بتـــــاريخ : 4/22/2012 5:58:20 PM
الفــــــــئة
  • الصحــــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1158 0


    الساعة البيولوجية في الكائنات الحية

    الناقل : SunSet | العمر :36 | الكاتب الأصلى : د محمد قزيط | المصدر : www.grenc.com

    كلمات مفتاحية  :
    الساعة البيولوجية في الكائنات الحية
    د محمد قزيط   

    فى عام 1729 ترك العالم الفرنسى دى ميران نباتات الهليوتروب (رقيب الشمس) فى غرفة مظلمة ليل نهار فلاحظ أنها التزم بنفس النسق أو الإيقاع المعروف عنها، أى أن أوراقها وزهورها استمرت فى التفتح والانغلاق فى المواعيد نفسها، كما لو وضعت تحت نفس الظروف الطبيعية، وكان المغزى واضحا.. شئ ما بداخل النبات – خلاف تعاقب الليل والنهار - يملى عليه هذا التصرف بمعنى أنه لم يكن يستجيب للضوء، وإنما يتحرك بدافع من توجيه أو توقيت داخلى, ونباتات الهليوتروب (استوائية أو شبه استوائية) يوجد منها أكثر من 200 نوع وأكثرها شهرة النوع ذو الزهور البنفسجية أو الحمراء.
    وكلمةHeliotropism تعنى الانحناء الشمسي، وقد اشتق منها اسم النبات بسبب حبه للشمس، فالنباتات تنمو جيداً وتتفتح فى ضوء الشمس، وتستخدم فى صناعة العطور بسبب رائحتها الذكية التى تشبه رائحة الفانيليا ، وتلك كانت أول تجربة مسجلة عن ما يعرف الآن بالبيولوجيا الزمنية أو الكرونوبيولوجى Chronobiology(من اليونانية chronos وتعنى الوقت)، وهو علم حديث يهتم بدراسة النسق أو الإيقاعات فى الكائنات الحية أو بمعنى آخر العلاقة بين الحياة والزمن.
    فالساعة البيولوجية في الإنسان تختلف عنها بالكائنات الأخرى وهناك الكثير من الصفات التي تسلك سلوكا مشابهاً، وهو ما يعرف بالإيقاع اليومي أو الليل نهاري (من اليونانية وتعنى حوالي اليوم)، وقد صاغ هذا الاصطلاح فرانز هالبيرج من جامعة مينيسوتا الأمريكية لوصف الإيقاع اليومي، وهو إيقاع فطرى داخلي يتم ضبطه أو التحكم فيه عن طريق الساعة البيولوجية التي تحدث بها الإيقاعات البيولوجية التي تحدث فى الكائنات البسيطة (وحيدة الخلية)، والكائنات المعقدة (الإنسان(، ويمكن تقسيم أنواعها إلى : إيقاع يومي أو نهاري- ليلى يعمل على تزامن بعض وظائف الجسم مع التغيرات اليومية في الضوء والظلام. مثال : دورة النوم والاستيقاظ فى الإنسان و إيقاع أقل من يوم : مثل الانتباه أو التركيز الذهني أثناء النهار، التقلب بين مراحل النوم المختلفة في الليل و إيقاع أطول من يوم يهيئ الجسم للدورات التي تستغرق أكثر من يوم. مثال : التناسل في الحيوانات الموسمية (الأغنام في نصف الكرة الشمالي تتناسل في الخريف)، الدورة الشهرية في المرأة، هجرة الطيور إلى الجنوب، البيات الشتوي و الساعة البيولوجية توجد في جميع الكائنات الحية لتساعدها على مواجهة التغيرات الدورية المتوقعة في الظروف البيئية كالطحالب وحيدة الخلية تتحرك إلى أعلى وإلى أسفل في الرمال تبعاً لتوقيت حدوث المد والجزر حتى لو وضعت تحت الظروف المعملية الثابتة وتبدأ الطيور المهاجرة في تخزين الطعام في أجسامها لتسمن قبل موعد هجرتها بأسابيع، وكذلك تفعل بعض الثدييات استعداداً للبيات الشتوي و- إذا وضع الإنسان في كهف مظلم بحيث تنطلق ساعته البيولوجية بحرية، فإن دورة النوم والاستيقاظ عنده تتأخر حوالي نصف ساعة يوميا (يصبح اليوم 24:30 ساعة، وفى بعض الأبحاث الحديثة 24:11 ساعة فقط) وتحت الظروف الطبيعية يتم ضبط الساعة البيولوجية كل صباح بتأثير ضوء الشمس وبينما يتم ضبط هذه الإيقاعات أو الدورات عن طريق دالات بيئية تسمى دالات الوقت) Zeitgebers من الألمانية وتعنى معطيات الوقت (مثل دورة النهار والليل، إلا أن كثيراً من الإيقاعات يستمر حتى في غياب الدالات البيئية، ولكن مع انحراف بسيط وفى عام 1962 عزل مايكل سيفر نفسه فى كهف مظلم تحت الأرض لمدة شهرين بعيداً عن أى مؤثرات خارجية، ونظم حياته طبقاً للنمط الذى تعود عليه فى حياته اليومية، فوجد أنه يتأخر فى النوم والاستيقاظ نصف ساعة يومياً، وعندما خرج من الكهف وجد أنه قد فقد عدة أيام بالإضافة إلى إصابته بالاكتئاب والتشاؤم.
