حكم مشاركة الفتيات في الجنادرية
فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي حفظه الله
ما حكم مشاركة المرأة فيما يقام من احتفالات في الجنادرية وما يماثلها من مناسبات .. من غناء ورقص وتمثيل . وما حكم أخذ الأجرة على الغناء والتدريب عليه . وجزاكم الله خيرا
الجواب :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد
فقد أجمع علماء الأمة إلا من شذ منهم على تحريم الغناء والعزف بأنواعه وجميع آلاته كالطبل والمزمار والعود وآلات الطرب وأشباهها . وهذا الحكم (أي التحريم) ثابت للغناء في أي مكان أقيم .. لافرق بين أن يقام في الجنادرية ولا في غير الجنادرية، سواء أدي الغناء من قبل النساء أو الرجال، لايستثنى من ذلك إلا ضرب النساء في العرس بالدف لورود السنة في ذلك؛ ولثبوت تحريم الغناء في الكتاب والسنة وإجماع العلماء عليه أوجبوا كسر آلالات وقالوا لا ضمان على متلفها . قال تعالى : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين} . قال ابن كثير في تفسيره : لما ذكر السعداء وهم الذين يهتدون بكتاب الله وينتفعون بسماعه كما قال تعالى : {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} عطف بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله وأقبلوا على استماع مزامير الغناء والألحان وآلات الطرب كما قال ابن مسعود في قوله تعالى : {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله} قال : هو والله الغناء . وقد صح عن ابن عمر وبن عباس أن المقصود الغناء . قال القرطبي : (لهو الحديث) الغناء . وورد أن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : (من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنك يوم القيامة), والآنك : هو الرصاص المذاب . وفي البخاري من حديث أبي عامر الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)، وهذا الحديث صريح في ذم الغناء وتحريمه . قال الشافعي رحمه الله : وأما العود والطنبور وسائر الملاهي فحرام ومستمعها فاسق .
وأما ما ابتليت به الأمة في الآونة الأخيرة من إقامة الحفلات الغنائية والإعداد لها وصرف الأموال للمشاركين فيها فهذا من الضلال والإضلال عن سبيل الله تعالى ومن أسباب غضبه وحلول عقوبته، روى البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليبيتن على أكل وشرب وعزف فيصبحون على أرائكهم ممسوخين قردة وخنازير) . وفي حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (يمسخ قوم من هذه الأمة آخر الزمان قردة وخنازير، قالوا : يا رسول الله :أليس يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؟ قال : بلى، ويصومون ويصلون ويحجون، قالوا : فما بالهم ؟ قال : اتخذوا المعازف والدفوف والقينات فباتوا على شربهم ولهوهم فأصبحوا وقد مسخوا قردة وخنازير ) .
أما أخذ الأجرة على الغناء والتدريب عليه فهو كسب خبيث محرم لقوله عليه الصلاة والسلام : (إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه) .
وكما بينت فيما سبق حكم الغناء بالنسبة للمغني فإن سماعه محرم، وكذا حضور المجالس التي يقام فيها، وصرف الأموال على إقامة هذه الحفلات محرم أيضا لا يجوز، لأنه مساعدة لهم على الاستمرار في الفسوق والله سبحانه يقول : {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} . ومن علم بإقامة هذه الحفلات الغنائية والمسارح ولديه القدرة على تغييرها ولم يفعل شيئا فهو آثم وشريك للقائمين بها في المعصية لقوله عليه الصلاة والسلام : (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) .
وأخيرا أوصي أولياء أمور الفتيات اللاتي يردن أن يشاركن في هذه الحفلات من غناء ورقص ونحوه أن يأخذوا على أيديهن لقوله سبحانه وتعالى : {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة} الآية، ولقوله عليه الصلاة والسلام : (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) الحديث .
أما زيارة النساء مع محارمهن للتفرج على الحفلات التي ليس فيها غناء ولا رقص ولا نوع من أنواع المنكرات فلا بأس بذلك إن شاء الله .
ومما سبق يتبين للعاقل حرمة هذه الأعمال وحرمة المشاركة فيها بحضوره أو الدعوة إليه، أو حث الناس على الحضور، أو بيع بعض السلع في هذه الأماكن أو تأجير الأماكن لإقامة المشاركين فيها .
هذا ونسأل الله الهداية والتوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .