السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ حَائِضٍ إِلاَّ بِخِمَارٍ)). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلاَّ النَّسَائِيَّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
دَرَجَةُ الْحَدِيثِ:
الْحَدِيثُ صَحِيحٌ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، والْحَاكِمُ، والْبَيْهَقِيُّ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.
وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَدُ شَاكِرٌ، والأَلْبَانِيُّ.
* مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
حَائِض: يُقَالُ: حَاضَتِ الْمَرْأَةُ حَيْضاً، فَهِيَ حَائِضٌ؛ لأَنَّهُ وَصْفٌ خَاصٌّ بِهَا، وَجَاءَ: حَائِضَةٌ، وَجَمْعُهَا حَائِضَاتٌ، وَجَمْعُ الْحَائِضِ: حُيَّضٌ.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: ((الْحَائِض)) لَيْسَ الْمُرَادُ: مَنْ هِيَ حَائِضٌ حَالَةَ التَّلَبُّسِ بِالصلاةِ، بَلِ الْمُرَادُ الْبَالِغَةُ.
بِخِمَارٍ: جَمْعُهُ خُمُرٌ، وَهُوَ بِكَسْرِ الخاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، يُقَالُ: خَمَّرَ الشَّيْءَ: غَطَّاهُ، فَالتَّخْمِيرُ التَّغْطِيَةُ؛ وَمِنْهُ خِمَارُ الْمَرْأَةِ، الَّذِي تُغَطِّي بِهِ رَأْسَهَا وَعُنُقَهَا.
مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- الحَائِضُ لا تُصَلِّي وَلا تَصِحُّ مِنْهَا الصَّلاةُ حَالَ حَيْضِهَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (الْحَائِض ) يَعْنِي الْمُكَلَّفَةَ، الَّتِي بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ.
2- لَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْحَدِيثِ الْبَالِغَةَ بِالْحَيْضِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْبَالِغَةُ بِأَيَّةِ عَلامَةٍ منْ عَلامَاتِ الْبُلُوغِ، وَهِيَ: الْحَيْضُ، أَوْ نُزُولُ الْمَنِيِّ، أَوْ نَبَاتُ شَعْرِ الْعَانَةِ، أَوْ بُلُوغُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَاماً، وَلَكِنَّهُ عَبَّرَ بِمَا يَخُصُّ النِّسَاءَ، وَهُوَ الْحَيْضُ.
3- أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ للأُنْثَى منْ عَلامَاتِ بُلُوغِهَا، وَلَوْ أَنَّ سِنَّهَا أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ عَاماً.
4- أَنَّ الْجَارِيَةَ إِذَا بَلَغَتْ، كُلِّفَتْ بالأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ كُلِّهَا.
5- أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتُرَ فِي صَلاتِهَا - فِيمَا تَسْتُرُ مِنْ بَدَنِهَا - رَأْسَهَا وَعُنُقَهَا بِخِمَارٍ يُغَطِّي ذَلِكَ كُلَّهُ.
6- أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلاةِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا، والْعَوْرَةُ فِي الصَّلاةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ الْمُصَلِّينَ
7- مَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَنَّ البِنْتَ الَّتِي دُونَ الْبُلُوغِ تَصِحُّ صَلاتُهَا، وَلَوْ لَمْ تُغَطِّ رَأْسَهَا بِخِمَارٍ، فَعَوْرَتُهَا أَخَفُّ منْ عَوْرَةِ الْبَالِغَةِ.
نَفْيُ قَبُولِ الصَّلاةِ مِمَّنْ لَمْ تُخَمِّرْ رَأْسَهَا فِي الصَّلاةِ، الْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ حَقِيقَةِ الصَّلاةِ، فَلا تُجْزِئُ وَلا تَصِحُّ، لا مُجَرَّدُ عَدَمِ حُصُولِ الثَّوَابِ.