    وعملية ضبط التوقيت الداخلي مع التوقيت الخارجي وأقوى ضابط لها هو تعاقب الليل والنهار وتأثر دالة الوقت ببعض العوامل البيئية مثل الضوء تعمل كدالات للوقت لإعادة ضبط الساعة البيولوجية فمثلا عند السفر بالطائرة: عبر عدة مناطق زمنية يتسبب فى حدوث إعياء الفارق الزمني ويحتاج إلى التعرض لضوء الشمس كل صباح لإعادة ضبط الساعة البيولوجية وأيضا تعتبر درجة حرارة الجسم: من الصفات التى تسلك سلوكاً إيقاعياً منتظماً، فهى تختلف ما بين درجة إلى درجة ونصف بين الليل والنهار فى الأشخاص الأصحاء، حيث تصل إلى أقصى معدلاتها Peak في نهاية النهار، وإلى أقل معدلاتها عند الفجر. وهذا الإيقاع يستمر حتى لو نام الشخص فى سريره طوال الـ 24 ساعة أو حتى وهو صائم.
    وهناك علاقة بين درجة حرارة الجسم والنوم. فإذا ما نام الشخص ودرجة حرارته فى انخفاض، فإنه سينعم بنوم هادئ وعميق، أما إذا ما حدث العكس وكانت درجة حرارته فى ارتفاع فإن نومه سيكون قصيرا وهناك الإيقاعات في معظم أجهزة الجسم: الغدد الصماء، الجهاز المناعى والدوري والبولي- ذات نظام موجي بسيط مشابه لنظام درجة حرارة الجسم، فتكون فى أعلى معدلاتها فى نهاية النهار، وفى أقل معدلاتها قبل الاستيقاظ فى الصباح الباكر , كما إن بعض الهرمونات يعتقد أنها تتأثر بالإيقاع اليومى مثل البرولاكتين ، الثيروتروبين والتستوستيرون وهرمون النمو. وأوضح مثال على ذلك هو إفراز هرمون الكورتيزول من الغدة فوق الكلوية (الأدرينال) فعند رسم منحنى الكورتيزول فى الدم نجد أنه يرتفع إلى القمة في الصباح وينزل إلى القاع أثناء الليل، وقد وجد العلماء الألمان فى جامعة لوبيك أن إفراز الهرمونات قبل الاستيقاظ يساعد الجسم على مقاومة الإجهاد الناتج عن الاستيقاظ.
    ويقول الدكتور جان بورن Jan Born إن إفراز الهرمونات بكثرة قبل الاستيقاظ يعتبر بمثابة الجرس أو الإنذار الذي يقول لك استيقظ فقد حان الوقت، بشرط أن تفكر في هذا الميعاد قبل أن تنام. وقد قام الباحثون المشاركون فى هذه الدراسة بقياس مستوى هرمونين من هرمونات الإجهاد ACTH، هما أدرينوكورتيكوتروبين والكورتيزول فى دماء مجموعتين من المتطوعين قبل النوم، كل مجموعة اشتملت على 15 فرداً متوسط أعمارهم 25 عاما، وقد نشرت نتائج هذه الدراسة بمجلة نيتشر البريطانية. وقد تم دراسة المتطوعين لمدة ثلاث ليال أخبروهم فى ليلتين منهما أنهم سوف يستيقظون فى التاسعة صباحا، وتركوهم فعلاً يستيقظون فى الليلة الأولى فى التاسعة، ولكن فى الليلة الثانية أيقظوهم فى السادسة وفى الليلة الثالثة أخبروهم بأن عليهم الاستيقاظ فى السادسة. وحينما عرفوا أن عليهم الاستيقاظ مبكراً ارتفعت لديهم هرمونات الاجهاد بدرجة كبيرة فى الساعة الأخيرة قبل الاستيقاظ.
