نصيحة موجهة إلى طلبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بمناسبة إصدار مجلة صوت الطلبة
بمناسبة إصدار مجلة " صوت الطلبة " [1]
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى الأبناء الكرام طلبة الجامعة الإسلامية زادهم الله من العلم والإيمان آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أما بعد : فبمناسبة عزمكم على إصدار العدد الأول من مجلة ( صوت الطلبة ) يسرني أن أكتب إليكم هذه الكلمة لنشرها في المجلة .
فأقول : إن من أهم المهمات الإخلاص في طلب العلم بأن يكون طلبه لله لا لغرض آخر ؛ لأن ذلك هو سبيل الانتفاع به ، وسبب التوفيق لبلوغ المراتب العالية في الدنيا والآخرة ، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) - يعني ريحها- أخرجه أبو داود بإسناد صحيح ، وأخرج الترمذي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو ليصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار)) فأوصيكم جميعا وأوصي كل مسلم يطلع على هذه المجلة بالإخلاص لله في جميع الأعمال ، عملا بقول الله سبحانه وتعالى : فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[2] وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((يقول الله عز وجل أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)) كما أوصيكم جميعا وأوصي كل مسلم بخشية الله سبحانه ومراقبته في جميع الأمور عملا بقوله عز وجل : إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ[3] وقوله سبحانه : وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ[4] وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ((أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له)) وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (كفى بخشية الله علما وكفى بالاغترار به جهلا) ، وقال بعض السلف : ( رأس العلم خشية الله ) ، وقال بعض السلف : ( من كان بالله أعرف كان منه أخوف ) فكلما قوي علم العبد بالله كان ذلك سببا لكمال خشيته وتقواه وإخلاصه ووقوفه عند الحدود وحذره من المحارم ، ولهذا قال الله سبحانه : إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[5] يعني الخشية الكاملة ، فالعلماء بالله وبدينه من أخشى الناس لله وأتقاهم له وأقومهم بدينه ، وعلى رأسهم الرسل والأنبياء ثم أتباعهم بإحسان ، ولهذا أخبر النبي أن من علامات السعادة أن يفقه العبد في دين الله ، فقال عليه الصلاة والسلام : ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) أخرجاه في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه ، وما ذاك إلا لأن الفقه في الدين يحفز العبد إلى القيام بأمر الله وخشيته وأداء فرائضه والحذر من مساخطه ويدعوه إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والنصح لله ولعباده .
فأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وإياكم وسائر المسلمين الفقه في دينه والاستقامة عليه وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه .
[1] - صدرت من مكتب سماحته في 23 / 11 / 1388 هـ .
[2] - سورة الكهف الآية 110.
[3] - سورة الملك الآية 12.
[4] - سورة الرحمن الآية 46.
[5]