استنكر علماء الإسلام ما صدر في أحداث ماسبيرو أمس وأجمعوا علي أن تلك الأحداث ليست فتنة طائفية بين الجانبين المسلم والمسيحي، بل هي فتنة يراد بها الوطن كله وتفتيت وحدة مصر ونسيج هذا الشعب المتماسك، وشددوا علي ضرورة إعلاء صوت التعقل وتغليب المصلحة العليا للبلاد علي ما عداها.
يقول الدكتور محمد حسين توفيق عويضة رئيس نادي أعضاء هيئة تدريس جامعة الأزهر، رئيس المؤتمر العام لأندية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والمراكز البحثية رئيس مجلس حكماء أساتذة الجامعات المصرية: إن ما حدث يعود إلي ساسة المجلس العسكري وسياسة مجلس الوزراء الحالي والذين يتعاملون بيد من حرير مع حملة السنج والمطاوي والأسلحة البيضاء، وأن يتم العفو عن المخطئين، فضاع الحساب وضاعت هيبة الدولة،تساءل هل كان يجرؤ أحد علي أن يمس زرار بذلة العسكري الذي يحمي الشعب ويمثل الدولة كلها؟!
وأضاف عويضة أن هذه السياسة الحريرية لم تتبع مع المجرمين فقط بل مع الكل من يخرج علي القانون ويسيء لمصر فعندما تم الإعلان عن تجريم المظاهرات والاعتصامات التي تعطل مصالح الناس وتؤثر سلبا علي الدولة، ماذا كان رد فعل الدولة مع الفئات التي اخترقت هذا القرار؟ لا شيء وكانت النتيجة أن تصاعدت الاعتصامات الإضرابات والمطالب الفئوية وتوقفت المصالح والمصانع والمدارس والجامعات، فقد غيب القانون وغيب الأمن والأمان وكل ذلك أدي بدوره إلي ما نحن فيه الآن من تسيب وفوضي.
ويؤكد د.عويضة أنه من العبث أن يتم التعامل مع هذا الموقف علي أنه مجرد اختلاف علي بناء دار عبادة، مشيرا إلي أن هناك مخططا خارجيا يشترك فيه أعداء لنا من دول عربية وأوربية وأمريكا، ويتم تمويله بالملايين من أجل ضرب مصر في وحدتها وفي نسيجها المتماسك حتي يثبت فشل الثورة المصرية ولا تنتقل إلي تلك الدول الأعداء التي تنفق ببذخ لإفشال ثورتنا.
نقطة أخري يلفت إليها الدكتور عويضة وهي أن الأجهزة التنفيذية في الدولة مثل المحافظين والوزراء، كثير منهم ليست لديهم خبرات سياسية وتنفيذية، نتيجة أنه لا يتم اختيارهم من الشارع السياسي وهذا يؤدي لمثل ما شهدناه في أحداث أسوان، حيث كان من الممكن أن يتم احتواء هذه المشكلة في مهدها بالسماح ببقاء تلك الكنيسة أو دار الضيافة ولو كان ذلك ليس حقا للمسيحيين، مراعاة للمرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد، فالجدل في النهاية يدور حول دار عبادة من المفترض أنها ستحض علي الفضيلة وليس علي شيء آخر.
واعتبر الدكتور محمد أبو زيد الفقي الأستاذ بجامعة الأزهر وأحد المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية تلك الأحداث حلقة في سلسلة التآمر علي مصر واستقلالها وهر خطوة مدعومة من الخارج وبتنفيذ من الداخل، وأسهم في ذلك الأسلوب المتبع من نظام الحكم الموجود حاليا من الجيش والحكومة وهو كما يقول أسلوب غير عملي علي الإطلاق، فالشعوب لا تحكم بالطبطبة ولكنها تحكم بالعدل والحسم في آن واحد، عدل لا يفرق وحسم لا يميز.
وحذر الفقي من أن تكون تلك الأحداث محاولات للتدخل الأجنبي في شئون مصر مشيرا إلي أن عند يتم السماح بالتدخل في شئون مصر فستتحول مصر إلي 85 مليون مقاتل مسلم ومسيحي، وعلي من يعيش علي أرض هذا الوطن أن يفكر في ذلك ألف مرة قبل أن يخطو خطوة سيندم عليها طوال حياته.
وطالب الفقي حكومة عصام شرف بتقديم استقالتها وتعيين وزارة أكثر حسما في تصريف أمور البلاد، مشيرا إلي أنه يجب دراسة أي طلب لبناء دار عبادة سواء كان مسجدا أو كنيسة وبحثه بشكل عاجل وإعلان النتيجة المقرونة بحيثياتها قبولا أو رفضا للرأي العام، حتي لا يظن أن هناك اضطهادا أو تمييزا، لا سيما أن الإسلام يرفض كل صور التمييز والاضطهاد.