يعرّف الباحثون في "الجمعية الأميركية للتغذية" الجوع المفاجئ بأنه رغبة ملحّة في تناول الطعام خارج وقت الوجبات، وقد يُعزى إلى نقص كميّة الطعام المستهلكة في الوجبة السابقة، أو انخفاض معدّل السكر في الدم نتيجة القيام بنشاط جسدي متعب أو التعرّض إلى توتر نفسي شديد.
وتضيف دراسة نشرت مؤخراً في مجلة "بريفانشن ماغازين" Prevention Magazine أن عادة الجوع المفاجئ قد تلحق الخلل بعمل الجهاز العصبي، ما يتسبّب في مجموعة من العوارض الصحية السلبية، منها: عسر الهضم المزمن وانتفاخ في القولون والأمعاء والتهاب غشاء الأمعاء المخاطي. وتخلص إلى وجود علاقة مباشرة بين الجوع المفاجئ والتقلبات السريعة في الوزن التي تؤثّر بدورها في نسبة السكر والدهون في الجسم، وتؤدّي إلى حالات من التعب المزمن والاكتئاب واضطرابات القلب والشرايين والخلل في الهرمونات.
"صبايا كافيه" تطلع من الأستاذة في التغذية العلاجية سمية سليمان على أهم الحلول الغذائية والسلوكية التي تساعد في الحدّ من التعرض للجوع المفاجئ:
ثمة عادات غذائية مشابهة للجوع المفاجئ، من شأنها إعاقة عملية إنقاص الوزن، أبرزها:
- الشراهة المرضية: تتسبّب في تناول الطعام بكميات مفرطة بدون إحساس بالشهيّة أو الجوع وفي أوقات متقاربة، لا تفصل أكثر من ساعة ما بين وجبة وأخرى. تنتج عن اضطراب في الجهاز العصبي المتحكّم في مركز الشهية في المخ، ما يؤدّي إلى تخزين مفرط للدهون، محدثاً زيادة في الوزن.
- تناول الطعام بين الوجبات: تقضي باستهلاك كميات قليلة من الطعام بشكل متكرّر وعفوي بدون الإحساس بالجوع، ما قد يتسبّب في تحفيز البنكرياس لإفراز الانسولين الذي يعمل على سرعة هضم السكر، فيما تبقى الدهون مكدّسة بسبب بطء استخدامها في إنتاج الطاقة، ما يزيد الرغبة في تناول الطعام من جديد.
عوامل سلوكية محفّزة للشهية
وفي الموازاة، تلعب بعض العوامل السلوكية دوراً في الشهيّة، وتحفّز زيادة الوزن، أبرزها:
- الطعام العاطفي: توضح دراسة صادرة عن "منظمة الصحة العالمية" أن الإقبال على الطعام غالباً ما يكون بديلاً عن أزمة نفسية أو فقد شخص مقرّب، وأن الكثير من المرضى وخصوصاً النساء يهرب من الإحساس بالوحدة أو الكآبة أو الحزن عبر الإفراط في تناول الطعام، ما يصيب بالسمنة وما يصاحبها من أمراض مزمنة. ويُنصح في هذه الحالة بتغيير أسلوب الحياة وإدخال بعض العادات السلوكية الجديدة كالمشاركة في نشاط رياضي أو استشارة اختصاصي تغذية لإيجاد حلول تساعد في الحدّ من حالة الطعام الانفعالي.
- السيطرة على حجم الوجبة: يفيد خبراء التغذية أن تنظيم مواعيد الوجبات والحرص على تناول الفطور يحملان فائدة في ضبط أوقات بقيّة الوجبات الأخرى. ولذا، يؤيّد بعض الدراسات تعدّد الوجبات الصغيرة التي تتراوح بين 5 إلى 6 وجبات يومياً، وذلك لتكرار قيام الجسم بنفس الوظائف الحيوية بما يضمن استهلاك أكبر للسعرات الحرارية.
- إيجاد اهتمامات بديلة: تبرز في أوقات الفراغ، وتشمل القراءة أو ممارسة الرياضة أو المشاركة في الأعمال المنزلية، وهي بدائل ناجحة تصرف عن تناول الطعام، ما يقلّل من عدد السعرات الحرارية المتناولة. ويؤكد خبراء "مايو كلينيك"، في هذا الإطار، أن القراءة قبل النوم بنصف ساعة فعّالة في شغل العقل عن التفكير في تناول المزيد من الطعام، علماً أنّه تزيد الشهية في فترة قبل النوم. ويذكر خبراء الصحة في "منظمة الصحة العالمية" أن ممارسة الرياضة فعّالة في التحكم في الشهية، حيث تتطلّب شرب كميات كبيرة من السوائل في أثناء أدائها، ما يساعد على امتلاء المعدة وصرف التفكير عن تناول المزيد من الأطعمة. ويشرح باحثون أن شعور الجوع قد ينتج عن الظمأ وقلّة السوائل في الجسم، وأن الارتواء يحفّز على الشبع وعدم الرغبة في تناول الطعام.
