بتـــــاريخ : 2/20/2009 11:20:18 AM
الفــــــــئة
  • التربيــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1577 0


    متى نتحول من التلقين إلى الحوار؟

    الناقل : mahmoud | العمر :34 | الكاتب الأصلى : الدكتور: نظمي خليل أبو العطا | المصدر : www.qudwa1.com

    كلمات مفتاحية  :
    تربيه تعليم طرق تدريس

     من يتابع أنشطتنا الثقافية والتربوية يرى أننا نعيش في حقبة التلقين والفوقية والفردية في الغالب، ففي الاجتماعات هناك الرئيس والزعيم والمدير والكبير هو الذي يستأثر بالحديث وعرض الأفكار، ويمضي معظم الوقت وهو يقوم بدور الملقّن للمستمعين، ثم يفتح باب الحوار فلا يُعطى الحاضرون إلاَّ الوقت القليل للتعليق والحوار فصاحبنا استهلك الوقت في عرض أفكاره القديمة والمكرورة التي اعتاد أن يرددها وأصبح يتقنها.

    ـ وفي المجالس والمحاضرات والندوات يقوم المسؤول بنفس الدور وتعطي الكلمات للأنماط التقليدية فتقوم بنفس الدور المكرور والكئيب الذي أذهب الدافعية وأزاح الإبداع والتجديد عن حياتنا العلمية والثقافية.

    ـ وفي الندوات يقوم المشتركون بعرض الأوراق العلمية والبحثية العديدة في جلسات محدودة، ولا وقت للحوار والنقاش والتمحيص والدراسة، وحتى التوصيات الختامية تعودنا أن نعدها مسبقاً وليست من وقائع الحوار ونتائج النقاش؛ فخرجت التوصيات عقيمة ومكرورة ومملة وميتة.

    ـ وفي مدارسنا المعلم يلقن والطلاب صامتون هادئون نائمون، كما يلقن الملقن الموتى. وإذا فتح باب الحوار والنقاش فلت زمام الأمور من المعلم الذي لم يتعود على الحوار والنقاش، وانصرف الطلاب الذين لم يتعودوا الحوار والنقاش، فلا يجد المعلم مقرّاً من النكوص إلى الحالة التلقينية بعدما طلب منه المشرف التربوي والمدير عدم إثارة القلاقل في الصفوف. والبعض يقيس انضباط المدرسة بمقياس الضجيج والهدوء ( الدِّسيبل ) الذي يسجل الذبذبات الصوتية، وكلما كانت قراءة المقياس قريبة من الصفر كانت المدرسة منضبطة.

    ـ والدروس في المساجد تتم بنفس الطريقة التقليدية التلقينية، أما الأسئلة والحوارات خاصة عند تسجيل الحلقات تلفزيونياً فتتم بطريقة الأسئلة والإجابات سابقة التجهيز، ففقدت الدروس فاعليتها والحلقات جاذبيتها.

    ـ وأصبحنا ننظر للجوار والنقاش وتباين الآراء بأنها مؤشرات للفرقة والخلاف وباباً للخصومات والمنازعات، وماد النفاق والكذب والتهدئة في الاجتماعات العامة، وسئم الناس هذه الاجتماعات الكئيبة، والندوات العقيمة، والمجالس الرتيبة، وانتقلت هذه العدوى إلى مناقشات المجالس النيابية.

    ـ وهذا المنحى الخطير ساد في زمن الديكتاتورية والتسلط والتجسس على العباد الذي طال أمده في ديارنا العربية والإسلامية، ومن طول الأمد أصبح وكأنه النمط الديني المشروع والاجتماعي المطلوب ومن يخرج عنه خرج عن المألوف، وشق عصى الطاعة والجماعة.

    ـ ومن يدرس حياة الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كما يفتح الحوار في الجلسات بسؤال يطرحه أو يطرحه أحد الحاضرين ثم يدور النقاش.

    ـ ففي مرة يجلس مع أصحابه ويسألهم عن المفلس ويقول ما تدرون ما المفلس؟!.

    ثم يدور الحوار.

    ـ وفي جلسة أخرى يسأل أصحابه ( مثل المؤمن كشجرة لا يتحاتَّ ـ أي: يسقط ـ ورقها؟!! ) ويجتهد الجالسون في الإجابة عن السؤال ويدور الحوار والنقاش.

    ـ ومرة يقول لهم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه خمس مرات هل يبقى ذلك من درنه شيئاً؟!.

    حتى يوم الفتح الأكبر يسأل أهل مكة ويقول لهم ما تدرون أني فاعلٌ بكم؟!!.

    وقد ورد الحوار والجدال في القرآن الكريم، فالمرأة التي ظاهرها زوجها حاورت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحوار عظيم سمعه الله وأقر رأي المرأة الذي كان يخالف رأي المصطفى صلى الله عليه وسلم. وقال تعالى: ) قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما ([المجادلة: 1].

    وسميت السورة بسورة المجادلة والجزء الذي يبدأ بها بجزء ) قد سمع (.

    وحاور الله إبليس وسأله: ) ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي؟ (.

    ـ وحاور سيدنا إبراهيم النمرود، وحاور سيدنا موسى فرعون، وحاور سيدنا شعيب قومه في حوارات راقية وعقلية وعلمية رائعة، وبذلك احتل الحوار مساحات واسعة من القرآن الكريم، وحاور رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحبشة، وبلاد الروم ومصر حوارات علمية عقلية تدلك على علم هؤلاء الصحابة وحسن اختيارهم.

    ـ فمتى نتعلم الحوار والنقاش، ونعطي الآخر الفرصة للحوار والنقاش وتمحيص الآراء؟!.

    ـ ومتى يتعلم ـ الشيوخ والمدراء والرؤساء والأساتذة والمعلمون الحوار والنقاش وآدابه؟!!.

    ـ هذا ما ننبههم إليه وندعوهم إلى سلوكه حتى نتحول من التلقين والسلبية والتبعية إلى الحوار والنقاش والإيجابية، وحتى نصل إلى الرأي الجماعي الذي لا تشقى به الأمة، وإلى القرار الجماعي الذي يرضي الأمة، وإلى العمل الجماعي الذي يخرج الأمة من حالة الهوان والفردية والتسلط التي خيمت على عقولنا وحياتنا سنوات عدة

    كلمات مفتاحية  :
    تربيه تعليم طرق تدريس

    تعليقات الزوار ()