بتـــــاريخ : 8/21/2013 7:23:01 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1381 0


    ماهي صناديق الأستثمار ؟ كيف تعمل وما الغرض منها ؟

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : المستشار | المصدر : www.taksed.com

    كلمات مفتاحية  :
    صناديق الأستثمار

    http://images.alarabiya.net/a5/5f/436x328_37118_152368.jpg

    تعد صناديق الإستثمار أهم صيغ تعبئة المدخرات في الوقت الحاضر ولا ريب أن ما نقرأه في كل يوم عن إنتقال رؤوس الأموال الضخمة لغرض الإستثمار بين أسواق العالم ، إلا شاهد بأهمية هذه الصناديق . لم يزد عدد صناديق الإستثمار في الولايات المتحدة الامريكية سنة 1940م عن 68 صندوقاً حجمها مجتمعة 5000 مليون دولار وصلت في سنة 1994م إلى 5000 صندوق مسجل رسمياً تصل الأموال فيها إلى أكثر من 5ر2 ترليون دولار(1). ان صناديق الإستثمار مهمة للمسلمين اليوم فهي يمكن أن تكون أداة ووسيلة لتحقيق التكافل الاقتصادي بين المسلمين، وذلك بتسهيل نقل المدخرات من دول الفائض إلى دول العجز وأن تكون توطئة لأسلمة البنوك وجزءاً من برنامج لتوطيد دعائم العمل المصرفي اللاربوي في أي بلد من بلاد المسلمين . وفي المملكة العربية السعودية تسوق البنوك نحو 50 صندوقاً إستثمارياً أكبرها جميعاً وأكثرها ربحاً هي الصناديق الإسلامية .
    وسوف نبدأ أولاً في التعريف بالصناديق وأنواعها كما هي في العمل المصرفي التقليدي ثم ننتقل إلى الصناديق الإسلامية .

     

    2- ما هي صناديق الاستثمار :

    صناديق الاستثمار هي محافظ تجتمع فيها المدخرات الصغيرة لتكون حجماً من الأموال يمكن أن يستفيد من ميزات التنويع والذي يؤدي إلى تقليل مخاطر الاستثمار . وتؤسس هذه الصناديق على صفة شركة استثمار (Investment Company) تشرف عليها جهات حكومية متخصصة لغرض الرقابة والتوجيه . وتقوم هذه الصناديق بجمع الاشتراكات عن طريق إصدار وحدات استثمارية متساوية القيمة عند الإصدار شبيهة بالأسهم .

     

    3- ميزات الصناديق الاستثمارية :

    أ- التنويع :

    ليس بمقدور المستثمر الفرد تخصيص أمواله في استثمارات متنوعة بطريقة تؤدي إلى تحقيق التوازن بين المخاطرة والعائد إذا كانت تلك الأموال صغيرة الحجم. ولذلك توفر صناديق الاستثمار التي تجتمع فيها الأموال الكثيرة الفرصة له في الإستفادة من محاسن التنويع حتى عند مستوى متدني من المدخرات الفردية وتؤدي عملية التنويع المذكورة إلى قدر كبير من الاستقرار في العائد والحماية لرأس المال.

    لأن توزيع الأموال على إستثمارات ذات مدد مختلفة ودرجات متنوعة من المخاطر من حيث نوعية الإستثمار والموقع الجغرافي ...الخ ، يحقق هذه النتيجة.

     

    ب- الإدارة المتخصصة :

    يمكن للصندوق الاستثماري توظيف المهارات العالية من المتخصصين ذوي الخبرات الطويلة والقدرات المتميزة في مجال إدارة الأموال نظراً للحجم الكبير للصندوق . هذا المستوى من الإدارة ليس بمقدور صغار المدخرين الحصول عليه إلا من خلال الصناديق الاستثمارية التي تعبئ مدخراتهم الصغيرة حتى تصبح ذات حجم كبير يمكن من الإنفاق على مثل ذلك المستوى من الخبرات .

     

    ج- السيولة :

    تدل دراسات كثيرة على أن السيولة تعد أكثر العناصر أهمية بالنسبة لصغار المدخرين . ولا ريب أن الاستثمارات المباشرة وكذلك الفرص التي توفرها البنوك التجارية في الحسابات الآجلة هي أقل سيولة من الصناديق الاستثمارية المفتوحة وفي كثير من الأحيان أقل منها عائداً . ومن جهة أخرى فإن السيولة بالنسبة للحجم الصغير من الاستثمار ربما تكون عالية التكاليف حتى عند التوظيف في الأسهم وما شابها من الأوراق المالية ويعود ذلك للرسوم التي تتضمنها عمليات البيع والشراء من رسوم التسجيل وأجور السمسرة . ولذلك يمكن القول أن صناديق الاستثمار توفر سيولة عالية بتكاليف متدنية للمستثمرين لا يمكن لهم الحصول عليها من خلال الاستثمار المباشر .