لوجبات غذائية أقل
يتّفق الباحثون أن الوصايا الصحية التالية تساعد في التحكّم في الشهية، وتقلّل عدد الوجبات المتناولة على مدار اليوم:
1- عدد الوجبات: يؤكد خبراء التغذية في عيادات "مايو كلينيك" بأميركا أن عدد الوجبات المثالي يتألّف من 3 وجبات رئيسة، أهمّها الفطور لفعاليتها في تنشيط الدورة الدموية بعد ساعات النوم الطويلة ولقدرتها على إنتاج الطاقة اللازمة لبذل المجهود البدني المطلوب لبدء النشاط اليومي، بالإضافة إلى وجبتين خفيفتين قبل الغداء بساعة وقبل العشاء بساعتين، على أن تكون من الفاكهة الطازجة. ويجدر الحذر من تناول كميات إضافية من الأطعمة بين الوجبات الرئيسة أو تأخير وجبة العشاء التي يجب أن تؤكل قبل النوم بـ 3 ساعات على الأقل كي يتمكّن الجسم من أيضها والتخلّص من سعراتها الحرارية. ويشير الباحثون إلى أن النوم الذي يصاحبه قليل من الجوع يدفع الجسم إلى تلبية جوعه من مخزون الدهون، وأن النوم فرصة كبيرة للتخلّص من الدهون المتكدسة في الجسم.
2- توقيت الوجبات: يوضح خبراء في "منظمة الصحة العالمية" أنّه يجب أن تفصل 4 ساعات بين الوجبة والأخرى على الأقل في الحالات العادية، و3 ساعات في حال النشاط الجسدي أو الذهني المكثّف.
3- بيئة الوجبات: تفيد دراسة نشرت في "مجلة السمنة الدورية" أن الضوضاء تؤثر سلباً على عملية الهضم، كما أن تناول الطعام في أثناء مشاهدة التلفاز أو التحدّث على الهاتف أو العمل أمام الكومبيوتر يؤدي إلى غياب الإحساس بكميتها، وبالتالي إلى زيادة الوزن. ويؤدي، في المقابل، الاسترخاء وتناول الطعام في مكان هادئ إلى التحكم في تناول الطعام اللاواعي.
4- إعداد الوجبات: تلعب عملية طهو الطعام دوراً هاماً في الحدّ من زيادة الوزن، ولكن المغالاة في الطهو يقضي على الفيتامينات والمعادن اللازمة في تحفيز الأيض والتخلّص من السعرات الحرارية. لذا، ينصح خبراء "هيئة الغذاء والدواء الأميركية" بضرورة تناول الفاكهة والخضر في صورتها الطبيعية للحصول على القدر الكافي من المغذّيات، كما سلق الخضر وتناول حسائها الذي يضمّ العناصر الغذائية المفقودة أثناء عملية الطهي، مع تفادي الأطعمة المشوية على الفحم مباشرة والتي تعتبر مصدراً للجذور الحرّة التي تقتل الخلايا وتتسبّب في الإصابة بالسرطان وتُسرّع بظهور علامات تقدّم العمر.
5- أسلوب تناول الوجبات: تؤثر العوامل السلوكية التالية على أسلوب تناول الطعام، أبرزها:
طريقة تناول الطعام: تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أهمية عملية المضغ السليمة على قدرة الجسم في امتصاص العناصر الغذائية والتخلص من الفضلات، حيث يؤدي التمهّل في تناول الطعام إلى امتزاج اللعاب بالطعام، ما يعزّز الشبع ويحد من مشكلات عسر الهضم والانتفاخ.
المتعة في تناول الطعام : يجب أن يكون الطعام منوّعاً بغرض الحصول على أكبر قدر من المغذيات والعناصر الأساسية للغذاء، كما يقود استهلاك السكريات والدهنيات والبروتينات والألياف بالنسب الموصى بها إلى الشعور بالامتلاء وإفراز هرمون "السيرتونين" المسؤول عن زيادة الشعور بالسعادة وتحسين الحالة المزاجية.
6- أيض الوجبات: تساعد المواظبة على ممارسة الرياضة أيض السعرات الحرارية المكتسبة من الطعام وتجنّب تخزينها على صورة دهون موضعية. ويبيّن خبراء اللياقة في "المركز الأميركي للطب الرياضي"، في هذا الإطار، أن التبغ والقهوة والشاي تؤثر سلباً على عمليات الاستقلاب الخلوي كافّة وعلى معدل تراكم الدهون في البطن.