السؤال
رجل أعطى خاله مبلغا من المال لكي يحج لأمه المريضة غير القادرة على الحج وذلك بناء على طلبها شرط أن يذهب بالطائرة ولكنه ذهب هو وزوجته برا وقد أوصته أخته أن يحضر لها أشياء لتوزعها صدقة وقد نذرت أن تذبح عجلا صدقة وعندما عاد لم يأت إليها إلا بعد شهر ولم يحضر لها شيئا ولم يخبرها أنه حج لها وقد غضبت كثيراً وشكت في حجه وقالت إنه يجب عليه هو أن يذبح العجل لأنها علمت والله أعلم أنه اشترى ذهبا لزوجته وهو غير قادر على ذلك من ماله وقد ماتت المرأة ولم يذبحوا العجل ولم يتأكدوا من صحة حج الخال، فما الواجب على أولادها. فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.
الفتوى
خلاصة الفتوى:
لا بد للخال لتصح نيابته في الحج أن يكون قد حج عن نفسه، وهو ملزم بالحج في الطائرة وإلا لزمه رد الأجرة التي أخذها، وعلى الأولاد أن يوفوا نذر أمهم إذا كانت تركت مالاً، وأن يحجوا عنها إذا كان الحج قد وجب عليها، وإن لم تكن تركت مالاً أو لم يكن الحج قد وجب عليها فإنه يستحب لهم فعل ذلك عنها، ولا يجب عليهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فللجواب على السؤال يلزم التطرق إلى عدة أمور منها:
1- أن هذا الخال الذي كلف بالحج عن والدتكم لا بد أن يكون قد حج عن نفسه أولاً، حسبما رجحه أهل العلم، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 5704.
2- أنه إذا كان قد اشترط عليه أن يحج في الطائرة فإنه لا يبرأ مما كُلف به من الحج إلا بالحج في الطائرة، فالعلماء -رحمهم الله- قد حكموا بأن الأجير في الحج يجب عليه أن يحج على النحو المفهوم من كلام الآجر، من ركوب إبل أو غيرها، وأحرى إن كان ذلك قد اشترط عليه صراحة.
قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وحج على ما فهم، وجنى إن وفى دينه ومشى.
قال الشيخ الدردير: (وحج) الأجير ضماناً، أو بلاغاً وجوباً (على ما فهم) من حال الموصي بقرينة لفظية، أو حالية من ركوب محمل ومقتب وجمال وغيرها. (وجنى) الأجير أي أثم (إن وفى دينه) مثلاً بالأجرة (ومشى) عطف على وفى. أي إن وفى دينه ومشى فقد جنى، وحينئذ فيلزمه الحج في عام آخر إن كان العام غير معين أو يدفع المال، فإن كان معيناً فسخت الإجارة. انتهى.
ومن هذا يتبين أن الخال المذكور ملزم برد المال الذي أخذه، لأنه أخل بالشرط المشروط في الحج، مع احتمال أنه قد لا يكون سبق أن حج، ومع ما ذكرتموه من الشك في أنه قد حج عن الوالدة.
3- ما أوصت به الأخت من أشياء تحضر لها لتوزعها صدقة، إذا كانت قد أعطت الثمن الذي تشترى به تلك الأشياء فمن حقها أن تسترجعه من أخيها، وإن لم تكن أعطته شيئاً، فإنه ليس ملزماً بأن يحضر تلك الأشياء.
4- نذر الأخت أن تذبح عجلاً صدقة يجب عليها أن تفي به هي، وليس الأخ ملزماً به.
5- الواجب على الأولاد بعد موت أمهم هو أنها إن كانت قد تركت مالاً، أن يوفوا منه النذر الذي نذرته، وإذا كان الحج قد وجب عليها أن يحجوا عنها من تركتها، ولو لم توص بذلك، وإن لم يكن الحج قد وجب عليها فلا يلزم أن يحجوا عنها ما لم توص به ويتسع له ثلث مالها، وإن لم تكن قد تركت مالاً فإنهم ليسوا ملزمين بوفاء نذرها أو الحج عنها، ولكنهم لو فعلوا ذلك، كان ذلك من البر بها.
والله أعلم.