بتـــــاريخ : 7/18/2011 6:30:11 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 934 0


    قصة جميلة وفائدة اجمل

    الناقل : adham ahmed | العمر :36 | الكاتب الأصلى : لحن الفرح | المصدر : vb.arabseyes.com

    كلمات مفتاحية  :
    قصة جميلة فائدة اجمل


    بسم الله الرحمن الرحيم


    روي أن أحدَ الولاةِ كان يتجول ذات يوم في السوق القديم متنكراً في زي تاجر ،

    وأثناء تجواله وقع بصره على دكانٍ قديمٍ ليس فيه شيء مما يغري بالشراء ،

    كانت البقالة شبه خالية ، وكان فيها رجل طاعن في السن ، يجلس بارتخاء على مقعد قديم متهالك ،



    ولم يلفت نظر الوالي سوى بعض اللوحات التي تراكم عليها الغبار ،

    اقترب الوالي من الرجل المسن وحياه ، ورد الرجل التحية بأحسن منها ،

    وكان يغشاه هدوء غريب ، وثقة بالنفس عجيبة .. وسأل الوالي الرجل :

    دخلت السوق لاشتري فماذا عندك مما يباع !؟

    أجاب الرجل بهدوء وثقة : أهلا وسهلا .. عندنا أحسن وأثمن بضائع السوق !!

    قال ذلك دون أن تبدر منه أية إشارة للمزح أو السخرية ..

    فما كان من الوالي إلا ابتسم ثم قال :

    هل أنت جاد فيما تقول !؟

    أجاب الرجل :

    نعم كل الجد ، فبضائعي لا تقدر بثمن ، أما بضائع السوق فإن لها ثمن محدد لا تتعداه !!

    دهش الوالي وهو يسمع ذلك ويرى هذه الثقة ..

    وصمت برهة وأخذ يقلب بصره في الدكان ، ثم قال :

    ولكني لا أرى في دكانك شيئا للبيع !!

    قال الرجل : أنا أبيع الحكمة .. وقد بعت منها الكثير ، وانتفع بها الذين اشتروها .!

    ولم يبق معي سوى لوحتين ..!

    قال الوالي : وهل تكسب من هذه التجارة !!

    قال الرجل وقد ارتسمت على وجهه طيف ابتسامة :

    نعم يا سيدي .. فأنا أربح كثيراً ، فلوحاتي غالية الثمن جداً ..!

    تقدم الوالي إلى إحدى اللوحتين ومسح عنها الغبار ، فإذا مكتوباً فيها :

    ( فكر قبل أن تعمل ) ..تأمل الوالي العبارة طويلا .. ثم التفت إلى الرجل وقال :

    بكم تبيع هذه اللوحة ..!؟

    قال الرجل بهدوء : عشرة آلاف دينار فقط !!

    ضحك الوالي طويلا حتى اغرورقت عيناه ، وبقي الشيخ ساكنا كأنه لم يقل شيئاً ،

    وظل ينظر إلى اللوحة باعتزاز .. قال الوالي : عشرة آلاف دينار ..!! هل أنت جاد ؟

    قال الشيخ : ولا نقاش في الثمن !!



    لم يجد الوالي في إصرار العجوز إلا ما يدعو للضحك والعجب ..

    وخمن في نفسه أن هذا العجوز مختل في عقله ، فظل يسايره وأخذ يساومه على الثمن ،

    فأوحى إليه أنه سيدفع في هذه اللوحة ألف دينار ..والرجل يرفض ، فزاد ألفا ثم ثالثة ورابعة

    حتى وصل إلى التسعة آلاف دينار .. والعجوز ما زال مصرا على كلمته التي قالها ،

    ضحك الوالي وقرر الانصراف ، وهو يتوقع أن العجوز سيناديه إذا انصرف ،

    ولكنه لاحظ أن العجوز لم يكترث لانصرافه ، وعاد إلى كرسيه المتهالك فجلس عليه بهدوء ..

    وفيما كان الوالي يتجول في السوق فكر ..!!

    لقد كان ينوي أن يفعل شيئاً لا تأباه المروءة ، فتذكر تلك الحكمة ( فكر قبل أن تعمل !! )

    فتراجع عما كان ينوي القيام به !! ووجد انشراحا لذلك ..!!

    وأخذ يفكر وأدرك أنه انتفع بتلك الحكمة ، ثم فكر فعلم أن هناك أشياء كثيرة ،

    قد تفسد عليه حياته لو أنه قام بها دون أن يفكر ..!!



    ومن هنا وجد نفسه يهرول باحثاً عن دكان العجوز في لهفة ،

    ولما وقف عليه قال : لقد قررت أن أشتري هذه اللوحة بالثمن الذي تحدده ..!!