     

    د- الإقتراض (الرافعة):

    ومن الميزات التي تستفيد منها الصناديق الاستثمارية ولا تتوفر للأفراد ذوي المدخرات القليلة هي مسألة إقتراض الصندوق للأموال لرفع قدرته على الاستثمار وهو ما يسمى بالرافعة . يمكن لصندوق استثمار للأسهم مثلاً أن يقترض من البنوك بضمان تلك الأسهم ثم يشتري بها أسهماً أخرى . ولما كان سعر الفائدة على القرض هو أقل في أغلب الأحوال من العائد على الاستثمار في الأسهم إستطاع الصندوق تحقيق أرباح إضافية للمستثمرين. فالمستثمر الذي ساهم بمبلغ ألف دولار على سبيل المثال سوف يحصل على عائد استثماري كما لو كان إستثمر مبلغ 1500 دولار مثلاً . وهذه من الميزات التي تحقق من خلال صيغة الصندوق الاستثماري. ومعلوم أن مثل هذا الإجراء لا يجوز ولكن يمكن تصميم بديل مقبول من الناحية الشرعية ينهض بغرضه ضمن دائرة المباح .

     

    4- عرض لبعض صناديق الإستثمار الإسلامية :

    ان ظاهرة صناديق الإستثمار الإسلامية(2) حديثة لا تعود إلا إلى عدد قليل من السنوات . ويقصد بصندوق الإستثمار الإسلامي الشرعي هو ذلك الذي يلتزم المدير فيه بضوابط شرعية تتعلق بالأصول والخصوم والعمليات فيه ، وبخاصة ما يتعلق بتحريم الفائدة المصرفية . وتظهر هذه الضوابط في نشرة الإصدار التي تمثل الإيجاب الذي بناء على قبول المستثمر له يشترك في ذلك الصندوق ، وكذلك تظهر في الأحكام والشروط التي يوقع عليها الطرفان عند الإكتتاب . ولا يقتصر تسويق الصناديق الإسلامية وإدارتها على البنوك الإسلامية بل يمكن القول أن أكثر الصناديق الإسلامية إنما يسوقها ويديرها البنوك التقليدية . وتمثل هذه الصناديق أحد أهم الوسائل لدخول هذه البنوك في سوق الخدمات المصرفية الإسلامية دون الحاجة إلى تغير هيكلها الإداري أو نظام عملها وترخيصها . وسوف نعرض أدناه لأهم أنواع الصناديق الإسلامية الموجودة اليوم والتي تنتشر في البنوك في دول الإسلام والدول الغربية :

     

    (أ) صناديق الأسهم الإسلامية :

    صناديق الأسهم قديمة تعود إلى العشرينات من هذا القرن إلا أن صناديق الأسهم الإسلامية فإنها لا تعود لأكثر من 5 سنوات وان كانت المحاولات والتجارب في هذا المجال تعود إلى أكثر ممن ذلك لقد نمى حجم رؤس الأموال في أسواق الأسهم على المستوى العالمي خلال السنوات الماضية من 7ر4 ترليون دولار سنة 1986م إلى نحو 2ر15 ترليون دولار سنة 1996م وزاد حجم أسواق أسهم الدول النامية من نسبة 4% إلى أكثر من 13% (3) . وصناديق الأسهم العادية هي صناديق يقوم المدير فيها بتوجيه الأموال المجتمعة من إشتراكات المستثمرين إلى شراء سلة من أسهم الشركات يختارها بطريقة تحقق أهداف الصندوق من حيث المخاطرة ومن حيث العائد . فالصندوق الذي يحقق تفضيلات مستثمرين يرغبون في تقليل المخاطرة ، ربما إستثمر في أسهم شركات ذات رساميل كبيرة ، قد بلغت حد النضح في قطاعات إقتصادية أساسية ومن ثم يقلل المخاطرة على المستثمرين في الصندوق في الأجل الطويل وان كان العائد على إستثمارهم سيكون أقل ، مقارنة بصناديق تركز على الشركات الصغيرة الناشئة التي هي في طور النمو والتي سيترتب على نجاحها زيادات كبيرة في أسعار أسهمها ومن ثم أرباح عالية للمستثمرين في الصندوق ، إلا أنها مرتفعة المخاطرة الأمر الذي قد يعرض مساهمتهم إلى الخسارة الكلية .

