أولاً: تكوين الأسنان:
لا يبدأ تكوين الأسنان - كما يعتقد كثير من الناس - بعد ولادة الطفل؛ ولكن الحقيقة أن التسنين يبدأ في مرحلة مبكِّرة من حياة الجنين داخل رحم الأم، حيث يبدأ تكوين الأسنان في الشهر الخامس من حياة الجنين، ويبدأ ترسّب الكالسيوم (تكلس السن) في هذه المراحل المبكرة، ويستمر النمو والتكلس لمراحل متفاوتة بعد الولادة.
وتنمو الأسنان في خنادق عميقة داخل الفكين العلوي والسفلي.
ثانيًا: ظهور الأسنان:
إن وقت ظهور الأسنان وخروجها إلى الحياة الخارجية من داخل الخنادق لا علاقة له أبدًا بعملية نمو الأسنان، فعملية تكوين السن ونموها وتكلسها هي عملية تستمر حتى تبلغ مداها، بغضّ النظر عن تاريخ ظهورها.
أما وقت ظهور السن فهو شيء مكتوب في "اللوح الجيني" للطفل.
وتتوقع كل الأمهات أن تبدأ أسنان أطفالهن في الظهور في الشهر السادس، وهذه حقيقة؛ ولكنها حقيقة منقوصة، أما الحقيقة الكاملة فهي أن بداية ظهور الأسنان قد تمتد من الشهر السادس وحتى الشهر الثاني عشر. وإن تأخر ظهور السن الأولى حتى يوم ميلاد الطفل الأول هو شيء طبيعي. وإن ابن الجيران الذي ظهرت أسنانه في الشهر السادس أو حتى قبله ليس أفضل – عند الله – من طفلك ولا أسرع نموًّا منه.
وإذا أخذت طفلك الآن إلى أقرب مركز أشعة، وقمت بعمل أشعة على الفكين فإنك ستندهشين؛ لأنك ستجدين ما يقرب من عشرين سنَّة - هي عدد الأسنان اللبنية في الأطفال - موجودة في خنادقها ومستعدة للانطلاق للخارج، ولكن الأوامر لم تصدر لها بعد بالتحرك.
والآن سأطلعك على "سر"، ولكن أرجو ألا تفشيه بين الناس؛ لأن إفشاء هذا السر سيؤثر على اقتصاديات أطباء الأطفال، وأنا واحد منهم!!
هذا السر هو: أنه لا يوجد دواء سحري أو غير سحري يمكن أن يؤدي إلى التعجيل بظهور الأسنان، حتى لو أعطيت طفلك "حمل بعير" من كالسيوم ومثله معه من فيتامين "د"، فإن ذلك لن يؤدي أبدًا إلى التعجيل بميعاد ظهور الأسنان المقرر لها في علم الغيب. لكن واقع الأمر أننا نحتاج للكالسيوم وفيتامين "د"، وغيرها من العناصر الغذائية خلال فترة الحمل والطفولة؛ لإتمام نمو الأسنان، وقوة تكلسها وليس للتعجيل بظهورها.
أما عن الرضاعة الصناعية التي سألت عنها، فهي مطلوبة، بل لا غنى عنها في حالة تعذُّر الرضاعة الطبيعية.
الآن نأتي إلى الموضوع الأهم وهو أعراض التسنين:
إذا ما صدرت الأوامر للسن بالتحرك للخارج، بدأت أعراض التسنين الشهيرة
حيث يتورَّم مكان خروج السن، ويلتهب، ويزداد إفراز اللعاب، ويصاب الطفل بالقلق والتوتر والعزوف عن الطعام، وقد يصاب بارتفاع في درجة الحرارة، وإسهال من خفيف إلى متوسط. وهنا يأتي دور "العضَّاضات" التي سألت عنها، حيث يكون لها دور في تخفيف الألم وتسهيل خروج السن.
ولكني - شخصيًّا - لا أحبذ استخدامها؛ لأن (ضررها أكبر من نفعها)؛ لأنها تكون عرضة للتلوث، ونقل العدوى للطفل حتى (ولو حرصت). فقط يفضَّل إعطاء مسكنات موضعية أو فموية، مع اختيار الطعام السهل اللين. أما استخدام المضادات الحيوية، ومضادات الإسهال والقيء فلا طائل من ورائها.
مع التمنيات الطيبة بالصحة والسعادة.