بتـــــاريخ : 8/9/2008 5:56:11 PM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1246 0


    من أين يأتي النمو

    الناقل : heba | العمر :43 | الكاتب الأصلى : محمد اليماني | المصدر : www.arriyadh.com

    كلمات مفتاحية  :
    اقتصاد تحليل النمو

    من أين يأتي النمو

     

    من يدرس التاريخ الاقتصادي يدرك أن هناك دائماً محركاً لعملية النمو الاقتصادي يدفع الاقتصاد إلى الأمام ويضمن توفير قوى دفع دائمة لعجلة الاقتصاد. وتختلف طبيعة هذا المحرك من وقت لآخر ومن مكان لآخر؛ ففي نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين كانت الثورة الصناعية هي المحرك. وأصبح النمو الاقتصادي والتصنيع مترادفين وفي أضعف الأحوال متلازمين ولا يكاد يوجد كتاب أو مقال أو بحث في الموضوع، آنذاك وحتى الثمانينات الميلادية، لا يدعم هذه الفرضية، وترجم ذلك في الخطط التنموية للدول النامية.

    وفي دول أخرى كان المحرك يتمثل في شكل الموارد الطبيعية التي وفرت قدراً من الموارد المالية أمكن بواسطتها إحداث عمليات نمو لا تمتلك قوى دفع ذاتية تضمن لها البقاء والاستمرار والتجدد. ثم لما أصبح التصنيع سلعة عامة وخبت فيه أضواء التجديد والابتكار، ظهرت الصادرات محركاً للنمو الاقتصادي، والصادرات هي نتاج طبيعي لعملية التصنيع والإنتاج لكنها تنطوي على قدر من الإبداع يتمثل في القدرة على الوصول إلى أسواق الآخرين ومنافستهم داخل بلدانهم. وهي لا تزال كذلك، إذ أنها لا تزال أداة مثلى لدعم اقتصادات الدول الفقيرة والنامية عن بُعد وبأسلوب يدفع مجتمعاتها إلى العمل والإنتاج.

    ومن سمات محركات النمو الأكثر فاعلية أنها عادة ما تكون حكراً على عدد محدود من المجتمعات، إذ أنها بهذه الخاصية توفر عوائد مجزية لمحتكريها، تماثل في ذلك الأرباح العالية التي يحصل عليها المحتكرون. وربما كان هذا هو السبب في التحولات الجديدة الباحثة عن مصادر نمو جديدة تتصف بهذه الصفة، بعد أن خسرتها المصادر التقليدية.

    وفي جميع الأحوال فقد كان الابتكار والإبداع هما مصدري النمو الحقيقيين، وقد شكلا الإطار الفلسفي لكل مصادر النمو المادية التي كان مرد الاختلاف بينها هو الشكل المادي للمصدر الذي تفرضه طبيعة الفضاء الذي يغلفه.

    أما وقد أصبح الفضاء في عصرنا فضاء افتراضياً لا تحدّه قيود الفضاء الواقعي، ثم هو أيضاً آخذ في التشكل ليكون الفضاء الذي يغلف الحقائق المادية والآخذة بدورها في التحول إلى أشياء معنوية لتتماهى مع الواقع الجديد، فإن الابتكار والإبداع قد أخذا بعداً جديداً لا تحده القيود المعهودة، وبدأ في التكون ما يسمى الابتكار والإبداع الأسي (من كلمة أس أي القوى المرفوع إليها العدد) والذي يعني أنه لأجل أن يكونا مصدرين للنمو فإنهما لابد أن ينموا ويتطورا بسرعة فائقة جداً ويلزم من هذا أن نتاجهما لن يكون مربحاً ومفيداً لمدة طويلة مثل السابق.

    والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ليس عن مجرد التعرف على هذه الحقيقة بل التعرف أيضاً على القوى الداعمة لهذا النوع الجديد من الابتكار والإبداع ولأشكالهما المادية الافتراضية؛ فالعالم مقبل على تحولات تنقله من مسار نموه الحالي إلى مسار نمو آخر مختلف تماماً له مقوماته المختلفة أيضاً، وبذا فإن التقدم على المسار القديم لا يمكن تصنيفه على أنه نمو بناء على المعايير الجديدة للنمو.

    الجزيرة / الأربعاء 25 من ربيع الأول 1426هـ العدد 11906

    الدكتور / محمد اليماني

     


     

    كلمات مفتاحية  :
    اقتصاد تحليل النمو

    تعليقات الزوار ()