     

    ولقد ظهرت صناديق الإستثمار الإسلامية بالأسهم إستجابة لرغبات ذوي الالتزام من المسلمين الذي يحرصون على المباح من الدخل . يمكن القول أن الشركات المساهمة نوعين ، تلك التي يكون نشاطها غير مباح مثل البنوك الربوية أو الشركات التي تعمل في بيع الخمور ..الخ ، فهذه لا يجوز المساهمة بها البتة، وهذا ما نصت عليه قرارات المجامع الفقهية وفتاوى أفراد العلماء . إلا أن السواد الأعظم من الشركات هو ذلك الذي يكون أصل نشاطه مباح إلا أنه يمارس في عمله بعض النشاطات أو الأعمال التي لا تجوز مثل أن يقترض بالفائدة أو يودع الأموال لدى البنوك الربوية. إختلف نظر الفقهاء المعاصرين في هذا النوع من الشركات فمن قائل لا يجوز الاستثمار فيها إذ لا يختلف حكمها في نظرهم من الأولى . ومن قائل لا بأس من الاستثمار فيها على المستثمر أن يقوم بتقدير الدخل الحرام لاخراجه مما يتحقق له من ريع(4) .

    لقد أسست صناديق الأسهم الإسلامية على الرأي الثاني ، وعلى ذلك يقوم عمل الصندوق عندئذٍ على مبدأين أساسين ، الأول : هو إختيار الشركات التي يكون أساس نشاطها مباح فلا يستثمر الصندوق في البنوك أو الشركات المنتجة للمواد المحرمة ، والثاني : أن يحسب المدير ما دخل على الشركات التي تكون أسهمها في الصندوق من إيرادات محرمة مثل الفوائد المصرفية مثلاً ثم يقوم بإستبعادها من الدخل الذي يحصل عليه المستثمر في الصندوق ، والثالث : أن يتقيد بشروط صحة البيع فلا يشتري أسهم شركة تكون أصولها من الديون أو النقود (لعدم جواز بيع الدين لغير من هو عليه بالحسم ولضرورة التقيد بشروط الصرف في حالة النقود) . ولما كانت الشركات لا تخلوا من نقود وديون في موجوداتها ، أعمل الفقهاء المعاصرون قاعدة للكثير حكم الكل فإذا كانت الديون قليلة كان الحكم للغالب الكثير لا للقليل وحد القلة الثلث ولذلك إذا كانت هذه الديون أقل من الثلث كان الحكم للغالب وليس للقليل . والرابع : أن لا يمارس المدير في الصندوق عمليات غير جائزة مثل ما يسمى البيع القصير للأسهم أو أن يشتري الخيارات المالية أو الأسهم الممتازة وما إلى ذلك .

     

    وتمثل صناديق الأسهم اليوم أهم صناديق الإستثمار الإسلامية وهي التي تجتمع فيها الجزء الأكبر من الأموال المستثمره في الصناديق الإسلامية.

     

    (ب) صناديق السلع :

    ومن الصناديق الإسلامية ما كان نشاطه الأساس شراء السلع بالنقد ثم بيعها بالأجل ، ونظراً إلى خصوصية عمل الصندوق ، وضرورة أن تكون المخاطرة فيه قابلة للقياس بدقة ، وان يكون بيد المدير ما يمكنه من توجيه الأموال في الصندوق بطريقة تحقق أكبر قدر ممكن من السيولة ، إتجهت أكثر هذه الصناديق بصفة أساسية إلى أسواق السلع الدولية وليس إلى تمويل العمليات المحلية إذ يقوم المصرف مباشرة بمثل ذلك . ومن جهة أخرى فإن تطور أسواق السلع الدولية ووجود جهات متخصصة يمكن الاعتماد عليها في تنفيذ عمليات الصندوق بأجر ، تتوافر عليها الخبرات والقوة المالية أضحت تلك الأسواق مكاناً مناسباً لعمل صناديق السلع . زبخاصة بالنظر إلى حاجة المتعاملين فيها إلى تمويل المخزون . والسلع المقصودة هي السلع الأساسية التي لها أسواق بورصة منظمة مثل الألمونيوم والنحاس والبترول وما إلى ذلك .

