وأنا أنظر في قائمة طويلة لعلماء فلسطين في الخارج، وقع نظري في ذيل القائمة على اسم لرجل أعرفه، وهو لا يصلح لأن يكون مربياً، فكيف تجعلونه في زمرة العلماء؟ أفلا تعقلون؟! كما أن هناك أسماء أخرى لأشخاص لا أظن أنهم يرتقون إلى هذه المنزلة، ولست أدري ما هو المعيار في هذا الأمر الذي اعتَمد عليه من وضع هذه القائمة؟!
إن منزلة العلماء منزلة سامية، ومقام رفيع، وأمانة ومسئولية عظيمة، فالعلماء ورثة الأنبياء، ولذا لا ينبغي أبداً أن يُصنف أحدٌ على أنه من العلماء إلا إذا كان مؤهلاً لذلك، حفاظاً على مكانة العلماء بين الناس، ولا بد أن نعرف من هو العالِم، حتى لا نطلق هذا اللقب على من لا يستحق.
ذكر أحد العلماء أنه ليس مربياًً وإنما هو معلم، قلت: من هنا جاء الخلل، وهذه هي أساس العلة، فما الفائدة من حشد النصوص والمتون في الرؤوس دون اهتمام وعناية بتطهير القلوب وتزكية النفوس؟ (هذا إن كان هناك أيضاً عقلٌ مستنيرٌ يفهم هذه النصوص والمتون) ألا يفسر هذا سوء الأدب الذي نراه من البعض مع من يخالفه الاجتهاد، وقد يكون أعلى منه مقاماً؟ ومنهم من لا يتورع عن الوقيعة في غيره! أليست هذه مصيبة؟ أم تراهم ليسوا من أهل الفضل والعقل، كما قال الإمام الشافعي: (العلم بين أهل الفضل والعقل رحم متصل)؟ وطلبة العلم يقتدون بمشايخهم، وكثير منهم مقلدون متعصبون لهم لا للحق!.. مصائب متراكبة!.
أعود لقائمة علماء فلسطين وأقول: لو كان كل هؤلاء هم علماء فلسطين فقط، في الداخل والخارج، فكيف لو جمعنا بهم علماء باقي الأمة؟ ثم إن كانت أمتنا فيها هذا العدد الكبير من العلماء، فلماذا هذا الضَّعف وهذا التردي؟ ولماذا لم تنل الرفعة والعزة والسؤدد؟ أم أنه لا علاقة بين عدد العلماء وبين حال الأمة؟ طبعاً لا علاقة، فليست العبرة بالعدد، وقد مرَّ على أمتنا أزمنة قوة وعزة وما كان فيها كل هذا العدد من العلماء، ولكن العبرة أن يكون علماؤها صادقين مخلصين، عاملين مجاهدين، يصدحون بالحق، لا يخشون أحداً إلا الله ولا يخافون في الله لومة لائم، حتى يستحقوا وراثة الأنبياء.
إن العلماء هم صمام الأمان للأمة، تقع على عاتقهم مسئولية الإصلاح، فكيف إذا فسدوا؟ وأظن –والله أعلم- أنهم أول من يتحمل وزر ما آل إليه حال أمتنا، واقرءوا التاريخ لتعرفوا.