النقاب هل هو فرض أم مكرمة؟
النقاب فرض على النساء في ليالي الحج والعمرة؛ لأنه ستر لهن عن الفتنة؛ ولهذا يقول سبحانه وتعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ (53) سورة الأحزاب، فالحجاب أطهر لقلوب الرجال وقلوب النساء، وأعظم ما في المرأة من الزينة وجهها، فالواجب هو ستره والتنقب بالحجاب الساتر حتى لا تَفتن ولا تُفتن، وكان النساء قبل نزول آية الحجاب يكشفن وجوههن وأيديهن عند الرجال، ثم إن الله عز وجل أمرهن بالحجاب وأنزل قوله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ الآية من سورة الأحزاب، وأنزل في هذا سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ (59) سورة الأحزاب، وهكذا قوله جل وعلا: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ (31) سورة النــور، الخمار ما يضرب على مؤخرة الرأس أو الجيب، فالذي يخرج من الجيب هو الرأس والوجه فتضرب بخمارها على شعورها وعلى وجهها حتى تستر ذلك من الرجال، والجيب هو الشق جاب البلاد شقها، جاب الصخر شق الصخر، والمقصود بالجيب هو ما يشق لإخراج الرأس معه عند لبس القميص، فهذا هو محل الستر يعني ترخي جلبابها على رأسها ووجهها الذي هو محل الجيب، (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ..)الآية، والزينة تشمل الوجه وتشمل غيره من زينتها من شعرها ومن صدرها ومن قدمها ويدها وحليها وشبه ذلك مما يفتن، حتى قال في آخر الآية: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ (31) سورة النــور، حتى نهى عن ضرب الرجل لقصد إسماع الخلخال الذي يكون في الرجل؛ لأنه يفتن أيضاً، فالشيء الذي يفتن الرجال بالرؤية أو بالسماع تمنع منه المرأة حتى لا تَفتن ولا تُفتن؛ ولهذا يحرم عليها الخضوع بالقول؛ لأنه يفتن الرجال؛ ولهذا قال سبحانه يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ (32) سورة الأحزاب، أي مرض الشهوة، وهكذا غيرهن من باب أولى، فإذا كان نساء النبي مع تقواهن لله وكونهن من أكبر النساء فغيرهن أحوج إلى هذا والخطر عليهن أكبر، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لما سمعت صوت صفوان بن المعطل في غزوة الإفك يسترجع لما رآها قد تخلفت عن الغزو قالت: (فلما سمعت صوته خمَّرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب)، ف...... بذلك أن النساء كن قبل الحجاب لا يخمرن وجوههن وبعد آية الحجاب صرن يخمرن وجوههن، وهكذا كان الصحابيات في حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم يخمرن وجوههن عن الرجال، أما ما في حديث ابن عمر: (ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) فالمراد النقاب الذي هو مخيط للوجه لا تلبسه، ولكن تغطي وجهها بغير ذلك، كالجلباب والخمار في الحج في الإحرام؛ لأن عائشة رضي الله عنها أخبرت أنهن كن مع الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وكن إذا دنا منهن الركبان سدلت إحداهن خمارها من على رأسها على وجهها فإذا بعدوا كشفت، وهكذا جاء في حديث أم سلمة وجاء في حديث فاطمة بنت المنذر زوجة هشام بن عروة بن الزبير، كل هذا يدل على أنهن معتادات التستر والحجاب في الإحرام وغيره، وإنما المنهي عنه النقاب الذي هو المخيط على قدر الوجه فهذا تتركه وقت الإحرام في الحج والعمرة، وتكتفي بالخمار الذي يرخى عند الحاجة وينزع عند عدم الحاجة، وسمي نقاباً لأنه ينقب فيه للعينين، هذا يترك وقت الإحرام وتستر وجهها بغير ذلك، وهكذا اليدان لا يلبس فيهما القفازان ولكن يستران بغير ذلك من الجلباب ونحوه، ولا تلبس القفازين في حال الإحرام؛ لأن القفاز يسترها دائماً وربما شق عليها، فتلبس ما تسترهما بغير قفازين، كالخمار والجلباب والعباءة ونحو ذلك، وأما حديث ابن عباس في قصة الخثعمية حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى منى منصرفاً من مزدلفة وجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فهذا لا يدل على أنها كاشفة ولا يلزم من النظر إليه وإليها الكشف، بل الواجب أن يحمل ذلك على أنها كانت مسترة بغير النقاب، كما في حديث عائشة وأم سلمة. إذاًَ على هذا فالنقاب فرض لا مكرمة فقط؟ الشيخ: نعم فرض واجب على النساء، النقاب وما يقوم مقامه من الخُمر المقصود ستر الوجه، ما يسمى حجاباً.