السيجارة الالكترونية لم يثبت علمياً أنها صحية أو أنها تساعد على الإقلاع عن التدخين
د.خالد عبد الله النمر
أحد مرضى القلب - وهو في الخمسين من عمره وعلى درجة عالية من العلم والخلق والفضل - عند الانتهاء من فحصه ومراجعة ادويته وحالته الصحية وقبيل خروجه من العيادة نظر الي قائلا: هل من الممكن ان اسألك يادكتور سؤالا لا علاقة له بحالتي الصحية؟ فقلت له: تفضل، فأخرج من جيبه سيجارة الكترونية ووضعها على الطاولة قائلا: اهداني احد معارفي هذه السيجارة الالكترونية، فهل هي آمنة صحيا؟ وهل هي تساعد في الإقلاع عن التدخين؟ وهل من الممكن ان أستخدم النوع الذي لا يحتوي على نيكوتين نهائيا لأن ليس له اضرار صحية؟
ان السجائر الالكترونية اصبحت متواجدة في الاسواق العالمية وتسوّق في بعض الدول من دون موانع، ويتم كذلك تهاديها بين الشباب والمثقفين والنخبة وتزاحم علب السيجار في مواجهة الضيوف.. والمشكلة تكمن في انه يروج لها بشعارات صحية متعددة منها: انها بديل صحي لوسائل التدخين التقليدية وليس فيها تدخين سلبي لمن يجالسك من أهل (ومن ضمنهم الاطفال) او اصدقاء وهي ليست ممنوعة من الاستخدام في الاماكن العامة والحكومية وليس فيها قطران tar وبالتالي فلا تحتاج الى اماكن محدودة بتهوية خاصة.. الخ.. وبتلك الدعاية المزعومة انتشرت انتشار النار في الهشيم بين الشباب، لذلك فلابد من توضيح مفاهيم مهمة عن السيجارة الالكترونية لجميع القراء الكرام.
تركيب السيجارة الالكترونية
ماهي السيجارة الالكترونيه؟
مفهوم السيجارة الالكترونية بدأ منذ عدة سنوات في الصين بعد ان شنت منظمات دولية كبيرة مثل منظمة الصحة العالمية حملات كثيرة على وسائل التدخين التقليدية وتمت محاصرة التدخين في اماكن العمل والمطارات والاماكن العامة فتفتق ذهن شركات التبغ الكبرى في الصين عن طريقة جديدة لترويجه الا وهي السيجارة الالكترونية، ثم انتشرت الى باقي دول العالم وهي تعتمد على بطارية من الليثيوم على شكل السيجارة يمكن اعادة شحنها مثل بطارية الجوال وذلك بتركيبها في الكومبيوتر عن طريق USB او في شاحن السيارة او بأقرب فيش كهرباء وتركّب فيها كبسولة تحتوي على سائل فيه تركيز معين النيكوتين بجرعات تختلف من كبسولة لأخرى بالاضافة الى مواد اخرى ونكهات مختلفة مثل القهوة (لسيجارة الصباح) والنعناع والفانيلا ويتواجد في بعضها الكحول بتركيزات مختلفة وفي بعضها نكهات خصصت لجذب الشباب والاطفال مثل الشكولاته والفراولة وهناك الوان خاصة للنساء مثل اللون الوردي، وتعمل البطارية على مرور تيار كهربائي في السائل فينتج عنه بخار خليط من النيكوتين والبروبلين جلايكول antifreeze وتكفي الكبسولة لحوالي 200 نفخة واذا انتهت يمكن تبديل الكبسولة بأخرى تختلف في تركيز النيكوتين والنكهة كذلك.
ليست البديل الصحي للسجائر
والسيجارة الالكترونية وان كانت تحتوي على كميات مختلفة من النيكوتين وتتراوح تركيزات السائل الموجود فيها قريبا من الصفر (0.1) ملجم في المليلتر الواحد الى (50) ملجم في المليلتر الواحد، الا انها ليست البديل الصحي للسجائر لعدة اسباب:
اولا: تحتاج السيجارة الالكترونية الى قوة شفط (negative pressure) اقوى بكثير من السيجارة العادية والتأثيرات الصحية لذلك تحتاج الى دراسات مطولة على مدى عشرات السنين.
