العذر بالجهل عموماً هل له قواعد وأسس يقوم عليها، ثم هل هو عام، بمعنى: في كل زمان ومكان، وهل يعذر الجهل في المجتمع المسلم عامة، والمجتمع الذي فيه المسلم وغيره؟ أيضاً سماحة الشيخ لعل لكم توجيه في هذا الموضوع، وما هي الأسس والقواعد في إقامة الحجة، وهل كل من بلغ آية أو حديث يعتبر قائماً بالحجة؟
الجهل فيه تفصيل: العذر فيما قد يخفى من مسائل الأحكام، أو مسائل العقيدة التي قد تخفى، أما جنس الجهل في الأمور الظاهرة مو هو بعذر؛ لأن صاحبه هو المقصر, المتساهل، لقول الله- جل وعلا-: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ(التوبة: من الآية115)، ما قال: حتى يتبين لهم، قال: حتى يبين لهم، وقال-تعالى-: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً(الإسراء: من الآية15)، ما قال: حتى يفهموا كلام الرسول، قال: حتى نبعث رسولا، فعلى الرعية وعلى الأمة أن تتفهم كلام الرسول، وأن تتفهم القرآن، وأن تسأل عما أشكل عليها؛ لأن الرسول مبلغ، والقرآن مبلغ، هذا بلاغ للناس، ويقول- عز وجل-: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ(المائدة: من الآية67)، ويقول-سبحانه-: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ (الأنعام: من الآية19)، فالأمة مبلغة بالقرآن وبالرسول, فالذي يعيش المسلمين والقرآن موجود، والسنة موجودة ولا يبالي ولا يسأل ما هو معذور، أما في دقائق الأمور مثل بعض الأحكام, أو بعض مسائل الربا، بعض مسائل العقود التي قد تخفى عليه يعذر، إذا كان مثله لا يستحيل له معرفة ذلك، مثل الذي قال لأولاده إذا مت حرقوني، ثم ذروني في البحر،فإن قدر علي الله ليعذبني، ظن هذا يفوت الله، لجهله بكمال قدرة الله- جل وعلا-، فأعذره الله لما جمع ما في البر والبحر من جسمه وقام بين يديه سأله، قال: ما حملك على هذا؟ قال: خوفك، فغفر الله له، من أجل شدة خوفه من الله، وجهله بهذا الأمر الدقيق، وهكذا في مسائل كثيرة في العقود في البيع, وفي المحرمات قد يخفى عليه بعض الأشياء التي يخفى دليلها, أما إنسان يسمع القرآن, ويسمع السنة, وعنده من يرشده ولا يبالي, ولا يسأل فالشرك أعظم الذنوب، لا يتساهل في هذا مثل المسائل الأخرى عقوقه لوالديه أمر واضح, مثل ما يفعل بعض الناس من ترك الصلاة؛ لأن هذا أمر واضح ما هو بمعذور؛ لأن هذا شيء واضح بين المسلمين، أما الشيء الدقيق الذي قد يخفى يعذر فيه. إذن يا سماحة الشيخ/ العامة عليهم أن يسألوا عما أشكل عليهم؟ الله يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ(الأنبياء: من الآية7) عليهم أن يسألوا، وعامة الكفار ما عذرهم الله، الرسول بين أيديهم، وهكذا في المدينة، ما عذر المنافقين, ولا ما عذر اليهود؛ لأنهم يسمعون كلام الله،ويسمعون القرآن ولم يستجيبوا.