    وقد لوحظ أن مستوى الهرمونات يرتفع بصفة مؤقتة لمدة 30 دقيقة بعد الاستيقاظ فى جميع الأيام. ويعتقد الباحثون أن هذا يرجع غالباً إلى تأثير الإجهاد الناتج عن الاستيقاظ. وقد لوحظ أيضا أن الأفراد الذين تم إيقاظهم في السادسة دون أن يعرفوا مسبقا بذلك ارتفع لديهم مستوى هرمون الكورتيزول بعد الاستيقاظ مما يدعو إلى الاعتقاد بأنهم وجدوا صعوبة فى الاستيقاظ، ومعروف أن هذا الهرمون يفرز تحت ظروف الإجهاد ونشاط الجهاز المناعي متمثلا فى عدد الخلايا الليمفاوية يسير فى عكس اتجاه الكورتيزول حيث يصل إلى قمة نشاطه فى المساء وإلى أقل مستوي فى الصباح الباكر كما إن هرمون النمو: فيصل إلى أعلى مستوياته في الثانية صباحاً، ويصل الإنسولين إلى أقل مستوياته فى السادسة صباحاً، وفى هذا الوقت يبدأ الميلاتونين فى الارتفاع. هذا وقد لاحظ العلماء أن معظم الوفيات بعد العمليات الجراحية تحدث بعد منتصف الليل، وفى الثانية صباحا تزداد قرحات المعدة، وفى الثالثة يصل ضغط الدم إلى أقل معدلاته، وفى الرابعة تحدث أشد أزمات الربو التنفسية.

    ولقد سمى المخرج السويدى انجمار برجمان الوقت بين منتصف الليل والفجر "ساعة الذئب المخيفة أو الساعة الكئيبة لأنه فى هذا الوقت تكثر الولادات والوفيات أيضاً، أو على حد تعبيرهم "إما أن تولد أو أن تموت فى هذا الوقت"، وفى الصباح الباكر (السادسة صباحاً) تزداد احتمالات حدوث الطمث عند النساء، وبعد الاستيقاظ من النوم تزداد حالات الحساسية الربيعية "حمى القش وفى وقت الضحى عندما يرتفع ضغط الدم ليواجه الاحتياجات اليومية يكون الإنسان أكثر عرضة للإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية والعياذ بالله. أما التهاب المفاصل أو الروماتويد فإنه يتحسن أثناء النهار. هذا وقد نشرت مجلة FDA Consumer منذ فترة تقريراً عن الإيقاعات اليومية ذكرت فيه بعض المعلومات الغريبة أن حواس السمع والتذوق والشم تزداد حدتها فى بعض الأوقات، فتكون في أعلى مستوياتها في الثالثة صباحاً، وتنخفض بسرعة فى السادسة صباحا، ثم ترتفع ثانية لتصل إلى القمة مرة أخرى بين الخامسة والسابعة مساءً. وهذه الدورة مرتبطة بدورة الهرمونات الاستيرويدية فعندما يزداد إفراز هذه الهرمونات تقل حدة الحواس السابقة الذكر كما إن عند تناول الأسبرين فى السابعة صباحاً فإنه يظل فى جسمك لفترة أطول عما إذا تناولته فى السابعة مساءً ومعظم الولادات تحدث بين الواحدة والنصف والثانية والنصف صباحا، أما الولادات التى تحدث بين الثانية والرابعة مساءً فتكون أكثر عرضة للمشاكل والمضاعفات سواء للأم أو للطفل المولود. وفى دراسة أجريت فى جامعة شيكاجو وجد أن مستوى الأداء الرياضى يختلف باختلاف وقت التمرين، فعند ممارسة التمرينات ليلا انخفض مستوى الجلوكوز فى الدم ويقول أورفيو بكستون إن ممارسة التمرينات الرياضية ليلاً تؤدى لزيادة إفراز هرمونى الكورتيزول والثيروتروبين اللذان لهما تأثير على تمثيل الطاقة بالجسم مما يؤدى لانخفاض مستوى الجلوكوز أثناء التمرين ليلا.
