فوزى العشماوى السفير المصرى فى موزمبيق وسويزلاند
حوار: علام عبد الغفار - تصوير هشام سيد
مفاجآت وأسرار كشف عنها فوزى العشماوى، القنصل العام المصرى السابق فى المملكة العربية السعودية، والسفير المصرى فى موزمبيق وسويزلاند، خلال حواره مع اليوم السابع، كان أبرزها أن محاكمة الرئيس مبارك وأركان نظامه له تأثير إيجابى كبير على العلاقات المصرية الخارجية ورسالة واضحة للعالم لانتهاء عهد الفساد فى مصر، مؤكدا أن الاعتمادات المالية للقنصليات المصرية فى الخارج صفر وهو الذى يعيق حل مشاكل المصريين القانونية والإنسانية مقارنة بباقى القنصليات.
وأكد العشماوى أن سبب تراجع السياسة الخارجية المصرية وتعرض كثير من المصريين لأزمات بالخارج ناتج عن الاهتمام الضعيف من قبل النظام السابق والذى تغير بشكل كبير بعد الثورة، متمنيا أن تشارك الخارجية فى رسم السياسات وتنفيذها بدلا من تنفيذ رؤية القيادة السياسية.
قال السفير إن ملف التواجد الإسرائيلى فى أفريقيا هو أسطورة مبالغ فيها وأنه لا تأثير على مصر منها، وكذلك ملف حوض النيل تتعرض مصر فيه لتحديات كبيرة جعلت المصرى يحلق ذقنه بكوب ماء صغير جدا بعدما كان فى الماضى يفتح صنبور المياه على الآخر ليهدر قرابة 40 لترا فى حلاقة ذقنه ويقول لأولاده وللمصريين "اتقوا الله فى شربة المياه"، مؤكدا أن الزعيم جمال عبد الناصر هو الرئيس المصرى الذى عظم مكانة مصر فى إفريقيا، فيما تجاهل السادات أفريقيا لصالح الصراع الإسرائيلى ومبارك انشغل بأوروبا.
تفاصيل الحوار نسردها فى السطور القادمة:
س: فى البداية نحب أن نتعرف على السفير فوزى العشماوى وكيف تولى حقيبة سفارة الخارجية فى موزمبيق؟
ج:أنا بدأت خدمة فى السلك الدبلوماسى عام 1981 بدءا من روما ثم الكويت والأردن ونيرمار وجنوب شرق أسيا، ثم كندا مونتريال والمملكة العربية السعودية كقنصل عام هناك، وأخيرا رشحت لمنصب السفير المصرى المقيم فى موزمبيق وغير مقيم فى سويزيلاند.
س: الآن مصر تعيش أيام ثورة 25 يناير، كيف تراها وتعقيبك عليها؟
ج: الثورة المصرية هى أعظم ثورة فى تاريخ مصر الحديث والقديم، وأنا منذ الأيام الأولى للثورة كنت مؤيدا ومعها قلبا وقالبا، وذلك لأنه جاءت لتضع الأمور فى نصابها الصحيح، الذى يجعل مصر بعد الثورة قوى إقليمية ودولية فاعلة لا تقل أهمية عن تركيا فى الشرق الأوسط وجنوبأفريقيا فى الجنوب الأفريقى واليابان فى أسيا وهكذا.
س: تركيا واليابان وغيرها من الدول المتقدمة تبنت مشروعات نحو التقدم ونحن ليس عندنا ذلك ما رأيك؟
ج: هذا هو الذى يجب أن تفعله مصر بعد الثورة، خاصة أننا قبل الثورة قد وصلنا لمرحلة كنا لا نطيق أن نعيش فيها لفترة أخرى، حيث كنا نعيش فى دولة "مصر" لا يوجد فيها مدينة ولا شارع ولا أوتوستراد ولا مدرسة ولا جامعة ولا مستشفى بالمستويات الدولية المتعارف عليها فى الدول المتقدمة أو حتى الدول النامية، وهذا الذى دفع شبابنا يخرج ليرفض هذا الوضع.
ولكى نصل إلى ما وصلت إليه تركيا وماليزيا واليابان يجب تضافر جهود المجتمع بما فيها المؤسسات التى لا يجب هدمها، ومنها مؤسسة الخارجية التى يجب أن تعمل فى إطار وضع مصر فى أفضل حال وكذلك مؤسسة الجيش والرئاسة والشرطة تكون فى خدمة الشعب.
س: اتفقنا أن مصر قبل الثورة لم تمتلك مؤسسة على المستوى الدول المتقدمة أو النامية فكيف ننطلق؟
ننطلق من خلال ما يلى، الفترة الانتقالية يجب ألا ننزعج منها ومن وجود مشاكل فيها، خاصة أنها فترة طبيعية فى حياة كل الشعوب التى تشهد تغييرات جذرية فى تاريخها ولكن يجب ألا تطول هذه الفترة إلى الأبد ولكن يجب أن نختزلها، كما يجب أن أنسى أننى سلفى أو إخوانى أو ليبرالى أو علمانى أو قبطى وأتذكر أننى مصرى وهذا يعنى أننى أبدأ من اليوم أن أنتج وأمارس عملى ولا يجب أن أتكلم عن الحقوق وأتجاهل الواجبات.
س: كيف كان يدير نظام مبارك ملف العلاقات الخارجية سواء فىأفريقيا أو غيرها؟
لا بد أن نتفق على شىء وهو أن السياسة الخارجية لمصر خلال الـ30 عاما الماضية كان ينقصها الكثير لكى تكون معبرة عن طموحات وآمال الشعب المصرى، فحينما يكون الشعب مهتما بفكرة المصريين فى الخارج الذين يمثلون 7 ملايين مواطن أى ممثل عن كل أسرة مصرية فى الخارج، لم يكن النظام يهتم الاهتمام الواجب والمناسب والكافى بهذا الملف والملف الإفريقى.
س: ماذا عن تأثير محاكمة مبارك على العلاقات المصرية بالدول الخارجية؟
محاكمة مبارك لها تأثير على كل دول العالم لأنها تعنى أننا نفضنا عننا فترة الفساد وتأليه الحكم وفترة أننا فوق المساءلة القانونية، ففى الماضى كان الفرعون المصرى إما يؤله أو يغتال او يموت أما الآن الفرعون المصرى يحاكم محاكمة عادلة يدان أو يبرأ.
كما أن محاكمة مبارك لها تأثير إيجابى على مصر وصورة شعبها فى الخارج، خاصة أنها هى تدشين لمرحلة تاريخية مهمة يجب أن نفخر بها جميع مؤداها بدون تزايد، أنه لا أحد فوق القانون، لا يوجد أحد سيظلم وإنما سيحاكم محاكمة عادلة يتوافر له فرص الدفاع ويطلع على مجرياتها كل أفراد الشعب، وإذا استطعنا ترسيخ هذا المبدأ "إعمال حكم القانون"، فنحن بذلك وضعنا أيدينا على أول خطوة نحو التقدم.
س: هل الثورة امتدت إلى الملف الخارجى؟
أكيد طبعا.. لأنه أصبح الآن التفكير فى إرسال أحسن العناصر والكوادر فى الخارجية إلى إفريقيا، ولم يعد هناك مؤتمر قمة يرسل إليه وزير بل يذهب رئيس الدولة، وهناك اهتمام بالعلاقات الثقافية والاقتصادية والطموحات والآمال الإفريقية من خلال تحقيق التعاون بين اليابان ومصر لدعم دولة إفريقية من خلال صندوق التعاون المصرى معأفريقيا وهو من الوسائل الأساسية للتعاون مع إفريقيا، حيث يتولى فتح بعض المنشآت والمؤسسات والمستشفيات ومولدات الكهرباء وغيرها، قد لا يكون ميزانياتها كبير ولكن مرجعها كبير ولذلك يجب أن تولى الحكومة له اهتمام كبير.
س: بصفتك سفير مصر فى دولة إفريقية، مصر بعد الثورة وقبلها تواجه العديد من التحديات فى الملف الإفريقى كيف تواجه لتعود لمجدها مرة أخرى فى إفريقيا؟
-فى البداية مصر قبل 25 يناير كانت دائما 80% من زيارات المسئولين الكبار فى مصر وعلى رأسهم الرئيس، انتهاء بمساعدى الوزير للشئون الخارجية تتجه شمالا نحو باريس ولندن وواشنطن على حساب أفريقيا، وهذا لا يقلل من دول الشمال، ولكن لدينا دوائر أفريقية مهمة جدا لم نتجه إليها إلا من خلال زيارات بروتوكولية ومناسبية لا تغنى ولا تسمن من جوع، والآن آن الأوان أن يتغير ذلك حتى يجب أن يكون هناك اهتمام بالقمة الأفريقية والبعثات الشعبية والعلاقات الثقافية والاقتصادية لأننى دائما أقول إن الثقافة والاقتصاد، خاصة ونحن نمتلك أدوات كثيرة فيهما، توحد دائما ما تفرقه السياسة التى قد تفرق بين الشعوب.
