بتـــــاريخ : 8/17/2008 12:43:45 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 5291 0


    مذكرات زوجية.....زوج تائب....الحلقة العشرون (الأخيرة)

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : قصاص الأثر | المصدر : www.benaa.com

    كلمات مفتاحية  :

    لقراءة الحلقة الاولى اضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8459

    لقراءة الحلقة الثانية اضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8460

    لقراءة الحلقة الثالثة اضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8461

    لقراءة الحلقة الرابعة اضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8462

    لقراءة الحلقة الخامسة إضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8463

    لقراءة الحلقة السادسة إضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8464

    لقراءة الحلقة السابعة إضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8465

    لقراءة الحلقة الثامنة إضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8466

    لقراءة الحلقة التاسعة إضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8490

    لقراءة الحلقة العاشرة  أضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8702

    لقراءة الحلقة الحادية عشرة إضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8704

    لقراءة الحلقة الثانية عشر اضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8705

    لقراءة الحلقة الثالثة عشرة

    http://www.manqol.com/topic/?t=8706

    لقراءة الحلقة الرابعة عشرة اضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8707

    لقراءة الحلقة الخامسة عشرة اضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8708

    لقراءة الحلقة السادسة عشرة اضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8709

    لقراءة الحلقة السابعة عشرة إضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8710

    لقراءة الحلقة الثامنة عشرة اضغط

    http://www.manqol.com/topic/?t=8711

    الحلقة التاسعة عشرة

    http://www.manqol.com/topic/?t=8712

    مذكرات زوجية.....زوج تائب....الحلقة العشرون (الأخيرة)

    وأنا أقول..الله يهديك يا خال..الله يهديك يا خال...

    لله الأمر من قبل ومن بعد....!!,أدرت محرك السيارة واتجهت إلى البيت وما إن دخلت حتى ,توجهت إلى غرفة أمي ,وجدتها كعادتها تستمع إلى إذاعة القرآن الكريم....

    قبلتُ رأسها

    وخفضت صوت الراديو... وجلست بقربها وأخبرتها بما جرى من أمر خالي...

    قالت:كيف ياوليدي...!؟قلت :  والله يا أمي علمي علمك لكن هذا ما حصل

    وقد رفض دون أن يبدي أي سبب من الأسباب....!!

    قالت: خالك الله يهديه من صغره وهو لابد أن يعترض على كل شيء هو هكذا دائماً,لكني سأذهب إليه وأناقشه في الموضوع (عساه يلين)

    قلت لاتتعبي نفسك يا أمي فأنت أعرف به من أي شخص آخر,وصدقيني لن ينفع نقاشك معه أبداً...!

     

    قالت: تفاءل وأنا أمك..قلت : أنت وما ترين يا أمي ,لكني سأذهب معك ولن أتركك تذهبين لوحدك...قالت: لا سأذهب وحدي وأنت لا تتدخل بيني وبين أخي..قلت : طيب لك ماتريدين...!!

    اتصلتُ بخالتي وأخبرتها بقدومي إليها حالاً,ولم تمض دقائق حتى كنتُ أتناول القهوة معها....بداية قلت لها:خالتي.. الرجل لايمكن أن ترفضيه تحت أي سبب لكن.....قاطعتني وقالت:( لكن خالك يرفض أن أتزوج صحيح..؟؟)

    نظرتُ إليها مستغرباً وقلت: من أخبرك..؟,وكيف عرفتِ بهذه السرعة..؟؟

    قالت: أعرف موقف أخي حتى لو لم يخبرني أحد

    إنه بالكاد وافق على زواجي من زوجي  المرحوم أبو إبراهيم  فما بالك بي وأنا الآن أرملة.....!!

    تفاجأتُ بكلام خالتي أوانصدمت فعلاً من ردة فعلها,وتمنيت في تلك اللحظة لو كنت أنا ولي أمرها أو أن بيدي ما أستطيع فعله لها...فكم هو مؤلم ألا تكون قراراتك المصيرية بيدك..!!وخصوصاً عندما يكون القرار سيقلب حياتك إلى الأفضل...!!قلت لها:  صدقيني ستكون الأمور على مايرام,ثقي بي بعد الله ولن أدعه يقف في طريقك أبداً مهما كلف الأمر...

    نظرت إلىّ بابتسامة حائرة وكأنها تخفي خلفها دمعة,تجاهد في  الخروج وهذا مما زاد ألمي,فنهضتُ من مكاني وقبلت رأسها ,وقلت :خالتي  ثقي بالله ثم بي ولن يحصل ما تكرهين.....بإذن الله,,شكرتني كثيراً وأخذت تدعو لي...

    استأذنتُ منها على عجل...فأنا على موعد

    مع زوجتي كي نذهب إلى السوق لشراء ما يلزم للمولود القادم ...

    (يااه هل حقاً...سأكون أباً وبأنني الآن أنتظر قدوم مولود لي؟...)

    سبحان الله...سبحان الله...مرت أحداثُُ ُ كثيرة

    وكانت الأيام سريعة لكني بالطبع دفعتُ خلالها الكثير من الثمن...!!

     

    خرجت من عند خالتي....واتصلتُ بزوجتي وطلبتُ منها الخروج فأنا أقف بسيارتي بقرب  الباب...مرت عدة دقائق..على انتظاري...لها...ثم دقائق...ودقائق....!!وفضلت الانتظار على الدخول,لكي لاأواجه ما أكره من مفاجآتها السارة لي...!!والحمدلله أخيراً انفتح الباب بعدما نسجت

    العنكبوت خيوطها عليه...!!وخرجت أم المستقبل تمشي ببطء...وببطء تمشي.... حتى أنني اعتقدت بأنها هي مصدر البطء في الوجود.. .!!

    ( هي أساساً تمشي كالسلحفاة وقدر الله عليَّ وعليها أن حملت.فكيف ستسير إنها ببساطة لاتسير...!! <<<هكذا خيل لي...!!فعلى ما يبدو أن عقارب الساعة توقفت بسببها...!!(وكأني بها تريد بمشيتها تلك ,أن تخبر جميع من يمر بنا بأنها حامل..!!)وبتثاقل فتحتْ <هي>باب السيارة,وقالت وهي تهم بالجلوس...يوووه كم هو الحمل متعب ياسعد...!!ثم أردفت قائلة:سعد ما رأيك لو اكتفينا بطفل واحد...!!خلاص...خلاص..أنا لم أعد أحتمل ولايمكن أن أحمل مرة أخرى....!!نظرتُ إليها وانطلقتُ بالسيارة

    وأنا أقول: هذا متروك لمشيئة الله...هذا متروك لمشيئة الله...!!ثم قلت: هناء أريد أن أقول لك شيئاً لكن  لابد أن يكون سراً بيننا....

    هل تعيدينني بذلك...؟؟قالت: أقسم بالله لك أني لن أخبر أحداً أبداً....!!قل..قل..بسرعة قل ماذا تخفي عني...!!قلت لها: أنا لم أطلب منكِ أن تقسمي يكفيني فقط الوعد منكِ والوعد عهد...

    ثم نظرتُ إليها محدقاً ومبتسماً >>>أخيراً ابتسم السيد سعد..!!..

    وقلت: عيني في عينك يا هناء....!!

    تراك أقسمتِ لي...قالت بصوت حاد: ماذا تقصد...؟؟هل أنا منزوعة الثقة إلى هذا الحد في نظرك....!!؟؟قلت: لا..لا...العفو يا هانم حسناً سأقول لك....

    اسمعي....خالتي أم إبراهيم سوف تتزوج بإذن الله قريباً...

    فشهقت شهقتاً أشفقت على مافي بطنها منها.....!!وقالت: الله يبشرك بالجنة....!!الله يبشرك بالجنة...!!الله يوفقها...!!ثم وبتلقائية سريعة أخرجت جوالها وبدأت تضغط على الأزرار....!!وسألتها باستغراب : هنــــاء...بمن سوف تتصلين....؟؟قالت: يوووه صح...أناآسفة...أنت قلت سر بيننا...!!

    قلت: أتوقع كنتِ ستتصلين بوكيلتكم المصونة عواصف قصدي>>>عواطف..صح...؟قالت: سبحان الله...سبحان الله... أحياناً أشك إنك ساحر....!!كيف عرفت...؟!قلت أفا عليك يا حياتي...صار بيننا عشرة عمر...

    وكيلتكم هذي ..أحس إنها تعرف كل زوايا بيتنا....!!حتى إنه يداخلني شعور بأنها تعرف محتويات ثلاجتنا....!!(وبقدرة قادر وبزاوية قدرها 9100قامت بالانحراف بالحديث قائلة: على فكرة يا سعد  آخر مرة رأيت فيها خالتك

    كانت تحمل حقيبة جديدة غير تلك الحقيبة الكحلية...!!آآآه  الآن عرفتُ لماذا غيرت حقيبتها أكيد  لأنها ستتزوج....!!وأنت كل تلك الفترة الماضية تخفي عني الأمر..وكأنني لست زوجتك...!!

    وبحركة سريعة قدرها200كلم في الساعةفتحتُ (أنا) نافذة السيارة وقلت أريد أن أتنفس...أريد هواء(ألف رحمة تنزل على روحك يا سعد) قالت: لماذا هل تشعر بأنك مكتوم....؟ قلت: أريد هواء...أريد هواء...قالت: هذا وقت مزح يا سعد...؟ قلت:نعم يا هناء أحس بأني مكتوم من أفكارك ألا تستطيعين كتم أفكارك بعض الشيء..!! ألا تستطيعين ترك مراقبة الناس ولو لبعض الوقت..؟

    هل كل ما يخطر ببالك تذكرينه من دون فلترة...!؟  وما دخلك بحقيبتها حمراء أم زرقاء...!! ألا يمكن أن تتركي عادتك في تقييم الناس من خلال مظاهرهم...؟ رأيتها من خلف عباءتها وقد انتفخت ولم أبالي بها..!!

    وصلنا إلى السوق...وترجلنا من  السيارة كان السوق مزدحماً بشكل كبير جداً

    لدرجة أني أحسست بأن نساء الرياض كلهن قد أتين إلى هنا!!

            الزوجان المصريان وأنا والهناء

     

     

    طلبتُ منها أن نجلس على  كراسي منزوية قليلاً عن المدخل حتى تخف الزحمة قليلاً..وكان يجلس بجوارنا رجل مصري برفقة زوجته أو هي برفقته لا أعلم...!! وكانت زوجته تكبرنا في الحجم مجتمعين ثلاثتنا أنا وزوجتي وزوجها...!! وكان صوتهم يصلنا تلقائياً وبنقاوة عالية جداً...!!

    قالت الزوجة المصرية لزوجها: الفيتامينات خلصت النهارده عيزاك تقيبلي كمان فيتامين بتاع الزنك والحديد..قال الزوج: إيه...إيه...ياعايدة..هو...عشان إنتي حامل عايزة تاكلي كل الفيتامينات إللي في الصيدلية...؟حرام عليكي يا  شيخة...بالراحة علينا خفي شوية...قالت الزوجة: إللي حيسمعك حيئول إن اللي في بطني مش ابنك..!!إنت مش عايز  ابنك لما يُخْرق لدنيا يكون كويس كده ومربرب...؟؟قال الزوج : أنا ما أولتش حاقة,,لكن كدة ما ينفعش يا عايدة ما ينفعش...! لازم تعوضي الفيتامينات بالخضار والحبوب والفواكه دي أصح وأرخص كمان..!! قالت الزوجة:لكن الخضار والفواكة متنفعش لوحدها لازم معاها الحبوب بتاعت الفيتامينات..!!

    نظرتُ إلى زوجتي وطلبت منها أن نبدأ بالتسوق...وساعدتها لكي تقوى على الوقوف..فهي كلما تقدم بها الوقت وتقدمت في الحمل أخذتْ حركاتها تزداد بطئاً...حتى اعتقدت بأنه سيأتي يوم وأحملها بدلاً من مساعدتها على الوقوف فضلاً عن المشي...!! وبعد أن (تمت عملية الوقوف وحمدتُ لله على ذلك)

    اقتربتُ منها وهمستُ في أذنها قائلاً:أسمعتِ حوار الزوجين وكيف اهتمامهم بالجنين...؟! قالت: بصوت متأهب للجواب مسبقاً...!!ومطلقة ً المثل المشهور >>>كل نفس وما اشتهت...كل نفس وما اشتهت..!!

    (وبهذا أطبقت <<<هي على أنفاس الحوار الزوجي وتم تكفينه ودفنه دون الصلاة عليه)

        

     

                عشاء على ضوء الدموع

     

    أكملنا التسوق

    واشترينا بعض الأغراض الخفيفة التي تلزم المولود القادم, واقترحتُ بعدها أن نتناول عشاءنا قبل العودة إلى البيت, قلت لها: ما رأيك لو غيرنا جو وتناولنا العشاء في أحد المطاعم...؟ بسرعة قالت: مطعم الريف اللبناني ...

    أووو صح..صح.. بتقول غالي عارفتك..؟ قلت: هناء ليست المسألة بهذا الشكل..وأنت تعلمين بأني لا أرتاح أبداً لجو هذا المطعم...فالعاملين فيه يتعاملون مع الزبائن بفوقية غريبة تشعرني بأنهم هم أصحاب الفضل عليْ,وكأنهم قد تصدقوا علي بما دفعتُ قيمته..!!ثم قلتُ لها : ما رأيك بمطعم البحصلي....

    ثم استدركت وقلت...أووو.. لكن لحظة  فيه سلم طويل سيتعبك...ما رأيك في سزلر هاوس...؟؟اعتبرتُ سكوتها موافقة (من غير نفس)واتجهنا إلى المطعم

                

                

                المطعم والأطباق الرومانسية

     

    س

    توقفنا..وترجلنا من السيارة...كان العشاء بوفيه مفتوح...قلت لها : ما رأيك أن أختار لكِ  نوعية الأكل وأن تختاري لي أنتِ نوعية ما سآكل ونرى النتيجة كيف تكون...>>>(أف يا رومانسي)>>>>صحيح رومانسي لكن بلا فائدة...!! قالت وهي تأخذ الطبق مني: أستغرب من اهتماماتك بالتفاصيل التي لا نفع منها...!!

    تمت العملية وكل اختار للآخر مايراه مناسباً....

    وجلسنا على الطاولة وكل تناول طبقه من الآخر (ذبحتنا الرومانسية)

    جاملتها قليلاً:وأكلتُ بعضاً مما اختارته لي ثم عاودتُ الرجوع واخترت ما أريد فأنا بطبيعتي لاأحب الأكل البارد أو الجاهز أوالمعلب أما أختنا في الله فهي تقدس تلك الأكلات وكأن بينهما رباط مقدس,أقوى حتى من رباط الزوجية..!!

    بدأ من المرتديلا ومروراً بالسيد سجق ولاتهون باقي العائلة الباردة,من قشطة وسيد جبن وأخوه مربى وغيرو وغيرو...!! ماعلينا نعود لجلستنا على تلك الطاولة وتلك الأطباق الرومانسية..!! بدأنا نأكل ونتجاذب أطراف الأحاديث الرومانسية...بداية قالت لي :سعد متى يكون لنا بيتنا المستقل ولوحدنا...؟

    قلتُ بصوت مندهش وأنا أنظر إلى سطح الطاولة:أنا وأنتِ في بيت مستقل  ولوحدنا...!!(بسم الله علي<<في نفسي قلتها)قالت: إيه في بيت لوحدنا..

    ألا يعجبك ذلك كأنك انزعجت..؟؟ قلت لها : طيب أنتِ لماذا تريدين أن نستقل في منزل ولوحدنا..؟ قالت: بصراحة صديقاتي وزميلاتي لا أستطيع دعوتهن في منزل أهلك...! وبالتأكيد سنأخذ راحتنا أكثر عندما نكون لوحدنا..!!قلت: كنتُ أعتقد بأنك ستقولين شيئاً من أجلي أنا أو من أجلنا نحن الاثنين...َ؟!

    ثم أردفت قائلاً:هناء لماذا أشعر دائماً بأنني لستُ من أولويات اهتماماتك..!؟قالت: بالعكس ليه...أتريد أكثر من هذا الاهتمام..؟قلت: أتعلمين يا هناء دائماً أتذكر رفضك لركوب القارب معي عندما كنا في لنقاوي <<<(في ماليزيا) لقد ضيعت علينا أجمل فرصه...!!قالت: وأنا دائماً أتذكر رفضك جلوسنا في ماليزيا أياماً إضافية وتصميمك على العودة..!!

    قلت لها: وهل تريدين أن نجلس أكثر شهر..؟!ثم أردفتُ قائلاً: تصدقين يا لهنــــاء...ما يجعلني أشعر بأني متزوج هو أنك حامل فقط...!!

    قالت: آآه..آآه..منكم أيها الرجال كل هذه الأناقة وهذه الشياكة وما بين بعينك..؟!قلت: بالتأكيد رأيتُ كل هذا..لكن أنت تعلمين بأن هذه ليست أولى اهتماماتي..ثم قلت لها بيتاً من الشعر كانت تردده والدتي دائماً

    (الزين يا عليا خظاب وينجلي :: والستر يا عليا خيار البضائع)[شرح البيت باختصار أن جمال الشكل مثل الحناء سيزول يوما ما أما جمال الروح فهو ماسيبقى] ثم انحرف الكلام بقدرة قادر بقولها:كم أكره الشعر الشعبي. كم أكره الشعر الشعبي..!! قلت: في نفسي (ألف رحمة تنزل على روحك يا سعد..ألف رحمة تنزل على روحك يا سعد) ثم نهضتُ وقلت : ألا تريدين حلى...؟ قالت: لا..لا...يووه لنخرج من هذا المطعم فأن أشعر بأني مكتئبة جداً فيه...!!

    انتهينا من العشاء العائلي ذو الأطباق الرومانسية وتوجهنا بالسيارة إلى المنزل...قلت لها: هناء مارأيك لو مشينا بعض الوقت  قبل أن نعود إلى البيت فالحركة مهمة لكِ وأنت في شهرك الأخير فما أعرفه بأنها تسهل عملية الولادة..ويفترض أن تتحركي أكثر وأكثر لسلامتك وسلامة الجنين ما رأيك لو خصصنا وقتاً يومياً للمشي بعد الصلاة العشاء...

    قالت: أعرف ذلك..أعرف ذلك.. أبدا...لكني لا أحب المشي..قلت:  لكن لابد أن تأتي على نفسك بعض الشيء وتدريجياً من أجل صحتك فقلة الحركة سيكون لها مضارها عليك أنتِ والجنين...

     

                 

                    كيف حدث الحمل؟؟

     

     

    أقنعتها بصعوبة على المشي...!!والحمدلله  لم يكن الأمر سوى بضع خطوات

    بعدها أشفقت على  تلك الخطوات منها....!!توجهنا بعدها إلى البيت وسبقتها إلى الغرفة,ورميت بنفسي على الأريكة,وقلت: متسائلاً...هنـاء أريد أن أسألكِ كيف حدث الحمل..؟أكيـــد كنتِ تتناولين الحبوب بانتظــــام..؟؟

    قالت بغضب شديد:سعد اسمع أنت.. للمرة الثالثة تسألني كيف حدث الحمل...حتى يخيل إلىّ أنك تتمتم بها وأنت نائم؟!! وعلى ما يبدو أنك نادم جداً....؟!وإذا كان يرضيك فسوف أُجهض نفسي بأي طريقة كانت..!!حتى أتخلص من أسألتك هذه؟؟؟ نهضتُ واقفاً ومفزوعاً وقلت:أستغفر الله..أستغفر الله...يا هناء أنا..أنا..لا أقصد ذلك ولكني لاأعرف لماذا  تكلمت بهذه الطريقة( خيل إلىّ بعد تأسفي منها بأن رأسها قد انتفخ وكبر لدرجة أني خشيت أن ينفجر لدرجة أني ابتعدت عنها قليلاً كي أفسح المجال لرأسها في الانتفاخ أكثر وأكثر)..!!

    خرجتُ من الغرفة محرجاً وأنا أحس بتأنيب الضمير جراء سؤالي المتكرر

    والذي لم أعرف سببه بالضبط...؟...هل لأني تحدثت بما يمليه علي عقلي الباطن  وأختلف معه على أرض الواقع....!!لاأدري...لاأدري.....!!

    وكني لم أستطع التخلص من هذا الإلحاح الداخلي برفض الحمل...

     

     

             

                     أبو نسب والسر الخطير

     

     

    ومن الغد وفي الصباح الباكرذهبتٌ لكي أشتري بعض الأغراض الخاصة بالمنزل وتفاجأت بوجود أبو نسب في نفس السوق وبعد السلام قال: مبروك مبروك....!!قلت الله يبارك في أيامك...!! لكن على ماذا ...؟؟قال: على زواج خالتك أم إبراهيم قلت  له (وأنا أتذكر لسان زوجتي الطويل) الله يبارك فيك وفي أيامك ثم قال: والله ونعم بنسيبكم الجديد ياهو أنتم طحتوا على نسيب كذا (وأشار بيده)...!!ضحكت من كلامه بصوت عالي

    فشر البلية ما يضحك...!! فزوجتي من فرحها بالخبر لم تستطع كتمانه على ما يبدو...!! استأذنت منه على عجل بعد أن جمعت أغراضي

     فقد عزمت على الذهاب إلى  المحكمة لكي ينظروا في أمر خالي وعضله لخالتي

    إذ  لم يتبقى لدي حل آخر والوضع لا يحتمل التأخير وعريس مثل خالد لايمكن أن يرد أو يرفض تحت أي حجة كانت فظروفه مناسبة تماما لظروف خالتي

     

                

                    خالتي  والقاضي

     

     

    دخلت المحكمة وطلبت رؤية القاضي .وما إن دخلت عليه حتى أُصِبتُ بالحرج لمعرفتي به فهو يعرف والدي رحمه الله...ولم أكن أحب أن أذكر عنده مثل هذه الأمور العائلية(فنحن عرب والعرب حالتهم حالة)...!!ولكن مامن مهرب سوى أن أخبره بالتفاصيل..

    بداية عرفته بنفسي ودقق النظر إليّ دون أن يسألني عن والدي

     وبدأت أشرح له القصة وموقف خالي  بالكامل

    قال القاضي : بأن الحل عن طريق إجراءات المحكمة ليس في صالح خالتك ولابد أن نأخذ الأمر بالإصلاح أولاً وبعدها لكل حادث حديث..!!طلب مني رقم جوال خالي وقال لابد أن أحادثه بشكل ودي أولاً وبالفعل....اتصل بخالي وعرفه بنفسه أمامي..وقال:هل أنت موجود مغرب هذا اليوم..؟؟عندها... لم يجد خالي بد من استقبال ضيفه....وفي مغرب ذلك اليوم ذهبت برفقة القاضي إلى خالي ..ولم يكن يتوقع خالي أن أقدم على خطوة كهذه فقد انصعق عندما رآني برفقة القاضي...!!فهو لايريد أن تمس سمعته بسوء في الخارج أما الداخل فلا شأن له به (وهذا هو حالنا كعرب جميعاً فآخر ما نفكر فيه هو شؤننا الداخلية>>يا سياسي يا خطير) وكذلك لأن خالي لديه قضايا كثيرة في المحكمة,ولا يريد أن تشوه سمعته...!!ماعلينا...ماعلينا...نعود لموضوعنا....تحدث القاضي مع خالي بلطف ولم يأتِ له بحديث واحد أو آية واحدة لإيمانه  أولا بأن هذه قضية فطرية وإنسانية بالدرجة الأولى....

    ومن حق هذه المرأة أن تمارس حقها الطبيعي..!

    ولم يكن أمام خالي سوى الموافقة والاستسلام التام,رغم حنقه الشديد علي وعلى الساعة التي أصبحت فيها ابناً لأخته..!!بدوري لم أتكلم ولا بكلمة واحدة

    فما يهمني هو أن يتم الموضوع ولاهمني شيء بعد ذلك ...وفي نهاية الجلسة طلب القاضي أن يكون هو المأذون الشرعي الذي سوف يقوم بعقد نكاح الزوجين..مما جعلني أكاد أطير فرحاً وأنسى كل همومي ومشاكلي مع زوجتي,على الأقل في تلك اللحظة....خرجنا من عند القاضي وودعته وشكرته وأنا أسابق الريح,ولا أعرف إلى من أذهب أولاً...هل أذهب.لخالتي الحزينة والمغلوبة على أمرها,أم أذهب لوالدتي الغالية والتي تنتظر خبراً مفرحاً كهذا,لكن يبدو أن سيارتي قد حَسَمتْ الأمر فهي تبدو فرحةً بالخبر ,وربما بارة بوالدتي أكثر مني  فقد توجَهَتْ بي إلى بيتنا...ودخلتُ مسرعاً  ومنادياً  بأعلى صوتي ..أمي..أمي.. وأمام  نظرات واستغراب الخادمة...!!وجدتُ أمي تصلي...ولم أنتظرها حتى تفرغ من صلاتها ..فجوفي لا يحتمل كتم خبر مفرح كهذا...فحدثتها وهي تصلي قائلاً: البشارة يمـــه...البشارة يمـــه...أبشري ترى خالي وافق على زواج خالتي نورة....فأشارت لي بيدها كعادة الأمهات وهن في الصلات: (بمعني اسكت وابتعد ودعني أكمل صلاتي يا ولد ولاتشغلني عنها)..!!لكن كيف لي أن أصبر: أكملتُ كلامي وهي تصلي .وما إن انتهت من صلاتها,حتى قالت: أنت مجنون يا ولد...!!قلت : نعم أشهد بأنه ماتبقى فيني ذرة عقل يمـــه..!!فضحكت وهي تقول : استغفرالله استغفر الله وأتوب إليه....الله لا يعاقبك...الله لايعاقبك....ثم قالت: بشرني الله يبشرك بالجنة...وحدثتها بكل التفاصيل التي صارت,قالت: الحمد لله...الله يفرحك مثل ما فرحتني وفرحت أُوخيتي وأخذت تدعو للقاضي الذي استطاع أن يحل المشكلة من دون شوشرة على العائلة...!!قلت :الفضل لله ثم لك يا أمي...

    ثم وقفتُ وقبلتُ رأسها,وقلت عن إذنك يمــه...سأذهب لكي أَفَرح خالتي نورة

    قالت: بسرعة وأنا أمك فهي لن تصدق أن الأمر انتهى بهذه البساطة والله يكتب الخير... انطلقت بسرعة الصاروخ متجها إلى خالتي ..حتى وصلت,,وطلبتُ منها أن تفتح الباب لي...ومباشرة قبلت رأسها وأخبرتها بالقصة وكل الذي جرى بالتفصيل الممل...لم  تخفي خالتي فرحتها  بهذا الخبر حيث لم تكن تتوقع أبداً..أن يتم حسم الأمر بهذه السهولة ودون أي شوشرة وهو أكثر شيء كانت تخشاه...خرجت من عند خالتي,واتصلتُ بجارنا أبو عبد الله وأخبرته بموافقتنا على ابن أخيه,ورحبت بهم في أي وقت يريدون....!!أخبرني بانه سوف يزورني هو وخالد ابن أخيه مغرب الغد بقصد التعارف,وفي مغرب اليوم التالي: استقبلتهم ورحبت بهم, واعتذرت منهم لعدم وجود خالي لحدوث ظرف طارئ له,واتفقنا على أن يكون موعد الملكة يوم الخميس القادم,ويتم بعدها تحديد موعد الزفاف...

    مرت الأيام...

    وتمت الملكة بحضور القاضي وخالي....وتم كل شيء على مايرام والحمدلله ,وكان منظر خالي يشعرك بأنه مصاب بضيق في التنفس فهو لم يفعل شيئا غير أن حضر متثاقلاً حتى إنه لم يدخل على خالتي ويبارك لها بالزواج وكل هذا لا يهمني..فما يهمني أن تتزوج خالتي وأن توفق في حياتها..وكان حضور القاضي مبكرا ومهنئاً أعتبره أكبر داعم لي جعله الله في موازين حسناته..وبالطبع لم نشترط  على العريس مهراً محدداً ولا أي شيئ,سوى أن يكون أولاد خالتي معها,وأن يعاشرها بالمعروف وأن يسرحها بالمعروف أيضاً

     

    وتتابع الأيام والمواقف بيني وبين زوجتي

    متشابهة إلى حد كبير,,لا يغيرها سوى ترقبي لطفلنا الأول كل ما مرّ بنا يوم جديد,وكل ما أخذ حمل زوجتي بالارتفاع..و فكرتي عنها تتأكد لي كزوج يوميا بل في كل موقف,بأنها لن تكون قادرة على تحمل مسئولية أسرتي حتى لو كانت صغيرة,ولكني أحاول جاهداً أن أثبت غير ذلك على الأقل ظاهرياً,فهي إلى اليوم لم تقنعني لا فكريا ولا عملياً وبالطبع حتى مطبخياً...!!باستثناء شياكياً وميكياجياً... وكون سلرياً..!!

     

     

     

    زوجتي والمولود وأنا وهي ...وهي وأنا والمولود وأنا وأنتم ونحن وهم

    أخ خ خ تعبتكم معي....شكلي هلوست في الحلقة الأخيرة...!!