    ولم يتأثر هرمون النمو بميعاد أداءها وعليه يجب اختيار الوقت المناسب لأدائه ولكن ما أهمية الساعة البيولوجية فى الحيوانات والحشرات؟ يقول مايكل ميناكر من جامعة فرجينيا سنوات فى دراسة الساعة البيولوجية فى بعض الكائنات الحية. فوجد أن الحيوانات التى درسها كالسنجاب و الضفدعة يوجد بها خلايا تعمل كالساعة تقع فى شبكية العين وقام بجمع هذه الخلايا وحفظها حية فى محاليل مغذية، وبدأ يلاحظ دقاتها أو إيقاعاتها الزمنية ووجد أنها تسلك سلوكاً متشابهاً فى كل هذه الحيوانات، فتساءل: ما الذى تستفيده هذه الحيوانات من معرفة الوقت؟ والإجابة بسيطة: من مصلحة هذه الحيوانات أن تعرف الوقت مهما كان موقعها فى سلم الحياة والرقى، هذه الحيوانات تحاول دائما أن تجد فريستها مع عدم وقوعها فريسة لغيرها، كما أن بعضها يجد الليل مناسبا للبحث عن الطعام والاختباء بعيدا عن أعين الأعداء، وهذه تعرف بالحيوانات الليلية والبعض الآخر يجد الليل مظلماً بارداً لا يصلح للصيد فيفضل قضاؤه فى النوم حتى يستطيع أن يستيقظ مبكراً للبحث عما كتبه الله له من رزق فى هذا اليوم الجديد، وهذه تعرف بالحيوانات النهارية والإنسان يقع ضمن هذه الفئة الأخيرة ومن مصلحة الحيوانات كذلك أن تتنبأ أو تتوقع التغيرات البيئية، وتستعد لها أفضل من أن تتفاعل معها بعد حدوثها. فمثلا التناسل فى كثير من الأنواع يحدث فى أوقات محددة خلال العام. فالنباتات تنتج حبوب اللقاح في الوقت الذي تنشط فيه الملقحات والحيوانات تلد عند اعتدال الجو وتوفر المرعى الأخضر والفترة الضوئية هى التى تحكم التناسل فى هذه الأنواع، خاصة فى المناطق البعيدة عن خط الاستواء حيث يحدث اختلاف واضح فى طول الليل والنهار فى المواسم المختلفة.
    والأغنام فى البلاد الشمالية مثل بريطانيا مثلاً موسمية التناسل حيث تدخل موسم التناسل عندما تبدأ الفترة الضوئية فى النقصان، ويكون ذلك فى بداية فصل الخريف ومن هنا جاءت التسمية (أي الحيوانات التي تتناسل في النهار القصير)، وعلى العكس منها أنواع أخرى من الحيوانات مثل الخيل الموسمية تدخل موسم التناسل عندما تبدأ الفترة الضوئية فى الازدياد (الربيع) أي أنها والهدف فى كلا الحالتين واحد: الولادة فى الوقت المناسب وتجدر الإشارة إلى أن طول فترة الحمل تبلغ حوالي خمسة شهور في الأغنام، 11 شهرا فى الخيل. وإذا عرفنا أن هناك أنواعاً من الحيوانات مثل الكلاب والذئاب والثعالب والدببة تتناسل مرة واحدة فى العام لأدركنا أهمية معرفة الوقت بالنسبة لهذه الأنواع، أنه مسألة حياة أو موت بالنسبة لها، لأنها إذا لم تتناسل فى هذه الفترة المحدودة والتى تستمر لبضعة أيام فقط خلال العام كله، فإن عليها أن تنتظر عاما آخر إذا كان فى العمر بقية. مع العلم بأن الأنثى فى الحيوانات لا تقبل الذكر في أي وقت، وإنما فى وقت محدد من الدورة التناسلية ويكون بغرض إخصاب البويضات والحشرات التى تتميز بالبيات الشتوي مثل الذبابة المنزلية، والخنفساء المرقطة، وبعض أنواع الفراشات والبعوض، قبل دخولها فى البيات الشتوى، فإن دم اليرقة أو العذراء أو الحشرة الكاملة تنتج جليكولات وهي مواد مانعة للتجمد تمكن الحشرات من تحمل البرد القارس. ويعتقد العلماء أن إنتاج الجليكولات يبدأ عندما تقل الفترة الضوئية ويقل إنتاج الجليكولات بعد انتهاء الشتاء وقدوم الربيع حيث تستبدل بالدم