س9: وسئل -حفظه الله- بعض إدارات المدارس ترفض نوعًا من الطلاب، سواء من أبناء هذه البلاد أو من غيرهم؛ لاعتبارات كثيرة، منها: تقدم سن الطالب، أو السلوك السيئ، أو الضعف في المادة العلمية، مع وجود أماكن شاغرة، ثم يأتي أحد المدرسين فيشفع لأحد الطلاب المتقدمين للانضمام لتلك المدرسة التي وضعت تلك الضوابط لرد الطلاب المتصفين بها أو ببعضها، فما حكم تلك الشفاعة والحال ما ذُكر؟ وهل اجتهاد الإدارة بوضع تلك الضوابط مسوغ وموفق؟
فأجاب: لا شك أن الإدارة لديها تعليمات وأنظمة لقبول الطلاب أو ردهم، فلا لوم عليهم إذا تمشوا على تلك التعليمات وتقيدوا بها في القبول والرد، ولو كان عندهم أماكن شاغرة.
فأولا: معلوم أن من تقدمت به السن، وهو لم يدرس أو لم يتجاوز المرحلة الأولى، فإن ذلك دليل ضعف الفهم وسوء الحفظ والبلادة في العلم وعدم الاستفادة من التعليم، وقد يكون بسبب الإهمال والإعراض عن التعلم والصدود عن الاستفادة، والإكباب على اللهو واللعب أو الانشغال بالحظوظ الدنيوية والشهوات النفسية، حتى تقدمت به السن، وهذه الغرائز النفسية يصعب تغييرها، ومع ذلك قد يوجد من يرغب في الاستفادة ويصدق في الإقبال، ويعرف ذلك من نيته وقصده، فلا مانع من قبول الشفاعة فيه إذا لم يكن الحامل عليها القرابة أو الحمية والتعصب ويكون القبول بشرط التجربة والاختبار العملي.
وثانيًا: السلوك السيئ الذي يشتهر به الطالب، ويعرف عن طريق زملائه أو المدرسة التي درس فيها أولا، أو عن طريق ملفات الطلاب وما يدون فيها من المخالفات التي يظهر من تكررها أنها جبلة راسية في الطبع الذي يغلب التطبع؛ فأرى مثل هذا لا فائدة في قبوله ولا تقبل الشفاعة فيه، ويمكن دراسته في المدارس الأهلية حتى يتوب ويتغير.
وثالثًا: الضعف في المادة العلمية، وسببه قلة العقل وسوء الفهم وضعف الإدراك، وهو ركيزة في النفس يصعب التغيير والتحول منها، وهؤلاء معذورون، فقد يبذلون الجهد ويضاعفون الدرس ويكررون القراءة ومع ذلك لا يحصلون على نتيجة، فإن كان هناك فراغ وأماكن شاغرة فمن الأفضل ألا يُردوا؛ لحسن نياتهم وحرصهم على العمل، سواء كانوا مواطنين أو وافدين، فإن ضاق المكان فالأولى به أهل الفهم والإدراك والاستفادة، والله أعلم.