     

    ولصناديق الإستثمار في السلع الإسلامية ضوابط منها أنها تقتصر على السلع المباحة وتلك التي يجوز شراء بالنقد وبيعها بالأجل ، فيستثنى من السلع الذهب والفضة . ويمكن أن تعمل صناديق السلع بصيغة البيع الآجل ، أو المرابحة ، أو السلم وكل تلك صيغ قابلة للتطبيق في أسواق السلع الدولية . ومن أهم ضوابط العمل أن تكون عمليات الشراء والبيع حقيقية لا صورية فيقع التعاقد بالبيع على سلعة موجودة فعلاً ويتحقق للطرفين القبض الذي هو أساس صحة البيع بشروطه . إلا أن كثيرين يشكون في إمكانية تحقق هذا الشرط لأن أكثر من يحتاج إلى التمويل في أسواق السلع هي الشركات التجارية الضخمة التي تقتصر حاجتها إلى تمويل المخزون (Inventory Finance) فهي تمتلك السلع فتبيعها وتشتريها صورياً للحصول على المال . ولكن للتحقق من صحة العقود سبل ممكنة وبخاصة ما يسمى بشهادات المخزن التي تثبت أن البيع واقع على سلعة موجودة.

     

    (ج) - صناديق التأجير :

    يعد عقد الإجارة واحداً من العقود الملائمة لعمل البنوك للإمكانيات التي يقدمها العقد المذكور في التمويل . إذ يمكن للمصارف شراء الأصول المولدة وتأجيرها لمدة طويلة إلى العملاء ذوي الملاءة بحيث تولد دخلاً مستقراً على الاستثمار . وتعد صيغة الإيجار المنتهي بالتمليك إحدى الصيغ الأساسية في عمل البنوك الإسلامية .

     

    ومع ان صيغة الإيجار المنتهي بالتمليك كثيرة الانتشار في عمل البنوك الإسلامية فليس لهذه البنوك خصوصية في تطبيقها إذ هي مشهورة في كثير من البلدان وبخاصة في الدول الغربية . والباعث عليها عندهم ليس تحريم الفائدة المصرفية (كما هو الحال في البنوك الإسلامية) بل هو الميزات الضريبية لعقود التأجير .

     

    وتنقسم عقود الإيجار إلى نوعين ، مباشر وهو صيغة التمويل المعروفة حيث يقدم البنك الأموال لشراء أصل ثم تأجيره بأقساط إيجارية شهرية أو دورية بحيث يسترد رأس ماله وربحاً متفقاً عليه ويبقى الأصل ملكاً للبنك حتى نهاية العقد عندها يباع إليه ، وتأجير غير مباشر مثل أن تكون عمليات التأجير جزءاً من عمل صندوق إستثماري أو تكون وحدات نمطية قابلة للتداول في أسواق منظمة. وسوف نتطرق أدناه إلى صناديق التأجير التقليدية ، ثم نعرض للضوابط الشرعية لتلك الصناديق :

     

    صناديق التأجير التقليدية :

    الصندوق الاستثماري ، كما ذكرنا سابقاً ، هو محفظة تجتمع فيها المدخرات الصغيرة لتستفيد من ميزات التنويع وتقليل المخاطر والسيولة ، فإذا كان غرض الصندوق هو تمويل عقود التأجير فإن هذه الأموال ستوجه إلى أحد نوعين من الاستخدامات : الأول هو توليد أصول تأجيرية ، بشراء الصندوق للآلات أو المعدات أو الطائرات أو العقار ثم تأجيرها إيجاراً ينتهي بالبيع إلى المستأجر . وتبقى هذه الأصول ملكاً للصندوق حتى يجري بيعها في نهاية عقودها. ويصدر الصندوق عندئذٍ وحدات تمثل ملكية مشاعة في تلك الأصول يشتريها المستثمرون . وربما الصندوق مفتوحاً أو مغلقاً ، وفي كل حالة تتوفر السيولة للمستثمرين إما عن طريق الاسترداد من الصندوق أو التداول في سوق منظمة .

     

    والثاني هو شراء الأدوات Securities التي تصدرها المؤسسات المتخصصة في التأجير وبخاصة شركات تأجير السيارات والطائرات ونحوها، وهي نوع من التصكيك Securitization تنشأه المؤسسات المالية حيث تقوم بإصدار أوراق مالية مقابل الدخل المتولد من أصول مؤجرة . وتتكون هذه الأوراق في العادة من ثلاثة أنواع ، الأوراق العادية والأوراق الممتازة (وتسمى Class A , Class B ) وأوراق يحتفظ بها المصدر (Subordinated notes) .

