هل لنا أن نرتاد الأماكن المحرمة التي نعرف أنه يرتادها أناس مسلمون للدعوة إلى الله؟
نعم، بل يشرع أن يقصدها الدعاة كالقهاوي التي يكون فيها من يتعاطى ما حرم الله أو المجالس التي يكون فيها أخلاط، فإذا قصدهم دعاهم إلى الله ورغبهم في الخير وحذرهم من محارم الله كالخمر والتدخين وحلق اللحى واختلاط النساء بالرجال فإذا فعل هذا يكون قد أحسن؛ لأنه ما قصدها ليتخذها محلا له أو لمشاركتهم في أعمالهم القبيحة أو لاتخاذهم أصحابا، لا، إنما قصد ذلك ليعظهم ويذكرهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فهو محسن وله أجره العظيم، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم– أنه توجه ذات يوم إلى سعد بن عبادة سيد الخزرج - رضي الله عنه – ليعوده وهو مريض ومر على مجلس فيه أخلاط من اليهود ومن المسلمين ومن عبدة الأوثان وهو على حمار فنزل عن دابته عليه الصلاة والسلام ووقف عليهم وتلا عليهم القرآن ودعاهم إلى الإسلام وذكرهم بالله -عز وجل- وهم بهذه الصفة فيهم الأخلاط فيهم اليهود فيهم الوثنيون وفيهم مسلمون، فدل ذلك على أن قصد هذه المجالس التي فيها الأخلاط للدعوة والتوجيه أمر مطلوب وأن فيه خيرا كثرا ومصالح جمة؛ ولأن كثيرا منهم لا يتحرى مجالس العلم ولا حلقات العلم، وقد تمر عليه الشهور أو الأعوام ما سمع المواعظ؛ لأنه ليس من أهل الصلاة وليس من أهل حلاقات العلم، وقد يكون كافرا ليس من أهل الإسلام، فإذا سمع النصيحة هداه الله وانشرح قلبه وصار لهذا الداعية مثل أجره، وقد يكون عاصيا فاسقا فيهديه الله بسبب هذه النصيحة ويدع ما هو عليه من الباطل، فأنا أرى أن زيارة هذه الأماكن لقصد الدعوة أمر مطلوب. - وما أشبه أماكن العزاء بهذا سماحة الشيخ؟ ج/ كذلك أماكن العزاء إذا زارهم للنصيحة والتوجيه لا بأس بذلك، وهكذا لو أتى احتفالاً بالأعياد بالموالد عند الناس الذين يحتفلون بالمولد مثلا مولد الرسول - صلى الله عليه وسلم – أو مولد البدوي أو مولد الحسين أو مولد فاطمة في بعض البلدان التي تقيم هذه الحفلات إذا اختلط بهم بقصد الدعوة والتوجيه فقط لا لأجل الرضا بعملهم أو تكثير سوادهم على وجه لا يفهم منه أنه يوافقهم ولا يظهر لأحد أنه موافق هذه البدعة ولكن على وجه يعلم منه أنه أراد النصيحة ويصرح بذلك ويقول: أنا جئتكم للنصيحة فقط، لا لأني موافق على هذا الاحتفال، بل أنا أنصحكم على أن لا تعودوا إليه وأن تعتاضوا عنه بالاحتفال الشرعي بحلقات العلم ودروس العلم والمواعظ، أما إيجاد احتفالات لم يشرعها الله في هذه الموالد فهذا شيء لا أصل له، وهو من البدع، فأنا جئتكم ناصحا ومذكرا لا موافقا ولا مؤيدا لهذا العمل الذي يخالف شرع الله، وقد الله سبحانه: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ (الشورى: من الآية21)، وقال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) أي فهو مردود، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه وأخرجه البخاري - رحمه الله– في صحيحه تعليقا مجزوما به، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام في خطبة يوم الجمة: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم – وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) زاد النسائي بإسناد صحيح: ( وكل ضلالة في النار)، فالنبي في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام يحذر الناس من هذه البدع؛ لأن البدع متى ظهرت في الناس ضيعوا بأسبابها السنن وقست قلوبهم وصاروا بهذا معترضين على شرع الله، كأنه سبحانه لم يكمل هذا الشرع وكأن رسوله لم يبلغ! ويقول الله -عز وجل-: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ (المائدة: من الآية3) فليس لهذه البدع محل وقد أكمل الله الدين وأتم النعمة، فالاحتفال بالموالد مثلا أو الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج أو الاحتفال بليلة النصف من شعبان أو ما أشبه ذلك من البدع كل ذلك منكر، فمن حضر عندهم لبيان الحق وإنكار البدعة وإرشادهم إلى الصواب ونصيحتهم يرجو ما عند الله ويوضح ذلك وأنه جاء لهذا الأمر حتى لا يظن أحد لا يعلم أنه جاء مؤيدا أو مشاركا في هذا الأمر بل يبين على رؤوس الأشهاد أنه جاء للدعوة والإرشاد لا للموافقة والتأييد، وفق الله الجميع.