بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، الذي شرحَ صدرَ من شاء من عباده للفقه في الدين، ووفَّق لاتِّباع آثار السلف الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ندَّ ولا معين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدُ فهذا شرحٌ على كتاب: (دليل الطالب لنيل المطالب) الذي ألفه: الشيخ مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي تغمده الله برحمته، وأباحه بحبوحة جنته، ذكرت فيه ما حضرني من الدليل والتعليل، ليكون وافيا بالغرض من غير تطويل، وزدتُ في بعض الأبواب مسائل يحتاج إليها النبيل، وربما ذكرت رواية ثانية أو وجهًا ثانيا لقوّة الدليل، نقلته من كتاب (الكافي) لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ثم الدمشقي.
ومن شرح (المقنع الكبير) لشمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة وغالب نقلي من مختصره، ومن (فروع) ابن مفلح و(قواعد) ابن رجب وغيرها من الكتب.
وقد أفرغتُ في جمعه طاقتي وجهدي، وبذلت فيه فكري وقصدي، ولم يكن في ظني أن أتعرض لذلك، لعلمي بالعجز عن الخوض في تلك المسالك، فما كان فيه من صواب فمن الله، أو خطأ فمني، وأسأله -سبحانه- العفو عني.
ولما تكففته من أبواب العلماء وتطفلت به على موائد الفقهاء تمثلت بقول بعض الفضلاء:
أسيرُ خلفَ رِكاب النُّجب ذا عرجٍ |
مـؤمِّلا كشـف ما لاقيتُ من عِوَج |
فإن لحقتُ بهم من بعد ما سَبقوا |
فكم لربِّ الـورى في ذاك من فرج |
وإن بقيتُ بظهــر الأرض منقطعـا |
فما على عـرجٍ فـي ذاك مـن حـرج |
وإنما علّقته لنفسي، ولمن فَهْمُه قاصرٌ كفهمي، عسى أن يكون تذكرة في الحياة، وذخيرة بعد الممات، وسميته: (منار السبيل في شرح الدليل).
أسأل الله العظيم أن يجعله لوجهه خالصا، وإليه مقربا، وأن يغفر لي ويرحمني والمسلمين، إنه غفور رحيم.