الطبيعى، ويستعد الدب لبياته الشتوى بابتلاع كميات كبيرة من الطعام فى أواخر فصل الصيف لتخزينه فى جسمه على هيئة دهن، وحينما يحل الشتاء يذهب للنوم فى الكهف الدي أعده لنفسه. والطيور المهاجرة تبدأ فى تخزين الطعام فى أجسامها لتسمن قبل موعد هجرتها بأسابيع والجراد sيهاجر فى أسراب كبيرة فى مواعيد محددة إلى أماكن بعيدة، وهجرته ليست بسبب الجوع أو ندرة الغذاء، فقد يهاجر من أرض ذات غذاء وفير، ولكن الوقت قد حان للهجرة، وبعد وصوله إلى غايته فى الوقت المحدد أيضا فانه يقضى على كل مظاهر الحياة النباتية فى المكان الجديد شر قضاء كما إن تعرف أهمية الوقت بالنسبة لها لقد علمها الخالق جل شأنه أن تضبط الوقت بدقة متناهية، فإذا ما وجدت زهرة متفتحة أثناء رحلتها للبحث عن الطعام وحطت رحالها عليها لتمتص منها الرحيق، فإنها تسجل الوقت والمكان بدقة متناهية، وفى اليوم التالى يتلقى مخها إشارة بأن الوقت قد حان وأن عليها زيارة تلك الزهرة لجمع الرحيق، ولو فرض ولم تجد رحيقا فى اليوم التالى فإنها تسجل ذلك فى مخها أيضا، وتذهب إلى زهرة أخرى وتسجلها عندها، وفى النهاية يتكون لديها سجل تفصيلي عن هذا الحقل الذي تطير إليه يوميا لجمع الرحيق منه، فالوقت كل شئ فى حياتها.وحتى النبات لديه ساعة بيولوجية ورغم أن النباتات تبدو ساكنة وصامتة، إلا أن بداخلها ساعة بيولوجية تدق على مدار 24 ساعة يومياً مثلها مثل الحيوانات والحشرات، هذا ما أكتشفه الباحثون خلال النصف الثانى من القرن العشرين،

    وفى دراسة نشرت فى عدد ديسمبر 2002 من مجلة فسيولوجيا النبات تقول أنه كما يحتاج البشر إلى ساعة توقظهم من نومهم وتنظم لهم مواعيدهم، كذلك النباتات تحتاج إلى من يخبرها بموعد شروق شمس الصباح حتى تهيئ نفسها، وتستعد للقيام بمهامها. ويتم ضبط الساعة النباتية بها بحيث تعطى إنذاراٍ للنبات فى فترة الضحى بأن يستعد لضوء الشمس الشديد، وينشط العمليات التى تقوم بالتمثيل الضوئى وتصنيع الغذاء.
    هذا ما يقوله أوتار ماتو الإخصائى فى فسيولوجيا النبات فى معمل بحوث الخدمات الزراعية، ويضيف أن ساعة النبات تتحكم فى إنزيم يقوم بتحوير أو تعديل بروتين يسمى D1 هذا البروتين مهم جداً في عملية التمثيل الضوئي وهى العملية التى تستخلص بها النباتات الضوء وتستخدمه فى تحويل ثانى أكسيد الكربون والماء والعناصر المعدنية الذائبة فى التربة إلى غذاء. وحينما يتحد D1 مع الفوسفور ينتج بروتين معدل فى البلاستيدات الخضراء فى النبات، ويعتقد العلماء أن البروتين المعدل يجبر النبات على تعديل التمثيل الغذائى بحيث يحمى نفسه من الضوء الشديد. وهذه نعمة من نعم الخالق عز وجل على النبات لأن جذوره مثبته فى الأرض ولا يستطيع الحراك أو الفرار عندما ترتفع حرارة الشمس ويشتد لهيبها. وعندما تتعرض النبات للأشعة فوق البنفسجية بكثافة شديدة فإنه ينتج جزيئات تسمى فلافونويدات تعمل بمثابة مصفاة وقائية أو مرهم ضد الشمس وعندما يحل الغروب تتوقف الساعة فى النبات، وقد ينام النبات كما يفعل البشر. والساعة النباتية يتم التحكم فيها بالجينات والبروتينات مثل ساعة البشر تقريباً. ويقول ماتو أن هذه الدراسة قد تساعد العلماء على اكتشاف الطرق التى يمكن بها مساعدة النباتات على إنتاج غذاء أكثر وبكفاءة أكبر .... والله أعلم !


    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()