     

    5- أهمية مفهوم المخاطر إتخاذ القرارات الاستثمارية :

    يسعى كل مستثمر للحصول على الربح ، ولكنه يحاول الحصول على الربح ضمن تفضيلات معينة يستمدها من رؤيته الخاصة حول البيئة التي يعيش فيها ، أو توقعاته للمستقبل أو قيمه ومبادئه الدينية والأخلاقية .

     

    فربما نجد من يفضل الاستثمار في بلد معين أو في منطقة محددة ، وآخر يميل إلى صناعة بعينها أو إلى قطاع اقتصادي محدد ، وثالث ، يرى ان أهدافه الاستثمارية تتحقق بحصر استثماراته في عملة واحدة ورابع يرى التنويع في كل ذلك . ان "مفهوم المخاطرة" هو جزء من منهج إتخاذ القرار الاستثماري . ذلك ان النظر إلى المخاطرة هو ببساطة التحليل الذي يبين لنا ما هي القوى التي يمكن أن تحول دون تحقق هدفنا الاستثماري . ولذلك فكلما كان هذا الهدف واضحاً جلياً كلما سهل ذلك علينا التعرف على طبيعة المخاطر المحيطة بالاستثمار ان الخطر يختلف عن المكروه الذي لا تحب ان يقع إذ إحتمال وقوع ذلك المكروه . فمثلاً الأولوية الأولى لأحد المستثمرين هي أن تكون استثماراته بالدولار . أي هو يرغب في الحصول على الربح ولكن ضمن محدد استثماري هو ان أمواله تكون بالدولار . هو يحتاج ، كسائر المستثمرين دراسة المخاطر . ولكن المخاطر التي تحتاج إلى نظر بالنسبة إليه هي - مثلاً : صحة الاقتصاد الأمريكي ، واتجاهات سعر الدين ..إلخ . بينما ان مستثمراً آخر قامت تفضيلاته على الاستثمار في الصناعات الصيدلانية (بصرف النظر عن العملة) تجد المخاطر بالنسبة إليه هي التغيرات الديمغرافية ، وفوز الأحزاب اليمنية في الانتخابات لأنها لا تحبذ انفاق الحكومة على الرعاية الصحية ...إلخ .

     

    6- مفهوم المخاطرة :

    لا يحتاج مفهوم المخاطرة إلى تعريف لأنه مفهوم واضح يستخدمه الناس حتى في محادثاتهم العادية . فإذا قال المتحدث "هناك مخاطرة في أمر ما" فهم المستمع أنه يتحدث عن وضع عدم التيقن بحدوث النتائج المطلوبة واحتمال ان يكون المآل هو إلى أمر غير محبب إلى النفس .

     

    ودراسة المخاطر هي موضوع عدد من العلوم الاجتماعية منها علم الإحصاء، وعلم الاقتصاد ، وعلم الإدارة المالية والتأمين . ولا ريب ان نظر كل علم من هذه العلوم إلى المخاطرة له خصوصياته التي ينفرد بها عن الآخر . ومع كل التعقيدات النظرية التي تكتنفها دراسة المخاطر فإن معناها لا يخرج هذه العلوم عما ذكر أعلاه .

     

    وللمخاطرة علاقة بمفهوم عدم التيقن . ذلك ان المخاطرة هي إحتمال وقوع أمر غير متيقن الوقوع . أما الأمور اليقينية فلا يكتنفها الخطر . فالخسارة في التجارة مخاطرة ولكن إذا وقعت فإنها لم تعد عندئذٍ مخاطرة . وانخفاض القيمة السوقية لأصل رأسمالي هو مخاطرة ولكن انخفاض قيمته نتيجة الاهتلاك (بسبب الاستعمال ومرور الوقت) ليس مخاطرة لأنه أمر متيقن لا محتمل . والعائد على الاستثمار مرتبط بالمخاطرة . والناس مستعدون لتحمل مخاطر عالية في استثماراتهم إذا قابلها إحتمال تحقق عوائد مجزية . وهم يرضون بعوائد متدنية إذا كانت المخاطر متدنية . ولذلك احتاج الناس إلى قياس المخاطرة إذ لا يكفي معرفة وجود الخطر بل يلزم أن تعرف مقدار ذلك الخطر .

