الأهداف:
- إرجاع الكرامة لكل مواطن بعد أن جَعَل التخلف والتبعية من كلمة "عربي" مسبّة في بعض لغات العالم، وإعطاء الإنسان العربي عبر دستور اتحادي ومحكمة دستورية اتحادية مزيدا من الضمانات للتمتع بكل الحريات والحقوق المنصوص عليها في الدساتير الوطنية وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان..
- تمكين الشعوب العربية من أوسع سوق لما تنتج من مواد وأفكار وقيم وقوانين، وفتح الفضاء العربي أمام تحرك البشر والرساميل، وذلك اليومَ أهم شرط لنهضة اقتصادية شاملة.
- إعادة أمتنا إلى ساحة التاريخ -بعيدا عن منطق الثأر من الغرب أو الانتقام من الصهاينة واليهود أو أي انزلاق شوفيني عنصري ديني من هذا القبيل- كطرف فاعل في صنع حضارة القرون المقبلة عبر نهضة علمية تكنولوجية وثقافية شاملة، تُحْشَد لها كل الإمكانيات البشرية والمادية وتَعْتمِد اللغة العربية -التي احتقرها وهمّشها الاستبداد- لسانا لها.
- سحب ثلاثمائة مليون إنسان من ساحة الخصاصة والعنف وعدم الاستقرار، لجعلهم قوة جديدة تساهم في السلم والرخاء والتقدم وبناء عالم أفضل لعامة البشر.
التدرّج في البناء:
"المهندسون المعماريون" و"البناة" هم الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنية، خاصة الشبابية، والحكومات الديمقراطية ورجال ونساء الفكر والإعلام والثقافة. وتعمل الأطراف للضغط والتنفيذ والمتابعة.
- الاتحاد مثل كرة الثلج التي تَكْبُر شيئا فشيئا بانضمام كل شعب عربي حقق استقلاله الثاني إليها.
- لا يدخله أي قطر يعيش تحت نظام استبدادي ولو كان عروبيا ألفا في المائة، لأن الاستبداد ليس فاسدا فحسب وإنما هو أيضا مُفسِد ودخوله بمثابة زرع جرثومة خطيرة في جسد رضيع لم يكتسب بعد كل مناعته.
- لا يهم أن يكون النظام ملكيا أو جمهوريا، شريطة أن تكون الديمقراطية الفاعلة والفعلية ركيزة الحياة السياسية والاجتماعية للبلد العضو.
- يتم بناء مؤسسات الاتحاد تدريجيا بِخُطًى ثابتة، آخذة بعين الاعتبار الحساسيات الوطنية والمصالح القطرية المشروعة.
المؤسسات الاتحادية الضرورية هي البرلمان الاتحادي بغرفتين، الأولى مجلس الأمة، حسب عدد السكان والثانية مجلس الشيوخ، بممثلين متساوين لكل دولة، ثم محكمة دستورية اتحادية، فمجلس حكم برئاسة دورية كل ستة أشهر لكل بلد، ومُنَسّقيات بين وزارات التعليم والتشغيل والصحة والأمن إلخ، ومؤسسة دفاعية واحدة ووزارة خارجية واحدة وخاصة بنك عربي اتحادي وعملة عربية وضريبة اتحادية وصندوق إنماء عربي تشارك فيه كل دولة طرفٍ بما يتطابق مع إمكانياتها المادية ويُخصَّص للتنمية القطرية أو لمشاريع اتحادية.
- تُلغَى التأشيرة حال دخول طرفٍ الاتحاد. أما إلغاء الحدود فيتم على مراحل يتم التوافق عليها.
- الجنسية عربية مصرية، عربية تونسية إلخ، مع جواز سفر عربي موحّد.
- في مرحلة البناء التدريجي يمكن أن يكون للاتحاد عدة عواصم، كأن تحتضن القاهرة المجلس الرئاسي وتونس مجلس الأمة وطرابلس مجلس الشيوخ، وأن تحتضن غدا دمشق مجلس الدفاع المشترك وصنعاء المحكمة الدستورية الاتحادية. كل هذا بانتظار اكتمال الاتحاد، أي انضمام جلّ إن لم يكن كل شعوب الأمة. يومها يشرع الجيل القادم في بناء "بيت العرب" كعاصمة للأمة تشيّد في المركز الجغرافي للوطن الكبير وتكون أعجوبة القرن الواحد والعشرين معماريا، تسطع بعودة العرب لساحة التاريخ.
القيم:
كل الهياكل التنظيمية التي لا تُبنَى على القيم عماراتٌ عائمة فوق رمال متحركة. يجب أن يُسنَد الاتحاد إذن من مصدرين:
الأول هو القِيَم التحررية في تراثنا العربي الإسلامي كالكرامة التي كَرّمنا الله بها والحرية التي صرخ من أجلها عمر بالاستنكار الشهير، والعدل الذي جعل منه ابن خلدون أساس العمران.
الثاني هو القِيَم العالمية الممثلة في البنود الثلاثين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومنها الحق في الحريات الفردية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
أما تفعيل هذه القيم فيكون بالتربية والثقافة والإعلام، دون نسيان أهمية القدوة التي يجب أن يلتزم بها كل مَن يَحكُم انطلاقا من قاعدة "سيد القوم خادمهم وسيد الأسياد من يعطي المَثَل لا من يعطي الأوامر".
***
لقائل أن يقول إن السودان انقسم والعراق مقسم في الواقع، والثورة العربية في أولى خُطاها بل وقد تكون الديمقراطية سبب المزيد من التفتت، وأنت تأتينا بأضغاث الأحلام هذه؟
أضغاث أحلام؟ المشي على سطح القمر... الغوص في أعماق البحر... التغلب على الكوليرا والطاعون... صندوق الضمان الاجتماعي... الاتحاد الأوروبي... الأمم المتحدة! كلها كانت يوما أضغاث أحلام.
القوانين السرمدية:
- الإنسان لا يحلم إلا بما هو قادر على تحقيقه.
- الحلم هو المسودة الأولى والمدخل الذي لا غنى عنه لكل مشروع جبار.
- من لا يحلم ولا يعمل على تحقيق حلمه مؤهل لأن تتقاذفه أحلام الآخرين، وسَلوا في ذلك أجيال الفلسطينيين التي تخبطت ولا تزال تتخبط في كابوسٍ كان يوما حلم رجل واحد اسمه هرتزل.
- إذا كانت كل الأحلام لا تتحقق فإن ما تحقق من عظائم الأمور قد بدت يوما ما أضغاث أحلام.
- الفرق المهم هو بين الحالمين لا بين الأحلام، فمن بين أولئك من يحلم وتَظل أحلامه أضغاثا، ومنهم من ينهض من نومه ليسهر على تحقيقها بعزيمة وإيمان.
هيا احلموا إذن بعرب يغرسون الراية فوق قمم الهملايا والقطبين وسطح القمر والمريخ ويصبغون صُفرة الصحاري بخضرةٍ تبهِر من ينظر للكوكب من الفضاء، ويبنون اتحاد الشعوب العربية الحرة كواحدة من بين القوى العظمى الخمس أو الستّ التي ستسيّر عالم نصف القرن المقبل.
لنتذكّر دوما أن الدول تولد وتموت في العقول وفي القلوب عقودا طويلة قبل موتها وولادتها على أرض الواقع، والتي نعايش مراسم دفنها هذه الشهور التاريخية ماتت في عقولنا وقلوبنا منذ السبعينيات. أما التي قد تصبح واقعنا بعد ثلاثة أو أربعة عقود فهي التي تعتمل في أحلامنا ومنها حلم هذا النصّ.
مسكين الإنسان الذي لا يحلم ومسكينة هي الشعوب والأمم التي طلّقت مثل هذه الطاقة الجبارة. بعد الحلم لا بدّ من التخطيط فالعمل فالتقييم فالمراجعة فإعادة الكَرّة المرة الأولى والمرّة الواحدة بعد المليون إلى أن يخضع الواقع للحلم العظيم.
ألسنا أمة تعلّمت من أحسن معلم أن العرش نفسه ليس عصيا على همة الإنسان فما بالك بهمة الأمم ومنها هذه الأمة التي، بعد أن غسل الكثير منها أيديهم، ها هي تزمجر كالأسد الهصور وهو يكسر قضبان السجن؟