بتـــــاريخ : 9/10/2011 3:07:06 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1747 0


    الآثار النفسية والاجتماعية لمساوىء الأخلاق

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : islamweb | المصدر : www.islamweb.net

    كلمات مفتاحية  :
    الآثار النفسية الاجتماعية مساوىء الأخلاق

     مما هو واقع مشاهد في الحياة أن لمخالفة المنهج الإسلامي آثارا وخيمة تنعكس على كل جوانب الحياة ، وعلى الأفراد والمجتمعات. ذلك أن من ينهج سبل الانحراف مبتعدًا عن منهج الإسلام يقيض له من يجلب القلق والاضطراب لتمرده على خالقه سبحانه وتعالى، قال عز وجل: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف:36].

    والشياطين لا تعد الإنسان إلا بما يجلب له القلق والاضطراب، فتوسوس له بالفقر، وضيق الحال، والطمع فيما عند الغير، وعدم القناعة بالموجود. قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ) [البقرة:268]. أي: يخوفكم الفقر لتمسكوا ما بأيديكم فلا تنفقوه في مرضاة الله تعالى، ومع نهيه عن الإنفاق خشية الإملاق يأمركم بالمعاصي والمآثم والمحارم ومخالفة الخلاَّق.

    أما المؤمنون فليس له عليهم سلطان؛ قال تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [النحل:99]، وقال تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) [الإسراء:65].

    وسنتعرض في هذا المقال لبعض آثار المخالفات السلوكية والأخلاقية على الفرد-في نفسه-وعلى المجتمع

    أولاً الآثار النفسية:

    يمكن ذكر بعض الآثار النفسية للانحرافات السلوكية والأخلاقية في النقاط التالية:

    أولاً: عدم التوافق النفسي:

    من أبرز مقومات الشخصية التوافق النفسي، وهو القدرة على التآلف، والتكيف مع البيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد، وإمكانية مواجهة المشكلات التي تعترضه بشكل ناجح.

    ومن مظاهر عدم التوافق النفسي: القلق، والعزوف عن الطعام، والانطواء، وشدة الخجل، وسرعة الغضب، والعناد، والميول العدوانية الهجومية، وأحلام اليقظة، والكذب.. إلى غير ذلك من مظاهر الاضطراب النفسي.

    وللانحرافات السلوكية أوفر الحظ والنصيب في إيجاد عدم التوافق النفسي، حيث أثبتت التجارب في مختبرات فسيولوجية في جامعات عالمية أنه قد تكون كمية الخمر قليلة جدًّا لكنها قادرة على أن تحدث تغيرًا في التوازن النفسي.

    ثانيًا: الشعور باليأس:

    اليأس: يعني القنوط، وهو نقيض الرجاء. وعملية اليأس تدفع الإنسان إلى الكسل والخمول، وعدم الجد والاجتهاد، مع البحث عن الموارد المادية والمالية بطرق الغش والخداع، وتأمل السارق والمتسول، فإن كثيرًا منهم لديهم القدرة الجسمية على العمل والتكسب، ولكن انحرافهم يدفعهم إلى البطالة والخمول.

    كما أن المسكرات تسبب الشعور باليأس والقنوط والقلق وعدم الاستقرار، مع الخوف من أمور لا تستحق ذلك، وهذا يؤدي إلى فقدان القيم الخلقية، ويؤدي أيضًا إلى الجنون،حيث لوحظ أن 50% من المصابين بالجنون من مدمني الخمر.

    وتجد الكاذب يكذب وهو في يأس من الصدق أن ينجيه، والحاسد وهو في يأس أن يحصل له من النعمة مثلما عند الآخرين.

    ولكن التربية الإسلامية تبعد الإنسان عن الانحرافات السلوكية، وتغرس في قلب أتباعها السكينة والاطمئنان وتملأ القلب شجاعة وإقداما، فلا تجده كذابًا ولا حاسدًا،كما قال صلى الله عليه وسلم: "ولا يجتمعان في قلب عبد: الإيمان والحسد".

    ثالثًا: القلق:

    القلق: هو الانزعاج والاضطراب وعدم الثبات.

    والقلق: حالة نفسية داعية إلى الاضطراب وعدم الاستقرار، شاغلة للفكر، مبعدة للطمأنينة.

    والبعد عن المنهج الإسلامي أساس القلق، والاضطراب؛ لأن النفس إنما تسكن وتهدأ بذكر الله تعالى؛ قال تعالى: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:28].