     

     

    وفي إحدى الليالي حيث

    كنتُ مستسلما لنوم,انتبهت على صوت هناء وهي توقضني,وسبحان الله لأول مرة أشاهد زوجتي تقوم بهذه الحركات,فقد أخذت تقطع الغرفة ذهاباً  وإياباً

    ثم تنظر إلى السماء وتتمتم,سألتها ما بها قالت:أشعر بأن ولادتي قريبة جداً وأخذت تبكي..!!

    (يا حلاوتك وانت معايا)>>البيبي حيشرف...!!

    شكله بيجي لابس طقم من بريماما....<<هذا محل لكن انتبهوا تراه ماركة)

    خرجتُ مسرعاً إلى غرفة أمي,ووجدتها لتو قد فرغت من صلاة التهجد:

    وأخبرتها بأمر زوجتي...!!فتوكأت مسرعة على عصاتها وجاءت معي,ودخلتْ على زوجتي وأشارت لي بعصاها كي أخرج...!!طأطأتُ برأسي وخرجت...

    مرت بضع دقائق  ثم خرجت أمي...وسألتها مباشرة: هل أذهب بها إلى المستشفى يا أمي..؟قالت: بصوت حنون : لا....لاتذهب بها..هذا  ابنك يتكلم مع والدته..!!قلتُ مستغرباً وكأني أبله :ماذا تقصدين يا أمي كيف لأبني أن يتكلم مع والدته..؟قالت: لقد أخبرت زوجتك وهي تعرف الآن...قبلت رأس أمي وأزاحتني بيدها قائلة: ما أكثر ماتقبل راسي... ابتعد ودعني أذهب لأأكمل صلاتي...فتنحيت جانباً عنها لكي تذهب...وما إن مرت بقربي حتى أخذت أقبل يدها وهي تمسك بعصاها....فضربتني وضحِكت وقالت: لافائدة من الحديث معك ابتعد ولا تشغلني الله لا يشغلنا ألا بطاعته أنت لاتفهم دعني أذهب وأكمل صلاتي... ابتعدت وأنا أقبل يدها قبلة أخيرة >>>مافيه  فايدة بلشة)

     ثم دخلتُ على زوجتي,وكانت في وضع جديد علي..!!قالت أريد أن أذهب الآن إلى المستشفى...قلت: لكِ ما تريدين...لكن أنا أعرف بأن المرأة الحامل إذا جاءت

    قبل موعد الولادة بساعات فمن المحتمل,أن يعملوا لها عملية قيصرية لكي يرتاحوا منها ومن صراخها...!!وما إن قلت لها ذلك حتى سكتت...!!

    وتظاهرتُ بالنوم قليلاً ولم أستطع...ومرت بضع ساعات..حتى قارب الفجر على الأذان...ثم نهضتُ وأخذتُ عباءتها وألبستُها إياها....وركبنا السيارة

     وانطلقنا متجهين إلى المستشفى,وكانت مدة الطريق تقترب من النصف ساعة..كانت هناء خلالها تتمتم بكلمات

    كثيرة...

    ووصلنا المستشفى....وترجلت من السيارة مسرعاً

    وأخذت أقرب عربة لكي أحمل فيها زوجتي...

     

     

    استقبلتنا الممرضات وأدخلن زوجتي إلى غرفة الولادة ثم جاءت الطبيبة وطلبت من زوجتي أن تمشي حتى تسهل عملية الولادة وتعجلها ولكنها لم تستجب لذلك,فأمسكت بها من يدها قائلاً: لا وقت لرفضك  لابد أن تنفذي كلام الطبيبة..وكلما مشيتي ستختصرين الألم والجهد,اسمعي كلام الطبيبة,وأجبرتها على الوقوف....

    ومشينا ما يقارب الخمس دقائق...حتى جاءت الدكتورة وأخرجتني بالقوة..!!

    حيث أن هناك شيئ ما في داخلي يجبرني,على البقاء بجانب زوجتي...!!

    أمام ذلك لم أجد بد من الخروج...وفضلت أن استغل الوقت,فسحبت سجادة قريبة وصليت ركعتين وأخذت ,أدعو لزوجتي وللمولود القادم وتمنيت من الله أن يكون ولدا ذكرا لأني أرى بأنه أسهل في التربية على الأب من البنت فهناء من المستحيل أن تربي أطفالاً نعم يستحيل عليها ذلك فالمثل يقول(...ولا بلاش أخاف تطردوني من المنتدى),انتهيت من الصلاة,واتصلتُ بخالتي وأخبرتها بالخبر فأخذت تدعو لزوجتي بأن يسهل الله عليها أمر ولادتها...ثم طلبتُ منها أن تُعِدَّ لنا..(حليب بالزنجبيل وحنيني(أكلة شعبية من البر والتمر) وشوربة)

    وذهبتُ مسرعاً وأخذت منها ما أعدته...وعدتُ راجعاً إلى المستشفى حيث زوجتي...وكنتُ أدعو الله من كل قلبي ألا يكون المولود بنتاً لأسباب تتعلق بالتربية ذاتها..لأني كنتُ دائماً أتساءل كيف سأعتمد على هناء في تربية أولادي وخصوصاً لو كان المولود بنتا..فالبنت بالتأكيد ستتأثر بوالدتها أكثر من أي أحد آخر وهناء لا تملك في نظري أي مؤهلات تربوية أوحتى فطرية تؤهلها لتكون مربية ومسئولة عن أسرة....اللهم يا رب ولد..اللهم يا رب ولد...أخذت أرددها وأنا أرفع بصري إلى السماء,حتى وصلت إلى المستشفى وكان قد مرّ على وجود زوجتي فيها ,حوالي الساعتين...ركنت سيارتي في المواقف,وركضتُ مُسرعاً,إلى غرفة الولادة...وأنا أردد بيني وبين نفسي...ياسعد...بنت أو ولد...بنت أو ولد يا سعد...إن شاء الله ولد...إن شاء الله ولد...؟؟

    حتى وصلتُ إلى الباب ووقفت أمامه.,,منتظراً اللحظة الحاسمة....ونظرتُ إلى ساعتي...وكانت تشير إلى الثامنة صباحاً..قابلتني الممرضة وقالت:أنت زوج هناء...؟؟..:مبروك...لقد أنجبت لكَ ولداً...قلت: الله يبارك فيك...أستطيع الدخول على زوجتي...؟؟ ولم أنتظرها حتى تجيب على سؤالي فركضتُ مسرعاً ودخلتُ عليها...وقبلتُ رأسها...وأخرجتُ مامعي من الحليب والشوربة...وسألتها ماذا تريدين أن تأكلي الآن حليب أو شوربة أو حنيني..؟؟ قالت: الأكل أهم عندك من ابننا أشوفك ما سألت عنه...!!قلت : أنت ياهناء عندي أهم من الأكل ومن الابن....فابتسمت ( وأخرجت جميع ضروسها بابتسامة كاملة من الأذن إلى الأذن الأخرى)....لكنها رفضت أن تأكل...!! وأجبرتها  بالقوة على أن تشرب من الشوربة...ثم أكلتْ قليلاً من الحنيني....بعدها قلت: أين والدتك ألم تتصلي بها....؟

     

    قالت: لقد ذهبوا منذ يومين إلى مكة...!!قلت: سبحان الله توقيت ذهابهم فعلاً غريب..!!قالت: بحسب كلام والدتي سيأتون غداً... قلت: يصلون بالسلامة إن شاء الله.ثم قمتُ واقفاً وقلت : أريد أن أرى ولي العهد الأمين...وتوجهت إلى حضانة الأطفال...وسألتُ : عن ابني...وجاءت به الممرضة...وحملتهُ بين يدي وقبلته..وجلست على الكرسي  وتساءلت عن أيام هذا المولود القادمةهل ستكون وردية اللون أم رمادية أم حتى سوداء...!!ياااه ماهذه الأفكار السوداء التي تسيطر على هذا العقل...!!لأكن متفائلاً ولو لمرة واحدة.....!!جاوبني صوت بداخلي كيف تتفاءل وهناء موجودة في حياتك....؟؟قلت: إن استمريت على هذه الأفكار فسوف أجن...!!تعوذتُ من الشيطان وخرجتُ مسرعاً...لكي أحضر والدتي وخالتي...لكي يشاهدوا المولود ويهنئوا زوجتي بسلامتها وكانت خالتي قد أحضرت معها سلة لاأعلم ماذا بداخلها ولم يكن يهمني وقتها أن أعلم.....وعندما وصلنا...وبعدما رأوا زوجتي والمولود وهنأوها بالسلامة,أخذتهم وعدنا راجعين إلى البيت  وفي الطريق قالت خالتي: هل من الممكن ياسعد أن أجد سائقاً يقوم بتوصيلي يومياً إلى السوق...؟؟

     وذلك لكي أشتري بعض الأغراض اللازمة للفرح..؟؟ قلت لها: بإذن الله سأجد لكِ سائقاً وإذا لم أجد فسوف أقوم أنا بتوصيلك...شكرتني كثيراً وقمت بتوصيلهم..وعدتُ راجعا إلى المستشفى حيث زوجتي...وعندما دخلت عليها....وجلست..أخذت فنجاناً وصببتُ لي من القهوة التي أحضرتها خالتي لنا...وأخذتُ معها  قطعة شوكولا....

    فقالت الهناء: لوكان أهلي ياسعد هم من أحضر القهوة لما شربت منها شيئاً ....!! قلت لها: ومتى أحضر أهلك قهوة أساساً... هل قمت بالولادة قبل هذه المرة..؟؟ أهلك يعلمون بموعد ولادتك ومع هذا يسافرون دون أن يهتموا لوضعك فكيف يأتون لك بقهوة أساساً...!! قالت:أعوذ بالله منك.. وأنت كأنك تنتظر الفرصة لكي تنال منهم...!! قلت أنت التي بدأت بالكلام..وهل يعقل برأيك أن تسافر الأم وهي تعلم بأن موعد ولادتة ابنتها خلال أسبوع....؟؟أمركم عجيب..!!

