أنا والحمد لله الذي هداني لا أسمع الأغاني أو الموسيقى، ووالدي من النوع المتعصب لذلك الأمر، ورفضا الأمر بأنه حرام، ولذلك أقضي أكثر أوقاتي في غرفتي، ويلومانني على ذلك ويعاتبنني على أن لا أجلس معهم، فأكثر جلوسي في غرفتي كما أوضحت، أرجو من الله ثم منكم أن ترشدوني إلى الصواب، وجزاكم الله عنا كل خير؟
قد أحسنت - أيتها الأخت في الله - فيما فعلت ، فإن الواجب على المؤمن البعد عما يضره ، وعدم الحضور في مجالس تضره ، هذا هو المشروع ، فإذا ابتعدت عن سماع الأغاني والملاهي في غرفتك أو في أي مكان فقد أحسنت ، يقول الله - عز وجل - في كتابه العظيم : وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ[(68) سورة الأنعام]. فالمؤمن عندما يسمع شيئاً يغضب الله من الأغاني الماجنة ، والداعية إلى الفحش ، أو فيما يتعلق بمدح النساء ، والحث على التعلق بهن ، أو ذكر محاسنهن ومفاتنهن ، أو الدعوة إلى الإلحاد ، أو إلى الخمور ، وما أشبه ذلك ، أو ما يقترن بهذا من الآت الملاهي من الموسيقى والعود والكمان والرباب ، وأشباه ذلك ، المؤمن يتباعد عن هذه الأشياء ولا يحضرها ولا يسمعها ، ولا يجلس مع أهلها ، فإذا جاء حديث طيب موعظة ندوة علمية قرآن ، أخبار مهمة لا بأس أن يحضر يستفيد ، فالمؤمن ينظر فما كان من صالح دينه ودنياه حضره واستفاد منه ، وما كان فيه منكر لم يحضره ولم يسمعه لا في التلفاز ولا في الإذاعة ولا في غير ذلك ، هكذا يجب على المؤمن أن يتحرى سماع الخير ، ومشاهدة الخير الذي ينفعه في دينه ودنياه ، ويتباعد عما يضره في دينه ودنياه ولو غضب والداه ، ولو غضب الزوج ، وهكذا الأقارب الباقين. المقصود أن المؤمن يتحرى الشيء الذي ينفعه ، ويبتعد عما يضره ، ولا يشاهد في التلفاز ولا في الأفلام ما يضره ، وما يغضب الله - جل وعلا - ، أما أن يشهد شيء ينفعه ويفيده كندوة علمية ، أو سماع قراءة قرآن ، أو سماع أشياء تنفعه في دينه ودنياه فلا بأس بذلك ، وهكذا مشاهدتها في التلفاز أو في فيلم يسمع ندوة علمية ويشاهد ندوة علمية ، أو محاضرة علمية مفيدة، أو قارئاً للقرآن يفيده أو ما أشبه ذلك مما ليس فيه محذور ، ولا يصحبه الآت اللهو ولا الغناء. مر على سماحتكم كثير من الرسائل التي يشكو فيها الأبناء من الآباء أو يستفتون في قضية كهذه لعل لسماحتكم نصيحة للآباء أيضاً وقد نصحتم الأبناء؟. تقدم كثيراً في هذا نصائح للجميع ، ونصيحتي الآن للآباء أن يتقوا الله وأن يساعدوا أولادهم على الخير وأن لا يساعدوهم على الشر ، وإذا كان الآباء أو الأمهات يحبون سماع الأغاني والملاهي فليقتصروا على أنفسهم لا يجروا أولادهم إلى ذلك ، ولا يلزموهم بذلك ، أن يجلسوا معهم ، بل عليهم أن يتوبوا إلى الله هم ، ويتخلو عن هذا العمل السيئ ، ويتأسوا بأولادهم الطيبين، أما أن يجروا أولادهم إلى سماع الأغاني والملاهي فهذا منكر، وحرام عليهم. فالواجب على المؤمن أن يكون عوناً على الخير لا عوناً على الشر، الله يقول - سبحانه وتعالى- : وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ [(2) سورة المائدة]. فليس للأب أن يلزم أولاده بما لا يرضه الشرع ، وليس للأم كذلك ، وليس للزوج أن يلزم زوجته بما يخالف الشرع ، هكذا جميع الناس ، الواجب التعاون على الخير لا على الشر ، فإذا كانت الزوجة لا تريد أن تسمع الأغاني والملاهي فليس للزوج أن يلزمها بذلك ، بل يحرم عليهما جميعا أن يسمعوا أو يشاهدوا ، فإذا نصحته فليسمع منها النصيحة أو على الأقل لا يجرها إلى الشر ، فيكون الإثم عليه وحده ، وهكذا الآباء والأمهات ، هكذا الإخوة لا يلزموا إخوانهم الصغار أو إخوانهم الذين لا يرضون بحضور هذا الباطل لا يلزمونهم ، بل يأثمون بذلك ؛ لأنهم دعاة للباطل حينئذ ، وهكذا الأب إذا دعا أولاده إلى حضور ما حرم الله فهو داع للباطل ، وهكذا الأم ، وهكذا الجدة ، الواجب على الجميع أن يكونوا دعاة للخير ، متعاونين على الخير ، شاكرين لأولادهم إذا ابتعدوا عن الشر ، وأحبوا البعد عن الشر ، ينبغي أن يشكروهم ، وأن لا يلزموهم بالباطل ، وأن لا يعيبوهم بهذا الأمر ، وعلى الآباء أن يتوبوا إلى الله ، وعلى الأمهات كذلك ، وعلى الإخوة كذلك إذا كانوا قد أسرفوا على أنفسهم بفعل ما حرم الله أو سماع ما حرم الله ، عليهم أن يتوبوا ، وأن لا يلزوموا أولادهم ولا إخوانهم بشيء مما حرم الله ، - رزق الله الجيمع للهداية-. سماحة الشيخ وكما مر علينا من رسائل المستمعين أن بعض الآباء وبعض الأمهات يدعون أن هذا من قبل الترفيه عن النفس ومن قبل الترفيه البريء؟ لعل في هذا توجيه؟. الترفيه قسمان: ترفيه محرم ، وترفيه لا بأس به ، ترفيه بسماع أحاديث نبوية ، وأحاديث طبية ، أحاديث صناعة ، أحاديث أدبية ليس فيها محذور وليس فيها أغاني ولا ملاهي ، هذا لا بأس بها ، ترفيه بالشعر العربي ، أشعار قصائد طيبة مفيدة ليس فيها ما حرم الله من دعوة إلى خمور أو إلى ما حرم الله من أشياء أخرى مثل النساء ومفاتن النساء والدعوة إلى ذلك ، هذا ترفيه لا بأس به. أما الترفيه بالأغاني المحرمة ، في الأغاني أو في ألآت الملاهي أو بأشعار محرمة أو بمقالات محرمة ، أو باختلاط بين الرجال والنساء، أو ما أشبه ذلك مما حرم الله ، هذا دعوة إلى الظلم، إلى الشر ، دعوة إلى الفساد ، فلا يجوز هذا الترفيه - والله المستعان-.