    وكلما ابتعد المرء عن المنهج الإسلامي ومارس المساوئ الخلقية استحوذ عليه القلق والاضطراب، وخير شاهد على ذلك اعتراف المنحرفين عن منهج التربية الإسلامية، حيث أشارت الدراسات أن الأطباء يقرون أن واحدًا من كل عشرين أمريكيًا يقضي جانبًا من حياته في مصحات الأمراض العقلية،ومن الحقائق أن واحدًا من كل ستة شبان تقدم للالتحاق بالخدمة العسكرية في خلال الحرب العالمية الأخيرة رد على عقبيه؛ لأنه مريض أو ناقص عقلي،كما أثبتت الإحصاءات أن القلق هو السبب الثاني للموت في أمريكا، وفي خلال سني الحرب العالمية الأخيرة قضى داء القلق على مليوني نسمة، منهم مليون نسمة كان مرضهم ناشئًا عن القلق وتوتر الأعصاب.

    وفي شرب المخدرات والمسكرات الأثر البالغ في جلب القلق والاضطراب النفسي، حيث أكدت الدراسات الميدانية التي أجريت على المدمنين أن نسبة من عندهم التأثر لأتفه الأسباب تشكل 96.9%، وتوتر الأعصاب 86.8%، والقلق المستمر 88.6%، والشعور بالكسل والخمول 86.5%، واضطراب النوم 84.5%، والخوف الدائم 70.1%.

    والمتأمل يلاحظ أثر القلق النفسي السيئ على حياة الإنسان وسلوكه، وأنه لا ملجأ ولا منجى إلا بالتمسك بمنهج الإسلام والبعد عن مساوئ الأخلاق.

    فالمؤمن الموحد تملأ نفسه الطمأنينة، وقلبه اليقين ، مهما ادلهمت به الخطوب وعصفت به الأحداث وأحاطت به الفتن؛ لأنه علم علم اليقين أن هذه الدنيا هي دار ابتلاء كما بين ذلك رب العالمين وخالقهم؛ قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) [البقرة:155].

    رابعًا: الأمراض القلبية:

    لقد بيَّن الله سبحانه وتعالى أمراض القلوب وشفاءها في كتابه القويم، ومن ذلك قوله تعالى: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) [البقرة:10]، وقال تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) [الأحزاب:32]، وقال تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً) [الأحزاب:60].

    ومرض القلب: هو نوع فساد يحصل للإنسان، يفسد به تصوره للحق وإرادته له، فلا يرى الحق حقًا، أو يراه على خلاف ما هو عليه، أو ينقص إدراكه له، فيبغض الحق النافع، أو يحب الباطل الضار، أو يجتمعان له، وهو الغالب.

    ولذلك فإن أصحاب الانحرافات ينفرون من مجالسة أهل الحق والصلاح، وربما أبغضوهم؛ لأنهم ينهونهم عن إشباع شهواتهم بالمحرمات؛ ولأنهم على غير شاكلتهم، وربما رأوا في الصالحين أنهم لا يدركون، وهذا غاية الجهل والضلال.

    وأما العلاج: فبينه الحق تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس:57]. فمن أراد الخير والعافية القلبية التي يبحث عنها كثير من الناس فعليه بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ففيهما سعادة الدارين الدنيا والآخرة.

    ثانيًا: الآثار الاجتماعية:

    تنعكس آثار المساوئ الخلقية على البيئة الاجتماعية بصورة مباشرة وغير مباشرة، من خلال ما تحدثه في المجتمع من تصدع وتفكك اجتماعي، وما تحدثه من معوقات اقتصادية، وإخلال بالأمن العام للأمة.

    وما سبق ذكره من آثار نفسية على الأفراد ما هو إلا آثار غير مباشرة تنعكس على المجتمع في دينه وأمنه واقتصاده وصحته، وفيما يلي:

     أهم الآثار المباشرة للمساوئ الخلقية في المجتمع:

    أولاً: العذاب الإلهي:

    إذا تفشت منكرات الأخلاق في مجتمع من المجتمعات نزل بساحتهم البلاء، قال صلى الله عليه وسلم في الزنا والربا: "إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله".

    وفي إهلاك قوم لوط عظة وعبرة؛ قال تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) [هود:82، 83].

    ثانيًا: التباغض:

    من إفرازات المساوئ الخلقية إيجاد التباغض الاجتماعي بين أفراد الأمة، فالحسد – مثلاً – نتيجته البغضاء من الحاسد للمحسود، فهو يظهر في سلوكه المنحرف، وتعامله البذيء، ومقابلته السيئة لمنم أنعم الله عليهم، وإزاء ذلك فإن المحسود قد يرد عليه بنفس الخلق، مما ينجم عنه كتلة ضخمة من الحسد تجثم على قلب الحاسدين.

    وفي الانحرافات الخلقية الأخرى من الغيبة والنميمة ما يجعل في المجتمع كراهية لهؤلاء وبغضًا، وذلك نتيجة السلوك السيئ الخاطئ الذي نهجوه.

