تعرفت الى محمد بن همام العبدالله في اواخر تسعينات القرن الماضي، ثم صرت التقيه خلال زياراته التفقدية للمنشآت الرياضية اللبنانية التي كانت مخصصة لاستضافة نهائيات كأس آسيا عام 2000، حين كان عضواً في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، ورئيساً للجنة المالية، وأدنى رتبة من الكويتي أسد تقي. الا ان الرجل بدا من طينة القادة. التقيته الى غداء في نهائيات كأس العالم في فندق “لوتي” في سيول، وكان يومذاك المرشح الفائز بالتزكية برئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم. كنت متحمساً لهذا الرجل، وخصوصاً ان اسم شهرته شائع هنا مع رئيس الاتحاد اللبناني للكرة الطائرة جان همام. وثمة شخص ثالث ذائع الصيت يحمل اسم العائلة نفسها، هو رئيس نادي ويمبلدون الانكليزي وقتذاك سام همام.
تقطعت اللقاءات، وكانت على قلتها تعقد في الدوحة، حيث كنت البي دعوته الى غداء او عشاء في منزله العائلي، وفيه البهو الكبير المصمم على طريقة “الدولما باتشي”. وقد استضاف فيه اعمال عشاء للمشاركين في مؤتمر “الفيفا” الذي انعقد في الدوحة عام 2003.
متواضع ودمث ولبق، هذا ما لمسته عن كثب. وكنت أكاشف اقرب صديق اليه بيار كاخيا، ببعض الأمور غير الجيدة، كأخذ العبر مثلاً من استحقاقات حساسة، بينها انتخابات المقعد الفرعي عن منطقة غرب آسيا للاتحاد الدولي، والتي فاز فيها على منافسه البحريني الشيخ سلمان بن خليفة بشق النفس. وتمنيت على كاخيا ان ينقل الى “ابو جاسم” مطلباً عاجلاً بضرورة تبديل طاقمه الانتخابي لانه متواضع، في مواجهة عاملين في المجلس الاولمبي الآسيوي، وقيادتي الاتحادين الدولي والأوروبي.
لم يحصل شيء من ذلك، بل كثر الاستماع الى منظّرين يتباهون بما يجود به “الريّس” عليهم من كرم مفرط. وتلقيت عتباً مهذباً لعدم خروجي من مقعدي في الدرجة السياحية من طائرة الخطوط الجوية القطرية العائدة من كوالالمبور الى الدوحة، والتوجه الى منطقة درجة رجال الاعمال حيث كان رئيس الاتحاد الآسيوي يخلد الى الراحة، لتقديم التهاني مجدداً اليه، ناهيك عن عتب على عدم افراطي في تهنئته في فندق “ماريوت” على طريقة الآخرين، واكتفائي بالسلام عليه باليد والقول مبروك!
كنت أول الداعين الى التحضير لمعركة رئاسة “الفيفا” بحرفنة. يومذاك تعرّض لي أحد المنتفعين المشمولين بالكرم عبر احدى الفضائيات، نافياً نية بن همام خوض انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي. وعلمت لاحقاً بأنني متهم بصداقيتي لآل الفهد في الكويت، والتي فرضت “فيتو” على من كنت اعتبره صديقاً هنا، فمنع من التواصل معي بأوامر “من فوق”.
بادرت الى توجيه تحذير قبل الانتخابات الاخيرة للاتحاد الآسيوي، وكان الرد: “الريّس فاز بالتزكية”. وينال بعدها الصفعة الشهيرة في الدوحة بفوز أشد مناوئيه. وتحدثت لاحقاً عن ضرورة اعداد جيّد لانتخابات “الفيفا” بإعادة لم الشمل في آسيا. وكانت الردود ان طائرة خاصة وضعت في تصرف “الريّس” وحديث عن إمكانات ضخمة. سألت: هل بين ركاب الطائرة من يقترعون في انتخابات “الفيفا”؟ وكنت اعرف ان الجواب لا!
ليست نكتة قول أحدهم ان معسكر بن همام ربما يكون اقنعه بنيل صوت الاتحاد السويسري لكرة القدم، وان رئيس الاتحاد الآسيوي قد يكون صدّق هذا الكلام!
فاز بلاتر برقم غير مسبوق 186 صوتاً، ومهّد ميشال بلاتيني الطريق الى رئاسة “الفيفا” في 2015. وما يحز في النفس ان احداً من غير المشمولين بالكرم دافع عن بن همام، وقال على الاقل ان الفساد كرّسه خصومه في المنظمة الكروية الدولية.
اذكر جيداً ما قاله لي النائب السابق لرئيس “الفيفا” الكوري الجنوبي الدكتور تشانغ مونغ – جون في الدوحة عام 2003: “من السهل محاربة بلاتر بسلاحه، ولكن سنصبح مثله وتالياً سنخسر أنفسنا”.