عندما نقول لدولأفريقيا نحن مستعدون للدخول فى شراكة معكم فى مشروعات مشتركة أو نرسل لكم شركات كبرى كالسويدى والمقاولين العرب وغيرها، أنتم تكسبون ونحن نكسب، بالطبع سيرحبون بك، وكذلك عندما نحترم مبعوثيهم الذين نجلبهم للتعليم فى مصر وكذلك البعثات الطبية والحديث معهم فى حوض النيل بشكل تفاوضى يمكن تجنب إهدار المليارات من لترات المياه، ومعرفة طبيعة المشروعات التى يقيمونها لتقديم المساعدة لهم هناك ويكون الاهتمام اهتماما حقيقيا وليس مصطنعا.
س: هل مصر قبل الثورة فقدت دورها فىأفريقيا لصالح دول أخرى أم ماذا حدث؟
ج: مصر لم تفقد دورها فىأفريقيا قبل الثورة، ولكن دورها أضعف مما كانت عليه فى الماضى، ولكن أقول لك إن الحب القديم لا ينتهى من القلوب والحب الأفريقى لمصر راسخ فى قلوب الأجيال الأفريقية الحديثة، كما هو راسخ فى قلوب آباء التحرير من قبل.
س: مصر كانت لها الولاية فى تعيين كهنة الكنيسة فى الدول الأفريقية وكان البابا شنودة هو بابا الحبشه والآن اختفى ذلك، لماذا وكيف نحل ذلك؟
ج: فقدنا ذلك لأننا لم نكن نهتم على المستوى الشعبى والرسمى، ولم نكن نحضر المؤتمرات واللقاءات الأفريقية، ولم نرسل أحسن العناصر فى السفارات والقنصليات هناك، لم نكن نتعامل معهم فى المنافسات، فى كثير من الأحيان لم يكن التمثيل مناسبا من حيث الكم والكيف فى عدد الدبلوماسيين عكس دول أخرى تعانى اجتزاز السفارات الأخرى من الممثلين، وذلك رغم أن مشاهير وزراء الخارجية العرب عمرو موسى وأحمد أبو الغيط وأحمد ماهر ومراد غانم بدأوا من إفريقيا، حينما كان بطرس غالى وهو وزير الدولة للشئون الخارجية يسافر إلىأفريقيا كان يتم عمل استقبال أسطورى له من قبل وزير خارجية الدولة المضيفة مقارنة بأى وزير لدولة أخرى حتى للدول العظمى.
ولمواجهة ضعف التواجد المصرى فى أفريقيا، لابد أن يكون هناك وفود على أعلى مستوى تشارك فى مؤتمرات القمة الأفريقية بأجندة عمل واقتراحات لتنفيذ مشروعات، أن يتم اختيار أفضل العناصر والكوادر لأفريقيا فى الخارجية، تعزيز دور الشركات المستثمرة وتشجيعهم.
س: لكن مصر تتخلى عن المستثمرين ورجال الأعمال فى الخارج فى حال تعرضهم لأزمة، منها ما حدث مع نجيب ساويرس فى الجزائر فى أول خطوة؟
ج: مصر لا تتخلى عن أبنائها، ولكن لى رأى فى ملف الجزائر كان يعالج علاجا خاطئا بدءا من ملف الكورة حتى السياسة والاقتصاد.
س: مصر دائما ينظر لها من الدول الأفريقية أنها تنظر لهم باستعلاء، كيف ستعملون على كسر هذه النظرة؟
ج: المواطن الأفريقى مواطن بسيط يستشعر الحب والاحترام وهو يرغب منك أن تعامله بحب واحترام وإذا تعاملت معه بهذه الكيفية خذ منه ما تريد، سواء على الجانب الشعبى أو الرسمى وأن نطبق معهم نظرية أنا وأنت نكسب، وليس المعادلة الصفرية أى الذى تكسبه أنا تخسره أنت والعكس، أيضا أن نتواصل معهم ثقافيا واستثماريا حيث استثمار 100 مليون دولار فى أوروبا مبلغ ضئيل ولكنه فىأفريقيا كبير جدا.
س: ما هى أجندتك كسفير مصر فى موزمبيق لإعادة مصر لمكانتها لدى المواطنين الموزمبيقيين؟
ج: إنشاء مركز تدريب للمواطنين هناك يشرف على تدريبهم مصريون، توفير فرق أطباء لمعالجتهم، العمل على توسيع دائرة عمل الشركات المصرية هناك، إضافة إلى أنت وزير السياحة الموزمبيقى مستشاره السياحى الذى يحدد له أنواع المشاريع التى يعتمدها هو مصرى ويدعى أنور أبو العلا، رغم خروجه على المعاش إلا أن الوزير تمسك به وجدد له، ونحن حريصون على استمراره ودعمه، لم أعمل اتفاقيات جديدة إلا بعد تنفيذ الاتفاقيات القديمة.
س: هل أنت راض عن التواجد المصرى فى إفريقيا؟
ج: نعم فمصر لها فى كل دولة سفارة، ودورها مفعل ووزارة الخارجية كانت دائما تنفذ السياسة التى ترسمها القيادة السياسية، وهى التى ينطبق عليها المثل "اطبخى يا جارية كلف يا سيدى"، ولو تعرف كم الوزراء والمسئولين الأفارقة الذين درسوا فى مصر كلهم يرون أن مصر قوى عظمى من خلال اقتصاد وثقافة متميزة.
وعندما تعود للمجال الثقافى والسياسى والاستثمارى ستعود مصر.
س: لماذا دائما يتعرض المصريون فى الخارج لأزمات؟
ج: لأن مصر تخرج مواطنين لا يعلمون عن قوانين الدول الخارجية شيئا، وهو الأمر الذى جعلنى أطلب من وزيرة القوى العاملة تنظيم دورة عمالية لمدة أسبوعين لتعريف العمالة المصرية بقوانين الدولة التى يسافر لها، كما أن المواطن المصرى يخرج بدون تلقى أى تدريب أو خبرة، حيث يتفق معه على أساس مهندس أو دكتور وهو ليس متدربا، فهناك مشكلة كبيرة، ولكن هذا لا ينفى أن هناك جاليات عربية أخرى فى الخارج تتمنى أن تكون مثل الجالية العربية فى تماسكها وتوادها وتراحمها والجالية المصرية تحتاج إلى قدوة وقيادة سياسية ونوع من أنواع الشفافية وهى تعطيك ما تريد.
س: ما طبيعة المشاكل والأزمات التى يتعرض لها المصرى فى الخارج ولماذا تتهم القنصليات والسفارات بالتقاعس؟
ج: هناك مشكلتان أساسيتان يتعرض لها المواطن فى الخارج، مشكلة قانونية أو مشكلة مع صاحب العمل، مشكلة إنسانية وهذه المشكلات تحتاج لاعتمادات مالية وفى مصر فى كل القنصليات فى الخارج، كانت الاعتمادات للحالات الإنسانية والقانونية صفر، عكس باقى قنصليات الدول الأخرى والبعض الآخر مثلنا، ولكن تم تنفيذ فكرة الاعتماد على رجال الأعمال المصرية وتم إنفاق قرابة 2 مليون ريال لحل المشاكل.
س: يعنى ذلك أننا كسفارات وقنصليات لا نتخلى عن العمالة فى الخارج رغم ما يتعرض له المصريون من أزمات؟
ج: لا، إطلاقا، فكل دولة لها قانونها ولا بد أن نحترمه ولن أستطيع أن أقول له غير قانونك من أجلى، مثلما هو لن يقدر أن يقول لى غير قانونك من أجلى.
س: ممكن نكرر تجربة ماليزيا؟
ج: نعم لأننا نملك كل المزايا التى تؤهلنا لذلك، فماليزيا بدأت تجربتها عام 1981 ونحن نطبق تجربتها فى الحج والعمرة، ولكن الذى يجعلها تصل إلى ذلك ونحن نبقى على وضعنا هو الفساد ثم الفساد ثم الفساد، حيث عندما يشعر المواطن أن أحدا آخر أخذ حقه فهو بالطبع لا يعمل ولا ينتج، وعندما يحصل المواطن على حقه يعشق بلده دون أن يتغنى بها مثل مواطنى كندا الذين يعشقون بلدهم دون الغناء بها.
