بتـــــاريخ : 5/12/2011 5:28:09 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1144 0


    اختيار المنهج

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د.على جمعة | المصدر : www.almasry-alyoum.com

    كلمات مفتاحية  :
    اختيار المنهج

    منذ بدأت طلب العلم من أربعين سنة أو أكثر، شغلنى كثيراً منهج التفكير، وكنا نبحث عن هذا المنهج، باعتبار أنه مفتاح العلوم وكنوزها، وأنه هو الذى سيحدد ملامح الفكر المستقيم، وبعد بحث استمر سنين اتضح معه أن المنهج الأزهرى لفهم الدين، بل الدنيا، هو المنهج الأعدل والأكثر إنصافاً، وفى مقابلة المنهج الأزهرى الذى سنفصله تفصيلاً - إن شاء الله تعالى - عرض علينا منهج آخر لم نقبله لا فى فهم الدنيا ولا فى فهم الدين، شعرنا معه بأنه سطحى ليس عميقاً، وبأنه جزئى ليس شاملاً، رأينا ملامحه فى كتاب للشيخ سليمان بن سحمان عنوانه «أحسن البضاعة فى كون الساعة ليست بسحر بل صناعة»، طبع فى مطبعة المنار فى مصر، يرد فيه الشيخ «بن سحمان» على رجل يسمى ابن الريس قال بحرمة الساعات، باعتبار أنها من باب السحر،
     
     
    والمسألة برمتها لا تهم أحداً أصلاً، لكن المنهج الذى اتُخذ فى الرد على ابن الريس كان منهجاً عجيباً، حيث يقول: إن من أدلة كون الساعة ليست بسحر أن الرازى قد نص فى كتبه أنها من باب الصناعة. والسؤال: هل إذا لم ينص الرازى على ذلك فى كتبه أو لم أجد هذا النص لانتصر ابن الريس ورأيه، وعلينا أن نقتنع بأن الساعة سحر؟! لقد رفضنا هذا المنهج، لأنه يتعلق بفهم الشريعة برمتها فى كل أحكامها، وبهذا يأتى لنا بدين لا نعرفه وليس هو الذى أُنزل على النبى - صلى الله عليه وسلم - وليس هو الإسلام الذى خاطب الله به العالمين، بل هو ما تخيله أو فهمه من دين الله، ويريد أن يفرضه على الناس أجمعين، وبذلك يشوّه دين الله، ويكون حائلاً بين الخلق والخالق فيصد بذلك عن سبيل الله بغير علم.. وهذا مكمن الخطر.
     
    ومع تأكيدنا لاحترامنا كل من اشتغل بالعلم الشرعى الشريف، سواء أصاب المنهج الصحيح أو أخطأه، فليس مقصوداً ما سنذكره من حقائق سوى أن نذكر كلمة الحق، ورحم الله من سبقنا إليه، لقد رأينا هذا المنهج يؤدى بأدواته إلى إنكار دوران الأرض، وأن الأرض ثابتة والشمس حولها تدور، ولما سألناهم: هل الأرض كرة؟
    فكانت الإجابة طبعاً دون شك، لأن ابن تيمية- رحمه الله- قد نص فى الرسالة العرشية على الإجماع على أنها كرة (فإذا كان ابن تيمية لم ينص على ذلك، فماذا كان الوضع؟ هل نتبع تأكيد ابن حزم على كرويتها فى كتابه الفصل أم تأكيد القرطبى على عدم كرويتها فى التفسير عند قوله تعالى: «ما أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُدًا» [الكهف :٥١]!)، ثم ينتقل بنا هذا المنهج إلى تكذيب وصول الإنسان إلى القمر، فيؤلف محمد اليحيى «كتاب النور فى كون الأرض ثابتة والشمس حولها تدور»،
     ويؤلف الشيخ حمود التويجرى كتابين كبيرين: الأول بعنوان (الصواعق الشديدة على أهل الهيئة الجديدة (المطبوع سنة ١٣٨٨هـ الموافق ١٩٦٨م) والثانى بعنوان (ذيل الصواعق لمحو الأباطيل والمخارق)، المطبوع سنة ١٣٩٠هـ الموافق ١٩٧٠م، ويقصد بأهل الهيئة أهل علم الفلك، فيحرم هذا العلم ويصف أهله بالزندقة، ويحرم معه علم الجيودسيا وعلم الجيولوجيا، ويقدم لهذا الكتاب المرحوم عبد الله بن محمد بن حميد، ويرضى بما فيه، وهذا الكتاب نصرة للشيخ عبد العزيز بن باز، حيث ألف كتاباً فى سكون الأرض وجريان الشمس حولها وسماه «الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض وإمكان الصعود إلى الكواكب»، وأصبحنا بذلك أمام خطورة فعلية فى فهم النص الشرعى الشريف، حيث إنهم لم يذهبوا إلى هذا كرأى يتبنونه، بل لقوله تعالى: «وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ» [يس :٣٨].
    وكذلك حرّموا الصور الفوتوغرافية فى رسائل لا عد لها ولا حصر، حتى عدوا الخروج فى التليفزيون نوعاً من الفسق والمروج، ومثله حرمة الأكل بالملاعق ونحوها من غير ضرر بالأيدى، وكذلك الجلوس للطعام على الكراسى ونحوها، وكذلك ترتيب الأوانى على المائدة بالطريقة الإفرنجية (صفحة ١٥٦ من كتاب «الإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين» (المطبوع سنة ١٣٨٤هـ)، ويُحرم كذلك التصفيق (صفحة ١٨٠)، ولبس الساعات فى الأيدى (صفحة ٢٣٥)، وغير ذلك كثير.
    وهنا يجب أن تكون لنا وقفة مع هذا المنهج الذى سيؤدى بنا إلى هذا الفهم الذى أدى فعلاً إلى تشويه صورة الإسلام فى العالمين وصورة المسلمين فى كل مكان.
    فإذا يممنا وجهنا قِبَل الأزهر، نجد الشيخ محمد بخيت المطيعى، مفتى الديار المصرية من سنة ١٩١٥ إلى سنة ١٩٢٠، يؤلف كتاباً بعنوان «توفيق الرحمن للتوفيق بين ما قاله علماء الهيئة وبين ما جاء فى الأحاديث الصحيحة وآيات القرآن»، فيوافق بذلك العقل والنقل والحس والواقع، ونجده يؤلف كتاب الجواب الشافى فى إباحة التصوير الفوتوغرافى، وكتاب أحكام قراءة الفونوغراف.
    فالفرق بين المنهج الأزهرى القائم على علوم شتى مركبة من اللغة والأصول والفقه وغيرها، لفهم الكتاب والسنة وفهم مقاصد الشريعة، ومصلحة الناس، ومآلات الحكم بينهم، وإنزال الشريعة على الواقع المعيش- يختلف تماماً على هذا المنهج البسيط، الذى يذهب فى كل اتجاه، بناء على ما يتبادر إلى ذهن صاحبه أولاً عند قراءة آية بلا تدبر أو اطلاع على حديث دون تأمل، مع اتفاق هذا التيار على الافتخار بعزلتهم عن الواقع وتمسكهم بأفهامهم، مهما ترتب عليها من ضرر، فاخترنا المنهج الأزهرى العلمى الواضح، الذى يسعى إلى عبادة الله على بصيرة، وإلى عمارة الأكوان على علم، وإلى تزكية النفس على هدى من هدى خير العباد، وإلى الله المشتكى وعند الله تجتمع الخصوم. فقد أردنا الصلاح لأمتنا وأرادوا الصلاح لأنفسهم، فأضروا بأنفسهم وأضروا بأمتهم، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

    كلمات مفتاحية  :
    اختيار المنهج

    تعليقات الزوار ()