لقاء مع طلبة كلية الشريعة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أولاً: أوصيكم بتقوى الله - تعالى - والاستقامة على أمره؛ لأن المقصود من العلم هو طاعة الله، واتباع شريعته:((فمن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة))[1].
ومعلوم عند الجميع أن المقصود من العلم هو العمل، ومن علم ولم يعمل صار أشبه باليهود وبإبليس. نعوذ بالله من ذلك ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يعلم ويعمل.
فوصيتي لكم - مرة أخرى - تقوى الله، والحرص على التفقه في الدين، والإخلاص لله في العمل، وأن تكون النية لوجه الله تعالى؛ لأجل أن يخلِّص المسلم نفسه من الجهل، وينفع الناس أيضاً؛ فطالب العلم يجمع بين أمرين: ينفع نفسه، وينفع الناس، ولاسيما في هذا العصر الذي انتشر فيه الجهل، وانتشرت فيه أيضاً المبادئ الهدامة والشرور الكثيرة، والدعاوى المضللة، فأنتم الآن على خير في كلية الشريعة، نرجو لكم من الله التوفيق.
وأوصيكم أيضاً أن تستمروا في الدراسة بإخلاص وصدق، ونية صالحة، وصبر، والوصية كذلك بالمذاكرة فيما بينكم في المشاكل؛ لأن المشكلة قد تنحل بالزميل والزميلين، والمذاكرة بين الزملاء يحصل بها حلّ لمشاكل كثيرة، ويستغنى بذلك عن الحاجة إلى الأستاذ؛ لئلا يحتاج إلى الأستاذ إلا في الشيء المشكل الذي تعجزون عنه، ولا يتيسر لكم حله في المذاكرة والمطالعة، فتكون مراجعة الأستاذ في الشيء الذي لم تستطيعوا حله بهذه المطالعة، ولا بهذه المذاكرة فيما بينكم.
والأمر الآخر هو: الحرص على العمل؛ فما علمتم أنه واجب فكونوا من أحرص الناس على أدائه، وما علمتم أنه محرم فكونوا من أحرص الناس على تركه، وما علمتم أنه مستحب فكونوا من أسبق الناس إليه - حسب الطاقة - وما علمتم أنه مكروه فكونوا من أبعد الناس عنه - حسب التيسير -.
[1] أخرجه مسلم برقم: 8467 كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر.