الإحســــــــان .. مفهوم أوسع للكلمــه
أعتقد بأن كلمة إحسان من أقل الكلمات المفهومة بشكل كامل. فعندما أقول “إحسان” أو “محسنين” ماذا يأتي على بالك؟ أعتقد أن الأغلبية ستقول: محسن بمعنى متصدق والإحسان معناه العطف على الآخر. قد يكون المعنى أعلاه صحيح ولكنه معنى ضيق جدا لهذه الكلمة الرائعة التي تعتبر أعلى درجة يمكن أن يصل إليها الإنسان فهي مقام أعلى من الإيمان.
والرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور عندما سأله جبريل في صورة رجل (ما الإسلام؟… ما الإيمان… ما الإحسان فقال الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
أولا المقصود بكلمة العبادة في الإسلام لا يقتصر على الصلاة والصوم ولكن على كل عمل يقوم به الإنسان وينوي به عمارة الأرض فيصبح المقصود في هذا التعريف النبوي للإحسان: أن تقوم بأي عمل بأفضل (أحسن) طريقة ممكنة وأن تقوم به وأنت مستشعر أن الله يراك وأنت تعمله. بهذا المفهوم توسع معنى كلمة الإحسان إلى معنى الإتقان والمحسنون هم الذين يتقنون أعمالهم. أي يقومون بها على أكمل درجة وبأفضل طريقة ممكنة. وبالتالي:
- عندما تصف سيارتك تصفها بإحسان (أي بأحسن طريقة ممكنة).
- عندما تضع حذاء خارج المسجد تضعه بأحسن طريقة في الأرفف المخصصة لتكون من المحسنين.
- عندما تتوضأ تحرص أن تترك المكان نظيفا للذي بعدك ولا تسرف في الماء لتكون من المحسنين.
- عندما تقود سيارتك في الشوارع تقود بأحسن طريقة ولا تؤذي غيرك لتكون من المحسنين.
- عندما تذهب إلى عملك تذهب في الموعد لتكون من المحسنين.
وهكذا ترى الإحسان في كل مجالات حياتك.
لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم الحديث الرائع الذي سأكرره كثيرا في كلامي وكتاباتي حتى يصبح ثقافة وهو (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) أي إن الله كتب على كل عمل يقوم به الإنسان أن يقوم به على أحسن وجه والمقصود كل عمل مهما ظهر حقيرا حتى عند ذبح الحيوان فعليك أن تقوم بذلك على أحسن وجه فتحد الشفرة ولا تقوم بذلك أمام الحيوان حتى لا يتأذى. مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظه فقال: “أفلا قبل هذا? تريد أن تميتها موتتين؟” حتى إذا حلبت الشاة فتحسن وتقلم أظافرك قبل الحلب!! فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول (ومرهم أن يقلموا أظافرهم فلا يخدشوا ضروع المواشي إذا حلبوا)! نعم لهذه الدرجة يكون الإحسان في صغائر الأمور وبأدق التفاصيل.
• “وَسَنَزِيدُ المُحْسِنِين (58)” البقرة.
• “إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ (56) الأعراف.
• “إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ (120) التوبة.
بعد تطوير هذا المفهوم أصبح لقراءة هذه الآيات مفهوم آخر في عقلي وقلبي وأصبحت أجد لذة أكبر عندما أتقن أي عمل أقوم به لأني أستشعر انضمامي لفئة المحسنين المذكورة في هذه الآيات.
تذكرة:
لم نذهب إلى اليابان للتمجيد ولا للتقليد, ولكن لنأخذ منهم كل مفيد.
الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها