الكمالية من منظور نفسى:
الكمالية:يعنى إيه؟ ببساطة كدة السعى للكمال...وياترى دى حاجة كويسة واللا حاجة وحشة....طبعاً حتلاقى ناس تقولك لازم نسعى للكمال حتى وإن كنا مش حنحققه وناس تقولك الكمال لله وحده...وناس تقولك الموضوع ده فعلاً عامل لى مشكلة عايز أعمل كل حاجة من غير غلطة واحدة لدرجة إنى ساعات ما بأعملش حاجة خالص...يعنى ياصح 100% يابلاش....أه هنا بقى الحالة المرضية فى الكمالية لما تلاقى نفسك وصلت لمرحلة الإعاقة وإن تفكيرك المفرط فى الدقة خلاك تتجنب أشياء مش واثق إنك لو عملتها حتطلع بصورة ترضيك أو ترضى الناس ...هنا بقى عندك شعور إن أى حاجة حتعملها حتطلع مش مقبولة.
طيب...يعنى إيه كمالية كتعريف؟
الحقيقة هنا لازم نعرفها فى الصحة والمرض.... يبقى نقدر نقول فى كمالية فى الأحوال الطبيعية وهى بذل أقصى الجهود لإخراج العمل فى أفضل صورة تبعث على الإرتياح...وفى كمالية فى الأحوال المرضية....أو على وجه التحديد الكمالية كعرض عصابى...هنا يبقى الشخص ده لايشعر بالإرتياح أبداً لأنه عنده إحساس داخلى متغلغل جواه إنه ما يعرفش يعمل حاجة كويسة أبداً..وبالتالى الشخص ده حيكون عنده سلوك قهرى بمعنى إنه يعيد الحاجة ويكررها...هنا الإنسان هدفه اللى بيسعى لإنجازه غير محدد وبالتالى إنهاء العمل ممكن يكون مستحيل..عارفين إيه مشكلة الشخص ده؟ مشكلته إنه ربط إنجاز الأعمال بكيانه وذاته..يعنى أعمل حاجة أو أحقق إنجاز يساوى أكون أو لا أكون..يتطور الموضوع معاه لأن أى غلطة معناها تهديد بانهيار للذات...وده مفهوم عرض عصابى يعنى مرتبط بصراعات نفسية داخلية كامنة فى العقل الباطن.كده ممكن نقول فى الصحة الموضوع يعنى السعى للكمال وده أمر محمود يساوى الدقة...فى المرض الكمالية يصاحبها أعمال قهرية من أجل تحقيق هدف غير محدد مرتبط بإثبات الذات واعتراف الأخرين بوجودى. طبعاً الأفكار الوسواسية حتكون جزء من الحياة اليومية فى حالة الكمالية المرضية...ماهو أنا علشان ما أغلطش لازم طول الوقت أكون ضامن إن الأمور فى زمام إيدى وتحت سيطرتى علشان ما فيش حاجة تفلت منى وأغلط....يبقى فى أفكار مستمرة..ياترى هو أنا المفروض أعمل كذا...؟ طيب لوعملت كده النتيجة حتكون إيه؟ طيب ياترى كان المفروض أعمل...؟ وهكذا..
ودلوقت تعالوا ننتقل لنقطة أخرى نوضح بها أكثر صورة الكمالية بحيث نفهم إيه إيجابى وإيه سلبى؟ يعنى إيه؟ يعنى نقدر نقول إن الكمالية لها بعدين...بعد إيجابى وده المختص بالمساعى وجزء سلبى وده مختص بالمشاغل...إيه الكلام ده؟
يعنى فيه مقاييس نقدر نعرف بيها هل الشخص ده شخص يسعى لتحقيق الدقة والتميز أم أنه دخل فى الشكل المرضى المعوق الذى يعطل العمل...هنا بنقيس إيه؟ بنقيس المساعى والمشاغل... طيب إيه المساعى ؟هى الجهود المضنية التى يبذلها الشخص حتى يخرج عمله فى أفضل صورة ممكنة...ويرصد الأخطاء ويتجنبها فيما بعد يعنى دايماً بيحسن ويطور....يبقى ده الوجه الإيجابى...أما الوجه السلبى فهو الخاص بالمشاغل....يعنى إنت هنا بتفكر أكتر ما بتنجز...
طيب نقدر دلوقت نقول إيه الفرق بين السعى للتميز والكمالية؟ فى ضوء فهمنا للبعد الإيجابى والبعد السلبى؟
بس عايزين نقولها بشكل فيه الفهم للجانب النفسى ...أه يبقى الفرق بينهم إنت بتبص لأخطائك إزاى؟ يبقى لو إنت من المجموعة اللى يهمها المساعى حتشوف أخطاءك على إنها وسيلة للتجويد والتحسين أما لو إنت بتشوف أخطاءك على أنها تهديد لكيانك ومعيبة لذاتك وتهدد قبول الأخرين لك فهنا إنت دايماً حتتردد أبدأ...أكمل...بلاش أعمل...ده ..ما أعرفش أعمل ده...خايف أغلط..خايف لو عملت ده الناس تقول....أه يبقى أنت ركزت على المشاغل ودخلت فى دائرة الوسواس القهرى والقلق والخوف من الفشل اللى فى الغالب نهايته مزيد من الفشل.
د.نهلة نور الدين حافظ
أخصائى الطب النفسى