في العام الماضي في شهر رمضان ختمت القرآن الكريم عن والدي المتوفى من اثني عشر عاماً، وفي هذا العام -أي: في شهر رمضان القادم علينا إن شاء الله- أريد أن أختم القرآن الكريم عن أمي، مع العلم أنها ما زالت على قيد الحياة والحمد لله، ولكنها لا تجيد القراءة، مع العلم أيضاً أنني لم أختم القرآن عن نفسي؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فليس في الأدلة الشرعية -فيما نعلم- ما يقتضي قراءة القرآن عن الغير لا عن الوالد ولا عن الوالدة ولا عن غيرهما، وإنما يقرأ الإنسان القرآن لنفسه ويريد ثواب الله لنفسه، فنصيحتي لكِ أن تقرئي ابتغاء وجه الله لنفسك أنت، وهكذا كل مؤمن يقرأ لنفسه لا يقرأ عن غيره، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك، ولكن ليس عليه دليل، والصواب أن الإنسان يقرأ لنفسه، لا عن غيره، وإذا دعا ربه في الغيب لوالديه لأخواته لإخوانه لأقاربه حال قراءته أو في أي وقت هذا كله طيب، فالإنسان يدعو لأقاربه ولإخوانه المسلمين ويؤجر على ذلك، قال الله تعالى في وصف عباد الله الصالحين التابعين لمن سبقهم بإحسان، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (10) سورة الحشر، فأثنى عليهم بهذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، فبين أن الدعاء ينفع، وهكذا في الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا المؤمن لأخيه في ظهر الغيب قال الملك الموكل: آمين ولك بمثله)، فالمؤمن مشروع له الدعاء لإخوانه المسلمين ولقراباته ولوالديه وترجى له الإجابة، فلا حاجة إلى أن يقرأ عن غيره بل يقرأ لنفسه ويدعو لوالديه ولإخوانه المسلمين بما يسر الله له، من الدعاء بالمغفرة والنجاة من النار ودخول الجنة ومضاعفة الحسنات، إلى غير ذلك.