعارف التي تعمل على تعزيز معارف الطلاب، وهنا لا مكان لعامل التحفيز، إذ ثمة اقتناع بأن لدى الطلاب القدرة على التعلم وتلقى المعارف.

    وعادة ما يكون كم المعلومات التي يحفظها الدارسون أو تلك التي يكتبونها في الاختبارات هو مؤشر نجاح هذا النوع من التدريس.

    أما النموذج الثاني: فيعتمد على عنصر التحفيز، حيث يرى القائمون على التدريس أن وظيفتهم هو غرس الرغبة لدى طلابهم للتعلم واكتساب المعارف.

    ويستند هذا النموذج على أن المعلومات متوفرة في الكتب والمكتبات وفي قواعد البيانات المختلفة، وأن الهدف هنا هو تحفيز الطلاب ودفعهم إلى الاهتمام بالحصول على المعلومات والمعارف.

    ويتعرف الباحثون على نجاح هذا النوع من التدريس بمؤشرات كثيرة منها علي سبيل المثال: اهتمام الطلاب بالموضوعات التي أثارتها قاعات الدرس بمجرد الانتهاء من الدرس - وليس بمباريات الكرة أو حفلات السمر - ومناقشتهم لأبعادها المختلفة.       

    وهناك من يجمع بين النموذجين: فيشمل مدّ الطلاب بالمعارف وتحفيزهم على التعلم في نفس الوقت، وهذا النموذج يحتاج إلى مهارات الموازنة بين المعارف التي تنقل إلى الطلاب وبين مهارات التحفيز، ومعرفة متى، وكيف، وبأي قدر يجب استخدام كل شق. كما يعتمد الأمر على نوعية المعرفة ذاتها، ففي العلوم الاجتماعية والمعارف الفلسفية للتحفيز دور مهم، وهناك معارف تتطلب الأمرين معاً، وهكذا.  

    وفي الكثير من مؤسساتنا التعليمية، يستند الكثير من القائمين على التدريس على النموذج الأول؛ إما لعدم درايتهم بأساليب التحفيز، أو لعدم سماح الأنظمة التعليمية وأوضاع المؤسسات التعليمية لهم باستخدامها؛ ولذا ينتشر في مؤسساتنا تركيز الطلاب على النجاح والحصول على أعلى الدرجات بدلاً من الاهتمام بمخارج العملية التعليمية، وبالمعارف والمهارات التي يحصلون عليها، كما أنهم لا يستطيعون مواجهة الفشل وغالباً ما ينسون أي نجاح يحققونه، بل ولا يجدون أي رابط بينه وبين مستقبلهم، وذلك بدلاً من ربط كل نجاح بالعمل والانجاز.

    ودائما ما يكون لدى هؤلاء مشاعر سلبية تجاه المهام التي توكل إليهم بدلاً من تحدي الصعاب ومواجهتها، كما أنهم غير قادرين على مواجهة المشكلات التي تعترضهم ويلقون باللوم دوماً على الغير، بدلاً من التخطيط السليم لمواجهة الصعاب والتحديات.

    هؤلاء الطلاب يخضعون لنظم تدريس تقليدية لا تسمح باستخدام عنصر التحفيز، ولا يلقي القائمون على التدريس أدنى اهتمام به، في مقابل المؤسسات التعليمية التي تقوم على نظم تدريسية متطورة ويستخدم فيها القائمون على التدريس عامل التحفيز.

     إنّ مواجهة هذه الآفة تتطلب العمل على تغيير المنظومة التعليمية بما يمكن القائمين على التدريس من اكتساب مهارات التدريس الفعال وأدوات التحفيز، واستخدامهما في المؤسسات التعليمية، غير أنه لا يجب علينا الانتظار حتى يتحقق ذلك، فبمقدورنا التأقلم مع الأوضاع القائمة - قدر المستطاع - وتحفيز الطلاب ودفعهم إلى الاهتمام بالفهم والتحليل والتركيب. وقد يتم ذلك في العلوم الاجتماعية، على سبيل المثال، من خلال السماح لهم بحرية النقاش وطرح الأفكار والرؤى المختلفة، وتشجيعهم على القراءة النقدية لكتب خارجية، ومقالات الرأي، وتكوين رؤى خاصة بهم، وتدريبهم على الاستدلال والربط بين الوقائع، وحثهم على الدراسة الجماعية وجلسات العصف الفكري، وبلورة الأفكار وتداولها. وكذلك من خلال تبني وسائل التعلم الذاتي لأجزاء من المقرر، وربط دراستهم بالقضايا المثارة في المجتمع الذين يعيشون فيه، وبالمسائل المطروحة على الساحة الدولية، والاستفادة من شبكة الإنترنت كمصدر للحصول على المعلومات، وتمحيصها واستخدامها في التعلم، وربط أداء الطلاب وانجازهم بالقيم التي تحث عليها الثقافة العربية والقيم والمبادئ الإسلامية مثل قيم الإتقان والتعاون والإخلاص.

    كلمات مفتاحية  :
    طرق تدريس التحفيز

    تعليقات الزوار ()