الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فـ"نجيب ساويرس" يمثـِّل واحدة مِن العجائب التي يجب أن تُضم إلى "عجائب الدنيا السبع"؛ لأنه أغنى رجل أعمال مصري، ومع ذلك لا يكف عن "الصياح" المستمر بأن النصارى مضطهدون!
"نجيب ساويرس" الذي بيعت له أول شبكة محمول في مصر بأزهد الأثمان عن طريق فبركة صحفية قام بها رئيس تحرير "روزا اليوسف" في ذلك الوقت "عادل حمودة" حينما نشر على غلاف المجلة تحذيرًا بالقتل منسوبًا لإحدى "الجماعات الإسلامية الوهمية" لـ"ساويرس" إذا لم ينسحب مِن صفقة شراء شبكة المحمول الأولى في مصر، وتمت إقالته مِن "روزا اليوسف" ليمرح بعدها في كثير مِن الصحف الخاصة، والتي قال فيها مؤخرًا: "بأن "لا" بمائة ألف نعم"!
ومع هذا مرت هذه السقطة الإنسانية والأخلاقية والديمقراطية على كل "الإعلام الرسمي الساويرسي" بردًا و سلامًا، ولم يشعروا معها بأي غضاضة!
"نجيب ساويرس" الذي سمى الاستفتاء: "خناقة" في الوقت الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها على رأس مِن سماها: "غزوة"، و"الغزوة" تقارب لفظ: "المعركة" الذي يطلق غالبًا على المواجهات الانتخابية؛ بينما "الخناقة" تعني: "معركة بلا أخلاقيات"!
"نجيب ساويرس" يزعم أنه ليبرالي، ومع هذا صرَّح بتصريحات مستفزة ضد الحجاب، وصرَّح بأنه بدأ يشعر بالغربة في بلده.
وعندما أراد أن يخفف حدة سقطاته وانحرافاته قال: "إنه يعني الشادور الإيراني الذي انتشر مؤخرًا، وليس الحجاب"! مع أن هذا أيضًا يشمل مناقضة لمبادئ الليبرالية التي تسمح لساويرس أن يقيم بمناسبة وبدون مناسبة حفلاً غنائيًا صاخبًا، ثم تظهر صوره في اليوم التالي، وهو يراقص فتيات على أنغام موسيقى غربية، وبمظهر لا يرضى عنه عامة المصريين "وليس المسلمين فقط".
وإذا سئل عن ذلك؟ قال: "الليبرالية إلا تسألني عما أفعل"!
فلماذا إذن أعطى لنفسه الاعتراض على مَن تلبس ما ظنه "الشادور الإيراني"؟! وهذا مما يدل أن جهاز جمع المعلومات لدى إمبراطور الاتصالات والإعلام قد قدَّم له معلومات مضللة أن هذه الطريقة في حياكة العباءة طريقة إيرانية!
يذكرني ذلك بسلوك جهاز ثارت الدنيا عليه حتى يُحل، ويبدو أن هناك العديد مِن الصور الخاصة مِن هذا الجهاز في حاجة إلى الحل.
"نجيب ساويرس" قطع الاتصالات في شركته استحابة لأوامر النظام السابق لوأد الثورة، وصبغ قنواته الفضائية بموقف وسط، ولكنه إلى النظام أقرب، ثم ذهب ليقف مع الثوار، ولكن بأي غرض؟
لقد أنشأ ما سماه: "لجنة الحكماء"؛ للقبول بأول عرض عرضه النظام السابق للخروج مِن الأزمة!
"نجيب ساويرس" واحد ممن دافعوا عن هرطقات "بيشوي" عندما زعم أن المسلمين ضيوف على النصارى، وادعى أنه كان يريد التقريب بين الأديان.
مع أن كلاهما لا تسعفه ملامحه على ادعاء الأصالة العرقية المصرية المدعاة، كما أن "ساويرس" لا يساعده اسم عائلته على ذلك فهو اسم يوناني بامتياز!
