يسأل عن الأغاني والموسيقى
الأغاني محرمة عند أكثر أهل العلم، وشذ بعضهم في جواز شيء قليل منها الذي لا يُصحب بشي من آلات الملاهي ولا بالموسيقى ولا بالعود ولا بالكمان ولا بالطبل ولا بغير ذلك، والذي عليه جمهور أهل العلم هو أنها محرمة ما دامت تتعلق بالنساء وصفاتهن والإغراء بهن أو بالخمور أو بشيء مما حرم الله تكون الأغاني محرمة لهذا المعنى، وهكذا ما يكون بأصوات النساء وأصوات المخنثين المعروفين بإثارة الفاحشة والدعوة إلى الفاحشة كل هذا محرم منكر، فإذا كان مع ذلك آلة لهو كالموسيقى أو العود أو الكمان أو غير هذا أو الرباب حرم، حكاه ابن الصلاح بإجماع أهل العلم، وقد بسط العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى – هذا البحث في كتابه (إغاثة اللهفان من مكايد الشيطان)، فمن أراد أن يراجعه فهو مفيد جداً. والخلاصة أن الأغاني محرمة وكل ما يتعلق بالأغاني أو بالنساء أو بصوت من يتشبه بالنساء أو من يحرك حركات جنسية مما يذكر من صفة النساء وكلام النساء وما يدعو إلى الفاحشة أو اللواط أو يدعو إلى الخمر أو غير هذا من المحرمات كل ذلك محرم، وذلك لا ينبغي أن يكون فيه خلاف، وإنما الخلاف في أصوات الغناء أصوات النساء المغنيات، قد شذ أهل العلم بجواز ذلك إذا كان قليلاً ولا يترتب عليه دعوة إلى منكر ولا يصحبه منكر من آلات اللهو ولكنه قول مرجوح. والصواب الذي عليه الجمهور من أهل العلم تحريمها مطلقا، وإذا كانت معها آلة لهو صارت محرمة بالإجماع؛ لما يترتب عليها من الفساد الكبير ومرض القلوب وميلها إلى الفواحش والصد عن ذكر الله وعن الصلاة؛ ولهذا قال سبحانه: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ.. (6) سورة لقمان، قال جمهور أهل العلم: المراد باللهو الحديث هو الغناء، فذم من فعل ذلك، (ومن الناس من يشتري) هذا على سبيل الذم والتحذير، ولهذا قال بعدها: (ليُضل عن سبيل الله) وقرأ بعض القراء (ليَضل) يعني ليضل بذلك عن سبيل الله. فاستعمال الأغاني واعتيادها من أسباب الضلال عن سبيل الله والإضلال للغير (بغير علم) قد يضل وهو لا يشعر لسكرته بالهوى كحب الشهوة والميل إلى الغناء قد يضل بها ويضل غيره بغير علم بغير بصيرة بغير هدى، وهي وسيلة أيضا لاتخاذ سبيل الله هزواً لما وقع في قلبه من المرض بسبب الأغاني وحبها والمجيء إليها، توعدهم بالعذاب المهين في مقابل هذه الأغاني التي يعتز بها ويترفع بها وأرادوا من ورائها العزة أو المال أو غير ذلك، ثم ذكر بعد هذا سبحانه أن أهل الأغاني يبتلون بالاستكبار عن اتباع الحق وعن سماع القرآن ولهذا قال بعده: وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها، كأن في أذنيه وقراً فبشره بعذاب أليم، فالوعيد عظيم، والغاية خطيرة وأن استماع الأغاني وسيلة إلى الضلال والإضلال ووسيلة إلى اتخاذ سبيل الله هزواً ووسيلة أيضاً إلى التكبر عن سماع القرآن والانتفاع به وهذا خطر عظيم، فيجب الحذر من هذه الخصال الذميمة، قال ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل، فنسأل الله السلامة والعافية.