أكد الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة أن الأصل في كل مطعوم ومشروب وملبوس الحل، حتى يقوم الدليل على أنه حرام، لقول الله تعالى " هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً "، فأي إنسان يقول: هذا الشراب حرام، أو هذا الطعام حرام، أو هذا اللباس حرام ، فلا بد من أن يأتي بالدليل، فإن لم يأت بدليل فقوله مردود عليه ،ولقد أجمع فقهاء الأمة على حرمة الخمر لأنه قد نزل في الخمر أربع آيات.
الأولى: نزلت بمكة وهي قوله تعالى " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا "، فكان المسلمون يشربونها.
والثانية: نزلت بعد الهجرة لما سأل سيدنا عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل ونفر من الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالوا : يا رسول الله أفتنا في الخمر فإنها مذهبة للعقل ومسلبة للمال، فنزل قوله تعالى " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبرمن نفعهما " فشربها قوم وتركها آخرون.
الثالثة: نزلت لما دعا عبد الرحمن بن عوف جماعة فشربوا وسكروا فقام بعضهم يصلي فأخطأ في قراءة القرآن في صلاته حيث قال: قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون، فنزل قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون"، فقل عدد من يشربها.
الرابعة: لما دعا عثمان بن عفان جماعة من الأنصار فلما سكروا منها تخاصموا وتضاربوا فقال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزل قوله تعالى "إنما الخمر والميسر" إلى قوله تعالى "فهل أنتم منتهون" فقال عمر : انتهينا يا رب.
والحكمة في تحريم الخمر على هذا الترتيب أن الله تعالى علم أن القوم ألفوا شرب الخمر وكان انتفاعهم بذلك كثيرا فعلم أنه لو منعهم دفعة واحدة لشق ذلك عليهم فكان من الحكمة أن يحرمها بالتدريج والرفق.
وأضاف وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة، الخمر من أفحش الذنوب ، وأعظمها خطرا على المجتمع الإنساني كله لذلك حرمها الشارع وشدد في تحريمها وأنزل فيها عدة أحكام عالج فيها حالة العرب التي كانت تدمن الخمر وتعدها من علامات الشهامة والمروءة ثم أنزل فيها آية التحريم " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون "، فوصف الله تعالى الخمر بأنها رجس : أي قذر تنفر منه العقول السليمة وهو لفظ يدل على القبح والخبث والميسر هو قمارهم والأنصاب هي آلهتهم التي يعبدونها والأزلام سهام مكتوب عليها شر وخير وقد قرن الله تعالى الخمر بالميسر والأنصاب والأزلام وهي من أعمال الوثنية والشرك فكأنه قريب من هذه المنكرات.