    وكذلك يحصل لمن انحرفت سلوكياتهم بالربا، أو الزنا، أو اللواط، أو شرب المسكر؛ فإنه يحصل لهم البغض والكراهية الاجتماعية، وربما كان هذا التباغض متبادلا بين الصالحين والفاسدين.

    ثالثًا: التقاطع الاجتماعي:

    إن أسس التقاطع الاجتماعي منبعها من المساوئ الخلقية، حيث إن كل رذيلة سلوكية تسهم بقدر كبير في إيجاد التقاطع الاجتماعي بين أفراد الأمة، فالنميمة – مثلاً – وسيلة خطيرة وأداة قوية لانفصام الروابط الاجتماعية في الأمة، وقطع لصلة الأرحام في الأسر وبين الأصدقاء، ووسيلة لنشر العداوة والبغضاء، قال صلى الله عليه وسلم في حق صاحبها: "لا يدخل الجنة نمام". [رواه مسلم].

    فالكذب أساس السيئات، ودلالة على فساد الأخبار، فهو يبدد العلاقات الاجتماعية ويزلزل كيانها، فبالكلمة الكاذبة تتمزق العلاقات الأسرية وجماعة المهنة الواحدة، ومجموعة الأصدقاء، فتترك خلفها شحنات من الريبة والشك في الأقوال والأعمال.

    وللحسد نصيب الأسد في غرس التقاطع الاجتماعي، فهو أحد أسباب التمزق الاجتماعي إن لم يكن أهمها؛ إذ قد يؤدي الحسد بالحاسد إلى أن يغتاب ويكذب ويسعى بكل ما أوتي من قوة لإزالة النعمة من المنعم عليه، وقد تكون هذه النعمة صلة اجتماعية بين الزوجين أو الصديقين أو الأسرتين أو الجماعتين أو أكثر، فيبدأ الحاسد مشواره بتبديد تلك العلاقات وإنه لأمر عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: "دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء. والبغضاء هي الحالقة، حالقة الدين لا حالقة الشعر، والذي نفس محمدٍ بيده، لا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أنبئكم بشيءٍ إذا فعلتموه تحاببتهم؟ أفشو الاسلام بينكم".

    رابعًا: الغش الاجتماعي:

    الغش الاجتماعي: واسع الدلالة والآثار، حيث يكون الغش في الكلمة وفي الميزان، وفي الحقوق، وفي الواجبات، ويكون في الأموال وفي العلاقات، ولا يأتي إلا من بريد مساوئ الأخلاق.

    فنتيجة الخلق السيئ تجد التطفيف في الميزان، والبخس في الحقوق والواجبات. قال تعالى: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) [المطففين: 1-5].

    ونتيجة المساوئ الخلقية يأتي الغش الاجتماعي في الأعراض، فتنتهك في المجتمع عن طريق القذف، وعن طريق الزنا، قال صلى الله عليه وسلم: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا؛ فليبلغ الشاهد الغائب".

    ومن أبواب الغش الاجتماعي:

    التظاهر بمظهر معين في موقف معين، على غير الحقيقة والصورة الصحيحة، مما يترتب على ذلك خداع وغش للطرف الآخر، أو لأطراف أخرى، أو أن يأتي لقوم من الناس بوجه ويأتي لآخرين بوجه آخر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه".

    قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شر الناس؛ لأن حاله حالة المنافق، إذ هو متملق بالباطل والكذب ، مدخل الفساد بين الناس.

    خامسًا: العنوسة والتأخر في الزواج:

    مما يساعد ويسهم في التأخر وعدم التبكير في الزواج الانحرافات السلوكية خاصة عند من يتعاطون المسكرات والمخدرات، ويرتكبون فاحشة الزنا التي من آثارها تفشي الطلاق، والسبب في ذلك عدم الشعور بالمسؤولية الأسرية، وكثرة المنازعات الداخلية، كما أن انصراف المرأة إلى التقاليد غير الإسلامية في أساليب الحياة كالتبرج، والاختلاط، ومحادثة الرجال-بلا ضوابط شرعية- يزهد الرجال فيها، مما يسبب تأخر الزواج وبلوغ سن العنوسة دون زواج.

    فآثار المساوئ السلوكية على المجتمع خطيرة تنعكس على حياة المجتمع وسلوكه، وتزين للمجتمع الجريمة والانحراف، واستسهالها والتعود عليها، مما قد يجعل أفراده يعتادون منكرات الأخلاق.

    كلمات مفتاحية  :
    الآثار النفسية الاجتماعية مساوىء الأخلاق

    تعليقات الزوار ()