س: نعود مرة أخرى لأفريقيا كيف ترى التواجد الإسرائيلى فىأفريقيا مقارنة بالتواجد المصرى وما هو تأثيره على مصر؟
ج: الحديث عن التواجد الأسطورى الإسرائيلى فىأفريقيا به قدر كبير من المبالغة، والتواجد الإسرائيلى كأى دولة إقليمية تعلب دورا وتريد أن يكون لها مصالح فى منطقة ما بالنسبة لها هى منطقة أمن قومى، ولكن هل هذا التواجد على حساب التواجد المصرى: لا أعتقد ذلك ولكن أعتقد أن التواجد المصرى عندما يكون فى وضعه الصحيح لا يمكن أن يهتز أو يتعرض لتهديد من أى تواجد آخر لأن مصر لها تاريخ كبير وحاضر هام ومستقبل بارز.
س: هل ترى أن رجال الأعمال المصريين كانوا يؤدون دورهم فىأفريقيا لخدمة مصر، أم كان هناك تقاعس منهم؟
ج: لم يكن هناك تقاعس ولكن الذى كان يحدث أن رجال الأعمال كانوا يرون أن السوق المصرية مربحة جدا تغنيهم عن المخاطرة فى دول لا يعرفون فى وقت لا نعطيهم التشجيع للاستثمار هناك، والذى إذا توفر له ذلك بالطبع سيذهب إلى هناك، وهنا لا أجد تفسيرا لغلق مكاتب تجارية مصرية فى هذه الدول بحجة ترشيد الإنفاق وهذا الغلق أراه عبثا ولابد من عودتها، حتى وإن لم يكن لها فى المرحلة الأولى عائد واضح لأن هذا استثمار بعيد المدى يجب تشجيعه.
س: هل وجود هذه المكاتب أو عدم وجودها يؤثر سلبا على مكانة مصر فى الخارج؟
ج: حينما يكون لمصر مكاتب تجارية فى الخارج هى قوى كبرى مضافة للسفارة المصرية لأنه سيتولى الجانب الاقتصادى فيما يتفرغ السفير للجانب الثقافى والسياسى والرياضى، كما أن هذه المكاتب تساعد السفارات فى تأدية رسالتها الدبلوماسية.
س: ماذا عن أهمية الوفود الشعبية مقارنة بالسلك الدبلوماسى فى توطيد العلاقات؟
ج: الوفود الشعبية من المكونات الأساسية للسياسة الخارجية وليست المكون الأول فيه وليست العوض عن التمثيل الرسمى والثقافى والاقتصادى، جنبا إلى جنب مع التمثيل الشعبى.
س: الآن الشرق الأوسط يتعرض لصراعات داخلية وخارجية، ما مدى تأثيره وانعكاساته على العلاقات المصرية الأفريقية؟
ج: أنا أتصور أن القارة الأفريقية تنظر إلى الربيع العربى بإعجاب كبير لأن الدول العربية ترغب فى مستقبل لا يكتنفه الفساد وبه تعددية سياسية وحكم رشيد واتجاه الدول الأفريقية تتجه نحو الحكم الرشيد الذى يعتمد على حكم القانون والشفافية والمحاسبية وعندما يكون هناك ثورات فى الوطن العربى لتطبيق الحكم الرشيد فسنكون أقرب بعضنا لبعض، وأعتقد أن مصر ستكون نموذجا للدول الأفريقية فى محاربة الفساد والحكم الرشيد والاستثمار الأمثل فى الموارد.
س: فى الفترة الأخيرة تولى حقيبة الخارجية عدد من الوزراء منهم عمرو موسى وأحمد ماهر وأبو الغيط والعربى والعرابى وأخيرا محمد كامل عمرو ما هو الاختلاف؟
ج: كل وزراء الخارجية العرب هم شخصيات وطنية ينفذون سياسة وضعها القادة السياسيون، إلا أننى أتمنى أن تساهم وزارة الخارجية فى رسم السياسات وتنفيذها وليس فقط تنفيذها وأن تعود ملفات الخارجية لوزارة الخارجية بعد خروجها لأجهزة أخرى والتى لا أقبل أن تخرج عن الخارجية ومنها "مسيرة السلام" و"العلاقات السياسية مع دول الجوار" و"المصالحة الفلسطينية" بالتنسيق مع أجهزة الدولة.