    أنا أعرف بأن الأم تستعد لولادة ابنتها بأشياء كثيرة لا أن تسافر وتتركها خلفها...فطأطأت برأسها وسكتت وكأني قد هويت على رأسها بحجر<<(أكبر حجم موجود) ....!!

     

    بعد ذلك أعقبت كلامنا لحظات من الصمت....

    قطعتها هي قائلة: سعد من أين أحضرت خالتك هذه الشوكلاه ..أعطني واحدة لكي أراها...!!<<(لا  لكي تأكلها)

    أعطيتها واحدة  وحملتُ ابني وتركت الغرفة لها وخرجت...

    فلو جلستُ لربما تحولت غرفة الولادة إلى ثلاجة موتى...حدثت نفسي ربما إن الولادة قد أثرت على عقلها وأصابتها بالجنون..فما أعرفه هو أن الولادة  تطهير للأم من الذنوب أو شيء من هذا القبيل..ولكن يبدو أن هناء لاتدرك من ذلك شيئاً...!!

     

    قطع كلامي صوت بكاء طفلي

    وجاءت الممرضة على عجل لتأخذه مني..ورفضت ثم دخلت به على زوجتي...

    وسألتها...هل قمت بإرضاع الطفل...؟؟قالت: بصراحة لا يا سعد الرضاعة الطبيعية  تغير شكل الصدر...!!قلت: لم أفهم كيف تغير شكل الصدر هل سينفجر صدرك مثلاً إذا قمت بإرضاعه...؟؟قالت: لا ليس إلى هذا الحد..ولكنها تجعل الصدر يتهدل ويتراخى...!!قلت: أريد أن أعرف من أين لك هذه المعلومات المغلوطة...؟؟

    من عواطف أو عبير...؟؟ثم خرجتُ من عندها وقمت بإحضار الدكتورة ,وطلبتُ منها  أن تخبرها بفائدة الرضاعة الطبيعية, وبأنه ليس لها أي آثار سيئة على الجسم بل على العكس ربما تفيد في إنقاص الوزن...!!

     

    وأضافت الدكتورة: بأن الرضاعة الطبيعية تفيد في مستقبل الطفل العاطفي

    فهي  تساعد في جعله سوياً من الناحية النفسية..إذا أشبعت حاجته من الرضاعة طوال سنتين...ولا تجعله يشعر بالنقص وسبحان الله فهذه حكمة الله في إرضاع الطفل حولين كاملين...ولكن لافائدة في الحديث مع هناء فإذن من عجين وأذن من طين...!!وتأكدتُ فعلاً بأن عقلها لايحتوي على خلايا بشرية

    بل ربما صفائح معدنية بس من محلات CAT.<<<يعني ماركة...!!

     

     

     

                  البائع والفيروسات وعبير والقهوة

     

     

    ومن الغد عاد أهلها من سفرتهم المكاوية....وخَرجتْ الهناء إلى بيت أهلها لكي تقضي عندهم فترة النفاس...كما جرت العادة لدينا...والتي كنت أتمنى أن تطول أطول فترة ممكنة...كنتُ خِلالها أذهب إلى بيت أهلها كل يومين أو كل ثلاثة أيام على الأكثر...وأثناء ذهابي إليها في إحدى المرات وفي طريقي وجدت بائعاً متجولاً واشتريت منه لعبة صغيرة لطفلي ...وما إن رأتها الهناء حتى بادرتني بسؤالِ سريع وحتى قبل أن تأخذها من يدي قائلةً:.!!...من أين اشتريتها...من أين اشتريتها..؟ قلت:  لقد وجدتُ بائعاً متجولاً واشتريت منه هذه اللعبة, فانتفضت وقالت: لا..لا يا سعد لاتشتري أبداً من هؤلاء...لأنها سبب في نقل الأمراض والفيروسات....!!

    قلت: الفيروسات في رأسك فقط..!! لكن علاجك من يذهب بك إلى سوق البطحاء ويرمي بكِ هناك لكي تعرفي الأمراض والفيروسات على حقيقتها

    ثم يتطور الأمر بيننا إلى مشادة كلامية... تبقى معلقة لا غالب ولا مغلوب...!!<< راحوا الرجال,أين أنت يا جدي لترى نساء هذا الزمان؟؟)

     

    وعندما أحضرت القهوة....وصبت لي الفنجان الأول وكان بارداً جداً...<<<(طبعاً منذ عام الفيل),قلت لها:أتمنى يا هناء أن أشرب عندكم ولو لمرة واحدة قهوة حارة..وأنتِ كما تعلمين لاأحب  أن تكون قهوتي باردة أبداً...!! قالت: لكن الخادمة تنام باكراً جداَ...ولايوجد أحد لكي يقوم بصنعها,قلت لها : طيب وأختك عبير ألا يمكن أن تصنعها ...؟؟<<عبير تدرس في ثاني جامعة)قالت: عبير لا تعرف كيف تصنع القهوة.!!..

     

    ولهذا أصبحتُ أمتنع عن شرب القهوة..وأطلب عصير...فتأتي لي بالسيد عصير...وهو حار في حين يفترض أنه يجب أن يكون بارداً..!!

     

    والكلام على السيد عصير والسيدة قهوة ينطبق أيضاً على الرئيس الفخري لكل الجلسات السيد شاي...بل ربما يتفوق على أخته قهوة في البرود...!!ولا أدري فقد تكون الفيروسات الباردة التي في زوجتى قد انتقلت إليهما عن غير قصد..بل ربما قديكون مطبخ بيتهم كاملاً موبؤاً بتلك الفيروسات الباردة...!!وعندما حاولت أن ألتزم  أن الصمت وألاعب ابني ,تجنباُ لسماع ردودها التي تصيبني بضيق في الجهاز التنفسي وتخثر في الدم, قالت لي: لماذا أنت ساكت ولا تتكلم..؟؟ أنا أعلم بأنك لو كنت مع أهلك,لكانت ضحكتك بهذا الحجم (ثم تشير إلى ضروسها)..وإذا حدث وإن تأخرُتُ في زيارتها تتصلت بي وتقول: أين أنت...؟؟ آهاا..أنت في المنزل الآآآن ..؟! لماذا لم تأت لزيارتي أنا وابنك أو نحن آخر اهتماماتك..؟! أنا أعلم تماما  بأني لو كنتُ موجودة في المنزل لما جلست فيه دقيقة واحدة...!!وهكذا تتكرر المواقف بيني وبينها

    في كل مرة أزورها فيها...أو حتى تبعثها لي عن طريق الجوال أو حتى مناولة عن طريق الباب كما حصل في آخر الحلقة....!!

     

     

                         والدتي والألم

     

     

    بعدما خرجت من عند زوجتي  توجهت إلى البيت...

    وأوقفت سيارتي وترجلت منها  ودخلت البيت  وطلبتُ من الخادمة أن تصنع لي قهوة وتأتي بها  في غرفة والدتي...وعندما اقتربت من غرفة والدتي, سمعتها تنشدُ بيتاً من الشعر....قائلة: (أحسب عمار الدار يا زيد جدران واثر عمار الدار يا زين أهلها.!!),توقفت قليلاً في مكاني مستمتعاً بصوتها الحنون الحزين..يااه يالهذا الصوت الحزين..إنه صوت يُخفي تحته تاريخ طويل من الألم والأمل في نفس الوقت..!! سبحان الله إنها معادلة لا تجتمع لدى كثير من البشر,ووالدتي هي أحد هؤلاء البشر, الذين استطاعوا وبجدارة أن يدفنوا الألم بالأمل وأن يزاوجوا بين الألم والأمل بل هي قد جعلت من الأمل غطاء كاملاً للألم...فأنا لم أسمع والدتي طوال حياتي تشتكي أو تعترض على قضاء الله وقدره...حتى عندما كانت امرأة شابة لم أرى منها أي تذمر...فقد كانت وما زالت شعلة من العطاء لصغير قبل الكبير...!! وعندما  تواجه صعوبة ما أو تجد إساءة من أحد..أي أحد...لا تشتكي أبداً وإنما تكتفي بان تنشد أبياتاً من الشعر أو الأمثال تعتبرها هي المتنفس الحقيقي بعد الله والذي يُرَوِحُ عن ما بنفسها....!!

     

    وهذا ما يجعلني..أتضايق كثيراً...عندما ترد على تساؤلاتي بصمت مطبق حينما أسألها...مالذي حدث يا والدتي ولماذا تنشدين هذه القصائد...؟؟لأن القصيد بالنسبة لوالدتي هو تنفيس عن شيء ما بداخلها لا يعدله شيء آخر..

    ونعود لوالدتي : عندما دخلتُ عليها قَبلتُ رأسها وجلستُ على الأرض فيما كانت هي مستلقية على السرير...سألتها هل ستشربين القهوة معي..قالت: أفا عليك وأنا أمك إذا لم أشربها معك فمن سيشربها إذن...؟؟ ومع أنها سوف تجعل من نومي متقطعاً لكن إكراماَ لكَ سأشارك في شربها…لكن أخبر الخادمة ألا تكثر من الهيل فيها فجريت مسرعاً وأخبرت الخادمة وعدت إلى والدتي....وماهي دقائق حتى أحضرت الخادمة القهوة...وجلست بقرب أمي على السرير,حيث أنها لاتستطيع الجلوس على الأرض...بدأت بصب القهوة

    وناولت والدتي الفنجان الأول...قائلاً لها: كيف كانت علاقتك بوالدي رحمه الله في بداية زواجكما.؟؟ قالت: في بداية زواجنا كان أبوك شديد جدا في تعامله معي ولم يكن يعترف بكثير من الحقوق العادية لزوجة فما بالك بالحقوق الأساسية...!! لكن الدنيا لابد من الصبر عليها ياولدي...والزواج بالأخص يجب على الزوجة فيه أن تتنازل أكثر من الزوج..لأنها بالتأكيد في حال فشل الزواج  ستدفع  ثمناً وضريبة أكثر من الزوج..قلت :كلامك صحيح يا والدتي لكن لابد أن يكون هناك حدود لاحترام الزوج لزوجته ويجب ألا يتعداه مهما كانت الأسباب...قالت: هذا فيي زمانكم أنت وهناء وأنا أمك....لكن في زماني

    أنا ووالدك لم تكن هذه الحقوق معترف بها..

    ثم أردفت قائلة:لقد مرت عليّ أيام ياولدي كنت أطبخ في اليوم الواحد ذبيحة أو ذبيحتين وكان يتناول الغداء عند والدك ما يقارب الأربعين شخصاَ أو يزيد..ولا يوجد لدي خادمة تساعدني كما هي حال البيوت الآن...بل كنتُ وحدي..أرعى الأولاد وأصنع الغداء وأتفقد كافة شئون البيت الأخرى...وقد استمر في طبخ هذه الولائم لعدة أيام,دون أن أبدي أي تذمر بل كانت المرأة تعتبر ذلك من صميم عملها.. زمانكم تغير يا ولدي...زمانكم تغير...!! ثم قلت لها: صحيح أتذكر عندما كنتَ تطبخين تلك الولائم....ثم أكملت قائلة: ورغم تفنن نساء هذا الوقت في شراء الأفران الحديثة والتفنن في تصميم المطابخ..إلا أننا نكاد لا نرى هذه المطابخ تنتج شيئا ذا قيمة...!!بل قد تجد بعض زوجات هذا الوقت حتى غداء زوجها اليومي تتكاسل في صنعه..رغم الراحة التي هي فيها..!!

    زمانكم غريب يا ولدي..زمانكم غريب يا ولدي...!!

     

     

     

     

     

     

                  

                         خالتي والتوقيع

     

     

      قطع حديث والدتي صوت رنين جوالي.. وما إن فتحتُ الخط حتى جاءني صوت جواهر ابنة خالتي...! فنهضتُ واقفاً وخرجت من غرفة والدتي.. قالت: ألو :خالي أمي تعبت كثير وأخذوها إلى المستشفى...!وقالت لي:  اتصلي بخالك سعد وأخبريه بأني في المستشفى...!قلت: مع من ذهبت؟قالت: مع أم رغد جارتنا..قلت: طيب..طيب خلاص سأذهب وأعرف أين هي...؟و انتبهي لإخوتك في غياب والدتك...؟وأغلقتُ الخط ورجعت لوالدتي وأخبرتها أن صديقي فواز موقوف في حجز المرور ولا بد أن أذهب لكي أكفله وأخرجه...

    دعت لي والدتي وقبلتُ رأسها.وابتعدتُ خارجاً. وأنا أسمع دعواتها لي ولفواز بالتوفيق...وانطلقت بسيارتي إلى المستشفى  القريب,حيث اعتقدت أنها لابد إلا أن تكون فيه...

     

    ترجلتُ من السيارة

    ودخلت قسم الطوارئ مسرعاً وسألتُ عنها:ووجدتها تحاول جاهدة كتم آلامها...سألت الطبيب عن حالتها...؟وقال: لابد من عمل عملية لها على وجه السرعة والأمر لا يحتمل أيَ تأخير...وطمأنني بأن الوضع سيكون على ما يرام بإذن الله...ولكن لابد من التوقيع على ورقة إجراء العملية الآن..طلبتُ منه إمهالي بعض الوقت كي أخبر خالتي وأهيئها لذلك... دخلت على خالتي  وطمأنتها وشددت من أزرها ,وأوصتني بأولادها حيث أنهم في البيت لوحدهم..طمأنتها عليهم وأخبرتها بأنها لن تفيق من العملية إلا وهم أمامها بإذن الله...خرجت من عندها وقمت بالتوقيع على الورقة..وانتظرت حتى  أُدخلتْ خالتي إلى غرفة العمليات...ذهبتُ بعدها إلى موظف الاستقبال وحجزت لها جناحاً بدلا من الغرفة,لكي آتي بأولاد خالتي  لكي يبيتوا عندها,فمن الصعب تركهم في البيت  لوحدهم وفي نفس الوقت لكي تطمئن عليهم...وبالفعل تمت العملية بنجاح والحمدلله,, وذهبتُ واستأجرت خادمة  وجئت بها مع الأولاد لكي تمكث و تساعد خالتي  حتى بعد خروجها من المستشفى...وكانت مدة استئجاري لها شهر واحد...

     

    وخلال هذه الفترة وأثناء وجود خالتي في المستشفى كنت أتردد بين زيارة زوجتي وابني, وبين خالتي في المستشفى...حتى  تماثلت لشفاء وقرر الطبيب خروجها...بعد ذلك أخذتها هي والأولاد  إلى  البيت,وكان رأسي في تلك الفترة مشحون جداً بأفكار كثيرة ,يحتل الجزء الأكبر منها علاقتي بسيدة أفكاري وملهمتي السيدة هناء ,وأيضا لم يغب عن بالي زواج خالتي وهل ستمر ليلته بسلام ؟...فكثرة المشاغل والأحداث التي اجتمعت عليّ في وقت واحد جعلتني أفقد التركيز  في أحيان كثيرة...!!

     

     

     

     

     

     

                  شرم الشيخ وبنات عمي وزواج خالتي..؟

     

     

    مرت أيام النفاس بطيئة جداً...

    وفي آخر زيارة لزوجتي وابني, وبعد أن قاربت فتاة الغلاف على الخروج من النفاس قالت : سعد أريد أن نسافر إلى شرم الشيخ,ما رأيك لو سافرنا نهاية هذا الأسبوع,لو ذهبنا وغيرنا جو.....وسأترك ابني عند والدتي,قلت :مبدأياً لامانع عندي ,ولكن بعد إتمام زواج خالتي واطمئناني عليها

    قالت: لكن أنا أريد أن أذهب في الأسبوع القادم,قبل أن يبدأ دوامي وأعود إلى المدرسة...!قلت: أنا أفهمك يا عزيزتي لكن مستحيل أن نسافر في هذا التوقيت بالذات فالزواج لم يتبقى عليه شيء,والسفر من الممكن أن يؤجل عدة أيام أو أسبوعين... لكن الزواج صعب..صعب.. أن يؤجل يا هناء أكثر من ذلك والرجل لايمكن أيضاً أن يتحمل تأخيراً  زائداً ومعه كل الحق...!!قالت: كعادتك تفضل أهلك عليّ دائماً...أريد منك أن تكون في صفي ولو لمرة واحدة...!!دعني أشعر بأني زوجتك وأن هذا ابنك....!!أنا أعرف بأنه لو طلبت خالتك منك ذلك لما ترددت ولو للحظة واحدة في تلبيته لها...!أنسيت عندما سافرتَ بها عندما توفي أخو زوجها

    ....أنسيت ذلك ..؟؟أنسيت أنك وضعتَ لها جناح من غير أن تطلب منك ذلك..!!

     في حين أنك رفضت أن أقيم في جناح عند ولادتي لطفلنا وكأنه ليس طفلك أنت أيضاً...!! قلت: لاإله إلا الله وأن محمد رسول الله يا مثبت العقول ثبت علي عقلي وديني..!!لاأعرف كيف تخلطين الأمور ببعضها .أتقارنين الذهاب للعزاء بالسفر لسياحة والاستجمام...؟لاأدري ماهي نوعية الخلايا التي في رأسك؟

    أشك بأنها خلايا بشرية...!!سبحان الله حتى ولادتك لطفلنا لم تغير طريقة تفكيرك..!!فيبدو لي أنه يتراجع إلى الوراء...!!قالت أنا أعلم بأنك تريد أن تغير موضوعنا الأساسي,وتريد أن تفعل مشكلة بيننا حتى لانسافر...!!

    قلت : لماذا تفسرين المواقف بحسب ما تريدين...؟؟!! للمرة الثانية ياهناء حاولي  أن تتفهمي موقفي...الوضع لا يحتمل أن أسافر,وأنتِ تعلمين بأنه لن يقوم أحد بأمور زواج خالتي غيري أنا....قاطعتني وقالت:لا تتعذر بأي حجة لا بد أن أسافر لشرم الشيخ...لابد أن أسافر..!!ثم قالت: كيف تريدني أن أداري حرجي أمام زميلاتي وبنات عمي,إذا سألوني عن سفرتي التي حدثتهم عنها....؟! أتريد أن أعود إلى مدرستي وأنا لم أسافر مستحيل ذلك...

     

    تركتها خلفي تتكلم وخرجتُ من عندها وأنا أقول: لن نسافر و سترين ماذا سأفعل..! تابعتُ خطواتي إلى الباب وأنا أسمعها تقول: كأنك تهددني ....؟؟بل سترى ماذا أفعل أنا...!!أكملتُ خطواتي وخرجت غير آبه لها...واستقليت سيارتي,وفكرتُ في كلامها قليلاً,لكني مالبثتُ أن قلت بأنه لا يعدو أن يكون ..!!

    سحابة صيف أو غيمة سوداء على الأكثر وتزول,وفي نفس الوقت كنت أخشى أن تؤثر مشاكلي مع زوجتي,على نفسيتي وشكلي أمام الحضور في زواج خالتي ,حيث أنه لم يتبقى عليه غير مدة قصيرة,ورغم ذلك مرت تلك المدة بطيئة جداً رغم قصرها..!

     

     

                 جرس الباب ورجل لا أعرفه..!!

     

    وحان موعد اليوم الذي فيه زواج خالتي...