    لم يبتسم العجوز ونهض من على كرسيه بكل هدوء ، وأمسك بخرقة ونفض بقية الغبار عن اللوحة ،

    ثم ناولها الوالي ، واستلم المبلغ كاملاً ، وقبل أن ينصرف الوالي قال له الشيخ :

    بعتك هذه اللوحة بشرط ..!!

    قال الوالي : وما هو الشرط ؟

    قال : أن تكتب هذه الحكمة على باب بيتك ، وعلى أكثر الأماكن في البيت ،

    وحتى على أدواتك التي تحتاجها عند الضرورة ..!!!!!

    فكر الوالي قليلا ثم قال : موافق !



    وذهب الوالي إلى قصره ، وأمر بكتابة هذه الحكمة في أماكن كثيرة في القصر ،

    حتى على بعض ملابسه وملابس نسائه وكثير من أداواته !!!

    وتوالت الأيام وتبعتها شهور ، وحدث ذات يوم أن قرر قائد الجند أن يقتل الوالي لينفرد بالولاية ،

    واتفق مع حلاق الوالي الخاص ، أغراه بألوان من الإغراء حتى وافق أن يكون في صفه ،

    وفي دقائق سيتم ذبح الوالي !!!!!

    ولما توجه الحلاق إلى قصر الوالي أدركه الارتباك ، إذ كيف سيقتل الوالي ،

    إنها مهمة صعبة وخطيرة ، وقد يفشل ويطير رأسه ..!!

    ولما وصل إلى باب القصر رأى مكتوبا على البوابة : ( فكر قبل أن تعمل !! )

    وازداد ارتباكاً ، وانتفض جسده ، وداخله الخوف ، ولكنه جمع نفسه ودخل ،

    وفي الممر الطويل ، رأى العبارة ذاتها تتكرر عدة مرات هنا وهناك :



    ( فكر قبل أن تعمل ! ) ( فكر قبل أن تعمل !! ) ( فكر قبل أن تعمل !! ) .. !!

    وحتى حين قرر أن يطأطئ رأسه ، فلا ينظر إلا إلى الأرض ، رأى على البساط نفس العبارة تخرق عينيه ..!!

    وزاد اضطرابا وقلقا وخوفا ، فأسرع يمد خطواته ليدخل إلى الحجرة الكبيرة ،

    وهناك رأى نفس العبارة تقابله وجهاً لوجه !!( فكر قبل أن تعمل !!) !!

    فانتفض جسده من جديد ، وشعر أن العبارة ترن في أذنيه بقوة لها صدى شديد !



    وعندما دخل الوالي هاله أن يرى أن الثوب الذي يلبسه الوالي مكتوبا عليه :

    ( فكر قبل أن تعمل !! ) ..

    شعر أنه هو المقصود بهذه العبارة ، بل داخله شعور بأن الوالي ربما يعرف ما خطط له !!

    وحين أتى الخادم بصندوق الحلاقة الخاص بالوالي ، أفزعه أن يقرأ على الصندوق نفس العبارة :

    ( فكر قبل أن تعمل ).. !!

    واضطربت يده وهو يعالج فتح الصندوق ، وأخذ جبينه يتصبب عرقا ،

    وبطرف عينه نظر إلى الوالي الجالس فرآه مبتسما هادئاً ، مما زاد في اضطرابه وقلقه ..!

    فلما هم بوضع رغوة الصابون لاحظ الوالي ارتعاشة يده ،

    فأخذ يراقبه بحذر شديد ، وتوجس ، وأراد الحلاق أن يتفادى نظرات الوالي إليه ،

    فصرف نظره إلى الحائط ، فرأى اللوحة منتصبة أمامه ( فكر قبل أن تعمل ! ) ..!!

    فوجد نفسه يسقط منهارا بين يدي الوالي وهو يبكي منتحبا ، وشرح للوالي تفاصيل المؤامرة !!

    وذكر له أثر هذه الحكمة التي كان يراها في كل مكان ، مما جعله يعترف بما كان سيقوم به !!

    ونهض الوالي وأمر بالقبض على قائد الحرس وأعوانه ، وعفا عن الحلاق ..



    وقف الوالي أمام تلك اللوحة يمسح عنها ما سقط عليها من غبار ،

    وينظر إليها بزهو ، وفرح وانشراح ، فاشتاق لمكافأة ذلك العجوز ، وشراء حكمة أخرى منه !!

    لكنه حين ذهب إلى السوق وجد الدكان مغلقاً ، وأخبره الناس أن العجوز قد مات !!

    كلمات مفتاحية  :
    قصة جميلة فائدة اجمل

    تعليقات الزوار ()