ومع ذلك فالمجتمع يتعامل مع كل مَن يحمل الجنسية المصرية على أنه مصري، ولكن مِن أهم حقوق المجتمع على أفراده احترام النظام العام الذي يعبر عنه نصوص الدستور المكتوب بالإضافة الذي تمثل مرجعية الشريعة فيه مادة فوق دستورية كما صرح بذلك.
إذا كان ساويرس "قبطيًا" بحق.. وليس يونانيًا؛ فعليه أن يعترف أن المسلمين هم مَن أنقذ آباءه مِن: الحرق، والقتل، والإلقاء في الزيت المغلي!
وإذا كان "ساويرس" يونانيًا كما تدل على ذلك ملامحه؛ فينبغي أن يحفظ الجميل لهذا الشعب الذي استقبل جاليات تخالفه عرقًا وديانة، وكفل لهم حرية العيش الآمن معه!
ولكن ماذا تعني مصر بالنسبة لـ"ساويرس"؟!
لقد قال في حوار على الهواء مباشرة في قناة "نايل لايف" أثناء أزمة تصريحات "بيشوي"، وردًا على سؤال: إذا ما كان قد فكر في ترك مصر أم لا؟ "عمري ما فكرت أترك مصر وعائلة "ساويرس" لن تترك مصر أبدًا"، وأضاف: "أنا تعودت على الشوارع القذرة والكلكسات والصوت العالي، والوجوه العابسة، والوساخة في كل مكان"!
هذه هي مصر في وجدان "ساويرس"!
طبعًا أنا أعتذر "للقارئ الكريم" عن استخدام مفردات لغة "الوساخة"، ولكن هذا هو "قاموس ساويرس"، ولكن هذه الكلمة ليست هي "أ..خ" ما فيه؛ لأنه جاء على القناة الأولى يتباكى على اضطهاد النصارى في مصر، ولكنه في ذات الوقت لا يريد أن يتراجع عن كبريائه؛ فلما سئل: هل يشعر بالاضطهاد؟ فقال: "إنه نفسه لا يشعر بالاضطهاد؛ لأنه مِن وجهة نظره شرس واللي بيحاول يضطهده بيطلع "....."!
ولا أدري: كيف عدَم نصارى مصر طوال ثلاثة قرون اضطهدهم فيها الرومان شخصًا عنتريًا كـ"ساويرس"، وعجزوا عن مقاومة الرومان حتى خلصهم المسلمين مِن اضطهادهم؟!
ولا ندري والاضطهاد المزعوم موجود في القوانين، وليس فقط انحرافًا سلوكيًا، كيف تعامل "ساويرس" مع مَن أراد أن يُطبق عليه قانون يرى أن فيه اضطهادًا طائفيًا؟!
وما هي أدوات تلك الشراسة ومِن أين اكتسبها؟!
هل مِن ماله أم مِن علاقته بالسلطة أم مِن إمبراطورية الإعلام التي يمتلكها.. أم ماذا؟!
طبعًا "ساويرس" يتكلم عن اضطهاد النصارى في مصر، ومِن ثمَّ فالمضطهـِد لا بد وأن يكون مسلمًا؛ فكلامه هذا فضلاً عن كونه إسفافًا؛ فهو سب لدين الأغلبية المسلمة!
وهو طعن في دستورها الذي ينص على أن: "الإسلام هو دين الدولة".
وهو مخالفة لقوانينها التي تحرم الإساءة إلى الدين.
وهو إذكاء للفتنة الطائفية التي لا يدفع فاتورتها هو باعترافه ولا يدفعها حتى مَن أسماهم المستضعفين مِن النصارى، ولكن يدفعها لوطن بأسره.
وهو عض لليد التي أحسنت إليه.
وهو دلالة على صدق المثل القائل: "اللسان مغرفة القلب"، و"كل إناء بما فيه ينضح، و"كل بئر بما فيه يطفح".