     

    7- قياس المخاطرة :

    كما أن مفهوم المخاطرة بسيط وواضح في ذهن الناس ، فإنهم يفرقون أيضاً بين مخاطرة عالية وأخرى متدنية . فاحتمال وقوع المكروه يكون بدرجات مختلفة، فخطر الاصابة بأمراض الرئة الذي يواجهه من يدخن ثلاثة باكتات من السجائر يومياً أكبر من ذلك الذي يواجهه من لا يدخن . وبما أن في الخطر قليل وكثير ففيه درجات بين القليل والكثير . وهكذا احتاج الأمر إلى معايير لقياس المخاطر وتصنيفها بطريقة تمكن من التعرف على درجتها بشكل واضح ومقارنة المخاطر المتضمنة في القرارات المختلفة مع بعضها البعض ومع العائد المتوقع من الاستثمار . وهناك طرق متعددة لتصنيف المخاطر ولقياسها تقوم بها مؤسسات متخصصة ، كما تتبنى البنوك وشركات التأمين مقاييسها الخاصة للمخاطر . وعندما تكون فرص الاستثمار عالية المخاطرة فإن ذلك لا يعني عدم إقبال الناس عليها إذا أمكن قياسها وقابلها عوائد مجزية بالقدر الذي يرون إنه ملائم لمستوى تلك المخاطر . لكن الناس لا يقبلون على فرص يكتنف قياس المخاطرة فيها الغموض وعدم الوضوح فلا يعرف هل هي عالية أم متدنية المخاطرة .

     

    8- طرق التعامل مع الخطر :

    إذا عرفنا بوجود المخاطرة ، وتوافرنا على طرق دقيقة لقياسها أمكننا عندئذٍ أن نتعامل معها بالطريقة المناسبة . ان كل نوع وكل مستوى من المخاطرة يقابله طرق للعلاج والتعامل مع الخطر . من ذلك : تفادي المخاطرة، إذا كان تفضيلات المستثمر تتجه إلى ذلك وهو ممن يفضل الأمان منها ، ومن ذلك الإقبال عليها إذا كان للمستثمر "شهية" للخطر ، ومنها نقل المخاطر إلى آخرين (إذا كان المستثمر من النوع الأول وهناك مستثمر من النوع الثاني مستعد لتحمل المخاطرة) وذلك بالاحتماء منها Hedging بمقابل مالي . ويقع في الحالات التي يرغب المستثمر في تحمل أنواع المخاطر المألوفة عنده والتي يرى أن له فيها خبرة مفيدة ويريد الاحتماء من المخاطر الأخرى . فشركة التقسيط مستعدة في مجال نشاطها لتحمل المخاطر الائتمانية Credit Risk للمدينين لأن هذا صلب عملها الذي تتميز فيه على الآخرين بالخبرة ، وهي لا تريد تعريض عملها مثلاً لمخاطر تغير أسعار الصرف فتحتمي من هذا الخطر بالتنازل من جزء من دخلها إلى جهة أخرى تتوافر على الخبرة في هذا المجال وتكون مستعدة لتحمله . والتأمين صورة من صور نقل المخاطر .

     

    ومن طرق التعامل مع الخطر ، تقليله وذلك بتخفيض حجم الاستثمارات التي تواجه خطراً بعينه لا يحب المستثمر تحمله مثل تقليل حجم استثماراته طويلة الأجل أو بعملة معينة، كما يمكن التعامل مع المخاطر بالاشتراك مع الآخرين في تحملها . وهذا هو أحد البواعث على استثمار الناس في صناديق الاستثمار لأنها تمكن من تفتيت المخاطر وإتاحة الفرصة للفرد ليشترك مع عدد كبير من أمثاله وهم المساهمون في الصندوق في تحمل المخاطر فيكون نصيب كل واحد منهم من المكروه إذا وقع قليلاً غير مؤثر .

     

    9- توسيع معنى الخطر ليشمل المخالفات الشرعية :

    جرى العرف إلى أن الخطر إنما يتعلق بالجوانب المالية للاستثمار مثل المخاطر الائتمانية ومخاطر سعر الصرف وما إلى ذلك . ولكن كنا بصدد الحديث عن صناديق الاستثمار الإسلامية فيحسن الاشارة إلى أن مفهوم المخاطرة يمكن أن يكون أوسع مما ذكر أعلاه بإدخال الجوانب الشرعية المتعلقة في صناديق الاستثمار في قياس المخاطر .

     

    لماذا يتفادى الناس المخاطرة؟ الجواب لأن وقوع المكروه يؤدي إلى انخفاض قيمة الاستثمار (بالخسارة أو عدم تحقق الربح الذي يكافىء الفرصة المضاعة) . ولا ريب ان مخالفة المدير للمعايير الشرعية يؤدي إلى اكتساب ربح غير حلال يلزم على المستثمر التخلص منه فيؤدي ذلك إلى انخفاض قيمة استثماره ، وإلى عدم تحقق أهدافه الاستثمارية .