    كنت في البيت صباح ذلك اليوم أجري بعض الاتصالات,مع مدير إحدى المطاعم ,ومدير إحدى محال الحلويات التي تعاقدتُ معها لعشاء هذه الليلة

    وبالطبع فهذه المحلات ليست باتشي ..ولا سعد الدين,ولا جرير ولا حتى الريف اللبناني..فمنذ تزوجت وأنا بت أكره هذه المحلات..!!وأثناء ذلك سمعت صوت جرس الباب,وأخبرتني الخادمة بأن هناك رجل بالباب يريدني...!!

    طلبتُ منها إعداد القهوة والشاي لاستقبال الضيف,وذهبتُ لأرى من يكون...!!,وجدت رجلاً لاأعرفه يقف بالباب..!!سألني بعد السلام....عن اسمي وأخبرته مستغرباً بأنني أنا الرجل المقصود...!!فسلمني  أمام دهشتي ورقة تطلب مني الحضور إلى المحكمة...!!

    شكرتُ الرجل بعد أن رفض الدخول ودخلت بسرعة..وبسرعة كبيرة أيضاً قمت بفتح الورقة...وتوقعت كل شيء إلا أن تكون الهناء, قد طلبت الطلاق عن طريق المحكمة...!!

    يا إلاهي...!!فلو طلبت مني الطلاق عن طريق أهلها لما تأخرت في ذلك كثيراً أمام إصرارها عليه,وخصوصا والنفس قد طابت...!!وفعلاً لم أتردد كثيراً في ذلك ,فقد تناولت غترتي وعقالي من على الشماعة وانطلقتُ بسيارتي متوجهاً إلى المحكمة...واتصلتُ باثنين من أصدقائي وطلبت منهم الحضور عند المحكمة أيضاً,ولم يمض وقت طويل على انتظاري لهم حتى أتوا,دخلت المحكمة وسألت الموظف عن إجراءات الطلاق,وانتظرت دوري حتى دخلت على القاضي,وسألني بعض الأسئلة,ثم طلب مني التلفظ بلفظ الطلاق,وطلبَ من الشهود التوقيع على ذلك....

    انتهت إجراءات توثيق الطلاق,وأخذتُ نسخة من صك الطلاق,وتوجهت إلى الأحوال المدنية,وطلبت إزالة اسمها من كرت العائلة بعد أن أبرزت لهم صك الطلاق, فهي [والحمدلله] لم تعد زوجتي لا شرعاً ولا قانوناً,وخرجتُ متوجهاً إلى البيت,لأكمل أمور الفرح فهو أكثر شيء يسيطر على تفكيري الآن فلا هم إلا كهم العرس كما قال المثل...!!ودخلتُ  المنزل كاتماً أموري  فَيوم كهذا لا يمكن أن أفسده بخبر كهذا أيضاً..! ,مرت الساعات كئيبة وبطيئة,مع أني قد أشرفت على كامل ترتيب البيت,والأمور الأخرى..حتى حان الليل وحان وقت الفرح الناقص..لم يكن هناك الكثير من الحضور فقد كان الزواج مختصراً جداً

    وكان في مقدمة الحضور فضيلة القاضي الذي غمرنا بكرم أخلاقه وتعاونه  اللا محدود معنا,فحضوره المعنوي فاق دوره الفعلي في الموقف.. وجاء بعده خالي مكرها ومرغماً من أجل خاطر القاضي ولسان حاله يقول , لا بارك الله لكم في ليلتكم هذه...!! حتى إنه لم يدخل على خالتي ووالدتي لكي يبارك لهم ,

    ثم جاء بعده العريس  برفقة عمه وإخوته, , ويالفرحتي فقد قدر لهذه الليلة أن تعيش أخيراً وأن تخرج للوجود...!!وبعدما استقبلت العريس والضيوف وقمنا معهم بالواجب...دخلتُ على خالتي لكي أبارك لها وأسأل هل بإمكان العريس الدخول الآن...؟؟

    واندهشتُ من لون فستان الفرح الذي تلبسه  خالتي ,فقد كان مطبوعاً في مخيلتي بأن فستان الفرح لابد أن يكون أبيضاً....!!إلا أن خالتي كانت تلبس فستاناً ذا لون سماوي مائل للبياض بشكل كبير......!! باركتُ لها وقبلت رأسها قائلاً ومتسائلاً: ماشاء الله تبارك الله...عين الحسود فيها عود....لكن اختيارك للون الفستان غريب..يا خالتي..؟؟ قالت: الله يبارك فيك وعقبال ما تزوج أولادك..الأبيض للبنات صغيرات السن..لكن التي في مثل عمري لابد أن تلبس ما يناسبها..سواء باللون أو الموديل...!! خرجتُ من عند خالتي واصطحبت العريس للقاء عروسه, وجلستُ معهما بعض الوقت أحاول أن أخلق نوعا من كسر الحواجز بينهما....ثم اصطحب العريس عروسه وخرج بها....

    وعندما خرج العريسان  جلست أنظر إليهما وأشيعهما بنظري حتى اختفيا عن الأنظار.....عندها أخذتُ نفساً عميقاً ونظرتُ إلى السماء وحمدت الله أن أتَمَّ علينا فرحتنا....ودخلت إلى المنزل حيث والدتي..تلاعب أولاد خالتي وتسليهم عن والدتهم وما إن رأتني حتى أخذت دموعها تتساقط قائلة: الله يسعد خالتك ويوفقها ويكبر حظها....فقبلتُ رأسها وقلت : آمين آمين..ولكن لماذا البكاء يا أمي...؟؟  لقد ذهبت خالتي إلى بيت زوجها وهو رجل كفؤ بإذن الله..وستسكن قريبا من بيتنا....فلماذا الدموع والحزن....؟؟ قلت لها ذلك وأنا أقول في نفسي: لو علمت بأمر طلاقي لزوجتي فما الذي سوف يحدث لها..؟؟ إنها تبكي في ليلة سعيدة ومفرحة كهذه...فكيف بها عندما تسمع خبراً سيئاً...!! اللهم ألطف بنا..ولا ترنا ما نكره في أمرنا....

     

     

            

       الباب وما...وراء الباب؟؟

     

     

    وفي اليوم التالي لزواج خالتي

    كنت أجلس أنا ووالدتي في الحديقة ونتبادل أطراف الحديث عن زواج خالتي وأنه قد تم والحمدلله, بشكل يرضينا أمام الناس...وأثناء ذلك..سمعنا صوت سيارة تقف بالقرب من الباب الخارجي,ولم تمض لحظات حتى سمعنا صوت جرس الباب ....!! جاءت الخادمة تجري مسرعة  تريدُ فتحه,وأشّرتُ إليها بيدي, بأن ترجع إلى عملها واتجهتُ,إلى الباب أريد فتحه وما إن اقتربت منه, حتى سمعتُ  صوت صراخ طفل صغير,يبكي  من خلف الباب...!!وتفاجأت لسماع هذا الصوت وتساءلت من يكون صاحبه يا ترى...! وما إن اكتمل فتح الباب...ونظرتُ بالخارج,حتى وجدتُ سرير طفلِ صغير بقرب الباب.!!..وسيارة تبتعد مغادرة المكان...! بلاشعور صدرت مني شهقة قوية....عندما وقعت عيني على ابني الصغير بداخل السرير...!!

    تسابقت الكلمات والمشاعر والأحاسيس تريد الخروج...لتسأل ماهذا الذي أمامها..!!رغم تأكدي بأنه ليس سوى ابني الوليد الذي لم يكمل الخمسين يوماً بعد...!!وامتدت يدايَ غريزياً وحملتُ طفلي ونظرتُ يميناً وشمالاً..أبحث عن والدته (زوجتي) لعلها هنا أو هنا (أم المفاجأت)......ولم أرى سوى سيارة بعيدة...!فلم أصدق أن أجد ابني  موضوعاً بهذه الطريقة...!!فركتُ يداي عدة مرات حتى أتأكد بأنني لا أحلم.. ولو كان الوضع يسمح لاتصلت بفواز لكي أسأله عن الوقت أيضاً..!!كل هذه المشاعر السابقة حدثت في لحظات بسيطة ثم هممتُ أن أدخل البيت حاملاً طفلي فتسمرت في مكاني عندما تذكرت كيف سيكون الوقع على والدتي التي تركتها تنتظرني في الداخل فرحة بزواج خالتي ليلة البارحة....!!فماذا يمكنني أن أقول لها...؟!...<في هذه اللحظة>  سمعت صوت مسج على جوالي فتحته وإذا به رسالةمن هناءمضمونها كلمتين فقط

    ( ابنك أمام بابكم).....!!

    قرأت الرسالة وبالطبع فهمتها بلا تردد وجلستُ بلا شعور على طرف سلم الباب وكأنني ممنوع من دخول منزلي..!!إذ لابد أن أستعيد توازني وأتأكد من حقيقة ما أنا فيه...!قطع الصمت صوت طرقات والدتي على الباب من الداخل  حيث أتاني صوتها قائلة:سعد...سعد...بسم الله عليك...من الذي بالباب..هل حصل لك مكروه.....؟!وكان الموقف يفرض نفسه عليّ أن أدخل مرغماً حاملاً طفلي...وواضعاً والدتي أمام الأمر الواقع,تفاجأت والدتي بمنظر طفلي,ورحبت به ترحيباً قويا ًثم قالت : أين هناء لماذا لم تدخل....؟؟قلت :ذهبتْ إلى المشغل مع والدتها ووضعت ابني عندي ريثما تعود...قالت: أي مشغل...؟؟وأي أم هذه التي تضع ابنها عند والده وهو طفل رضيع..؟! ولماذا لون وجهك قد تغير إلى الأسود...؟!ثم قالت: أنا من يوم أمس وأنا أشعر بأن لديك مشكلة قل  لي ما الذي حصل ما الذي تخفيه عني..؟! قبلتُ رأسها وقلت: طيب أولا اجلسي وارتاحي وسأخبرك بكل شيء ثم ناديت على الخادمة..وطلبتُ منها أن تحمل ابني قليلاً...ريثما أهدئ من والدتي وأخبرها حقيقة الأمر بالتدريج...ثم قالت والدتي: بسرعة تكلم الآذان قد اقترب وأنا أريد أن أتوضأ لكي أصلي.. قبلتُ يدها وقلت:  حاضر على أمرك...وجلستُ بقربها..

