بدعوة من كلية الحقوق, ومركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة واشنطن بمدينة سياتل الأمريكية, ألقي المستشار الدكتور عادل عمر شريف, نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا, محاضرة عامة حول التحديات القانونية والدستورية التي أعقبت ثورة25 يناير.
والجهود الرامية إلي تأسيس حكم ديمقراطي حر في العهد الجديد. تناولت الكلمة الطموحات والتحديات الدستورية التي تواجه المصريين في المرحلتين الحالية والمقبلة, حيث أكد الدكتور شريف في كلمته أن تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في السنوات الأخيرة, وما صاحبه من فساد سياسي ومالي وإخلال بضوابط العدالة الاجتماعية, كان أهم الأسياب الدافعة التي فجرت الثورة, وأن عبقرية الشباب المصري واستخدامه للمنظومة المعلوماتية الإلكترونية شكل سببا فريدا في حشد القوي الوطنية ونجاح الثورة علي نحو أثار إعجاب دول العالم قاطبة, وأوضح أن البلاد تعيش الآن لحظة دستورية فارقة في تاريخها بعد أن أجهض هذا النجاح العديد من نظريات العلوم السياسية المتداولة في العالم المعاصر, والتي كانت تروج لفكرة صراع الحضارات والثقافات, واختلاف شعوب المنطقة العربية في طباعها وتوجهاتها الفكرية والثقافية والسياسية عن الشعوب الغربية, علي نحو يصعب مع تقبلها لقواعد النظام الديمقراطي الحديث, فقد أثبت المصريون اعتزازهم بحقوقهم وحرياتهم واستعدادهم للدفع بحياتهم في سبيل الحفاظ علي كرامتهم, وكفالة الحياة الديمقراطية السليمة لهم ولأولادهم.
وفي مجال ما يثار الآن من جدل دستوري حول حالة الارتباك والتناقض القانوني المصاحبة لسقوط دستور سنة1971, وما ينجم عن ذلك من آثار قانونية يمكن أن تؤدي إلي حدوث أزمة دستورية متفاقمة الآثار, أوضح الدكتور شريف أنه بافتراض وجود هذه التناقضات, وأيا ما كانت وجاهة الانتقادات التي وجهت إلي عملية التعامل وصناعة القواعد الدستورية في الفترة الأخيرة, فإن الأوضاع في مصر في الوقت الحالي لا تتحمل الدخول في خلافات بين القوي السياسية والوطنية المختلفة سواء فيما بينهما, أو فيما يتصل بعلاقتها بالجيش حامي الثورة, وأن الأمر يتطلب عدم النظر إلي الوراء, وإنما التطلع إلي المستقبل بخطوات جادة تكفل بناء دولة حديثة تحترم حقوق الإنسان بمستوياتها المتعارف عليها في الأمم المتحضرة, وأن بناء هذه الدولة مرجعة بالضرورة إلي اعتماد دستور جديد للبلاد يرتكز علي مجموعة من المقومات الأساسية أهما إقامة نظام ديمقراطي سليم, ونبذ الفساد وحماية حقوق الأفراد ودعم حرياتهم.
وأضاف أنه من الخطأ التركيز في هذه المرحلة علي كيفية صياغة أحكام الدستور ومايتصل بها من أوضاع, وإنما المهم هو أن يطرح الموضوع في حوار شعبي علي أوسع نطاق, في جميع أنحاء البلاد ومن خلال جميع طوائف المجتمع, ولمدة زمنية معتدلة يمكن من خلالها تفهم آمال المواطنين وطموحاتهم وكذلك توقعاتهم من الدستور الجديد, ومتي تحقق ذلك, فإن الخطوة اللاحقة تكون صياغة أحكام الوثيقة الدستورية من خلال الخبراء المتخصصين بما يعكس الرغبة الشعبية وتحقيق آمالها, وشدد الدكتور شريف علي أن التعاون مع الدول الصديقة والاستفادة من تجاربها الدستورية هو أمر مفيد ومطلوب, ولكن فيما يتعلق بصياغة الدستور الجديد فإن هذه عملية مصرية خالصة ويجب أن تستلهم البيئة المصرية واحتياجاتها ولا تميل إلي المحاكاة والتقليد فيما ليس موضوع, وأشار إلي أن السنوات الأخيرة شهدت عدد من التجارب لصياغات دستورية ثبت عدم صلاحيتها نظرا لاستمدادها من مصادر أجنبية لا تتوافق والواقع القائم في الدول المعنية ومنها دستوري أفغانستان والعراق.