     

    10- المخاطر في الصناديق الاستثمارية :

    يواجه المستثمر في الصناديق مخاطر مباشرة ، وهي مخاطر الاستثمار في الصندوق ومخاطر مدير الصندوق وأخرى غير مباشرة وهي مخاطر التي يواجهها الصندوق نفسه والتي تنعكس بصورة غير مباشرة على ذلك المستثمر .

     

    أولاً : المخاطر المباشرة :

    أ) مخاطر الاستثمار في الصندوق :

    يمكن تقسيم المخاطر المباشرة المتضمنة في الاستثمار في صناديق الاستثمار إلى نوعين من المخاطر :

    1- مخاطر الصندوق .

    2- مخاطر مدير الصندوق .

    ويقصد بمخاطر الصندوق تلك المكاره التي يتعرض لها الصندوق ومن ثم تؤدي إلى فقدان المستثمر لجزء من قيمة استثماره .

    أما مخاطر مدير الصندوق فيقصد بها احتمال فقدان المستثمر لجزء من استثماره بسبب يتعلق بالمدير ونفصل ذلك فيما يلي :

     

    1- مخاطر الصندوق :

    أ) التقلبات الاستثمارية :

    وهي أكثر ما يتعرض له الاستثمار في الصناديق بإرتفاع قيمة الأصول أو انخفاضها مما يؤدي إلى التأثير سلباً أو ايجاباً على حصة المستثمر . وتختلف هذه التقلبات باختلاف نوعية الصناديق . فالصناديق التي تستثمر في الأسهم تكون تقلباتها أكثر حدة من تلك التي تستثمر في الديون ذات العائد الثابت . بيد ان لكل نوع صفة الخطر الخاصة به . ومن أهم هذه المخاطر المخاطر السعرية .

     

    ب) مخاطرة التنويع :

    ان الباعث على الاستثمار في الصناديق (وليس الاستثمار المباشر) هو بصفة أساسية الحصول على مزايا التنويع . يمكن للمستثمر الكبير أن يحقق التنويع بصفة مباشرة لأنه يتوافر على الحجم من الأموال الذي يكفي لمثل هذا . ولكن ذلك لا يتأتى للمستثمر الصغير إلا من خلال الصندوق فإذا لم يتوافر الصندوق على التنويع بالمستوى المطلوب حصل المكروه لذلك يتعرض المستثمر إلى احتمال انخفاض قيمة استثماره بسبب ذلك . ومن ثم عد ذلك من المخاطر التي يواجهها المستثمر في الصندوق .

     

    2- مخاطر اختيار المراكز :

    تقتصر بعض صناديق الاستثمار على بلدها فحسب إلا أن أكثرها يستثمر خارج الحدود . وفي هذه الحالة يتعرض الصندوق إلى مخاطر اختيار المراكز أو ما يسمى باللغة الإنجليزية Positioning ، وتتضمن مخاطر تغير الصرف الأجنبي (إذ ربما حقق الصندوق ربحاً بالعملة الأجنبية ولكن ذلك لا يتمثل على صفة ربح للمستثمر بعملته المحلية بسبب أسعار الصرف) ، والمخاطر السياسية (كتغير الحكومات) ، ومخاطر عدم القدرة على نقل الأموال إلى خارج البلد الأجنبي (Cross - berder risk) (كما وقع في ماليزيا عندما جمدت أموال المستثمرين الأجانب، وفي الباكستان بعد تفجيرها القنبلة الذرية) .

     

    3- المخاطر القانونية :

     

    4- المخاطر المتعلقة بنوعية الأمين :

    أمين الاستثمار Custodian يقوم بمهمة موازية للمدير . وفي أكثر الأحيان يكون الأمين جهة مختلفة عن المدير . ومهمة الأمين هو حفظ الأوراق والمستندات والسيولة الفائضة أو المؤقتة وإتمام إجراءات العقود بالبيع ونحوه . ولذلك فإن نوعية الأمين وقدراته وخبرته تؤثر على النتائج النهائية للصندوق ومن ثم فهي تمثل مخاطرة يواجهها المستثمر في الصندوق .

     

    5- مخاطر مدير الصندوق :

    بالإضافة إلى المخاطر التي يواجهها المستثمر في الصناديق الاستثمارية والخاصة بالصندوق نفسه ، فإنه يواجه مخاطر تتعلق بمدير الصندوق وهي :

     

    1- التزام المدير بالاتفاقية :

    تنص اتفاقية إنشاء الصندوق على وظيفة المدير والمهام الملقاة على عاتقه ، كما تنص القوانين واللوائح المنظمة لعمل الصناديق على طرفاً من هذه المسئوليات. ولن يتحقق للمستثمر غرضه إلا بأن ينهض المدير بوظيفته على أكمل وجه . ولذلك فإن هذه مخاطرة يواجهها المستثمر . ولذلك يحرص المستثمرون على التعرف على الخبرة Track Record للمدير ، وقوة المدير المالية . ولذلك نجد البنوك تنشط في مجال إدارة الصناديق لهذا السبب . ويلتزم كل مدير بفلسفة استثمارية وفي الصناديق الاستثمارية الإسلامية يلتزم المدير بمعايير استثمار محددة وبالإشراف الشرعي (من قبل هيئة أو مستشار) على عمله ولذلك يمكن القول ان المخاطرة المتعلقة بعدم الالتزام الشرعي تمثل جزءاً من هذا القسم من المخاطر .

     

    2- أخطاء المدير وسوء تصرفه :

    وأخطاء موظفيه وإهمالهم وسؤ تصرفهم . يمكن أن يكون هناك تأمين ضد بعض أنواع التصرفات كالسرقة.

     

    3- خيانة المدير للأمانة :

    يتوقع من المدير مستوى من الأمانة يفوق تلك العلاقة التي تنشأ بين الأجير والمستأجر ولذلك تقوم إدارة الصناديق في العرف المصرفي على ما يسمى Fiduciary . فإذا خان المدير الأمانة مثل اعتمد على غيره في الإدارة دون إذن من المستثمرين أو أثرى على حسابهم أو نافسهم (Inside Trade) فكل ذلك مخاطر يواجهها المستثمر .

     

    4- وجود الصلاحيات الكافية لدى المدير للتصرف :

    الصندوق هو شخصية اعتبارية لها مجلس إدارة تقوم بالتعاقد مع المدير لإدارة الصندوق . وتعين له حدود التصرف والصلاحيات التي تراها مناسبة . وهو يتصرف ضمن ذلك . فإذا لم تكن هذه الصلاحيات ملائمة أو كافية ربما عجز عن أداء الوظيفة بالشكل الذي يتوقعه المستثمر .

     


    ثانياً : المخاطر غير المباشرة :

    وهي تلك التي يواجهها الصندوق في تعامله مع الجهات الأخرى يومكن تلخيصها فيما يلي :

     

    أ) المخاطر الائتمانية :

    وتظهر هذه في الصناديق المعتمدة في استثمارها على البيوع الآجلة مثل صناديق المرابحة والاستصناع .

     

    ب) المخاطر التجارية :

    مثل تغير الأسعار ، وتغير أسعار الفائدة ، وأسعار السلع .

     

    ج) مخاطر السيولة :

    يحتاج الصندوق إلى بيع بعض أو كل أصوله في وقت من الأوقات . قد يكون ذلك جزءاً من إجراءاته المعتادة لغرض إعادة تكوين المحفظة أو لتوفير سيولة جاهزة لغرض الاسترداد . وقد يكون ذلك في حالات الطوارئ أو عند تصفية الصندوق . وفي كل الأحوال هناك احتمال ان لا يجد المدير من يشتري هذه الأصول عند الحاجة إلى بيعها فيواجه مشكلة السيولة . فهذه مخاطرة يواجهها أي صندوق استثماري . والمعتاد تبني إجراءات احتياطية مثل الاتفاق مع أمين الاستثمار على الاقتراض منه عند الحاجة .

     

    المخاطر التي يواجهها المدير تجاه المستثمرين في الصندوق :

    يواجه المدير مخاطر في عمله كمدير للصندوق منها :

    1- مخاطر الإفصاح :

    هل قام المدير بالإفصاح عن المعلومات الصحيحة والدقيقة . هل قام مراجع الحسابات بالمطلوب .

     

    2- مخاطر العاملين :

    السرقة والإهمال من قبل أحد العاملين في مؤسسة المدير قد تؤدي إلى مسئولية تقصيرية تجاه المستثمرين يتحملها المدير .


    3- مخاطر تذبذب الدخل :

    لأن دخل المدير مرتبط بحجم الاستثمار أو بمعدل العائد
    4- مخاطر التكنولوجيا

    كلمات مفتاحية  :
    صناديق الأستثمار

    تعليقات الزوار ()