يوجد في مسجد قريتنا مكبرٌ للصوت، فهل يجوز استعماله في السؤال عن ضالة ثمينة أو مهمة، كأن يسأل بواسطته أحد أفراد القرية عن فقدان طفلٍ صغير ونحوه، أم يدخل هذا أيضاً ضمن عموم الحديث الذي معناه: (من أنشد ضالةً في المسجدِ فقولوا لا ردها الله عليك)، وهل يلحق بذلك ما لو علق ورقةً على باب المسجد أو جداره تفيد بسؤاله عن ضالته دون التحدث بذلك مشافهة؟
أما إنشاد الضوال من طريق مكبر الصوت في المسجد فلا يجوز ولو كان قصد القرية، سواءً قصد القرية أو أهل المسجد مادام في المسجد فلا يجوز لعموم الحديث, وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( من سمع رجلاً ينشد ضالته في المسجد فليقل له لا ردها الله عليك), وهذا حديث صحيح رواه مسلم في الصحيح؛ ولأن المساجد ما بينت لهذا، وهكذا الحديث الذي يقول: ( إذا رأيتم من يبيع تجارته في المسجد فقولوا له لا أربح الله تجارتك), فالمساجد لم تبنى لإنشاد الضوال, أو البيع والشراء, وإنما بينت لعبادة الله-جل وعلا-وطاعته بالصلاة, والذكر, وحلقات العلم ونحو ذلك ، أما إذا كان المكبر خارج المسجد في بيت خارج المسجد، أو في محل خارج المسجد فهذا أمر معلوم ولا حرج في ذلك أن ينشد الضالة ويطلب من المسلمين أن يفيدوه عن حاجته، وأما كتابة ورقة تعلق في المسجد فهذا إن كانت في الجدار الخارجي فلا بأس, أو على الباب الخارجي فلا بأس ، وأما من الداخل فلا ينبغي؛ لأن هذا يشبه في الكلام؛ ولأنه قد يشغل الناس من مراجعة الورقة وقراءتها, فالذي يظهر أنه لا يجوز في المسجد أن يعلق ورقة في المسجد معناها نشد الضوال, ولكن إذا كتب على الجدار الخارجي من ظهر المسجد, أو على الباب من خارج المسجد فلا بأس بهذا. يعني يجوز استعمال مبكر الصوت التابع للمسجد بعد إخراجه من المسجد, إذا كان خارج المسجد فلا بأس. بهذا المناسبة هناك بعض الناس يستخدم هذه المكبرات في الأفراح مثلاً . نعم إذا كان في الأفراح لا بأس نفس مكبرات الصوت الخاصة بالمساجد، إذا كان بطريقة إسلامية وخفيفة لا تؤذي أحداً من الناس بل في داخل المحل المصون من جهة النساء بكلمات سليمة, ولكن الأحوط ترك ذلك؛ لأن الغالب على الأعراس لا تسلم, فينبغي أن تكون بأصوات عادية ليس فيها مكبر, ينبغي أن يكون كلامهم وغناهم المباح لهم في بين النساء يكون بأصوات عادية؛ لأنه قد يظهر صوت المكبر إلى الجيران فيؤذي, فالأقرب أنه لا ينبغي فعل ذلك, وإن ظهر صوت المكبر إلى الجيران سواءً كان من مكبر المسجد الذي أخذوه و استعاروه, أومن غيره لا يجوز هذا؛ لأنه يؤذي ويشغل الناس, ويفتنهم بأصوات النساء ولا سيما أغانيهن ، فالحاصل أنه لا يستعمل المكبر سواءً كان حق المسجد أو غيره في الأعراس إلا إذا كان على وجه ضيق داخل المحل لا يؤذي أحداً من الجيران ولا يسمعه أحد, ولكن يسمع المستمعين فقط بصفة خاصة فهذا قد يحوز, ولكن الأقرب منعه حتى لا يتخذ ذريعة للتوسع؛ لأن أصوات المكبرات التي يفعلها الناس مؤذية, وربما استمروا فيها إلى الصباح وهذا منكر لا شك فيه، فالحاصل أن النهي أولى مطلقاً لئلا يتخذ ذريعة لاستعماله بصوت مرتفع يؤذي الجيران, ويؤذي المارة, ويعلن المنكر فإن الأعراس لا تؤمن والغالب عليها أن يقع فيها ما ينكر من الغناء ومن غيره .