ثانيا: كمية النيكوتين المستخلصة في تدخين السيجارة الالكترونية من نفس الكبسولة غير ثابتة وتقل بعد عشر سحبات من السيجارة الالكترونية ولذلك يضطر المدخن الى زيادة قوة سحب النفس لزيادة النيكوتين المستخلص لأن كمية النيكوتين تعتمد على قوة سحب النفس وعلى كمية البخار aerosol المتبقي داخل الكبسولة ولذلك فهي لا تصلح كمصدر معتمد لمنع الاعراض الانسحابية للنيكوتين، ففي احدى التجارب اخذت ثلاث كبسولات تحتوي على نفس التركيز من النيكوتين وتم قياس النيكوتين في اول ثلاث سحبات للنفس من كل كبسولة، وكانت النتائج مفاجئة للجميع حيث كان تركيز النيكوتين مختلفا في كل هذه القياسات وكنت تتراوح القراءات من 25 ميكروغرام من النيكوتين في 100 مل من الهواء في النفخة الواحدة الى حوالى 45 ميكروغرام وهذا تفاوت يتقارب من الضعف ولذلك فهي لا تصلح كمساعد للإقلاع عن التدخين وهذا السبب هو احد الاسباب الرئيسية التي جعلت الشركات المسوقة تتراجع عن تقديم السيجارة الالكترونية ك "دواء" يساعد على الإقلاع عن التدخين للمجتمع الطبي.
ثالثا: ليس هناك دراسات طويلة المدى في الجنس البشري تدل على انها آمنة الاستخدام بل العكس صحيح حيث حاربتها منظمات الصحة العالمية مثل منظمة الصحة العالمية who ووكالة الغذاء والدواء الامريكية FDA ومحليّا كذلك، وذلك لأن النيكوتين مسبب اساسي لامراض شرايين القلب وسرطان الرئة وارتجاع المريء وقرحة المعدة وسرطان المثانة وجلطات الدماغ والتأثير على الخصوبة.
رابعا: انها مكلفة جدا مقارنة بأسعار السجائر الحالية، فليست هي العلاج الذي يستطيع كل شخص استعماله للمساعدة في ايقاف التدخين تدريجيا كما تدعي الشركات المسوقة.
خامسا: السيجارة الالكترونية طريقة تسويق جديدة للتبغ وذلك للالتفاف على جهود مكافحة التدخين وذلك لتزيد من ادمان التدخين بين المراحل العمرية المختلفة وتشجع الشباب على تجربة الوسائل التقليدية للتدخين.
سادسا: اوضحت وكالة الدواء والغذاء الامريكية انه حتى في السجائر الالكترونية التى يدعى فيها انها خالية من النيكوتين ثبت مخبريا وجود النيكوتين فيها traces ومادة النيتروزامين وهي مادة من المعروف طبيا انها مسرطنة ومشتق مادة الجلايكول وهي مادة سامة تستخدم في سائل مضاد التجمد في السيارات.
سابعا: قانونيا منعت بعض الدول بيع هذه السجائر الالكترونية وتسويقها واستيرادها مثل: استراليا وكندا والبرازيل.
ثامنا: علب السجائر العادية ملزمة دوليا بوضع 30% من واجهة وخلفية العلبة بوضع تحذير طبي عن التدخين، اما السجائر الالكترونية فتكتفي الشركات المسوقة بوضع تحذير على مواقعهم في الانترنت لأنها من الممكن ان تباع فرادى سواء الشاحن او الكبسولات ولا يوجد قانون ملزم للشركات حتى تاريخه بكتابتها على السيجارة الالكترونية.
وزبدة الكلام.. ان السجائر الالكترونية ينصح بأن تعامل صحيا معاملة السجائر التقليدية على جميع المستويات وهي ليست وسيلة للإقلاع عن التدخين كما تروج لها بعض الشركات المنتجة وما تحمله من ضرر مؤكد اكثر بكثير مما تدعيه من فوائد محتملة، ولذلك ينصح الجميع باستمرار مكافحة التدخين بجميع طرقه على جميع المستويات الافراد والاسر والمنظمات والحكومات.. وحماكم الله من كل مكروه.