    ثم قلت(محاولاً أن أخفي عنها الحقيقة الكاملة) : بصراحة أنا يا والدتي أريد أن أتزوج زوجة ثانية على هناء ...قاطعتني وقالت: أنا أريد أن أعرف شيئاً واحداً الآن وهو ما يهمني من الأمر كله...!!

    لماذا ابنك لديك الآن وأين والدته...؟؟نظرتُ في عينيها وقلت : بصراحة يا أمي

    أنا لم أعد مرتاحاً لهناء وأريد أن أُطلقها....قالت: لكنك لم  تجاوبني...لماذا ابنك عندك وليس عند والدته. جاوبني يا ولد.؟!!قلت: الزواج يا ولدتي قسمة ونصيب..وأنا قد طلقتُ هناء يا أمي...فأجهشت بالبكاء وهي تقول: يا ويلكم من ربكم...يا ويلكم من ربكم..!!ما ذنب هذه (اللحمة)<<<تقصد طفلي الصغير..!!؟؟قلتُ يا أمي لسنا أول زوجين ينفصلان ولا حتى آخر زوجين ينفصلان عن بعضهما...!!فزادت في البكاء وقالت: يا فرحة ما تمت بالأمس زواج خالتك واليوم طلاقك لزوجتك أنتم ما تخافون الله..أنتم ما تخافون الله..؟!لكنكم  أساساً لستم أهلا لزواج..!!

     ووالدته أين هي ولماذا هو معك وليس معها...؟ لا تكن أنت قد أخذته بالقوة منها...؟!! قلت بصوت مرتبك وحائر:صدقيني يا أمي حتى أنا لا أعرف لماذا ابني هو عندي كل ما أعرفه أنني قبل قليل خرجتُ ووجدته عن باب البيت..!!

    قالت والدتي بصوت باكي ...وهي تشير إلى الخادمة أن تُنَاولها طفلي: استغفر الله...استغفر الله...الله لايعاقب امه ...الله لا يعاقبها...!!قلت : لا تحملي هماً يا أمي يكفي أن يتربى ولدي بين يديك وبقربك وإن شاء الله,تعوضينه عن فقد أمه وتربينه كما ربيتني...فرمت عصاها جانباً.وأخذت تقبلٌ ابني وتشمه ودموعها تتساقط عليه,وتقول ..يا ويلكم من ربِ سيحاسبكم....ياويلكم من ربِ سيحاسبكم...أنتم مافي قلوبكم رحمة أبد...؟!وكان الموقف أكبر من أن أحتويه فأنا جزء من مشكلته ولم تفلح محاولاتي مع أمي في تهدئتها...حتى أجبرها على ذلك صوت بكاء طفلي الصغير..عندها نهضت من مكاني,وأخذت طفلي من والدتي..وقلت عن إذنك سوف آخذ الخادمة قليلاً... وأذْهب إلى الصيدلية القريبة, لأشتري لابني ما يلزمه من الحليب...وخرجتُ ومعي الخادمة حاملة طفلي....ودخلنا إلى الصيدلية...وبعد السلام, أشرتُ إلى صغيري وقلت:أريد منك أفضل أنواع الحليب,وكل ما يحتاجه مولود في هذا السن...قال الصيدلي: الله إيه الكتكوت الصوغنن دا....؟أمال فين مامته... إنت عارف الرضاعة الطبيعية أحسن بكتير....!!قلت له : والدته توفيت يوم أمس..!!..لأنها بالفعل كأم قد توفيت في نظري منذ أمس..!!

    قال: يا حرام...مسكين....!!أخذتُ ما قرره الصيدلي...ودفعت الحساب وخرجت..كنت قلقاً جداً ولا أعرف كيف أتصرف مع,طفلي الصغير...فرجل مثلي كيف له أن يعتني بمولود لم يتجاوز عمره الشهرين..!!

    رجعت إلى البيت,ووجدت والدتي تنتظرني بالباب من شدة قلقها على الصغير...حاولت أن أطمئنها بأن كل شيء سيصبح على ما يرام..ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل..!! حيث أني لم أكن أريد أن أتسبب لها بأي مضايقة أو تعب جراء اهتمامها بطفلي أو حتى لمجرد التفكير فيه.لكن هيهات..هيهات..فليتني أستطيع التحكم في عقلها...وكان تفكيري في والدتي,منشغل بها أكثر ؤمن تفكيري بطفلي,فأنا لا أريد أن أحملها فوق طاقتها تحت أي سبب...واهتديت إلى طريقة لم يكن أمامي  طريقة أخرى غيرها...فقمت بترتيب الغرفة المقابلة لغرفة والدتي ووضعت فيها سريراً للخادمة...وأيضا سريراً لطفلي الصغير بقربها...وكذلك وضعت سريراً لي بجانب سرير والدتي في غرفتها..لكي أكون قريبا من طفلي عندما أسمع صوت بكاءه,وأشرف عليه إشرافا مباشراً فأنا لا أستطيع أن أعتمد على الخادمة كلياً وأيضا لا أستطيع أن أثق في مدى قدرتها على العناية الخاصة به...

     

    وكانت تلك بداية لانقلاب حياتي رأسا على عقب منذ أن أصبح صغيري في رعايتي بعد الله...فمواعيدي مع أصدقائي تغيرت ,فلم أعد أراهم كما كنت في السابق رغم إلحاحانهم المتكررة,وألغيت كل الاانتدابات التي  يتطلبها مني عملي  لكي لا أبتعد عن طفلي .. وحتى الصلاة في المسجد أصبحت تفوتني في بعض الأوقات بسبب ارتفاع درجة حرارة ابني المفاجئة أوعارض صحي يلم به, حيث أني للأسف عديم الثقة بالخادمة مع أنها امرأة لاأشك في حرصها على صغيري, وقد تعلمتُ عن المواليد أشياء كثيرة,لم تكن تخطر ببالي في يوم ما بأني سأتعلمها أوأعرفُ عنها أي شيئ!! لقد أصبحت خبيراً بل طبيباً متخصصاً في رعاية المواليد...فغرفتي أصبحت عبارة عن صيدلية مصغرة...وقد كان أكثر شيء يصيبني بالهلع عندما ترتفع درجة حرارة ابني,فهذه الحرارة تأتي فجأة من غير استئذان...وعندها لاأستطيع النوم ...وأضل ممسكاً,بمقياس الحرارة في يدي  لأقيس حرارته مابين دقيقة وأخرى...وعندما  أفشل في خفضها في بعض الأحيان..

    أذهب به مسرعاً ومذعوراً إلى المستشفى القريب...ولا أرتاح  حتى تنخفض حرارته تماماً...كل هذا أمام نظرات والدتي التي  تؤثر فيني بشكل  كبير فهي تتألم من أجلي  ومن أجل صغيري..بشكل يجعلني أتقطع إرباً رحمةً بها....فالزمن لم يبقي  فيها شيئا لكي يأخذه منها....!ورغم ذلك فهي لاتستطيع فعل شيئ لي سوى الحسرة والعبرات المكتومة...وحتى أنا لا أستطيع أن أفعل لها شيئاً

    سوى نظرات وعبرات مكتومة أيضا ...وفي نفس الوقت  لا أستطيع أن أجبرها على تغيير مشاعرها تجاهنا أنا وطفلي ,فهذا ليس بيدها ....لكن ماباليد حيلة... ما باليد حيلة....!!

    وتمر الأيام ويستقر الوضع إلى حد كبير حيث تعودنا على إزعاج هذا الصغير الذي ملأ البيت نورا على نوره , رغم أنه كان في بدايته صعب جداً على مثلي,وقد  عودت والدتي أن تكون مشرفة ومستشارة فخرية فقط ومن بعيد, لكي لا أثقل عليها أكثر مما هو مُثقِل عليها زمانها, وفي إحدى المرات...عندما بدأ صغيري يتعلم المشي,وكنت ألاعبه في الحديقة..َأ قْبَلَتْ والدتي علينا...فبادرتني قائلة:

    اسمع يا سعد...أنت لابد أن تتزوج ثانية...لابد من ذلك...ولن أرضى أن تبقى هكذا بلا زوجة.فأنت تحتاج إلى زوجة ترعاك وترعى ابنك الصغير قبلك..!!(وأشارت إليه)..وإلى متى ستبقى عازباً....؟!

     

    نظرتُ إلى والدتي,ثم حملت طفلي ووقفت,,

     

    وقلت: أنا لن أتزوج ثانية يا أمي...أنا لن أتزوج ثانية يا أمي..

     

    خلاص...خلاص...يا أمي...

     

    أنا صرت زوج تائب....أنا صرت زوج تائب.

     

    انتهت

    الأحد 2/3/1429

    الساعة4’55مساءً

     

     

    اخترت لكم

     

    سكة طويــلة...
    والبراري قفار..
    والدار تشكي......
    من جفا الزوار..
    والليل عتمة.......
    والأماني قصار..
    يا معين اللي عينه ما تنام.....
    في سكة طويلة....

    السهل غبة..
    والساحل مطر..
    والمدينة ناس....
    والميناء خطر...
    كتبته لك ديوان من نثري وشعر..
    لا فادني خطي ولا فاد الكلام...

    عودي أخضر يبسها الندم....
    وألبسوني النور من ثوب الوهم....
    ما يجي مني غير طيب وسم...
    يا أُنس وقتي يا أحبابي القدام ...

    وسـكة طويــلة...

    ودمتم بخير

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()