س: هل حصة مصر من شريان الحياة "نهر النيل" مهددة؟
ج: لا أستطيع أن أقول إنه مهدد، ولكن به تحديات كبيرة فإننا لم نستطع حتى الآن التوصل إلى كلمة سواء فى مبادرة حوض النيل، وحينما يوقع بعض أعضاء المبادرة والبعض الآخر تحتاج إلى مبادرات ومفاوضات أكبر، فهنا نحن أمام تحد كبير، فدول المصب لا يمكن أن تكون فى معزل منفصل عن مصر والسودان، ولمواجهة هذه التحديات يجب أن يكون هناك علاقات وتشابكات تراعى جميع المصالح ونحن نملك أن نجلس معهم ونقول لهم لكم حقوق ولكن لا تهددوا حقوقنا، ولن تترك مصر لحرب مع دول حوض النيل بسبب المياه.
أيضا كما علينا مسئولية ترشيد استخدام النهر بين دول الحوض علينا فى مصر ترشيد المياه، فأنا فى الماضى كنت أفتح صنبور المياه على الآخر أثناء حلاقة ذقنى ولكنى الآن أصبحت أضع شوية ماء فى كوب وكذلك أولادى وأقول لهم "اتقوا الله فى شربة المياه" وأيضا الرى بالغمر يجب أن نعرف أن هذه الثروة نحن خلفاء عليها ومعنا شركاء فيها.
س: بما أنك كنت تتولى منصب القنصل العام المصرى فى السعودية، ما رأيك فى رفع الأعلام السعودية فى ميدان التحرير، وهل يعكس ذلك وجود تمويلات لتيارات مصرية؟
ج: أنا لست مع رفع أى علم أجنبى فى أى تظاهرة أو فعالية مصرية فى أى مكان وأكفى أن أقول لكم إننى فى السعودية والأردن والكويت لم تكن تسمح هذه السلطات برفع أعلام مصرية أو عراقية أو تونسية عندما يفوز الفريق القومى لإحدى هذه الدول ومنها مصر كانت السلطات السعودية تقول للمصريين لا أحد يرفع الأعلام الأجنبية هنا، وبنفس المنطق نقول للمصريين ذلك بأن العلم الذى يرفع فى مصر هو العلم المصرى فقط، ورفع هذه الأعلام ليس وراءه تمويل وإنما وراءها مرجعية دينية.
س: ما رأيك فى التمويل السعودى للسلفيين؟
ليس لدى أى معلومات عن ذلك ولكن الذى مؤكد لدى هو نفى المسئولين السعوديين ذلك.
س: هناك قرابة 7 ملايين مصرى فى الخارج يرغبون فى التصويت خلال الانتخابات القادمة، كيف يتم ذلك وما هو دور السفارة والقنصليات فى ذلك؟
ج: أنا مع حق كل مواطن مصرى فى الإدلاء بصوته فى الانتخابات القادمة لتقرير مصيره ومستقبل بلده، ولكن يجب أن تتوافر البعثات والآليات ويجب أن نبدأ فورا بالأمور المتاحة فى الاستفتاء والانتخابات الرئاسية، ثم نوفر الآليات التى تمكنهم من الإدلاء فى الانتخابات التشريعية القادمة.
والذى أستطيع أن أؤكد عليه هو أن هناك تصميما على تمكين المواطن المصرى من المشاركة فى الانتخابات.
س: أيهما كان أكثر تأثيرا ونجاحا فى إدارة الملف الخارجى من بين الرؤساء الثلاثة السابقين "عبد الناصر والسادات ومبارك"؟
ج: بدون تردد عبد الناصر الذى واكب حركات التحرير وكان لمصر أفضل سفرائها وخبرائها فىأفريقيا التى كانت فى ذات الوقت طموحا هائلا وهو التحرر من الاستعمار والسعى للتقدم، فيما كان السادات ومبارك لم تكنأفريقيا ضمن أولويات السياسة الخارجية لهما، فالسادات كان مهموما أكثر بالصراع العربى الإسرائيلى ومبارك فضل التوجه الأوروبى على حساب أفريقيا.