ما هي السبل المعينة للداعي إلى الله عز وجل، وهل الدعوة خاصة بأناس معينين، حيث أنني أريد أن أدعو إلى الله بحكمة وبصيرة، ولكن معرفتي بالأمور الشرعية قليلة جداً، وجهوني بذلك يا سماحة الشيخ على ضوء هذا السؤال؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى – منهج الرسل - عليهم الصلاة والسلام -، فإن الله بعثهم دعاة للحق وهداة للخلق بما أوحى إليهم - سبحانه وتعالى - وعلى رأسهم خاتمهم وإمامهم نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام -، وقد قال له: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ (125) سورة النحل، وقال - سبحانه وتعالى -: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) سورة يوسف. وسبل الدعوة هي توجيه الناس إلى الخير بالخطابة، والمواعظ، والكتابة، والمشافهة الخاصة، ومن طريق الهاتف، ومن أي طريق يوصل به الداعية الحق إلى المدعوين، ليس لذلك حدٍ محدود؛ بل متى أمكن الداعي إلى الله - جل وعلا - أي طريق يوصل به الحق مما أباحه الله ومما شرعه الله فعل ذلك؛ لأن المقصود إيصال الحق إلى الناس والحرص على هدايتهم وعلى قبولهم للحق من طريق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فهو يعظهم بآيات الله ويتلو عليهم كتاب الله، ويتلو عليهم السنة ويفقههم في المعنى حسب الطاقة، ولكن ليس له أن يدعو إلا على علم، الذي ليس عنده علم ليس له أن يدعو على جهالة،قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ (108) سورة يوسف، المعنى على علم، فالجاهل يجتهد حتى يتعلم، فإذا تعلم وكان على بصيرة دعا غيره على حسب ما عنده من العلم والبصيرة، أما الجهالة فلا يجوز الدعاء، الجاهل لا يدعو وهو جاهل؛ بل ذلك محرم قال الله -سبحانه-: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (33) سورة الأعراف، جعل القول عليه بغير علم فوق مرتبة الشرك نسأل الله العافية، وقال في وصف الشيطان: إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (169) سورة البقرة، فالواجب على الدعاة إلى الله - سبحانه وتعالى – أن يكونوا على بصيرة على علم، وأن يتوخوا الطرق والسبل الطيبة الجائزة التي توصل الحق إلى المدعوين وتوضحه لهم، تلاوةً وكتابةً وغير ذلك مما يتيسر به إيصال الحق إليهم، وللداعي مثل أجر من هداه الله على يديه، كما قال - صلى الله عليه وسلم-: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، (من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئاً)، والناس بحاجة إلى الدعوة، - بل هي ضرورة - في كل زمان، ولكن بعض الناس أشد حاجة من بعض في المدن والقرى، فالذين عندهم علماء وعندهم موجهون حاجتهم أقل من حاجة الذين ليس عندهم أحد، فعلى العلماء أينما كانوا أن يوجهوا الناس ويرشدوا الناس إلى الحق ويبصروهم بدين الله - عز وجل -، ولهم مثل أجور من هداهم الله على أيديهم، وعلى أن يتوجهوا إلى البلدان والقرى التي ليس فيها دعاة حتى يقوموا بالواجب حسب طاقتهم، وهكذا القبائل، قبائل العرب التي ليس فيها من يوجههم إلى الخير، يجب على ولاة الأمور أن يوجهوا لهم الدعاة حتى يبصروهم ويرشدوهم إلى الحق.